الدامون: قاومت الاحتلال.. فدمرت.. والأطفال يبنون

الدامون من البلدات الفلسطينية التي مسحها الانتداب البريطاني ،والاحتلال الصهيوني. قاومت بشراسة، وبدأب تسعى للعودة، فيستغل أهلها المنتشرون في المناطق المجاورة كل مناسبة لزيارتها وإقامة احتفالاتهم فيها، من أعراس ,أعياد ميلاد، ومناسبات مختلفة، مركزين على تسميتها أنشطة "العودة".

دامونيون عائدون على أنقاض بلدتهم

"الدامون" من أكثر القرى والبلدات المدمرة والمهجرة التي شهدت تحركات ترمز للعودة، فجرت فيها منذ عدة سنوات، تحركات لأهلها المتبقين داخل فلسطين 1948، وباتت القرية مقصد الأنشطة، ومحطة للزيارات بصورة متكررة طوال العام.

 

عرس "العودة" لغدير بقاعي منذ ثلاث سنوات

آخر ما شهدته "الدامون"، دعوة درج آل البقاعي، من عائلات الدامون الأصلية، على إقامة لقاء يؤثرون أن يسموه لقاء "عودة" كما بقية الأنشطة الأخرى، والتي أبرز ما سبقها لآل بقاعي، عرس إحدى بناتهم "غدير بقاعي" منذ نحو ثلاث سنوات، وهي شاءت أن تطلق عليه اسم عرس العودة، كأول عرس جرى في الدامون بعد نحو 71 سنة من تدميرها على يد الصهاينة، وهجرة أهلها لها بصورة تامة.

 

من مناسبات العودة إلى الدامون

يجدد "البقاعيون"، وأهل الدامون المنتشرين في فلسطين، التحركات باتجاهها في مختلف المناسبات، ويحددون أواخر أيلول (سبتمبر) من كل عام، موعدا لا مفر منه لإقامة تجمع على أرضها، يطلقون عليه تسميات متصلة ب"العودة" بطريقة من الطرق.

آخر أنشطة شهدتها الدامون، إحتفالية لإحياء موعد "العودة" وكان ذلك في الأسبوع الأخير من أيلول (سبتمبر) الفائت.

الأطفال يتربون على حب بلدهم

غدير تتصدر الاهتمام بشؤون العودة، ذكرت في اتصال مع "الميادين نت" أن آخر حدث جرى في الدامون مؤخرا، هو "الحدث السنوي الذي تقوم به عائلتنا الموسعة الحاملة لاسم (البقاعي)، وهو كنوع من تحقيق العودة الفعلية، ولنثبت ارتباطنا بأرضنا كونها الأرض الأصلية للعائلة".

اعتاد آل بقاعي على تجهيز الأغراض اللازمة للزيارة، الكراسي، والطاولات، وغالونات المياه، ومنقل أو فرن الشواء، وأوعية الطعام، والشراب، والأهم، الراديو أو المسجل الذي يشغلون عليه الأغاني التي غالبا ما تكون وطنية، وفيها معاني العودة.

تتحدث غدير عما يقومون به بلهجتها الفلسطينية: "منحضر طبخة معينة هناك، ومنوكل سوا، ومنعزم الناس المتواجدة كأننا بالبيت تماما.. مثل هيك فعاليات مهمة جدا لنثبت شرعيتنا بامتلاك هالارض .. ولنربي الاجيال الصغيرة عحب هالارض وحقهن فيها".

التجمع في الدامون

لا تقتصر زيارات الدامون على الموعد السنوي، فبالإضافة لذلك، تفيد غدير: "احنا منحاول نحتفل بمختلف مناسباتنا بالعيلة ع أرض الدامون .. بالاضافة للزيارات المتكررة للأرض خلال أشهر السنة".

بقعة الأرض التي يقصدها الدامونيون معروفة، فهي باتت مهيأة لاستقبال الزوار، نظيفة، شبه ملساء نظرا لتكرار الزيارات إليها، خصوصا منذ إقامة عرس "العودة" حيث جرت تغطية الأرض بالموكيت الأخضر. بعد ذلك، باتت الفسحة سهلة، مهيأة لاستقبال الوافدين حيث يترتب عليهم تركيز الطاولات والكراسي، وعدة شغل المناسبة دون تحضير الأرض.

تحضير المناقيش بالنقش

"نختار أكلات تراثية في مناسباتنا تتوافق مع المعاني التي تقام المناسبة فيها، مثل "مناقيش الزعتر"، والمسخن وهي رغيف خبز عليه البصل والدجاج"، تفيد غدير مضيفة: “كل مرة منختار إشي معين.. هالمرة اخترنا المناقيش..”

