جملة من التحديات تواجهها الإدارة الأميركية الجديدة عام 2017. وعود اقتصادية في الداخل، وتشكل نظام عالمي جديد في الخارج. ملفات متشابكة ومترابطة من حيث تأثرها بعضها بالآخر. يولي ترامب الملف الاقتصادي أولوية على سائر الملفات، لكنه سيجد نفسه أمام تحديات العلاقة مع الصين وروسيا. تحديات لا تتجزأ عن تشكل نظام عالمي جديد. كيف ستقارب واشنطن الملف السوري على ضوء التطورات الجديدة؟ ماذا عن إيران والسعودية؟ هنا مقاربة مستندة إلى مقابلة مع بيري كاماك الباحث الأميركي في برنامج الشرق الأوسط بمؤسسة كارنيغي للسلام ضمن ملف "2017.. عالم يتحوّل".
الكاتب: علي فواز
21 كانون الثاني 2017 14:47
مجموعة من القضايا المطروحة تُلازم تسلم الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب سدة المسؤولية.
مجموعة من القضايا
المطروحة تُلازم تسلم الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب سدة المسؤولية. من
الواضح أننا نمر بمرحلة ما بعد الحرب الباردة. هناك نظام عالمي نرى ملامحه، وهو
يتعرض لضغط كبير.التحديات
الأميركية في عام 2017 متنوعة. هذا مؤكد. ترامب مرتبط بكل هذه التحديات، سواء على
صعيد النظام العالمي أو من النواحي التكنولوجية والاقتصادية والثقافية.يصعب التنبؤ كيف
سيتم التعامل مع جملة هذه التحديات في ظلّ الإدارة الجديدة. من الواضح أن
هناك صراعاً محوره اختلاف الثقافات في الولايات المتحدة.ثمة أمور أساسية ستحدد ما ستؤول إليه الأمور. موضوع الاقتصاد الأميركي
والأسئلة المترافقة معه: هل سيعمل ترامب على خلق فرص عمل؟ تنتظره طبقة غاضبة شعرت على
مدى عقد تقريباً أنها لا تمتلك صوتاً. ما هي خطته لتحقيق وعوده التي أطلقها خلال الحملة
الانتخابية؟ ترامب أشبه بمن يقوم بتأدية استعراض سياسي. لكن هل سيتحمل الشعب الأميركي
هذا التصرف؟ إذا أعطى الشعب الأميركي ترامب فرصة، سيكون أقوى. وإذا استطاع الأخير أن
ينفذ وعوده الانتخابية، فقد نشهد على إعادة اندماج المؤسسات الأميركية. على صعيد السياسة
الخارجية لدى ترامب هامش من التحرك بحرية أكثر من الرئيس باراك أوباما الذي انتُخب
قبل نحو 8 سنوات. هو أولاً لديه
غالبية الجمهوريين داخل الكونغرس لمدة أربع سنوات. وخرج ثانياً من
الحملة الانتخابية دون إعطاء التزامات حقيقية تتعلق بالسياسة الخارجية.ثالثاً، الوجود
العسكري الأميركي الخارجي كان متواضعاً خلال السنوات الثمانية الماضية. هذا الأمر
يعطي ترامب خيارات إذا ما كان يريد أن يترك بصمته في السياسة الخارجية.
لكن أغلب الظن أنه
سوف يهتم بالسياسة الداخلية الأميركية أكثر من الخارجية.
روسيا والصين والنظام العالمي الجديد
على صعيد تشكل نظام عالمي جديد ليس مؤكداً أن ترامب قلق حيال هذه المسألة.
من المعروف أن
ترامب كان يبعث إشارات إيجابية لروسيا خلال حملته الانتخابية وبعيد الانتخابات. لا
يؤكد ذلك أننا سنشهد عصراً جديداً وإيجابياً من العلاقة بين واشنطن وموسكو. من
الصعب التنبؤ بهذا الاتجاه. صحيح أن بوتين وترامب أرسلا إشارات إيجابية تجاه بعضهما.
