جولييت عواد للميادين نت: "أمّ هارون" جزء من خطة مدروسة و"حارس القدس" وحَّدنا
الفنانة الأردنية جولييت عواد تتحدَّث عن تطويع الدراما خدمة للتطبيع مع الاحتلال. فما هو موقف بطلة "التغريبة الفلسطينية" من مسلسل "أمّ هارون"؟ وكيف رأت "حارس القدس" رسالة وفناً؟
- لماذا برأيك يتمّ عمل مسلسل كـ "أمّ هارون" اليوم؟ وهل نشهد تطويعاً للدراما لتحضير الشعوب للقبول بالتطبيع العَلَني؟
مسلسل "أمّ هارون" لم يُفاجئني، بل أغضبني. ومَن تابع قنوات "أم بي سي" بانتباه خلال السنوات الماضية، من المؤكَّد أنه لاحظ الخطة المدروسة لهذه الخطوة مُسبقاً. فقد كان التمهيد بعرض أفلام أجنبية وأميركية وأفلام وثائقية تبرز لنا شخصيات يهودية عانت من الفترة النازية والاضطهاد، إلى أن جاء الوقت المناسب لإنتاج أعمال درامية عربية تتبنّى وجهة النظر اليهودية. ترافَق هذا مع حملات صحفية وكلام على وسائل التواصُل بأن "فلسطين ليست قضيّتنا"، بالتزامُن مع "صفقة القرن" والتقسيم الجديد للوطن العربي والقضاء على القضية الفلسطينية.
- لماذا يضع فنانون مسيرتهم الطويلة على المحكّ، فيشاركون في عمل قد يجعلهم يخسرون ثقة ومحبّة جزء مهم من جمهورهم؟ (مثال حياة الفهد بطلة مسلسل "أمّ هارون")
لم يكونوا يعلمون، أو ربما يعلمون أنهم سيكونون أداة في يد سيّدهم اليهودي الذي يسعى إلى تحقيق حلمه بدولةٍ من البحر إلى النهر. أما لماذا؟ فلا أدري، ربما أعزو ذلك إلى الجهل أو حبّ الدولارات أو الشهرة، وربما يكونوا قد وعدوا بأمور وأشياء، لكن من قِبَل مَن.. لا أعرف!
- يقول القائمون على مسلسل "أمّ هارون" إنه يتحدّث عن يهود البلاد العربية، وأنهم جزء من نسيج المجتمع العربي تاريخياً. ألا يستحق هذا الموضوع عملاً درامياً؟
نعم كانوا يعيشون في بعض الدول العربية وكانت لهم الحرية. يحيون عاداتهم وتقاليدهم ولهم دور العبادة التي يمارسون فيها شعائرهم. كانت لهم تجارتهم ويتمتّعون بجميع حقوق المواطِنة ولم يكونوا مُضطَهدين، لكن لم يكن انتماؤهم للوطن الذي يعيشون فيه، بل كانت نظرتهم دائماً تتّجه لتأسيس دولة يهودية على أرض ليست لهم، وعلى حساب شعب هو صاحب الأرض. ماذا فعلوا؟
مع أول فرصة، وضّبوا أغراضهم وأخذوا كل ما يمتلكونه متّجهين إلى فلسطين المحتلة، ولماذا؟ للمساهمة في بناء دولتهم. مثال على ذلك ما حصل في العراق واليمن وسوريا ولبنان والكثير من البلاد العربية. اليوم بماذا عاد علينا مسلسل "أمّ هارون"؟
لقد بدأت دولة الكيان الصهيوني المُطالبة بتعويضاتٍ ماليةٍ عن ممتلكات اليهود في الدول العربية التي كانوا يعيشون فيها. أظنّ أن العمل الذي يستحقّ أن نُنتجه هو التحدّث عن الدولة اليهودية الموجودة في جنوب شرق روسيا (بيروبيجان) والتي تأسّست عام 1928، وطرح السؤال عن إصرار اليهود على إقامة دولتهم في فلسطين.
