مصير توفيق عكاشة أم علي سالم.. ماذا ينتظر محمد رمضان؟
اختار رمضان تيمة "البلطجي" القادِر على تدمير أيّ شخصٍ يقف في طريقه، وبطل أفلامه سارِق وقاتِل وخائِن لصديقه وحبيبته.
"الحجر الداير لا بدّ من لطه". يقول المثل الشعبي المصري مشيراً إلى أن الممارسات السيئة لا بدّ وستنكشف مهما حاول صاحبها الكذب.
المُمثّل المصري محمَّد رمضان "حجره داير" وكَثُرَت مشاكله، سواء مع جمهوره أو مع زملائه أو حتى مع مَن رمت بهم الصُدفة في طريقه. لكن ما تعرَّض له مؤخَّراً، إثر ظهور صوَر تجمعه مع شخصيات عامة "إسرائيلية"، والتي رأى البعض فيها دعوة إلى التطبيع مع الكيان الصهيوني، أظّنها الواقِعة التي لا بدَّ من أن يرتعد لها "قلب الأسد"، فقضيّة التطبيع مع "إسرائيل" بمثابةِ حَجَر الرُحى القادِر على طَحْنِ عِظام كل ما يطوله في مصر.
كيف خيَّب محمَّد رمضان نبوءة عُمَر الشريف؟
لكن قبل الحديث عن أزمة "نمبر وان" الأخيرة، نعود إلى بداياته المُبَشِّرة في العام 2006، من خلال أدائه لشخصية الفنان الراحل أحمد زكي في مسلسل "السندريلا"، أو 2007 في "حنان وحنين"، ومن ثم جاءت نبوءة الفنان عُمَر الشريف بأنه سيكون خليفته في الوصول إلى العالمية.
مع الوقت بدأ في الانحدار، عبر اختياره لأعمال اعتمدت تيمة "البلطجي" القادِر على تدمير أيّ شخصٍ يقف في طريقه، أو من خلال تكرارها، بشكلٍ جعل البعض يتَّهمونه بنشر ثقافة العُنف بين الشباب.
وعلى عكس الأبطال الشعبيين الذين ظهروا في السينما المصرية، سواء ما قدَّمه فريد شوقي أو عادل إمام، جاءت شخصيات رمضان مُسطَّحة لا تحمل أية قيمة أو مبدأ أخلاقي. فبطل أفلامه سارِق وقاتِل وخائِن لصديقه وحبيبته، حتى عندما قدَّم صورة الضابِط من خلال فيلمه "شد أجزاء"، قتل في النهاية وتحوَّل إلى خارج على القانون.
حقَّقت أعمال رمضان نجاحاً جماهيرياً تَزامَن معه هجوم نقدي شديد، وخلال ذلك بدا مهووساً بالألقاب، سواء من خلال أسماء أفلامه التي توحي بالقوَّة، مثل "قلب الأسد" و"عبده موتة"، أو أغانيه التي تنوَّعت ما بين "نمبر وان" و"الملك"، وهو الأمر الذي يعكس هزَّات نفسية وتوتراً كبيراً داخله، فلم تعهد السينما المصرية أن صنع فنان أغنية خصيصاً ليؤكِّد مكانته بين زملائه "نمبر وان".
رمضان ينكر والصوَر والفيديوهات تؤكّد التطبيع
على عكس المرات السابقة، لم يُشعِل الفنان الشاب فتيل الأزمة. لكن البداية كانت لدى الإعلامي الإماراتي حمد المزروعي، المعروف عنه تأييده للتطبيع، بنشره صورة تجمعه بالمطرب "الإسرائيلي" عومير آدام، يتوسَّطهما الفنان المصري واضعاً يده على كتف "آدام" وكأنه يحتضنه، وعلى وجهه ابتسامة، إن دلَّت إنما تدّل على عُمق المحبَّة بينهما.
مسح المزروعي الصورة بعد نشرها بدقائق، لكن خلال ذلك تلقَّفتها الصفحات التابعة لكيان الاحتلال على مواقع التواصُل الاجتماعي، ما أحدث هجوماً شديداً على رمضان، حيث أكَّد الآلاف رفضهم لما اعتبروه تطبيعاً. لكن رمضان أنكر معرفته بهوية مَن التقطوا معه الصوَر، وهو الادّعاء الذي دحضه ظهور فيديوهات يرقص فيها مع عددٍ من "الإسرائيليين" على أغنية "هافا ناجيلا".
وقال متابعون على "فيسبوك" عن مقطع الفيديو الذي ظهر فيه رمضان بصحبة "الإسرائيليين"، إنه سافر إلى دبيّ على مَتْنِ طائرةٍ خاصةٍ برجل الأعمال الإماراتي رشيد الحبتور، لحضور حفل توقيع "اتفاقيات تعاون"، واحتفال مجموعة شركات الحبتور بفتح مكتب لها في تل أبيب، كما أنهم أشاروا إلى مُشاركته آدم غناء بعض الأغاني "الإسرائيلية" الشهيرة.
أما عن المُقابل الذي حصل عليه رمضان، فأكَّدوا وعد رجال أعمال "إسرائيليين" له بدورٍ في فيلم أميركي؛ ليدخل العالمية من بوابة هوليوود. وكذلك حصوله على "الإقامة الذهبية فى دبيّ، بالإضافة إلى سيارة رولزرويس كولينان 2020 بلاك بادچ برقم دبيّ 1111 أهداها له رجل أعمال أردني مُقيم في دبيّ افتتح مكتباً في تل أبيب أيضاً".