صحيح أيضاً أنّ لدى البلدين اهتمامات مشتركة. لكن على الصعيد المؤسساتي هناك عدم
ثقة بين الطرفين.
بلغة المصالح
الوطنية، هناك الكثير من المصالح المشتركة في مناطق محددة. ولكن كيف سيكون التعاطي؟
يصعب توقع ذلك.
على صعيد تشكل
نظام عالمي جديد ليس مؤكداً أن ترامب قلق حيال هذه المسألة. إذا كان للرجل مبادئ
حول نظرته إلى العالم، فهو اقتصادي قومي. الأرجح أنه سيركز على قضايا التجارة والوظائف،
والاقتصاد القومي.
بالنسبة إلى الصين
يمكن القول إن الإدارة الجديدة ستنظر إلى هذا الملف بشكل مختلف عن الإدارة
السابقة. إدارة أوباما
جهدت للشراكة مع بكين في مسائل اقتصادية وبيئية وأمور أخرى. لكن الصين ستلمس
تغيراً كبيراً في علاقتها مع واشنطن خلال ولاية ترامب. تغيّر يُتوقع أن يتخذ منحى
سلبياً على المدى القريب. هذا أساسه خلفيات ترامب "الاقتصادي القومي".
الحرب في سوريا انتهت
أمام التهديد الإرهابي ووجود داعش، الشعب الأميركي مهتم بقضاياه الداخلية، خصوصاً الاقتصادية.
منطقة الشرق
الأوسط ستحظى غالباً باهتمام أقل مقارنة بكندا والمكسيك وأوروبا، نظراً إلى حجم
التبادل التجاري الذي يجمع أميركا مع هذه الدول.
حينما ننظر إلى
تاريخ تدخل الولايات المتحدة الأميركية في الشرق الاوسط، نلاحظ أنّ الشعب الأميركي
سئم من الأمر. عبّر عن ذلك عندما اتخذ قراره بانتخاب باراك أوباما عام 2009.
لمدة 25 عاماً،
كان هناك وجود عسكري أميركي في العراق. لا يمكن القول إن المسألة كانت ناجحة، كذلك
الأمر بالنسبة لأفغانستان.
أمام التهديد الإرهابي
ووجود داعش، الشعب الأميركي مهتم بقضاياه الداخلية، خصوصاً الاقتصادية.
إدارة ترامب تريد غالباً محاربة الإرهاب، تماما كما إدارة باراك أوباما، ما
يعني وجود قوات جوية أميركية وقوات خاصة في المنطقة العربية.
أكثر ما يعزز التناقضات هو اختلاف الأولويات والأهداف بالنسبة للأطراف
المشاركة في الحرب على الإرهاب.
بالنسبة إلى سوريا
كان ترامب واضحاً في إشارته إلى أنه لا يريد أن يقوم بشيء تجاه الرئيس بشار الأسد لإجباره على ترك السلطة.
قال إنّ الأسد شخص شرير. تحدث عن عدم اهتمامه بدعم الثوار المقاتلين. لكن ترامب لم
يتول الرئاسة بعد. سنرى ماذا سيحدث لاحقاً. إلى حينها يلاحظ أن الأحداث لا تسير بشكل
جيد. الحرب في سوريا انتهت، رغم ما يدور على أرض المعركة.
أما في العراق فلا أعتقد أنّ الأولوية ستكون محاربة داعش. أعتقد أن الإدارة
الجديدة لا تريد الانخراط في السياسة العراقية.
السعودية في ظل التحولات
لوقت طويل كانت هناك تحولات هيكلية عميقة في العلاقة الأميركية السعودية.
