سلاح من العفن

لن يعدم شعب مصمّم على الحصول على حريته من المغتصب وسيلة لمقاومة العدوان وتحقيق الردع لعدوه، فالحرية هي الحياة.

  • سلاح من العفن
    سلاح من العفن

ينفّذ أحمد ورفاقه من المقاومين الفلسطينيين الكثير من العمليات الفدائية ضد العدو الإسرائيلي أثناء الاجتياحات الأخيرة ضد غزّة. مرّغوا أنف إسرائيل في التراب رغم وحشيّة الهجوم وكثرة الشهداء والمصابين.

أحدثوا جرحاً وإحراجاً كبيراً للعسكرية الإسرائيلية، وسبّبوا لهم رعباً من هدم جدار الردع بينهم وبين الفلسطينين.

كانوا يفاجئون القوات الإسرائيلية بالهجوم من الخلف بعد الخروج من الأنفاق خلف القوات المهاجمة ويمطرونهم بطلقات الرصاص السريعة ومن خلال القنابل الدخانية يختفون كما ظهروا فجأة، فلا تجد القوات الإسرائيلية لهم أثراً.

في العمليات الأخيرة فوجئوا بقذائف تتبعهم داخل النفق ثم تنفجر فيهم وتهدم النفق على رأس من فيه. إستطاع المقاومون الحصول على تلك القذائف وبالتالي تم إرسالها لمعامل البحوث والتطوير في غزّة. اكتشفوا أن تلك القذائف تتبع إفرازات الجسد البشري للمقاومين حتى تصل إليهم ثم تنفجر.

إستخدموا أكياساً يبولون فيها ثم يعلّقونها على الأشجار القريبة من الموقع الذي ينوون الهجوم عليه، وعند الهروب كانت الصواريخ تخطئ المقاتلين وتنفجر في تلك الأشجار في موقع الهجوم. ألقت إسرائيل بالقنابل الفوسفورية على أفراد المقاومة فتلتصق تلك القنابل بأي شيء وتحترق حتى لا يتبقى منه شيء. فجأة ظهر في المعركة تطوّر جديد لصالح المقاومين الفلسطينيين، فقد ظهرت القنابل الفوسفورية بأيديهم هذه المرة. كانوا يلقونها على المواقع الإسرائيلية فيفرّ الجنود صارخين مرعوبين وهم يحترقون أمام زملائهم، فلا يستطيعون نجدتهم ولا مساعدتهم.

إحتار الإسرائيليون من أين أتى هذا السلاح الجديد، فلا دولة عربية ولا إسلامية تنتجه، إنهم يعدّون على الفلسطينيين أنفاسهم فكيف وصل ذلك السلاح إليهم وهم قلّة مستضعفة يأتيها الضرب من كل مكان. إستطاعت المخابرات الإسرائيلية كشف موقع المعمل الذي ينتج تلك القذائف التي تطلق من مدافع الهاون، فدمّرته عن آخره. بعد أقل من يومين عادت هذه القذائف لتظهر من جديد في يد المقاومين، وكأنهم تلقّوا دفعة جديدة من تلك القنابل الفتّاكة. ذهب أحد القادة العسكريين في الدول العربية العريقة في التصنيع الحربي إلى فلسطين لينقل لإسرائيل سرّ هذا السلاح الجديد. هناك رأى ما لم يتخيّله أحد، وسمع عن قصة عجيبة غريبة حكاها الفلسطينيون عن حُسن نيّة.

إلتحق حمد بكلية العلوم رغم حصوله على درجات تقترب من الدرجات النهائية تؤهّله لدخول كليات القمّة. حين دخل قسم البيولوجي كان يبحث عن أسرار علم الحياة والموت، كان بحثه الدائم عن أكسير الحياة الذي يعطي للإنسان الأبدية. كان يسأل: كيف يمكن للأمّة أن تقفز فوق آلامها وتعبّر المستحيل للخروج من الحرب المفروضة عليها؟. كان يعتقد في قرارة نفسه أن روح الله التي أودعها الإنسان فيها السر، وكان يحدّث نفسه أن سر الموت يكمن في داخل الجسد، وأن سر الخلود يكمن أيضاً داخله، و قد تشي به المكوّنات الخارجة من جسد الإنسان.

أصبح لديه يقين أنه سينجح في الحصول على هذا الأكسير من تلك المخرجات، رأى أن الوسيلة الأسهل هي في البحث في بول الإنسان.

لم يحس بالاشمئزاز من هذا الناتج وبدأ في تجميع كميات كبيرة منه. قام بتسخين بوله في المعمل الذي أقامه داخل منزله، وكل يوم يضيف إليه جديداً ثم يعيد التسخين إلى أن حصل على كمية كبيرة من الملح المتبقي من التبخير. إستمر في التسخين على أمل الحصول على هذا المنتج الذي يحمل طاقة الخلود. فجأة حدث انفجار كبير في المعمل صعدت على إثره كميات كبيرة من الدخان له لون برتقالي فصرخ في سعادة، طاقة الخلق، سقط على أثرها بعد أن أصابه انفجار مباشر في وجهه. سارع الأهالي بعد سماعهم الانفجار إلى شقته التي كانت عبارة عن بدروم تحت الأرض، وكانوا يشكون في جنون هذا الطالب.

هذا الطالب الذي يسير من دون تصفيف شعره، ولا يكوي ملابسه، ولا يلمّع حذاءه، ولا يلقي السلام ولا أية تحية على جيرانه أو أصحاب البيت.

كانوا يشمّون روائح كريهة تنبعث من شقته سيئة التهوئة، واعتقد أهل المنطقة أنه ربما يحضّر الأرواح، ويسخّر الجن. عندما اقتحم الأهالي شقته قابلتهم رائحة البول المركّزة التي تصيب أي إنسان بالغثيان، ففتحوا بسرعة الأبواب والشبابيك وبحثوا عنه فوجدوه غارقاً في دمه تحت المنضدة، فنقلوه إلى الخارج واستدعوا سيارة الإسعاف وأبلغوا الشرطة بالأمر.

استعانت الشرطة ببعض الفنيين لمحاولة استجلاء الأمر، فلم يصلوا إلى نتيجة، فانتدبوا بعض الخبراء لإجلاء الحقيقة. كتب الخبراء في تقريرهم إن الطالب قام بتحضير عنصر الفوسفور من تقطير البول، وبعد تكوّنه وانفجاره سبّب الفوسفور حروقاً شديدة وعميقة ومؤلمة للمُجنى عليه لدى ملامسته الجلد، واستمر في الاشتعال حتى وصل إلى العظام. لقد استخلص الفدائيون الفوسفور من تبخير بول البشر والدواب، كانوا يركّزونه بالتسخين حتى يحصلوا على الفوسفور من البول ثم يستخدمونه في صنع القنابل الحارقة. كما أنهم استفادوا من تجارب الطالب نفسه في صنع البارود أو الصخر الأسود من براز الطيور بعد وضع جزء من هذا البراز ضمن سلسلة غذائها. لن يعدم شعب مصمّم على الحصول على حريته من المغتصب وسيلة لمقاومة العدوان وتحقيق الردع لعدوه، فالحرية هي الحياة.

 

ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك التحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]