نائل البرغوثي أقدم أسير سياسي في العالم
الأسير الفلسطيني نائل البرغوثي قارىء نهم ولديه علم وثقافة عاليين، وقد اشتهر عنه بين رفاقه الأسرى أنه يملك ثقافة واسعة جدًا، ولم تستطع إدارة سجون الاحتلال بإجراءاتها المختلفة طمس ابداعه الثقافي.
قالت الأسيرة المحررة إيمان رافع، أن زوجها نائل البرغوثي أقدم أسير في سجون الاحتلال، يكمل في هذا الشهر عامه 62 من عمره، وسيدخل في الشهر القادم في 15 تشرين الثاني/ نوفمبر عامه الـ 40 في الأسر.
وأوضحت إيمان ان نائل اعتقل أول مرة لمدة أسبوعين عام 1978 بتهمة أخذه عصا لجندي صهيوني. وتم اعتقاله مرة ثانية في نفس العام مع أخيه الأكبر عمر وإبن عمه فخري في الرابع من نيسان/ أبريل عام 1978.
وفي 18 تشرين الثاني/ نوفمبر عام 2011، أفرج الاحتلال عن نائل البرغوثي، وإبن عمه فخري ضمن صفقة "وفاء الأحرار"، المبرمة بين حركة المقاومة الإسلامية حماس والاحتلال الإسرائيلي، بوساطة مصرية.
وبموجب الصفقة، أطلقت كتائب عز الدين القسام الجناح العسكري لحماس، سراح الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط بعد أسره بغزة أكثر من 5 سنوات، مقابل الإفراج عن 1047 أسيراً وأسيرة.
وعندما خرج نائل وجد بيت أهله خالياً فقد توفي والديه وكانت اخته الصغرى حنان عمرها 13 عاماً عندما تم اعتقال أخويها. وقد تزوجت قبل أشهر من إطلاق سراح أخيها عمر عام 1985، واصبحت جدة.
بعد شهر واحد من الإفراج عنه تزوج نائل من الأسيرة المحررة إيمان رافع في 18 تشرين الثاني/ نوفمبر 2011 بعدما أمضت في سجون الاحتلال ما يقارب 10 سنوات, وعاشا معا فقط 32 شهر قبل أن يتم اعتقاله.
لم تلتزم حكومة الاحتلال برئاسة بنيامين نتنياهو ببنود الاتفاق المبرم في صفقة "وفاء الأحرار"، وأعادت اعتقال نائل البرغوثي في 18 حزيران/ يونيو 2014، وزجّت به في السجون مجددًا.
حُكم على نائل بـ 30 شهراً مع 70 أسيراً من أسرى "وفاء الاحرار". وبعد انتهاء حكم الـ 30 شهراً بقي أسيراً لمدة شهرين دون أي تبرير وكانت محاميته متأكدة أنه سيفرج عنه، إلا أنها وعائلته تفاجأوا بعودة الحكم السابق له وهو مؤبد و 18 عاماً كما يعبّر الصهاينة.
تقول إيمان "كان هذا الحكم صدمة للجميع. الاَن نحن رفعنا شكوى إلى ما يُسمى "محكمة العدل العليا" الإسرائيلية وننتظر القرار في 26 – 12 من السنة الجارية وهذه المحكمة ستنظر في شكاوى أكثر من 30 أسيراً .
لا تستطيع إيمان وهي الأسيرة المحررة أن تخبرك عن زوجها الأسير نائل دون أن تربط ذلك بالحديث مع الأسيرين عمر وفخري وما جرى بعد ذلك مع أولادهما .
وعن زياراتها لزوجها الأسير نائل، تقول إيمان أن اَخر زيارة لزوجها نائل كانت في شهر تشرين الأول/ أكتوبر الحالي. كان عندي في السابق منع أمني. والاَن منحت تصريح لمدة عام لأزوره كل شهر مرة. ولكن مع لحظ حرية منع الصهاينة لي من زيارته في أي لحظة.
وتضيف إيمان: "حاولوا في الزيارة قبل الأخيرة منعي بحجة أنني أسيرة سابقة، وأن المطلوب لرؤية زوجي، التنسيق مع إدارة السجن نفسها، لكن ضغط الأسرى سمح لي بمشاهدة نائل، وتختم إيمان بأن نائل ما زال يتمسك بقضيته وأرضه ومعنوياته عالية جداً.