على صعيد الصراع
العربي الإسرائيلي لا يتوقع أن يقوم ترامب بدور وسطي مسالم تجاه هذه القضية.السؤال الذي يتبادرعلى
هذا الصعيد في ظلّ غياب الاستقرار بين الجانبين "ماذا سيحدث إذا لم تتخذ
الادارة الأميركية الموضوع كأولوية لها؟". الأرجح أن يكون هناك كارثة. لدى أميركا
تحالفات تقليدية مع إسرائيل ومصر والسعودية. رغم أن ترامب لم يكن إيجابياً تجاه السعودية
خلال حملته الانتخابية، يرجح أن تقوم الرياض وواشنطن بجهود من أجل المصالحة. يمر
الشرق الأوسط اليوم بأوقات عصيبة. إدارة ترامب تهدف إلى القيام بأمور تصب في
مصلحتها. يبدو أنه سيكون هناك إعادة بناء علاقة جيدة مع الرياض. في وقت قريب سيكون
هناك رسائل إيجابية بين البلدين.
لكن لوقت طويل كانت هناك تحولات
هيكلية عميقة في هذه العلاقة. وبالتالي يتم طرح أسئلة حول مستقبلها على المدى
الطويل.
مع إيران.. عودة الصقور
دونالد ترامب وعد أنه سيلغي الاتفاق النووي مع إيران عندما يستلم الحكم.
من جملة الأمور المقلقة الاتفاق مع إيران. قامت أميركا أواخر 2016 بتجديد العقوبات
على طهران. دونالد ترامب وعد أنه سيلغي الاتفاق متى استلم الحكم. يمرّ الاتفاق اليوم
بمرحلة حساسة، بعدما اعتبره ترامب سيئاً. رغم ذلك يُرجح أنّ يبقى الاتفاق بين
البلدين على المديين القريب والمتوسط.
لا يعني ذلك أن الإدارة الجديدة لن تتخذ موقفاً أكثر تشدداً تجاه إيران،
خصوصاً مع تعيين الجنرال جيمس ماتيس وزيرا للدفاع. يعرف عن الرجل أنه من الصقور تجاه
القضية الإيرانية والقضايا الإقليمية.
يرى البعض أن هناك تناقضاً في مواقف الإدارة الأميركية الجديدة. من جهة تريد
الانسحاب من المنطقة، ومن جهة أخرى تغلّب سلوك "الصقور" في التعامل مع إيران
وقضايا أخرى. كيف ستقيم الإدارة الأميركية توازناً؟
الجواب: هناك تصرفات متوازنة، وأفعال متناقضة. السياسة الخارجية تقوم دائماً
على التناقضات. العالم مكان معقد. الشرق الأوسط تحديداً، حيث ينخرط حلفاء واشنطن في
صراعات عدة.
بيري
كاماك باحث في برنامج الشرق الأوسط في مؤسسة كارنيغي للسلام الدولي. تركّز أبحاثه
على التوجهات الإقليمية بعيدة المدى وتأثيراتها على السياسة الخارجية الأميركية.
قبل انضمامه إلى كارنيغي في آب/أغسطس 2015، تمحور عمل كاماك حول مسائل تُعنى
بالشرق الأوسط، بصفته عضواً في طاقم تخطيط السياسات الخاص بوزير الخارجية الأميركي
جون كيري بين عامَي 2013 و2015، وعضواً محترفاً رفيع المستوى في طاقم عمل
السيناتور كيري آنذاك في لجنة العلاقات الدولية في مجلس الشيوخ بين عامَي 2009
و2012، وأيضاً عضواً في طاقم عمل السيناتور جوزيف بايدن آنذاك في لجنة العلاقات
الدولية في مجلس الشيوخ بين عامَي 2003 و2006.كاماك
حائز على ماجستير في الإدارة العامة من كلية الشؤون الدولية والعامّة في جامعة
كولومبيا، وإجازتين في كلٍّ من الاقتصاد والفلسفة من جامعة ماريلاند. وهو عضو في
مجلس العلاقات الخارجية والمعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية وأستاذ مساعد بدوام
جزئي في كلية إليوت للشؤون الدولية في جامعة جورج واشنطن.
نحن نستخدم ملفات تعريف الارتباط (كوكيز) لفهم كيفية استخدامك لموقعنا ولتحسين تجربتك. من خلال الاستمرار في استخدام موقعنا، فإنك توافق على استخدامنا لملفات تعريف الارتباط.
سياسية الخصوصية