مسارات طبيعية لبنانية متنوعة بين القبيات والهرمل

اعتُمِدت "السلحفاة" رمزاً للدورة الحالية إشارة إلى ما تتعرض له البيئة الحيوانية من اعتداءات، إن بالصيد، أو بضرب مواطنها الطبيعية، خصوصاً الغابات التي تتعرض لأبشع أنواع القطع والحرائق حتى باتت الكثير من الأراضي الريفية جرداء متصحّرة.

  • شعار  بيئي في المهرجان
    شعار بيئي في المهرجان

اختتمت الجولة الأولى من الدورة الخامسة لمهرجان "ريف" السينمائي-البيئي في القبيات، أقاصي الشمال اللبناني، على أن تنطلق الجولة الثانية منه الثامن من الجاري، وتستمر حتى العاشر منه في الهرمل البقاعية.

وينظم "ريف" مجلس البيئة في القبيات، بالاشتراك مع مؤسّسة "أفلامنا"، وبالتعاون مع مجموعة "كهربا"، ولامي كونسرفتوار، وتجري فعالياته البيئية بين غابات القبيات-عندقت-عودين- بيت جعفر، وفي نهر العاصي-الهرمل، وغاباتها، وبيئتها الطبيعية. 

في الجانب البيئي المباشر شهدت الجولة الأولى العديد من الأنشطة البيئية، والجولات في الغابات، والمحاضرات وورش العمل المتعلقة بالشؤون البيئية العامة، وقد اتخذ المهرجان عنوان "تحوّلات" شعاراً له لما تشهده الطبيعة والحياة العامة من تحولات بيئية، أبرزها  "التحولات التي طرأت على المستويات الجيولوجية، والمناخية، وتلوث المياه، والتصحّر الناجم عن الحرائق، والجرف المديني، وهجرة الحيوانات، كعوامل أدت إلى تحولات ديمغرافية، وثقافية متعدّدة".  

واعتُمِدت "السلحفاة" رمزاً للدورة الحالية، في إشارة إلى ما تتعرض له البيئة الحيوانية من اعتداءات، إن بالصيد، أو بضرب مواطنها الطبيعية، خصوصاً الغابات التي تتعرض لأبشع أنواع القطع والحرائق حتى باتت الكثير من الأراضي الريفية جرداء متصحّرة.

واللافت بالمناسبة، أن نسبة الحرائق التي ضربت لبنان هذا العام كانت الأقل من سابقاتها، رغم أن نسبة الحرّ كانت طوال معظم الصيف شديدة الارتفاع بما هو غير مسبوق، ويعزو خبراء البيئة السبب إلى عنصرين: شحّ الغابات، وتراجع كميات الأشجار التي احترقت في السنوات الماضية، من جهة، وغياب الرقابة حيث تستباح البقية الباقية من الغابات بالقطع من دون حسيب ولا رقيب.

  • مسار بيئي
    مسار بيئي

ويرى منظّمو المهرجان أنّ "امتداد المهرجان إلى الهرمل، بالتعاون مع منتدى التراث والثقافة - الهرمل، يساهم في تعزيز الروابط بين منطقتين متجاورتين حول التحدّيات المشتركة المتعلّقة بالبيئة، وسيكون نهر العاصي في قلب هذه اللقاءات".

جولات

شهد المهرجان عدة مسارات على الأقدام، تحت اسم دروب، منها "مشوار على درب المي" شمل منطقة حلبوسة، ومزرعة زبود، ونبع الجوز أعالي جبال المنطقة، وبمشاركة عشرات الناشطين البيئيين من مختلف مناطق لبنان.

اطّلع المشاركون على ما آلت إليه أوضاع المياه التي جفت بعض ينابيعها، على مسافة تزيد على الـ 7 كيلومترات. 

