شمس الدين للميادين الثقافية: الصراع مع "إسرائيل" وجودي ولا بدّ من موقف
انسحب من "جائزة الشيخ زايد".. الشاعر محمد علي شمس الدين يؤكد للميادين الثقافية أن الصراع مع "إسرائيل" هو صراع وجودي ولا بدّ من للمثقفين من موقف.
"سلوكي ينسجم مع دمي الشعري الذي هو دم الحياة وما أقرّ وأؤمِن به"، بهذه الكلمات افتتح الشاعر اللبناني محمّد علي شمس الدين حديثه عن الأسباب التي دفعته إلى سحب كتابه (آخر ما تركته البراري/دار النهضة - بيروت) من الترشّح لــ "جائزة الشيخ زايد للكتاب".
وفي تصريحاتٍ خاصةٍ للميادين الثقافية، أكَّد شمس الدين أن "مسألة الصِراع مع "إسرائيل" مسألة وجودية وليست خاضعة لتدوير الزوايا"، مُضيفاً إن "السبب هو أنني إبن هذه الأرض الجليلية، وأنا لا أغادرها بالمعنى الوجودي للكلمة".
وانضمّ شمس الدين (1942) أمس إلى عددٍ من الكتَّاب والشُعراء العرب، الذين أعلنوا انسحابهم من "جائزة الشيخ زايد للكتاب" احتجاجاً على الاتفاق الإماراتي "الإسرائيلي".
وقال على حسابه على "فيسبوك": "كانت الدار قد رشَّحت الكتاب لهذه الجائزة بتفويضٍ مني، قبل إعلان الاتفاق الأميركي الإماراتي "الإسرائيلي"، الذي شكَّل سبباً كافياً ومُقنِعاً لي لاتخاذ هذا الموقف، بسحب الترشيح والتفويض معه".
وصرَّح صاحب "قصائد مُهرَّبة إلى حبيبتي آسيا"، أن ما نشهده اليوم من تشريعٍ لأبواب التطبيع مع العدو، إنما هو عمل أنظمة عربية "افتتحها أنور السادات باتفاق كامب ديفيد بما في ذلك الفلسطينيين مع أوسلو"، مشيراً إلى ضرورة التمييز بين "المستوى السياسي الرسمي للسلطة العربية على العموم، وبين مستوى آخر ثقافي وشعبي بمؤسّساته وتجمّعاته".
وكان شمس الدين قد منح التفويض لدار النهضة لترشيح كتابه للجائزة، قبل إعلان الإتفاق الرسمي بين الإمارات و"إسرائيل"، لكن مباشرة بعد الإتفاق "وجدت إن المُبرِّر كافٍ لي لكي أتراجع عن طلب هذه الجائزة، لماذا؟ لأن مؤسّسة الجائزة ليست مستقلّة كمؤسّساتٍ ثقافيةٍ أخرى، فتمويلها من الدولة. ولو كانت مستقلّة ولها رأي آخر لما تراجعت عن تقديم طلبي".
ومن ناحيةٍ أخرى، يُضيف شمس الدين "وجدتُ أن سيرتي الشعرية صيرورة كتابتي تنسجم مع ذلك. هذا موقفي لأبقى مُنسجماً مع شعري. أنا لست سياسياً ولا خطيباً، لكنني أعيش هذه القناعات ومؤمِن بها".
كيف تؤثّر المُقاطعة على المؤسّسات الثقافية الإماراتية؟
يرى شمس الدين أن مسألة المُقاطعة لا يجب أن تكون مُطلَقة، عازِياً ذلك إلى وجود تمايُزات اختبرها بنفسه.
ويقول "لقد حصلتُ على (جائزة العويس للإبداع) عام 2012 وجاء في بيان التكريم أنني مُنِحتُ الجائزة بسبب مُدافعتي عن كرامة الإنسان العربي في جنوب لبنان. وكذلك في (جائزة الشارقة للشعر العربي) عام 2015، حيث حدّد هذا الإعطاء بمواقفي الوطنية. وهذا معناه أننا لا نتعامل بالكليات. يجب التفريق بين المستويات السياسية والشعبية".
في المُحصِّلة، يبقى لكل مؤسّسةٍ ثقافيةٍ حساباتها ولا يجوز التعميم. وعليه، فإنه لا يمكن للمُثقفين، وفق شمس الدين، مُخاصَمة كل المؤسّسات الثقافية في الدول المُطبِّعة مع العدو، سواء الإمارات وقبلها مصر والأردن أو الدول التي ستحذو حذو أبو ظبي.
ومردّ ذلك إلى أن "الأنظمة المُطبِّعة في مكانٍ وبعض التنظيمات الثقافية تقف على المقلب الآخر من المعادلة"، حيث يؤكِّد الشاعر اللبناني على "عجز الأنظمة عن إدخال القبول بإسرائيل" إلى عقول ونفوس الشعوب العربية.
ومقابل ذلك فإننا نشهد "رفضاً شعبياً لإسرائيل من المُحيط إلى الخليج، رغم أن الناس مهمومة بأوضاعها الصعبة"، وإذا أجري استفتاء "يمكن الوقوع على صورةٍ تعكس التناقُضات الحقيقية بين السلطة السياسية وبين جماعات ثقافية وشعبية تُدين بأشياء مختلفة".
وعلى الرغم من أن التعامُل مع مسألة مُقاطَعة المؤسّسات والهيئات الثقافية "دقيق وحسّاس"، فإن شمس الدين يؤكِّد أنه "لا بدّ من موقف"، مُضيفاً: "بعد التجربة. وجدتُ أن هناك ظمأ عربياً شعبياً عاماً لموقف فيه إحساس بالكرامة. موقف أبعد من العيش ومن لقمة العَيْش".