بسبب كورونا: إحياء ذكرى النكبة بفعاليات مُستعادة

يحيي الفلسطينيون ذكرى النكبة كل عام بمسيرة إلى بلدة أو مدينة مهجرة في فلسطين. وبسبب إجراءات الحجر والتباعد للوقاية من "الكورونا"، وإصراراً منهم على الموعد، يستعيد الفلسطينيون بعضاً من فعاليات سابقة تكريساً لحق العودة.

  • بسبب كورونا: إحياء ذكرى النكبة بفعاليات مُستعادة
    دلال أبو آمنة تحيي مسيرة عتليت

يواصل فلسطينيو الداخل نشاطاتهم في ذكرى نكبة فلسطين تأكيداً على حق العودة، مجسمين العودة في أشكال مختلفة من تحركاتهم النضالية، ومؤكدين أنه بعد مرور 72 عاماً على النكبة، لم تغب فلسطين، والعودة إلى قراها المهجرة، عن بالهم، مؤكدين أن الصغار يتذكرون، ويتمسكون بوطنهم فلسطين أكثر من الكبار والراحلين. 

وقد اعتاد الفلسطينيون أن يطلقوا مسيرة واحدة جامعة في يوم النكبة إلى إحدى القرى والمدن المهجرة والمدمرة، واكتفت الجمعية المنظمة للمسيرة هذا العام بإحيائها الكترونياً، بسبب انتشار فيروس "كورونا"،مؤكدين بذلك أنهم لا يريدون أن تغيب الذكرى بعد إقامة المسيرات على مدى 23 سنة متتالية.

بعض من الفلسطينيين استعاد تحركات الأعوام المنصرمة، واختاروا منها ما يفي باسترجاع الذكرى دون إقامة المسيرة حفاظاً على الوضع الصحي للفلسطينيين، فعاد الناشط فتحي مرشود، وهو مدير المركز العربي للأبحاث الاجتماعية التطبيقية، إلى مسيرة عتليت يحيي بمقاطع منها ما يمكن برأيه أن يكفي لإحياء الذكرى. 

  • الترويج لمسيرة عتليت

مرشود علق بقوله: لقد دأبت إدارة جمعية الدفاع عن حقوق المهجرين على إحياء ذكرى النكبة سنوياً تحت شعار "يوم استقلالهم يوم نكبتنا"، واتخذت قراراً بأن تتحول المسيرة الجبارة كل عام إلى مسيرة عودة حقيقية، بمضمونها وأسلوبها، بما يتجاوز بقاءها مجرد ذكرى، بل نجعلها عودة حقيقية، من خلال دمج الأغاني الوطنية، وأعلام فلسطين، ومضامين الهتافات والكلمات، ما يعني العودة، فننتقل بذلك من مرحلة التذكر إلى مرحلة العودة الحقيقية، وهذا ما تعبر عنه المسيرة التي انطلقت إلى عتليت سنة 2018، بما حملته من معاني عودة كبيرة مع فنانة فلسطين دلال أبو آمنة، ومجموعتها "يا ستي" في أغانٍ وطنية، تراثية بامتياز شارك فيها حوالى 25 ألفاً من جميع الأجيال والمناطق الفلسطينية، وكانت المسيرة الواحدة والعشرون من سلسلة المسيرات على مدى أكثر من عقدين من الزمن". 

  • دلال أبو آمنة تحيي مسيرة عتليت

وأضاف: "الرجوع إلى هذه المسيرة كان أمراً حيوياً وضرورياً بسبب عدم التمكن من إجراء المسيرات السابقة بسبب أزمة كورونا، نريد بها التأكيد على العودة الحقيقية، والتي تشمل الأهازيج التراثية الفلسطينية، والأناشيد الوطنية التي تنزرع في قلب الأرض". 

