هل ساهمت تضاريس ليبيا الجبلية في شدة الإعصار "دانيال"؟
يبلغ قطر الأعاصير المتوسطية 300 كيلومتر كحد أقصى، وهي أصغر بكثير من الأعاصير الأخرى التي يمكن أن يصل قطرها إلى 1500 كيلومتر.
قال الهلال الأحمر الليبي، صباح اليوم الخميس، إن عدد المفقودين نتيجة السيول والفيضانات التي ضربت شرقي البلاد تجاوز 10 آلاف شخص.
وأعلنت السلطات الليبية مدينة سوسة الواقعة شرقي البلاد مدينة منكوبة، عقب تعرّضها لفيضانات وسيول عارمة من جراء العاصفة "دانيال" المتوسطية التي ضربت منطقة شرقي ليبيا.
ولا تزال ليبيا تحت وقع الصدمة في أعقاب الفيضانات الكارثية التي خلّفت آلاف الوفيات والمفقودين ودمّرت مدينة درنة في شرقيّ ليبيا.
وصرّح وزير الطيران المدني الليبي وعضو لجنة الطوارئ في حكومة شرق ليبيا، هشام شكيوات، لوكالة "رويترز" بعدم وجود حصيلة إجمالية للوفيات في درنة.
وأشار شكيوات إلى انتشال أكثر من 1000 جثة في المدينة، مؤكداً أنّ عدد القتلى كبير و"الجثث في كل مكان".
وتابع: "لا أبالغ عندما أقول إنّ 25% من المدينة قد اختفى".
ظهر مصطلح الإعصار المتوسطي (Medicane) في الثمانينيات عندما تم اكتشاف تشكيلات سحابية تشبه "الإعصار" في صور الأقمار الصناعية فوق البحر الأبيض المتوسط في أشهر الخريف. وهي ذات شكل حلزوني وفي وسطها منطقة خالية من السحب تسمى "العين". ومثل أي إعصار، تدور الغيوم والأمطار الغزيرة حول هذه العين.
ومن هنا جاء الاسم المركّب من المقطع الأول لكلمة البحر الأبيض المتوسط (Mediterranean) والمقطع الثاني من كلمة إعصار (Hurricane).
كيف ينشأ الإعصار المتوسطي؟
ورد في تقرير نشرته وكالة DW الألمانية أن هذا النوع من الأعاصير يظهر بشكلٍ أساسي في فصل الخريف، ولكنها يمكن أن تحدث أيضاً في فصل الشتاء. وهي تنشأ عندما يتدفق الهواء البارد من خطوط العرض المعتدلة باتجاه خط الاستواء، ويتشكّل ما يسمى بالمنخفض القطعي (Cut off low) في طبقات الهواء العليا.
وبسبب الصيف شديد الحرارة، لا يزال البحر الأبيض المتوسط دافئاً جداً. وعندما تكون درجة حرارة الماء أكثر من 24 درجة مئوية، يتكثّف الكثير من بخار الماء وتتشكّل دوامة سحابية.
"الوضع يزداد سوء في ليبيا من جراء الفياضانات الحاصلة، ولا يمكن إحصاء عدد الضحاية نيتجة الطرقات المغلقة في درنة."
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) September 12, 2023
الكاتب والمحلل السياسي محمد محفوظ لــ #الميادين #ليبيا #تضامنا_مع_ليبيا pic.twitter.com/p8zAQop0OK
وعادة ما تصل مثل هذه الدوامة إلى سرعة رياح العاصفة الاستوائية (63-118 كم/ساعة). وتتسبّب الكتل الهائلة من المياه المرافقة بفيضانات مدمّرة.
يبلغ قطر الأعاصير المتوسطية 300 كيلومتر كحد أقصى، وهي أصغر بكثير من الأعاصير الأخرى التي يمكن أن يصل قطرها إلى 1500 كيلومتر.
إضافة إلى ذلك، فإنها تتبدّد عادة بعد بضع ساعات، ونادراً ما تستمر لمدة يومين، في حين أن الأعاصير الأخرى يمكن أن تستمر في كثير من الأحيان لمدة أسبوع كامل.
التضاريس الجبلية تزيد الطين بلة
وضرب "الإعصار دانيال" بشدة بشكل خاص مدن درنة والجبل الأخضر الساحلية، وأيضاً مدينتي المرج وسوسة. كما تأثرت مدينة البيضاء ومدينة بنغازي الساحلية المهمة.
ويرجع الدمار الكبير بشكل جزئي إلى التضاريس، إذ توجد خلف الشريط الضيّق جداً من الأراضي الساحلية المنخفضة هضبة جبلية ترتفع بشكلٍ حاد في قوس طويل يبلغ طوله نحو 300 كيلومتر.
#درنة من الجو بعد دمارها#ليبيا #انقذوا_ليبيا pic.twitter.com/0MMGTpkOHu
— درنة زووم Derna Zoom (@dernazoom) September 13, 2023
ويتراوح متوسط ارتفاع الهضبة بين 400 و600 متر، وأعلى نقطة تصل إلى 880 متراً. الجانب الشمالي، الذي ينحدر بشكلٍ حاد نسبياً نحو البحر الأبيض المتوسط، صخري ووعر للغاية، وتعبره العديد من الأنهار ومغطى بتربة حمراء فضفاضة.
تساقطت السحب المحمّلة بالأمطار الغزيرة على هذه الهضبة المرتفعة. ولم تتمكّن الجداول والأنهار من امتصاص كتل المياه، فانحدرت المياه إلى الوادي في شكل فيضانات مفاجئة.
وحاصرت الفيضانات المدن في الشريط الساحلي الضيق. ولم تعد السدود قادرة على تحمّل الضغط، فغمرت المياه مساحات شاسعة في وقت قصير جداً.