ندى الحجاري ... موهبة أدبية مبكرة في المغرب

ندى الحجاري موهبة أدبية مُبكرة. ظهرت في المشهد الإبداعي المغربي بكامل الحماس والطموح فأصدرت ديوانها البكر "تحَمّلْني" الذي احتُفي به مؤخراً في مكتبة الساروة بوجدة. حلّت ندى ضيفة على الصفحة الثقافية في الميادين نت، وهنا نصّ الحوار الذي أجراه معها ميلــود لقاح.

ندى الحجاري

أنت إبنة قاصّة هي بديعة بنمراح ووالدك عبد القهار الحجاري قاص وموسيقي له اهتمامات متنوّعة... ما الذي أضافه إليك هذا الوسط الثقافي الذي نشأتِ فيه؟

أجد أنني محظوظة جداً، فبفضل والديّ وقعت في حبّ الكُتب. كنت أنظر لمكتبتنا المتواضعة بلهفةٍ وأنتظر متى أكبرُ لألتهم كل كتاب منها، ويسعدني أني تشرّبت الموسيقى بفضل أبي، ما انعكس على كتاباتي لاحقاً، ولولا احترامهما للكتابة ولحرية التعبير وتشجيعهما لما تجرّأت على إخراج كتاباتي للوجود.

ندى الحجاري

كان مُنتظراً أن تصدري مجموعة قصصية، فإذا بك تفاجِئين القراء بديوان شعر، لماذا هذا الانتقال من السّرد إلى الشعر؟

عندما فُتِح أمامي باب النشر، كانت قصائدي أوفرُ حظّاً من القصص القصيرة، ويعود هذا لعددها، إذ توافر لديّ ما يكفي لديوان، أما قلمي فلم يهجر السرد أبداً.

قالت الدكتورة جميلة رحماني إنكِ "تخلّصت من سلطة القصّ" وكتبت الشعر. وأنا أقول إنك كتبت قصائدك بلغة السرد! ما رأيك؟

السرد لا ينفصل عن الشعر انفصالاً تاماً، إنما النقّاد يفصلون بين الجنسين فصلاً منهجياً، فالسرد يتحوّل في الشعر إلى عنصرٍ للتعبير ضمن لغة الشعر، نجد هذا في المتن الشعري قديمه وحديثه، في المُعلّقات مثلاً في الوقوف على الطلل وسرد رحلة الصيد ووصف الظعينة. ويكفي أن نرجع إلى كبار الشعراء لنلمس هذا واضحاً عند امرىء القيس والمُتنبي وأبي نوّاس ونزار قباني ومحمّد السرغيني وأدونيس.إنما السرد هنا خاضع للشعر يخدمه ويؤدّي وظيفة التعبير عن وجدان الشاعر.

هناك جُرأة لغوية تلفّ نصوصك. هل تشعرين أن هذه الجُرأة تضيف شيئاً إلى النصّ الإبداعي؟

الجُرأة التي تُفرَض على النصّ من خارجه تُسقط الإبداع في التكلّف والابتذال، وتكون هدفاً في حدِ ذاتها، أما الجُرأة التي تلفّ نصوصي فهي نابعة من صُلب النصّ، فأنا أكتب عفواً عن مواقف إنسانية وجدانية وشعرية مُتحرّرة من سلطة الرقابة، فالشعر إن كان ذاتياً في المنطلق فإنه لا يندرج ضمن صيرورة التقدّم والحَداثة ما لم يتحرّر من الرقابة كيف ما كان ضربها.

ندى الحجاري

قصائد ديوانك " تَحَمَّلْني" تندرج ضمن قصيدة النثر. ألا تشعرين أنك قفزت على شكلين شعريّين مهمين مرَّ عبرهما أغلب شعراء الحداثة؟

أبدع الشعراء القدامى قصائدهم الخالدة عفواً وتفنّنوا فيها موسيقياً وجمالياً ولم يكن بعد قد ظهر عِلم العروض إلا لاحقاً على يد واضعه الخليل بن أحمد الفراهيدي في القرن الثاني الهجري (100 ـ170 هـ)، وحتى حين ظهر العروض لم يصبح معيارياً بصفة مُطلقة، إذ تشرّب الشعراء قوانين موسيقى الشعر ضمنياً عبر مخزون الذاكرة الشعرية، ومن طبعي أنني لا أحب إخضاع شعري لمعياريّة صارِمة مُسبَقة تُقيِّد حريّتي كشاعرة.

وهل حـدَّ العروض من حرية درويش ودنقل والروّاد وأحمد المجاطي وغيرهم؟

لا يحدّ العروض من حرية الشاعر إذا كان يخرج عفواً وبداهة من دون صنعة مُبالَغ فيها، وقد وجدتني أميل إلى قول الشعر من دون إخضاعه وليِّ عنقه كي يتوافق مع "ميزان الذهب".

ديوان "تحَمّلْني"

مُصطلح "الأدب النسائي" أزعج عدداً من الكاتبات في المغرب وخارجه مُعتبرات ذلك إجحافاً وتضييقاً لكتاباتهن. هل يُقلقك هذا المُصطلح؟

لوضع المرأة في المجتمعات المُتأخّرة خصوصية تتمثّل في الاضطهاد المُزدوج: طبقي وجنسي، في حين لا يعاني الرجل إلا من الاضطهاد الطبقي. هذا الاضطهاد المُزدوج يدفع المرأة الكاتبة أن تفرض رقابة على قلمها قبل حتى أن تخرج كتاباتها للوجود، فما تكتبه النساء غالباً ما يُنظر إليه كاعترافات موقّعة. النساء أكثر حذراً من الرجال في الكتابة، لكننا نطمح لغدٍ يُنظر فيه لكلا الجنسين كإنسان، كي نتحدّث حينها عن أدب إنساني.

ما هو مشروعك الإبداعي مستقبلاً؟

لم أخطّط بعد، لكن مجموعتي القصصية قد اكتملت، ولديّ ما يكفي لديوانٍ ثانٍ.

 

ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك التحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]