المصانع الرئيسية تستأنف أعمالها في شنغهاي وفق تدابير وقائية صارمة
سيتم اتباع إجراءات صارمة للوقاية من الوباء حيث سيُطلب من العمال ارتداء أقنعة، وإجراء اختبارات يومية، وتناول الطعام بشكل منفرد داخل مقصف.
قالت صحيفة "غلوبال تايمز" الصينية في تحقيق لها اليوم إن بعض المصانع في شنغهاي، أكبر مدينة صينية، من شركات صناعة السيارات والطب الحيوي إلى مصنعي الرقائق الالكترونية، تستدعي الموظفين لاستعادة الإنتاج. وقد صاغت هذه المصانع خططها الخاصة للوقاية من الوباء جنباً إلى جنب مع المبادئ التوجيهية التي كشفت عنها السلطات المحلية السبت لدفع الشركات إلى متابعة العمل بحذر، مع الحفاظ على سياسة ديناميكية خالية من فيروس كوفيد في المدينة الضخمة والتي تلعب دوراً مهماً في سلسلة التوريد الصينية والعالمية.
وينظر العديد من المراقبين إلى المبدأ التوجيهي، الذي يأتي في الوقت الذي لا تزال فيه شنغهاي تشهد حالات أوميكرون مستعرة مع نقطة انعطاف لم تصل بعد، على أنها مسعى شاق ورائد لاستكشاف وإعادة تعريف التوازن الدقيق بين السيطرة على الوباء والأنشطة الاقتصادية.
وقال المراقبون إنه إذا تمكنت المدينة التي يبلغ عدد سكانها 25 مليون نسمة من اكتشاف طرق لتقليل التأثير الاقتصادي لتدابير مكافحة الوباء، فقد تنطبق التجربة على مدن أخرى في جميع أنحاء الصين وستكون ذات أهمية كبيرة للسيطرة الشاملة على الوباء في البلاد والتنمية الاقتصادية في المستقبل.
واعتبرت الصحيفة أن مثل هذه الخطوات المبدئية، جنباً إلى جنب مع تصميم الصين الراسخ والجهود المنسقة تحت قيادة الحكومة المركزية في المعركة ضد المتحور القابل للانتقال بسرعة كبيرة، تشكل الإجراء الدقيق والذي يتناقض بشكل صارخ مع الاستجابة على غرار الولايات المتحدة، والتي تعني الاستسلام وترك الأرواح تتلاشى.
إعادة تشغيل المصانع
تنص المبادئ التوجيهية التي أصدرتها لجنة بلدية شنغهاي للاقتصاد والمعلومات يوم السبت الماضي، على أنه يتعين على جميع حكومات المقاطعات والسلطات على مختلف المستويات دعم الشركات بشدة لاستئناف عملياتها وتوجيه عملها في مجال الوقاية من الوباء باستخدام نهج كل حالة على حدة.
ويجب على الشركات صياغة خطط لإدارة الحلقة المغلقة، حيث يعيش العمال في الموقع ويتم اختبارهم بانتظام. كما يجب عليها التقدم بطلب للحصول على الموافقة على استئناف الإنتاج مع سلطات التحكم في فيروس كوفيد على مستوى المنطقة والمدينة، بحسب المبادئ التوجيهية.
كما أرسلت وزارة الصناعة وتكنولوجيا المعلومات الصينية فريقاً خاصاً إلى شنغهاي لتعزيز الإنتاج المستقر واستئناف الشركات الصناعية في المدينة، ومعرفة الصعوبات التي تواجهها، ولإزالة الحواجز والعقبات.
وأشاد العاملون في قطاع الصناعة بهذه التحركات، قائلين إن المبدأ التوجيهي، على الرغم من افتقاره إلى التفاصيل والجدول الزمني الواضح، يترك مجالاً كبيراً للشركات لوضع قواعد الاستئناف الخاصة بها في حالة كل حالة على حدة، وسوف تساعدهم على استعادة عمليات الإنتاج بشكل أسرع.
وتعد شركة كوانتا كومبيوتر Quanta Computer ومقرها تايوان والتي توفر قطع غيار لأجهزة "آبل" Apple و"تسلا" Tesla من بين أوائل الشركات المتقدمة لاستئناف العمل في قاعدتها التصنيعية في منطقة سونغجيانغ في شنغهاي.
وقال لي غوسوي، المسؤول عن موقع تصنيع شركة كوانتا في شنغهاي، إن إجمالي 2000 عامل يصنّعون قطع غيار السيارات وأجزاء الكمبيوتر الشخصي (اللابتوب) سيكونون أول من يستأنف العمل داخل حلقة مغلقة.
