"وادي الأحاسيس": حدائق زهور وعطور مفيدة للإنسان

جفاف الوادي أتاح لمؤسس القرية التفكير بالاستفادة من امتداد واسع من أرضه الموازية للوادي، وعلى مستواه، فحوّل بيئة الوادي من مجرى للمياه الآسنة، إلى منتزه في حقول مترامية للنباتات العطرية.

  • "وادي الأحاسيس": حدائق زهور وعطور

"وادي الأحاسيس" مبادرة جديدة تنضم إلى عالم قرية بدر حسون البيئيّة، وهي تؤشّر إلى البعد "البسيكولوجي" الذي يربطه بالعطور، وما لها من تأثير على أحاسيس الانسان ومشاعره.

الأحاسيس حاضرة في هذا المكان التراثي العريق، ولعل المبادرات المتجدّدة على الدوام في هذا المكان، وانضمام وادٍ  يثير التساؤل عن ماهيّة الوادي، من هنا كانت جولة مع حسون في المُتَّسع الفسيح اللصيق بقريته في منطقة ضهر العين الكورة شمال لبنان لتوضيح حقيقة الفكرة.

مجرى المياه الآسنة منتزه للنباتات العطرية

ترتفع قرية حسون على علو يزيد عن 50 متراً فوق وادٍ يُعْرَف  بوادي "هاب" الذي كان حتى الأمس القريب مصبّاً للمياه المبتذلة، مع انبعاثاتها الكريهة، لكن اعتراضات كثيرة أفضت إلى ضبط الوضع في المجرى إلى حدٍّ بعيد، فجفّ.

  • حسون في مشروعه
    حسون في مشروعه "وادي الأحاسيس"

أتاح جفاف الوادي لحسون التفكير بالاستفادة من امتداد واسع من أرضه الموازية للوادي، وعلى مستواه، فحوّل بيئة الوادي من مجرى للمياه الآسنة، إلى منتزه في حقول مترامية للنباتات العطرية.

يشرح حسون لـ "الميادين نت" مشروعه الذي تناهز مساحته الـ 30 ألف متر مربع، ويضم مساكب  خصّص كلّاً منها لصنف معين من النباتات والزهور والأشجار، تضم نحو 70 صنفاً جلّها من النباتات المحلية والزهور المنتشرة في البراري.

ويعدّد حسون بعضاً منها، فـ"هذا الخرنوب، وذاك القصعين، والصبّار الذي ينجم منه "الألوفيرا" المعقم، والمطّهر، والمكافح للتحسّس الجلدي، والعنبر، والمسك، والخروع، والياسمين، والفلّ، والورد المتعدّد الأصناف، والخزامى (اللافندر)، وإكليل الجبل، ودوّار الشمس وسواها الكثير.

  • خزامى وإكليل الجبل مع أشجار الزيتون
    خزامى وإكليل الجبل مع أشجار الزيتون

يفيد حسون أنّه خصّص مساحة معيّنة لكلّ صنف، ولا يختلط صنف مع آخر في البقعة عينها، وسيتم تزويد كل بقعة بمُقَطِّرة خاصة مع مستتبعاتها كي لا تختلط الروائح والعطور، فتبقى بذلك محافظة على جودتها. 

مكان مُتاح للزوّار

منذ أن بدأ حسون بتأسيس أرضية فكرة الوادي، وزرعها بالنباتات العطرية، بات الوادي مساره شبه اليومي، مع بعض أصدقاء وأقارب "حيث نعيش أجواء حالمة، وسط الزهور والعطور الخفيفة المنبعثة منها راهناً لأن النباتات ما زالت صغيرة، لكن متى كَبُرَت، ستفوح منها الروائح القوية التي تعبق بالوادي"، كما قال، مردفاً إن "الوادي سيكون مُتاحاً للزوّار للتمتّع بجولة خلّابة، في طبيعة جميلة عطريّة، يتعرفون فيها على الأصناف، وروائحها، وما يفيد كلٌ منها صحيّاً، وليس فقط على مستوى المتعة".