حيفا تستعيد الذكرى من خلال شعلة العودة

في حيفا، تذكرت الناشطة رولا نصر ما قام به سكانها، والعديد من المدن والقرى سابقاً بإيقاد شعلة العودة، وقام "حراك حيفا"، وهم مجموعة من القوى الناشطة في سبيل العودة، بالدعوة لإحياء الذكرى في الرابع عشر من أيار/مايو الجاري، وأوضحت نصر أن "هذا العام يتطلب ترتيباً مختلفاً ومميزاً، من منطلق المسؤولية على أبناء شعبنا، وسنعقد اجتماعات قريبة لدراسة كيفية إقامة الحدث بما يتلاءم مع شروط الوقاية من فيروس كورونا، وستجري أنشطة إيقاد الشعلة في حيفا، والعديد من المدن والقرى الأخرى، وفي فلسطين والشتات".

  • بسبب كورونا: إحياء ذكرى النكبة بفعاليات مُستعادة
    إيقاد شعلة العودة في حيفا سابقاً

وأصدر "حراك حيفا" بيان دعوة للحراكات الشبابية والطلابية للمشاركة في أنشطة إيقاد الشعلة، ذاكراً أن السبب هو "لأن العودة حقّ، وليست مجرد شعار نتغنى به، ولأنّ ايقاد شعلة العودة فعل تحدٍّ، وليس مهرجاناً ترويجياً، نستكمل ما بدأناه قبل عام، وتحديداً في ليلة 13 أيار 2019، ونعلن ايقاد شعلة العودة بالتكامل والتزامن مع أبناء شعبنا في فلسطين التاريخية والشتات... في مخيمات الدهيشة، ومار الياس، وعين الحلوة، وجباليا وساحة الأسير في حيفا".

  • بسبب كورونا: إحياء ذكرى النكبة بفعاليات مُستعادة
    من إيقاد الشعلة سابقاً

وتابع البيان "قبل عام، أشعلنا في فلسطين المحتلة عام 1948 للمرة الأولى شعلة العودة… ما كان هذا ليكون حدثاً جللاً لو لم يكن بتنسيق كامل وفي نفس التوقيت مع تكرار الأمر في مخيمات الأرض المحتلة عام 1967 ولبنان. كانت الأحداث من ساحة الأسير في حيفا تنتقل في بث مباشر على حائط الأونروا عند مدخل مخيم الدهيشة في بيت لحم، والى هناك شخصت العيون. وكان الخطاب موحداً في كل مكان، في الداخل وفي لبنان وفي المخيمات".

تأجيل المسيرة إلى ميعار

كانت بلدة ميعار هدف مسيرة العام 2020، لكن ظروف انتشار كورونا فرضت تأجيل اختيار البلدة عملياً لمناسبة أخرى، وكتب الناشط في مجال العودة المحامي جهاد أبو ريا، بعد زيارات للبلدة، انطباعاته عنها لمناسبة ذكرى النكبة: "دعونا إلى مسيرة إحياء بلدة ميعار، وتتالت الدعوات لزيارتها، وبنتيجتها بدأنا بتنظيف المسجد قرب شجرة التوت، وإعادة ترتيب حجارته فيما كان أطفالنا يتسلقون شجرة التوت المجاورة التي بقيت تحرس المكان، واستمرينا كل عام بدعوة الأصدقاء والأهل والناشطين حتى وصل عدد الحاضرين إلى المئات ونجحنا في ترسيخ ذلك كمناسبة دائمة للتواجد فيها".

  • بسبب كورونا: إحياء ذكرى النكبة بفعاليات مُستعادة
    في زيارة ميعار

بعد تتالي الزيارات لميعار، تطورت التحركات بلوغاً إلى يوم لم تعهده ميعار منذ النكبة، كما قال أبو ريا، لافتاً إلى أن "الحزن والفرح يبدوان على وجوه الحاضرين في نفس الوقت، الزينة والأضواء والحركة والأذان والغناء كانت تبشر بخير رغم تواجد عشرات سيارات الشرطة من حولنا".

وختم: "لم يعد خطابنا في ميعار تذكر الماضي فحسب، وإنما التطلع إلى المستقبل. تثبيت لافتة العودة في مدخل قرية ميعار المهجرة هو ليس تذكير بالماضي، هو بالأساس التطلع إلى المستقبل في الطريق لتحقيق العودة".