ولعلّ ما حصل عليه رمضان يستدعي ما قاله الرسَّام بهجت عثمان للشاعر صلاح عبد الصبور، عندما سمح بمُشاركة "إسرائيل" في "معرض القاهرة للكتاب"، في محاولةٍ لصنع تطبيعٍ ثقافي مع العدو، إذ قال بهجت له: "أنت بعت بملاليم يا صلاح"، تلك الكلمة التي تسبَّبت في قتله، حسب رواية أصدقائهما ومَن شاركوهما تلك الليلة، فبالنظر إلى الصراع العربي - "الإسرائيلي" نرى أن رمضان هو الآخر قد "باع بملاليم".
جزمة توفيق عكاشة أمْ مصير علي سالم.. ماذا ينتظر محمَّد رمضان؟
أصرَّ رمضان على عدم الاعتراف بخطأه. إذ بدلاً من اعتذاره راح يطعن في نوايا مَن هاجموه، بل وخرج في فيديو مُعلِّقاً "يهمّني الإنسان ولو مالوش عنوان". كذلك رأت أجهزة "إسرائيلية" فيه فُرصة لتمرير فكرة التطبيع. ففي كل مرة أنكر معرفته بهم؛ نشر أحد شخصياتهم العامة صورة تجمعهما، وفي حين كان يأمل أن يُناصره جمهوره أشتدَّ عليه الهجوم حتى كتب عبر صفتحه على "فيسبوك: "شكراً جمهوري لعدم دعمكم لي".
لا أحد يعلم القرار الذي ينتظر رمضان، لكن منذ سنوات، حدث موقف مُماثِل مع الكاتِب المسرحي علي سالم، مؤلِّف مسرحية "مدرسة المُشاغبين" وأحد الداعين إلى التطبيع. إذ رأت النقابة في شَطْبِ عضويّته جزاء مناسباً، فقضية التطبيع في مصر بمثابة ثُقْبٍ أسود، ابتلع كل مَن اقترب منه.
إضافة إلى الدكتور علي جمعة الذي كان مُفتياً للديار المصرية، لكن منصبه لم يمنع التظاهُرات التي تأجَّجت ضدَّه إثر زيارته إلى المسجد الأقصى في العام 2012، والتي قال إنها كانت لافتتاح كرسيّ الأمام الغزالي للدراسات الإسلامية في المدينة المُقدَّسة، بدعوةٍ من مؤسَّسة آل البيت الملكية الأردنية، وأنها تمَّت تحت الإشراف الكامل للسلطات الأردنية.
لكن وسائل الإعلام "الإسرائيلية"، سُرعان ما أعلنت أن الزيارة تمَّت تحت حراسة أمنية من جانب الجيش "الإسرائيلي"، كما أكَّدت مصادر سياسية "إسرائيلية"، أنها تمَّت بالتنسيق مع تل أبيب وبتنظيمٍ أردني.
ورد جمعة حينها إن زيارته تمَّت بشكل شخصي، وأنه ضدّ التطبيع "بالتصريح لا بالتلميح"، وأن زيارته جاءت لإظهار التضامُن مع مُطالبة الفلسطينيين بالقدس الشرقية، التي تحتلها "إسرائيل"؛ إلا أن التظاهُرات ضدَّه لم تتوقَّف، بل وطالب بعض أعضاء البرلمان المصري بعزله من منصبه، وهو ما تحقَّق في شباط/فبراير 2013.
لقد كان قبول التطبيع أيضاً بمثابة النهاية السياسية للإعلامي المصري توفيق عكاشة، وتحديداً في برنامج بدا له أنه سيُعْرَض على قناة "إسرائيلية"، لكن في حقيقته كان برنامج "مقالب مصري" عُرِضَ في رمضان 2012، وهو ما هاجمه المصريون بشدَّة.
لكن القول الفصل كان مساء الأربعاء 24 شباط/فبراير 2016، حين كان عكاشة عضواً في البرلمان المصري، إذ سمح لنفسه أن يلتقي بالسفير "الإسرائيلي" في منزله؛ لتعلن وسائل إعلام "إسرائيلية" أن نائباً مصرياً التقى سفيرهم في مصر.
إثر فعلته تلك اجتمع البرلمان المصري في غضونِ أيامٍ، وأقرّ بأغلبية ثُلثي الأعضاء بإسقاط عضويّة "نائب التطبيع"، بل ووصل الأمر بعكاشة إلى قيام أحد النواب بضربه بـ"الحذاء" داخل المجلس، في رسالةٍ شعبيةٍ واجب وصولها إلى كل مُطبِّعٍ، وقد أُحيل النائب ضارِب عكاشة إلى لجنة تحقيق، لكنه أكَّد أن شخصاً عرض عليه شراء "الحذاء" شاهِد الواقعة، بمائة ألف جنيه.
رغم إقرار معاهدة "سلام" بين مصر وتل أبيب عام 1979، لا ينفك المصريون يؤكدون رفضهم للتطبيع. وعليه، فإن السؤال بشأن مصير محمد رمضان لا يحتمل الكثير من التكهنات في المضمون، وما علينا سوى انتظار شكل هذا الرفض، فهل يلقى مصير توفيق عكاشة؟