- هل نحن في حاجة دائماً إلى أعمالٍ سينمائية أو تلفزيونية تُذكِّر الناس بفلسطين؟ أم يمكن المُراهنة دائماً على وعي المُشاهِد ليُقيّم العمل المطروح أمامه؟
نعم، نحن في حاجة دائماً لإنتاج أعمالٍ وطنية، ليس للتذكير، فالناس يتذكّرون، لكن لحمايتهم من الإعلام المُراوٍغ الذي يدسّ السمّ في العسل، ولبناء ذاكِرة الجيل الجديد ليحمل الرسالة من بعدنا. لكن السؤال يبقى حول مَن سيُنتج أعمالاً وطنية تتناول قضايانا المصيرية؟ وعلى أية قنوات ستُبثّ؟
ربما من المفيد التذكير أنه في العام 2006 أُنْتِج مسلسل إسمه "المحروس" وتنبّأ بكل ما يجري الآن ولم يبثّ إلا على قناة هي "ال بي سي" ولمرة واحدة فقط. هذا العمل تحدَّث عن "الربيع العربي" والديمقراطية والديكتاتورية والفقر، وعن الجوع وتحرّك الشعب. لماذا لم يُعرَض على القنوات العربية في حينها لتوعية المواطن العربي لِما قد يؤول إليه مصيره؟ ربما كان جنّبنا الكثير مما يحصل الآن.
- في الوقت الذي طُرِح "أمّ هارون"، قرَّرت الميادين عرض مسلسل "حارس القدس"، ما هو تقييمك للمسلسل من الناحيتين السياسية والفنية؟
في البداية أشكر وزارة الإعلام السورية التي قامت بإنتاج "حارس القدس" في هذا الوقت، وكذلك أشكر الميادين التي خرجت عن طابعها الإخباري وقرَّرت عرض المسلسل في ظلّ حاجتنا إلى مُشاهدة مثل هذه الأعمال الفنية الراقية والوطنية. لن أتحدَّث عن التفاصيل الفنية للعمل كثيراً، بل سأكتفي بما هو أهم بالنسبة لي، أي الرسائل التي حملها المسلسل.
فهو، أولاً: جمع الوطن العربي من سوريا إلى لبنان وفلسطين والأردن، وثانياً: جمع بين الطوائف ودمج بين الإسلام والمسيحية، وثالثاً: وحَّد بين الطبقات الثرية والفقيرة وبين الكبير والصغير وبين الطفل والمُسنّ من خلال النضال والمقاومة. أما رابعاً فقد أوضح "حارس القدس" بأن لرجال الدين دور نضالي وقيادي في المقاومة.
المثل يقول "اللي خلَّف ما مات"، والدليل على ذلك المطران عطا الله حنا والأب مانويل مسلّم بما يمثلانه من امتدادٍ للمطران كبوجي.
فنياً، سأتحدَّث عن شارة البداية التي جاءت مؤثّرة جداً من حيث الكلمات التي كتبها الأسير من داخل سجون الاحتلال إلى الأب كبوجي، وكذلك اللحن جاء منسجماً مع الكلمات، ثم الغناء الذي يمسّ الروح قبل القلب.
والسؤال هنا، لماذا لا يُبثّ هذا المسلسل على قنواتٍ عربيةٍ أخرى؟ وأستثني طبعاً القنوات المُنْشَغِلة بالمسلسلات التطبيعية كـــ "أمّ هارون" وغيره.
أتمنّى على قناة الميادين أن تستمر في عرض المسلسلات الوطنية مثل "عزّ الدين القسّام"، و"التغريبة الفلسطينية" و"هبوب الريح" وغيرها.
- منذ "التغريبة الفلسطينية" لم يُنْتَج مسلسل بهذا الشكل من الارتباط بما سبق النكبة وما تلاها، هل ما زالت رسالة المسلسل حاضرة حتى اليوم؟ ولماذا هناك شحّ في الأعمال الدرامية المُرتبطة بالقضية الفلسطينية؟
تساءلت في مقابلات سابقة، مَن الذي سيُقدِم على إنتاج أعمال وطنية، بينما معظم القنوات العربية لا تريد أو تحبّذ شراء وعرض مثل هذه الأعمال، إلا القلّة القليلة، بشكل لا يكفي لتغطية نفقات العمل، بينما المُنتج يسعى إلى الربح أو على الأقل إلى استرداد ما أنفقه ليستمر في عمله. أقترح أن تكون هناك فضائيات وطنية أكثر، وأن يكون هناك صندوق عربي مموَّل من رجال أعمال لكي نقوم بإنتاج أعمال وطنية.