مناقيش متنوعة تنتظر نداء الفرن

تبدأ الورشة بتوزيع المهام التي باتت منظمة بصورة تلقائية وفق خبرة كل مشترك من رجال، ونساء، وأطفال، هذا يحضر العجين، ويمده بالشوبك، وذاك يحضر الخضار، ثم يأتي من يدخل المنقوشة الطرية بالفرن المعد لطبخها، أو شيِها، وثمة من يهيء المسجل للغناء، وتأمين التيار له من بطارية الشاحنة التي تقل الأغراض، ويشارك في الحلقة عديد من الأشخاص.

سيدة تستذكر بلدتها في مناسبة إعلامية

وتفيد غدير أن "العدد يتعلق بالموجودين بالأرض، والزائرين لها، يمرون قربنا، فنعزمهم، وغالبا ما يلبون الدعوة، ويحبونها، ومن تترامى إليه زيارتنا، حضر للتفرج والمشاركة، حيث يتمتع الجميع بمناسبة "العودة" مهما كان طابعها، ونوعها لأن الناس يحبون أن يشاهدوا هذا الأسلوب بالانتماء".

عين الدامون

يجول الدامونيون في بلدتهم إثر تدميرها وتهجيرها، وبات شيء منها مستعادا بالتدريج، مقر العين التي بنيت حولها جدران تؤكد على وجودها لكنها "مغطاة لأن الدولة قطعت مياهها، كما نزور بقايا معصرة الزيتون، وأماكن أخرى، ولا ننسى التوجه إلى حقول الصبار الواسعة، فنقطف ما تبقى من ثمار الصيف”.

يتربيان في كنف الدامون

عن حدوث عرس آخر في الدامون منذ عرسها الأول، نفت غدير "حدوث عرس حتى اللحظة، وليس ما يمنع قيام عرس آخر، نتوقعه قريبا، رغم صعوبات التحضير له، من تغطية الأرض، وتمديد شبكة الكهرباء، والإنارة، وتجهيز الموقع بكل متطلبات العرس الكثيرة”.

من بقايا الدامون

الدامون

قرية تقع 11 كم جنوب شرق عكا.وكانت إحدى القرى الكبيرة ضمن القضاء , وشكلت طريقا ومحطة تجارية للمسافرين الذي قصدوا نبعها أثناء سفرهم، ونسبة لموقعها الاستراتيجي الذي يربط بين الشمال والجنوب.

أراضي الدامون كانت مزروعة بالبساتين، والحبوب، ووصلت مساحة الأراضي الصالحة للزراعة 17,074 دونم. وكان عدد المنازل فيها سنة 1931 حوالي 183 منزلا وفي عام 1948 وصل الى 303 منازل.

احتوت الدامون حتى عام 1948 مدرستين ابتدائيتين حتى الصف الرابع، وفيها مسجد بني سنة ( 1722 – 1723 )، يقع وسط البلد له سور عالٍ من الحجارة الرملية الصلبة، وكانت له قبتان، وبابه من الجهة الشمالية، يفضي الى ساحة مبلطة بحجارة مسطحة، وداخلها بئر للجامع.

فيروز تجسد النكبة: حل الليل على الفلوات فأين ننام..

وكنيسة الدامون توازي الجامع قدما، وتقع في الحارة الشرقية وهي ذات بناء مرتفع من الحجر الرملي القديم، وكان لها باب كبير يفتح للشمال، وبرج، وجرس.

قبل النكبة، كانت الدامون بلدا عامرا عمل أهلها في الزراعة، واشتهروا أيضا بحرفة حياكة الحصر، وعصر الزيتون، وطحن الحبوب في معصرة، والتجارة، والتعليم، وحرف أخرى.

شارك أهل الدامون في ثورات فلسطين على الانتداب، وفي ثورة 1936، وكذلك في الدفاع عن القرية في ال 48، وسقطت بعد سقوط عكا، والبروة، وتعرضت لقصف شديد فخرج سكانها إلى الكروم، والقرى المجاورة آملين العودة إليها، إلا انهم أفاقوا على بلدتهم، وقد هدمت ومنعوا من العودة اليها، وهدم المسجد، والكنيسة، والمدرسة، والبيوت المتبقية أوائل الخمسينات، حيث أعلن عنها منطقة مغلقة، وانتشر أهلها في بعض بلدات وقرى الداخل، وفي مخيمات ومدن لبنان وسوريا، والمهاجر.