حرائق إسرائيل 2017.. نيران داخل البيت
النار المشتعلة حول إسرائيل ولا سيما في سوريا ستبقى مصدر قلق لها. لا ترى تل أبيب بوادر تسوية في سوريا هذا العام، إلا أنها تخشى من سيناريوهات محتملة في المستقبل. قلقها ينسحب على الداخل الفلسطيني ويتحوّل إلى خشية من انهيار السلطة، لكن أمام كل التهديدات والتحديات المحتملة فإن الخطر الأول يبقى حزب الله. أبرز التحديات التي تواجه إسرائيل هذا العام في هذا المقال المستند إلى آراء الخبير في الشؤون الإسرائيلية حلمي موسى.
مخاوف تل أبيب في سوريا
تعتمد تل أبيب في حال التسوية على دور أميركي فاعل يضمن لها مصالحها. على رأس هذه المصالح الحصول على موافقة مسبقة من الأميركيين على ضم الجولان وعدم توفر أي قوة سورية تطالب بها. والمسألة الثانية أن تتوفر ضمانات أو قدرات أو منطقة منزوعة السلاح في الجانب السوري تضمن أمنها. تفضل إسرائيل استمرار القتال في سوريا على وجود تسوية. تخشى من حل أساسه نجاح إيران وحزب الله في بلورة مواقف ترسخ هذا الحلف الذي اعتادت على اعتباره خطراً مركزياً عليها. تعتبر أن إدارة أوباما كانت إلى حد معادية لها. ترى أنها لم تسايرها تجاه سوريا ولا تجاه الفلسطينيين. اليوم يُنظر إلى إدارة ترامب بشكل مختلف. تأمل تل أبيب أن تلبي الإدارة الجديدة مصالحها.
الانفجار من الداخل
المخاوف الإسرائيلية من تفاقم الوضع الفلسطيني ينبع من كونه خطراً داخلياً بنظر تل أبيب. صحيح أن هناك أنماطاً مختلفة في الضفة وغزة وأراضي 48، إلا أنها تؤدي الغاية نفسها. غزة في الآونة الأخيرة وضعت إسرائيل أمام خيارين. إما العودة لاحتلالها ودفع ثمن باهظ لهذه الخطوة قبل العودة إلى النقطة التي اضطرتها سابقاً للانسحاب منها، أو تحمّل العبئ الإنساني والاقتصادي والسياسي الدولي لمليوني نسمة يعيشون في حالة يرثى لها. في الضفة الغربية هناك نحو 3 ملايين فلسطيني يعيشون تحت احتلال مقنّع. إذا سقطت السلطة الفلسطينية عادت الأمور إلى نقطة البداية. تصبح إسرائيل دولة احتلال. هذه كلها عناصر قلق جدية عند "العقلاء" في إسرائيل. لكن هناك مدرسة في الكيان تنادي بتحصينه داخل الجدار العازل. أنصارها ليست لديهم مشكلة حتى لو قاد الأمر إلى عدم استقرار في الأردن مثلاً. على عكسهم يعتبر بعض الرؤيويين أن من مصلحة إسرائيل الاستراتيجية وجود استقرار في الأردن ومصر والدول التي أقامت سلاماً معها. من المؤكد أن إسرائيل تخشى عودة العمليات الفدائية الفردية والتي سماها البعض "انتفاضة السكاكين". لكن أكثر ما تخشاه هو انفجار عام للوضع. إذا انهارت السلطة الفلسطينية ومؤسساتها هناك عشرات ألوف الموظفين سيصبحون عاجزين عن تلقي مرتباتهم، وبالتالي جائعين. هذا كله سيحمل عبئاً يؤدي إلى الانفجار في وجه إسرائيل. السلطة الفلسطينية لن تبقى إذا واصلت إسرائيل محاصرتها. هي في الأصل حالة انتقالية نحو الدولة. إذا لم تولد الدولة الفلسطينية فلا معنى لسلطة أبدية في ظل اقتراح حل الدولتين. هناك مخاطر جدية بالنسبة لإسرائيل في هذا الموضوع.
المقاطعة والشرعية الدولية
في إسرائيل مدرستان. الأولى تعتقد بأن مكانة إسرائيل الدولية عنصر هام من عناصر قوتها ويعزز شرعيتها. المدرسة الثانية ترى أن شرعية إسرائيل مستمدة من القوة بمختلف أنواعها العسكرية والسياسية ومن خلال مجلس الأمن. اليوم اليمين الإسرائيلي يمتلك زمام الحكم وهو من أنصار المدرسة الثانية. يعتقد أن لديه حليفاً يمكن الركون إليه في ترسيخ السياسة الإسرائيلية في المنطقة. هناك بالتالي عملية اندفاع نحو تحدي العالم على أمل أن يجعل ذلك الحليف الأميركي يتخذ سريعاً مواقف لصالح إسرائيل. لكن في داخل إسرائيل جهات ترى أن هذا ليس موقفاً حكيماً. هي تنظر بخطورة بالغة لاحتمال تعرضها لعقوبات دولية قانونية أو اقتصادية، سواء من دول العالم عموماً أو من الاتحاد الأوروبي.
مصالحة مع تركيا وعلاقات مع الخليج
ما حدث أن المصالحة قلّصت حجم العداء التركي لإسرائيل، وتحديداً على صعيد المحافل الأوروبية. لم تعد أنقرة تتصدر العداء لإسرائيل في المحافل الدولية. هذه النقطة المركزية لإسرائيل أكثر من أي شيء آخر. لكن لا يعتقد أن العلاقة التركية الإسرائيلية سوف تعود إلى ما كانت عليه. تركيا كانت الدولة الثانية في أهميتها لجهة العلاقة الخارجية الاسرائيلية بعد الولايات المتحدة. هذا لن يعود. أما العلاقات مع دول الخليج العربي فإن بنيامين نتنياهو تحديداً كان من الذين راهنوا عليها. اعتبر أن العلاقة مع هذه الدول من شأنها الفصل بين القضية الفلسطينية والعرب. حصانه الرابح كان العداء الخليجي لإيران والذي شكل أرضية جدية للتحالف بين إسرائيل وبين هذه الدول. هذه المراهنة جزئياً ناجحة في كل ما يتعلق بالعداء لإيران، لكنها فاشلة في كل ما يتعلق بالفصل بين العرب والقضية الفلسطينية. كيري نفسه تحدث عن هذا الأمر.