صديقك المُقرّب
لافت إن أياً من رجال الدين في القداس لم يكونوا على المذبح. المشهد يقتصر على أصوات تراتيل المُصلّين من خلف الستارة، تتداخل أصوات رجال الدين مع المُرتّلين وأيضاً بالسريانية.
في عظة القداس استوقفتني كلمات قالها قداسة البطريرك تحمل درساُ أو عبرة.
كنّا
أول الداخلين إلى كنيسة السريان الأرثوذكس في حي باب توما في العاصمة دمشق ، لم
يسبق لي ولا للزميل هشام منتج برنامج دمشق العرب حضور قداس للسريان، أردنا أن
نلتقي قَدَاسة البطريرك مار إغناطيوس إفرام الثاني هو ضيفنا في آخر حلقات البرنامج
بتغطيتنا، لقاء اتفقنا أن يكون عقب القداس الذي سيرأسه حتى يحسم أمر المشاركة معنا
رغم أنها كانت شبه فارغة، أي الكنيسة إلا أننا آثرنا الجلوس في الخلف في أقصى
اليسار، ياترى كم وقت القداس سألنا بَعضنا لم نكن نعلم ، من باب الفضول أو
الاستكشاف لا أدري لكن كانت عينانا تجول في كل مكان، بسيطة هي أول كلمة تقفز إلى
رأسك لوصف الكنيسة ، أجراس محمولة صغيرة مصفوفة بشكل دائري على عصا ذهبية اللون
يحملها فتى تُعيدك إلى حضرت المكان برنينها فجأة ، التراتيل بأصوات الحاضرين
تثبتك فيه لم ننتبه أن عدد الموجدين زاد حتى أن الكنيسة امتلأت عن آخرها فيما يقف
آخرون لم يجدوا مكاناً ليجلسوا،الكل يُرتّل بلغة السريانية لا نفهم اللغة
السريانية مافهناه حال الروحانية العالية أو هذا ما شعرنا به الصوت الواحد
كان يريد أن يقول ربما مع بَعضنا باقون، في سوريا يوم الأحد ليس يوم عطلة فإن
تجد الكنيسة مملوءة عن آخرها صباحاً فهذا يعني الكثير أو يُراد أن يُقال فيه
الكثير ،لافت إن أياً من رجال الدين في القداس لم يكونوا على
المذبح المشهد يقتصرعلى أصوات تراتيل المُصلّين من خلف الستارة تتداخل أصوات
رجال الدين مع المُرتّلين وأيضاً بالسريانية ، مجدداً تعود أصوات الأجراس تفتح
الستارة ويخرج رجال الدين ومعهم البطريرك يحمل مبخرة يُحرّكها إلى الأمام والخلف
لا يمكن إلا أن تشعر بالرهبة، في عظة القداس استوقفتني كلمات قالها قداسة البطريرك
تحمل درساُ أو عبرة حيث قال سال ناموس وهو الرجل الفاهم والمتعمّق
بالكتاب المُقدّس، سال سيّدنا يسوع من اتخذه صديقاً الجواب جاء على شكل
قصة في خلاصتها صادق من يبادر ويبادلك الرحمة وأن كان يختلف عنك أياً كانت
أسباب أو أنواع الاختلاف حتى وإن كان مصنفاً عدوك اختره ، قلت بصوت هامس
جميل السيدة الخمسينية التي كانت تجلس الى جانبي بعد أن غيّر مكانه الزميل هشام ،
لمّا لاحظنا أن الرجال جلسوا في صف لوحدهم لا نعرف إن كان عرفاً أو تقليداً لكننا
انسجمنا مع المشهد السائد ، تلك السيّدة قالت اهلاً بك ، واضح إنها تعرف أنني لست
من السريان الأرثوذكس ربما على مافهمت أرادت أن تقول لي ممكن أن تكون صديقي المُقرّب
ربّتت على كتفي وتابعت الاستماع في وقت
القداس الذي لامس الساعتين ونصف الساعة ، فسحة لابد منها إن كنت تودّ أن تتعرّف
سوريا حيث الكل صديق مُقرّب للكل.