اللد تحيي الذكرى السبعين لاحتلالها ولمجزرتها المروعة
في الساعات الأولى من صباح 10 تموز 1948 وقعت مجزرة اللد ضمن عملية "داني" التي تعتبر من أشرس العمليات التي قامت بها العصابات الصهيونية، بهدف احتلال مدينتي اللد، والرملة، والقرى المجاورة، والقضاء على سكانها.
تعتبر مجزرة اللد التي وقعت يوم 11 تموز 1948 واحدة من العلامات الفارقة في عام النكبة، والدلائل الساطعة على التطهير الإثني المنهجي الذي قامت به العصابات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني الذي عاش آمنا في أرضه، ونهض بوطنه مواكبا تطورات الحداثة، طامحا لوطن متطور منظم، يؤمن العيش الكريم لأبنائه.
المكتب الإعلامي في "لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي ١٩٤٨" أوضح أنه "تم احتلال اللد ضمن "عملية داني" ويصف المكتب العملية بأنها "تعتبر من اكبر العمليات العسكرية التي قامت بها العصابات الصهيونية، ويرى أن الهدف منها كان "تطويق مدينتي اللد، والرملة، والقرى المجاورة، واحتلالها، والقضاء على سكانها”.
ويروي متحدث باسم اللجنة تطورات العملية وتفاصيلها، ويفيد إنها "بدأت في الساعات الأولى من صباح 10 تموز 1948 بالهجوم على المدينة بعد تطويقها، وإسقاط القرى المجاورة"، ويفيد أن "العصابات الصهيونية نجحت في احتلال تحصينات المدينة موقعةً ضحايا كثرًا من الأهالي، معظمهم من الرجال المسنين، والنساء، والأطفال”.
ويصف المتحدث مجريات العملية، ويذكر أنه "تم قصف الشوارع، والبيوت بشكل عشوائي الى أن امتلأت الشوارع بجثث الأهالي الأبرياء، فأصيب الناس بالهلع والخوف وبدأوا يتراكضون في شوارع المدينة خارجين منها”.
مجزرة جامع دهمش
بعد سقوط المدينة، والمنطقة المجاورة، تابعت القوات الغازية تقدمها مرتكبة المزيد من المجازر، بطريقة مدروسة ومركزة، واعتمدت خطة اتخاذ مراكز روحية دينية، جمعت فيها من خطفتهم من السكان، وقضت عليهم، منتهكة عن سابق إصرار وتصميم، المحظورات الدينية، في محاولة لإلغاء الآخر، وذلك ما ظهر في كل ممارساتها اللاحقة، المستمرة حتى اليوم، ومتحدية العالم- الذي يدعي التحضر- وهو لم يرف له جفن أزاء المجازر التي ارتكبت، ولا تزال.
تقول لجنة المتابعة أن "القوات الصهيونية تابعت تحركها إلى حيّ الجامع الكبير، وكنيسة الخضر، وانتشر جنودها في وحدات صغيرة حول الجامع والكنيسة، وأخذوا يدخلون بيوت المنطقة، ويُخرجون السكان منها، ويُحضرونهم الى داخل الجامع، وساحته الواسعة، إلى أن امتلأت الساحة بمئات الأهالي”، وتضيف اللجنة أن "عددا كبيرا من السكّان لجأ إلى جامع دهمش الذي استُشهد فيه 176 من أصل 426 شهيدًا خلال الاحتلال”، وقد ظل المسجد مغلقًا حتى العام 1996 حيث أُعيد افتتاحه.
ويعود المصدر في لجنة المتابعة الفلسطينية إلى أرشيف اللجنة الذي يؤرخ لتلك المرحلة، ويفيد أن "المؤرخ الإسرائيلي "بني موريس" يتحدث عن احدى الجلسات التي جمعت كلاً من "دافيد بن غوريون" و"يجئال ألون" (قائد "عملية داني") واسحق رابين الذي كان آنذاك ضابطا في العملية. وسُئِل بن غوريون "ماذا نفعل مع العرب؟" فحرّك يده نحو الشرق وقال بعدها "اطردوهم".
وتروي وثائق لجنة المتابعة الفلسطينية أبشع الصور عن المجزرة، وتفيد وثائقها أن وحدة الكوماندوس الاسرائيلية "البالماخ" هي التي نفذت المجزرة بعد أن اقتحمت المدينة تحت وابل من القصف البري والجوي.
كانت اللد أول مدينة تتعرض لهذا النوع من الهجوم، وخلال العملية صدرت اوامر عسكرية بإطلاق النار وقتل كل من يوجد في الشوارع، فاستشهد ٢٥٠ شهيدا في غضون ساعات قليلة، ووصفت المجزرة بواحدة من الأسرع والأبشع التي ارتكبت بحق الفلسطينيين.
وعندما تخلى الفيلق العربي عن سكان اللد، احتمى رجال المدينة، المتسلحون ببنادق قديمة، في جامع دهمش وسط المدينة، وبعد ساعات من القتال، نفذت ذخيرتهم، فاضطروا للاستسلام، فكانوا لقمة سائغة أشبعت غريزة الصهيوني بالقتل، فابادتهم داخل المسجد.
تتضارب الأنباء عن أعداد الشهداء الذين سقطوا في المجزرة، رغم ان الأعداد لا تصنع فارقا في ارتكابات الإسرائيليين الوحشية، والعدد الأقرب كان ٤٢٦ شهيدا، منهم ١٧٦ داخل المسجد.
من القادة الذين شاركوا في المجزرة اسحق رابين، وموشيه دايان، ويغال ألون.
رمز للبقاء في الوطن
مع تهجير معظم المدن، والحواضر الفلسطينية، أضحت أسماء اللد والرملة رموزًا للبقاء والصمود في الوطن. فأنشد الشاعر توفيق زيّاد في قصيدته "هنا باقون" التي كتبها عام 1964:
"كأننا عشرون مستحيل
في اللد، والرملة، والجليل
إنا هنا باقون
فلتشربوا البحرا
نحرسُ ظلَّ التين والزيتون
ونزرعُ الأفكارَ، كالخمير في العجين
برودة الجليد في أعصابنا
وفي قلوبنا جهنمٌ حمرا
إذا عطشنا نعصرُ الصخرا
ونأكلُ الترابَ إنْ جعنا.. ولا نرحل
وبالدم الزكي لا نبخل.. لا نبخل.. لا نبخل
هنا .. لنا ماض .. وحاضر .. ومستقبل".
ندوة في ذكرى الاحتلال
وتقيم الفعاليات الوطنية في المدينة أمسية خاصة في ذكرى الاحتلال والمجزرة، تتخللها ندوة مساء 13 تموز المقبل، ستقدم شهادات حول النكبة، إضافة إلى قصص عن المدينة من أواخر القرن التاسع عشر، ومشاركة عبر "السكايب" للروائي الياس خوري الذي تابع القضية الفلسطينية، وناضل في صفوفها، ووثق الكثير من واقع الحال الفلسطيني على مختلف الصعد، ووضع المقالات والكتب عن الفلسطينيين في لبنان، تعبيرا عن واقع حالهم في فلسطين والعالم.
لذلك، اختارت الفعاليات الوطنية القيمة على التحرك اقتباسا من رواية "أولاد الغيتو" لخوري استهلت به دعوتها للأمسية.
الشكر للمكتب الإعلامي ل"لجنة المتابعة العليا لفلسطينيي ١٩٤٨" للمعلومات والصور عن اللد ومجزرتها.