فنانون يصارِعون ركود الانهيار في معرض تشكيلي
اتّخذ "غاليري ربيز" مبادرة إحياء ما فات من أعمال أصدقائه الفنّانين وتشجيعهم، دعماً لصمودهم واستمرارهم.
الأحداث تتالى، ومرفأ بيروت يُلَمْلِم جِراح الرابع من آب/أغسطس. أثر هذا الجرح يُلقي بظلّه الثقيل على الفنّانين الذين ما انفكّوا يخرجون من ذواتهم ارتدادات المرفأ وشظاياه من قلوبهم وعقولهم وأذواقهم أعمالاً فنية تشكيلية من رَسْمٍ ونحتٍ وتصوير.
لكن الفن بصورةٍ عامةٍ أُصيب بما يُعيق تواصله واستمراره بانفتاحٍ على مختلف المواضيع، وتحت مختلف المؤثّرات بسبب الحال اللبنانية المُتفاقِمة خصوصاً منذ تحرّكات تشرين الأول/أكتوبر 2019 وما بعد.
هكذا اتّخذ "غاليري ربيز" مبادرة إحياء ما فات من أعمال أصدقائه الفنّانين، المُخَضْرم منهم والناشىء، وتشجيعهم دعماً لصمودهم واستمرارهم، إضافة إلى المُضيّ في مُساعدة بعض مَن تضرَّر جرَّاء انفجار المرفأ.
وانتقل الغاليري من المعارض الافتراضية التي خلَّفها "كورونا"، فأقام معرض "بيروت 2020" الجديد في صالته على الروشة، وفيه مساهمات لأكثر من عشرين فناناً من أجيالٍ مختلفةٍ قدَّموا إبداعاتهم الفنية التشكيلية، من دون أن يتمكَّنوا من التحرّر من آثار تطوّرات 2020 بصورةٍ عامة، وحَدَث 4 آب بنوعِ خاص، مثل كل القطاعات والمجالات في لبنان.
وأعلن الغاليري عن أهداف المعرض وخلفيّات إقامته، فذكر أن "الفنانين والعاملين في الشأن الثقافي بصورةٍ عامةٍ، يشعرون بمسؤوليّتهم تجاه مجتمعهم وبيئتهم، خصوصاً تلك المجموعات الأكثر تعرّضاً للأوضاع العامة السيّئة قبل الانفجار المُدَمِّر".
وقال في رسالةٍ على مواقع التواصُل: "لقد قرَّرنا إقامة هذا المعرض الجَمْعي دعماً لفنانينا، وللفنانين الناشئين الذين عملوا معنا منذ بداية "الثورة"، وترويج تعبيراتهم الفنية، حيث أن الثقافة هي مكوِّن لا مفرَّ منه لكل مجتمع، بالإضافة، فإن هذا المعرض سيُخصِّص قسماً من مداخيله لمأوى القدّيس جاورجيوس الذي يُقدِّم العناية اللائقة على المستويات الصحية والاجتماعية للمُتقدّمين في السنّ، حيث لحقت بالمأوى أضرار بليغة جرَّاء انفجار الرابع من آب".
الفنانون المشاركون في المعرض، هم: آرا أزاد، راشد بحصلي، ميريام بولس، أيلي بورجيلي، لور غريب، منصور الهبر، جوزيف حرب، ليلى جبر جريديني، سالم معوَّض، جميل ملاعِب، ريبال ملاعِب، هانيبال سروجي، أديلتا ستيفان، آلان فاسويان، علي علوش، كارول شاكر، بترام شلش، قاسم دبجي، أحمد غدّار، طارق حدّاد، سامي الكور، غادة زغبي.
وعلّقت رسالة الغاليري بالقول: "بعد عام من انطلاق الثورة اللبنانية، نشعر باعتزازٍ وفخرٍِ أكبر بفنانينا الذين أظهروا تصميماً وإرادة قوّيين، في المُضيّ بإبداعاتهم، وعطاءاتهم لمجتمعهم ووطنهم".
في المعرض، العديد من الأعمال يمكن التوقّف عند بعضها، مثل ثُلاثيّة جوزيف حرب "احتجاز" (confinement)، يُعبِّر حرب بها عما يُعايشه في بيروت بطريقةٍ رمزيةٍ، تجريديةٍ، تتضمَّن البؤس، والمجهول، والقلق.
أما ليلى جريديني فقدَّمت لوحة رمزية لخارطة لبنان تنزف دماً على مُسطَّحٍ أبيض، مُستخدمة مُعادلة الأضداد التي تُظهِر بعضها بعضاً بصورةٍ أفضل، إنْ بما هو إيجابي أمْ سلبي.
من جهته قدّم إيلي بو رجيلي "ديك المرفأ" الذي لن يصدَح بعد الآن، وهو منحوتة معدنية قائمة على تلحيم أجزائها، في استعادة لعملية التلحيم المعدني التي ترمز إلى سبب الانفجار.
أما "الحمائم والغُربان" فلوحتان تعبيريّتان لراشد بحصلي، باللون الأحمر القاني، والفحم على القطن، فيهما تناقُض السلام المُعبَّر عنه بالحمائم، وشؤم الغُربان.
ويلفت آلان فاسويان بتركيب "شجرة الرابع من آب"، مصنوعة من تراكم جماجم، إنْ في جذعها أمْ في أغصانها، بشكلٍ جميلٍ متناسق، لكنه يُعبِّر عن بداهة الموت في انفجارٍ هائلٍ كانفجار مرفأ بيروت.
أما لور غريب فشاركت بمجموعةٍ من كتبها، تبعث بها الأمل نحو حياة أفضل وأكثر فرحاً، في مفهومٍ تمسَّكت غريب بمسيرتها الطويلة.
وفي المعرض لوحات وأعمال نحت وتصوير فوتوغرافي عديدة ومُتنوّعة، تقدِّم فرصة متعة فنية تخرق بذلك عالماً من التوتّر والانهيار المستمر.