الأزمة الخليجية: الرابح والخاسر
هي لا شك إحدى أعنف الهزّات السياسية التي ضربت منطقة الخليج. وتاريخُ الخامس من حزيران/يونيو لم يعد ذكرى أليمة تستحضر نكسة العرب عام 67 فحسب، بل أصبح يشكّل يوماً مفصلياً عند أبناء الخليج، ما قبله ليس كما بعده. صحيح أن شرارة الأزمة الأخيرة بين قطر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين ومعها مصر من جهة ثانية، انطلقت قبل عام من الآن بتصريحات لأمير قطر قالت الدوحة إنها مفبركة نتيجة اختراق وكالة الأنباء القطرية، وفيها يَتحدث الأمير بإيجابية عن إيران وحماس وحزب الله، إلا أنّ جذور التوتر تعود إلى عقود خلت، وآخرُها كان ما عُرف بأزمة سحب السفراء عام 2014. الخطير في الأزمة الحالية ليس فقط تداعياتُها السياسية، وإنما الإفرازات الاقتصادية والاجتماعية والعائلية التي نجمت عنها. فقد طالت المعتمرين والطلاب والأسَر وقيم التسامح والتصالح وصلات الرحِم التي لطالما جمَعت دول الخليج وأبناءه. تنفي قطر عنها تُهمَ دعم الإرهاب وتقول إنها مستعدة للحوار ولكنْ من دون إملاءات وليس على حساب السيادة القطرية، بينما تتمسّك الدول المقاطِعة لها بموقفها بأنّ على قطر تنفيذ سلسلة مطالب وصفها البعض بالتعجيزية، وان تتخلى عن دعم الإرهاب وتكونَ منسجمة مع محيطها الخليجي. أما الأخطر فهو عودة الحديث عن الخيار العسكري ضد قطر بحسب ما تنقل صحيفة لوموند الفرنسية. هل هذا محتمل أم إنه يأتي في إطار الحرب النفسية بين الطرفين؟ وماذا عن مشروع قناة سلوى التي ستعزل قطر تماماً وستحولها إلى جزيرة فيما لو نفّذ المشروع؟ ما جدوى مجلس التعاون الخليجي بعد الآن؟ لماذا لم تعمل واشنطن -حليفةُ الأطراف المتنازعة- على حلّ الأزمة؟