جولة عمواس: مقاومة مشرفة..والنكبة مستمرة بالتهجير اليومي
نظمت جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين زيارة إلى موقع بلدة عمواس المهجرة في حرب ١٩٦٧، وتعرف الأهالي على معالم البلدة، وتذكر كبار السن الذين "لم ينسوا"ما عايشوه وشرحوه للصغار الذين "لن ينسوا".
نظمت جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين السبت الفائت 23.2.2019 جولة إرشادية في قرية عمواس المهجرة ومنطقة اللطرون. وقد أرشد الجولة مهجرون من القرية الذين شهدوا نكبة 1948 وحرب 1967.
وشارك في الجولة حيدر أبو غوش الذي قدم شرحًا عن عمواس منذ أقدم عصورها، حيث اعتبرت عمواس مقاطعة مركزية في عدة عهود تعاقبت على فلسطين كالعهد الروماني والعربي الإسلامي، وقد عُرفت قديمًا باسم "نيكوبوليس" بمعنى "مدينة النصر".
كما تحدث عن أهمية عمواس ومنطقة اللطرون التي اعتبرت تاريخيًا مفتاحًا للقدس فشهدت معارك عدة كان آخرها خلال الهجمات الصهيونية المتكررة التي صدّتها المقاومة الفلسطينية في نكبة 1948، فقد أدركت العصابات الصهيونية أهمية تلك المنطقة الاستراتيجية للسيطرة على القدس.
وقال أبو غوش الذي هُجر من القرية في 6.6.1967، وكان يبلغ 14 عامًا، أن جيش الاحتلال الإسرائيلي قام بطرد، وتهجير منظم لأهالي عمواس، وأنه هدم بيوت القرية فوق كبار السن، وذوي الاحتياجات الخاصة، الذي بقيوا في بيوتهم، وقُتلوا تحت الأنقاض. وكان أحد الشهداء ابن عمه الذي كان يستخدم كرسي عجلات متحركة، فرفض الجيش السماح لأهله بمرافقته، واختفت آثاره منذ ذلك الحين.
كما شارك في الجولة أحمد أبو غوش الذي شهد نكبة 1948، وحرب 1967 وقدم شرحًا عن القرية ما قبل الاحتلالين. وذكر أبو غوش أن معظم أراضي القرية، وبالذات الأراضي الزراعية التي اعتاش منها الأهالي قد احتلت في نكبة 1948، بينما بقيت بعض الأراضي إضافة لمسطح القرية.
وأشار أبو الغوش إلى أن عمواس كانت تتمتع بأراضٍ زراعية خصبة، والعديد من الينابيع ومصادر المياه التي وفرت لأهلها معيشة جيدة، حتى أن أهالي القرى المحيطة قصدوها أيضًا لطلب الرزق. وذكر أيضًا أنه بعد احتلال أراضي القرية الزراعية ضاقت الأحوال الاقتصادية بالناس فعُرف عام 1952 في عمواس بـ "عام التمر"، لأن الناس اعتمدوا على التمر كغذاء عوضًا عن الخبز الذي غلا سعره.
وشاركت في الجولة أيضا نجلاء أبو غوش، ووالدتها زُهدية أبو غوش، اللتان تحدثتا عن الحياة اليومية، والاجتماعية في عمواس، وشاركتا المجموعة ببعض الأغاني التراثية التي كان أهالي القرية ينشدونها في أفراحهم، ومناسباتهم السعيدة.
وشرحت السيدة زُهدية كيف قامت قوات الاحتلال بطردهم، وترويعهم، فنسيت طفلتها الصغيرة في منزلهم في عمواس حتى فطنت لذلك، وعادت لإنقاذها من موت محقق.
وتحدثت السيدة نجلاء عن دراستها في عمواس، حيث كان في القرية مدرستان بمستوى جيد، وتميزتا في العديد من المجالات. كما تحدثت عن مأساة التهجير التي شهدتها وهي طفلة، وذكرت أن قوات الاحتلال كانت تطردهم من كل مكان يلجأون إليه ومنعتهم من العودة إلى عمواس، وقد بقوا عدة أيام دون طعام.
وقالت رنا عوايسة مركزة مشروع الجولات في جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين أن "هذه الجولة جاءت لتُشدد على حقيقة أن التهجير لم يتوقف في نكبة 48، واستمر في عدة محطات أبرزها حرب 1967 حيث قامت إسرائيل بتهجير ما يقارب 400,000-450,000 فلسطيني، جزء منهم كانوا قد هجروا خلال نكبة 1948. وأن التهجير مستمر لغاية اليوم في النقب والضفة الغربية والقدس التي يتم مؤخرًا السيطرة على بيوت المقدسيين فيها وطردهم لإسكان المستوطنين مكانهم. كذلك في غزة حيث أدت الحروب المتكررة التي شنتها إسرائيل الى تهجير الآلاف من بيوتهم التي هدمت تحت القصف.
وشددت العوايسة على أن "أهمية هذه الجولة تكمن أيضًا في التعرف على تاريخ المقاومة الفلسطينية، وقالت: "صحيح إننا كنا ضحايا للمشروع الصهيوني، لكننا كشعب فلسطيني قاومنا، ولم نكن ضحايا خانعين، فقد اعتبرت منطقة اللطرون وباب الواد المحاذي لعمواس من أهم معاقل المقاومة حيث دارت أشد المعارك بين المقاومة الفلسطينية والعصابات الصهيونية التي كانت تحاول احتلال منطقة اللطرون الاستراتيجية، وما تبقى من القدس عام 1948، إلا أن المقاومة كانت لهم بالمرصاد ونجحت بصّد هجماتهم المتكررة".
وقد قامت السلطات الإسرائيلية خلال حرب 1967 بتهجير، واحتلال، وتدمير قرى عمواس، ويالو، وبيت نوبا، ولم تسمح لأهاليها بالعودة إليها رغم أن تلك القرى تقع خارج الخط الأخضر، وفي نطاق أراضي الضفة الغربية المحتلة.
وأقامت دائرة أراضي إسرائيل "بارك كندا" على أراضي قرية عمواس وجزء من أراضي قرية يالو بعد هدمها كليًا لإخفاء جريمة الهدم والتهجير.
وأشار حيدر أبو غوش إلى أن العشرات مما يُسمى "حدائق قومية" ومتنزهات أنشأتها دائرة أراضي إسرائيل "الكيرن كييمت" قد أقيمت على أنقاض بلدات مهجرة. وأن عدة منظمات مناصرة للشعب الفلسطيني تقود حملة ضد الصندوق القومي اليهودي في كندا الذي يشارك في دعم إخفاء جريمة هدم عمواس عبر دعمه لـ "بارك كندا"، لرفع الصفة الخيرية عنه.