الجدير بالذكر أن الأسير نائل قارىء نهم ولديه علم وثقافة عاليين. وقد اشتهر بين رفاقه الأسرى أنه يملك ثقافة واسعة جدًا، ولم تستطع إدارة سجون الاحتلال بإجراءاتها المختلفة طمس ابداعه الثقافي، فتعلم اللغتين الإنكليزية والعبرية داخل السجون. وهو يُعدّ مرجعاً للأسرى الذي شاركوا في محطات النضال الفلسطيني، بدءاً من انتفاضة الحجارة نهاية عقد الثمانينيات، وحتى يومنا هذا.
تتوقف إيمان عند إبن العم الأسير المحرر فخري البرغوثي فتقول: عندما تم اعتقاله عام 1978 كان متزوجاً وزوجته حامل بابنه شادي، وعندما تم إطلاق سراحه في صفقة "وفاء الأحرار" كان قد تمّ اعتقال إبنه شادي، وبقيّ في المعتقل.
وقال فخري يومها: "كنت أتمنى أن يفرج عن ولدي فقد كان من الصعب عليّ أن أتركه مرتين، مرة عندما اعتقلت وكان عمره عام، والاَن أصبح في العشرينيات، وهو محكوم 27 عاماً.
وتم اعتقال أولاد فخري الإثنين شادي وهادي بتهمة مقاومة الاحتلال، ما أدى لاعتقالهما حيث حُكم على شادي 27 عاماً وعلى هادي سنوات أقل.
التقى فخري بولديه شادي وهادي بعد أكثر من 20 عاماً في الأسر، فكان اللقاء مؤثراً جداً على الأسرى الذين بدأوا بالبكاء.
التقى شادي وهادي بعمهما نائل وكان للقاء أثر على نفسه، وقد أُفرج عن شادي بعد 3 سنوات من الأسر، وتزوج بإبنة عمر البرغوثي ولديه طفلتين.
عام 1985 تمّ الإفراج عن عمر البرغوثي (66 عاماً) ضمن صفقة التبادل التي قامت بها الجبهة الشعبية بقيادة أحمد جبريل. وبقي نائل وفخري في الأسر.
وتوضح إيمان أن عمر كان عند اعتقاله متزوجاً ولديه ولد واحد أطلق عليه اسم "عاصف" عام 1977، تيّمناً بـ "العاصفة" الجناح العسكري لحركة فتح في أوج عنفوانها وتضحياتها ضد الاحتلال.
تعرّض عمر البرغوثي لاعتقالات كثيرة، وأمضى أكثر من 26 عاماً في سجون الاحتلال. وخلال فترات اعتقاله المتقطعة رزقه الله بثلاثة أولاد وبنتين.
عاصف قرر مع مجموعة من الشباب الجامعي التخطيط من أجل عملية تبادل للإفراج عن عمه نائل في المعتقل، إلا ان العملية إنكشفت وتم اعتقاله في 4 نيسان/ أبريل عام 2007، وحكمت عليه المحكمة الإسرائيلية بـ 11 عاماً ونصف.
التقى نائل عمّه في السجن، ثم عاد وودّعه في المعتقل بعد أن أمضى 11عاماً ونصف. وقد تزوّج عاصم وعاش 10 أشهر في الحرية.
بعد 10 أشهر تفاجأت الأسرة بقيام وحدة إسرائيلية خاصة باغتيال شقيق عاصف الشهيد صالح في 12 كانون الأول/ ديسمبر 2018، بعد إطلاق النار عليه في قرية سردا شمال رام الله، بزعم مشاركة شقيقه عاصم (32 عاما) في تنفيذ عملية إطلاق نار أدت إلى إصابة 10 إسرائيليين قرب مستعمرة عوفرا شرق رام الله، قبل أسبوع من اغتياله.
قالت أم عاصف عندما وصلها خبر استشهاد ولدها: "إن استشهد صالح فهناك مليون صالح، وليس كل إنسان يكرّمه الله بالشهادة، فالحور العين تنتظر صالح، وبالنهاية فعمر الإنسان محدود، (لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ).
تمّت مطاردة عاصف واعتقاله يوم 8 كانون الثاني/ يناير 2019، بعد مطاردة استمرت شهراً، واتهم بتنفيذ عملية انتقامية بعد ساعات من اغتيال شقيقه، أدّت إلى مقتل جنديين إسرائيليين وإصابة آخرين. وتقول إيمان أن عاصف موجود الآن سجن بئر السبع.
اُفرج عن والد ووالدة عاصف وأخويه، وتمّ هدم منزليهما بعد أن تم هدم منزلي الشهيد صالح والأسير عاصف، تقول إيمان: "عاصف ما زال يحاكم ولم يصدر حكم نهائي بشأنه، وهو الآن موجود في سجن بئر السبع مع نائل".