في الوقت الحاضر، تمتلك الشركة ثمانية مصانع وأكثر من 40000 موظف في موقع التصنيع في شنغهاي.
وبحسب الشركة، سيتم اتباع إجراءات صارمة للوقاية من الوباء في إدارة الحلقة المغلقة. فعلى سبيل المثال، يُطلب من العمال ارتداء أقنعة للعمل والأنشطة غير المتعلقة بالعمل، وإجراء اختبارات على أساس يومي، وتناول الطعام في مقصف كل على حدة مع طبقه حتى يتمكنوا من البقاء معزولين.
ويجب تنفيذ التسليم من دون احتكاك مع جميع العناصر الخارجية التي تدخل المصنع. أثناء التسليم، يجب على كلا الطرفين ارتداء أقنعة طوال العملية بأكملها ولا يمكن للعنصر أن يدخل منطقة الحلقة المغلقة إلا بعد التطهير الشامل.
وقالت تانغ تانغ، وهي عاملة في الشركة عادت إلى العمل يوم أمس الأحد، لصحيفة "غلوبال تايمز": "عاد أكثر من 100 عامل إلى العمل يوم الأحد. لقد أكملنا جميعاً الحجر الصحي لمدة 14 يوماً واختباراتنا كانت سلبية". وقالت "أشعر بالأمان التام بشأن إدارة الحلقة المغلقة للمصنع، ويسعدني أن أعود إلى العمل".
وقالت "سايك موتور"، أكبر شركة لصناعة السيارات في الصين، إنها ستحاول استئناف الإنتاج في شنغهاي اعتباراً من اليوم الاثنين. وقالت الشركة إنها تتعاون مع الحكومة لمنع تفشي الفيروس، وصيانة المعدات وتجديدها، والقيام باستعدادات دقيقة للإنتاج في ظل ظروف الوقاية من الوباء.
كما دعت شركة "تسلا" عمالها في شنغهاي للاستعداد لاستئناف العمل الأولي، وفقاً لتقرير بلومبرغ. ولم ترد "تسلا" على طلب مقابلة من "غلوبال تايمز" أمس الأحد.
خطة شاملة لمكافحة الوباء
وقال مورد قطع غيار السيارات في شنغهاي ولقبه تشانغ للصحيفة: "إننا نناقش ونتشاور مع شركاء السلسلة الصناعية حول خطة شاملة لمكافحة الوباء، وسوف نقدمها إلى الحكومة المحلية في أقرب وقت ممكن، لكن ذلك سيستغرق وقتاً".
وقال تشانغ إن الصناعة بأكملها تتوقع الآن نموًا هائلاً، قائلاً إن الصناعة ستنتعش بسرعة بمجرد احتواء الفيروس بشكل فعال. وأشار إلى أن الخدمات اللوجستية لا تزال تمثل مشكلة خطيرة للعديد من المصانع بالقرب من شنغهاي وعلى طول ضفة نهر اليانغتسي، وسيؤدي ذلك إلى منع نقل بعض المواد الخام إلى شنغهاي، مما يحول دون استعادة الطاقة الإنتاجية بالكامل.
وقال لو هونغتشو، رئيس فريق خبراء مكافحة الأوبئة في شنتشن ورئيس مستشفى الشعب الثالث في المدينة، لصحيفة "غلوبال تايمز": كانت المدينة في حالة "إدارة ثابتة" لنحو ثلاثة أسابيع وستستمر في التمسك بسياسة صفر حالات كوفيد ديناميكية، فشنغهاي توازن بين السيطرة على الوباء والحياة الطبيعية والنشاط الاقتصادي من خلال هذه التدابير.
ورداً على سؤال حول ما إذا كانت هناك أي مخاطر من أن المدينة تشجع استئناف العمليات الصناعية بينما لا يزال العدد اليومي للحالات الجديدة في شنغهاي مرتفعاً، قال لو إن تدابير اليومية للوقاية من الأوبئة والسيطرة عليها، بما في ذلك اختبار الفيروس للعمال كل يوم، هي المفتاح لضمان عدم تفشي كبير للوباء بين المؤسسات الصناعية.
وقال لو: "على الرغم من أن متحور أوميكرون ينتشر بسرعة ويأتي في الغالب من دون أعراض، وطالما أن الأشخاص الذين يستأنفون العمل والإنتاج اختباراتهم سلبية ويعيشون ضمن إدارة مغلقة نسبياً، فإن خطر الوباء يمكن السيطرة عليه مقارنة بفوائد استئناف الإنتاج".
نقله إلى العربية بتصرف: الميادين نت