  • حدائق زهور وعطور
    حدائق زهور وعطور

 

فكرة الوادي ليست بجديدة عند حسون، على ما يُظهر مستوى الاهتمام بها، وأعمار النباتات الموجودة، المتراوحة في مدى عدة سنوات، عمل عليها، وطوّرها بالتدريج، وباتت معالمها كوادٍ حقيقة واقعة، فكانت مناسبة مؤاتية لوضع حجر الأساس لها، وإطلاق فكرتها على العامة. 

حجر الأساس... مناسبة وطنية جامعة

وفي ظروف لبنان الراهنة، شاء حسون أن "تكون مبادرة وضع حجر الأساس وطنية جامعة"، كما يقول، فـ "دورنا يتركّز تحت سقف الدولة"، وبهذا الشعار نستطيع لمّ شمل اللبنانيين، والخروج من التوترات والانقسامات التي نعيش".

 لذلك تمنّى على البطريرك الماروني بشارة الراعي أن يرعى وضع حجر الأساس للوادي، فلبّى الراعي الدعوة، وأقيم احتفال للغاية، بالتشارك مع وزير الاقتصاد في حكومة تصريف الأعمال أمين سلام، في حضور رئيس غرفة التجارة والزراعة والصناعة في الشمال توفيق دبوسي، وفاعليات مختلفة.

  • خلال حفل وضع حجر الأساس بحضور البطريرك الراعي
    خلال حفل وضع حجر الأساس بحضور البطريرك الراعي

أعدّ حسون استقبالاً مميّزاً للضيوف، فسار الجميع على سجادة حمراء من المدخل الخارجي وصولاً للداخل، وذلك في ظل نثر الورود والأرز، وقدّم حسّون مبادرة تصنيع صابونة خاصة جمع أعشابها ومكوّناتها من وادي قنوبين المعروف بوادي القديسين والبطاركة الموارنة، وذلك تكريماً للبطريرك الراعي الذي شارك في إعداد الصابونة. 

ثم توجه الضيوف الى المختبر حيث استمع الراعي إلى شرح مفصل عن جودة العمل من مدير التسويق أمير بدر حسون، ثم الى الباحة الخارجية حيث تمّ وضع حجر الأساس للمشروع.

 نقل صورة لبنان الحقيقية إلى العالم أجمع

وفي الباحة الخارجية لمقهى القرية، أقيمت احتفالية تحدث فيها بداية أمير حسون، منوّها ب"سعي الراعي الدائم لابراز الصورة المشرقة للبنان الشركة، والمحبة، وروح التلاقي”.

وتحدث رئيس لجنة الآثار والتراث في بلدية طرابلس الدكتور خالد تدمري عن تاريخ صناعة الصابون، مؤكداً أن "الصابون هو صناعة لبنانية، ومشرقيّة أساساً، وجرى تصديره إلى العالم من عندنا، لذلك نرى أن كلمة صابون العربية هي أساس لكل تسميات الصابون الاجنبية".

وتحدّث مؤسس القرية بدر حسّون مُعرباً عن تقديره للراعي، ورعايته، مؤكّداً على "مواصلة العمل من أجل نقل صورة لبنان الحقيقية إلى العالم أجمع". 

  • من منتجات وادي الأحاسيس
    من منتجات وادي الأحاسيس

وختم الراعي الحفل بكلمة نوّه فيها بـ "العمل الكبير الذي يقوم به حسون وأفراد عائلته". وقال: "نحن في خان الطيوب الطبيعية الانسانية، طيوب المحبة التي يتم توزيعها من خلال كل عمل تقومون به، هي الزيارة الثانية لنا لأهمية هذا المكان، وافتخارنا بإنجازاته التاريخية التي تعدّت لبنان إلى كل العالم".

وأعرب عن "تقديره للجهود التي تخدم لبنان في أبهى صوره، في الوقت الذي لا يرى العالم سوى الصور السيئة للبنان، آملاً أن يخرج لبنان من هذه المرحلة الصعبة".

وختم متمنيّاً انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة وأن يستعيد لبنان جماليته وصيته الحسن في العالم، وثروتنا في عقولنا، وفكرنا، وابداعنا، وهذه شهادة سمعناها من القارات الخمس، وخلال لقاءاتنا الكل يثبت بأن الشعب اللبناني خلّاق، مسلمين ومسيحيين".