وأقيم لقاء تمحور حول الجيولوجيا، فحاضر الدكتور عطا الياس عن التحولات الجيولوجية في لبنان وفي العالم، مع أمثلة عن مشاهدات وإشارات هذه التحوّلات وما تتركه من بصمات في الطبيعة وفي المناظر.

ثم كانت جولة ميدانية للمشاركين مع الدكتور الياس لاستكشاف التحوّلات الجيولوجية على الأرض في أعالي المنطقة الجبلية في  محميّة كرم شباط، وعلى خط فالق اليمونة ومتغيّراتها.

وأقيم "الدرب الفني" مع  "مجموعة كهربا"، بالتعاون مع الصالون الثقافي في القبيات، وبيت الفنان-حمانا.

جرى الدرب في وادي حلسبان في القبيات، وانطلق المسير على الأقدام، والمحطة الفنية الأولى كانت مع موسيقى البزق قدّمتها فرح قدّور. 

استراحة أمام بيت عتيق على صوت العود مع العازف أسامة عبد الفتاح، ثم إلى دير مار شليطا حيث أدت مغنية الأوبرا منى حلّاب بعضاً من فنها.

وقدّم الحكواتي نسيم علوان قصة الإله بان الإغريقي الذي أعطى اسمه لوادي حلسبان. 

جولات الهرمل

ستشهد الجولة الثانية في الهرمل مسار "العاصي بين الأرض والمياه" في حركة تجذيف لمدة تسعين دقيقة، يسبقها لقاء تعريفي وتوضيحي حول سلامة تقنية التجذيف.

كما سيشهد مسار درب على معابر وادي نهر العاصي، يبدأ من مركز المنتدى التراثي الثقافي على ضفاف النهر، وينتهي عند الشلال التاريخي لمنطقة الحيرة. وعلى الدرب عدد من المغاور، والشلالات الجميلة.

  • مسار آخر
    مسار آخر

إضافة إلى مسار نحو تلال الهرمل، وضواحيها حيث تشكّل الصخرة الكبرى المنتصبة على ارتفاع 300 متر،  منتصف طريق المسار، الذي يعبر غابات الأرز المعمرة، وأشجار العرعر.

ندوات

شهد "ريف" العديد من اللقاءات والندوات، ومنها "فرص التحولات والتنمية في عكار" مع المفكرة القانونية، بلمحة مفصلة عن الواقع الحالي للمنطقة، من مختلف المستويات السياسة، والاجتماعية، والبيئية، والاقتصاد، وتنظيم الأراضي، وتفاعلات عكار مع محيطها.

وكان نقاش متنوّع بين الحضور والمتحدثين عن السبل الكفيلة بأن تكون التحولات إيجابية، ولا سيما رفع التلوّث عن مصادر مياه الري، والشرب، والحلول الممكنة في هذا الإطار لتفادي آثارها السلبية زراعياً واقتصادياً، وخاصة صحياً.

وندوة حول ما تبقّى من البيئة والاقتصاد مع ورشة المعارف في القبيات، كما عقدت جلسة حوار وعرض أفلام "السيادة الغذائية الآن!" من تنظيم مؤسسة روزا لوكسمبورغ - مكتب بيروت، في نظرة عامة حول كيف تؤدي الزراعة البيئية إلى السيادة الغذائية.

وشهد "ريف" مبادرات جديدة من نوعها منها "بِذار" من تنظيم "بذورنا جذورنا"، حيث شارك ناشئون في دورة تعليم على البذار والبذور من مختلف الأصناف، وتم تطبيق ما تعلموه ميدانياً.

ومبادرة "صفر نفايات"، وهي مبادرة متكررة لـ"ريف" بهدف التوعية على التخلص من الفنايات، إن بالتدوير، أو الفرز، إضافة إلى فكرة  تحويل فضلات البلاستيك إلى مقاعد دائمة للأمكنة العامة، مع أفكار أخرى. 

  • بيئيات لبنانية متنوعة بين القبيات والهرمل
    بيئيات لبنانية متنوعة بين القبيات والهرمل

كما أقيم سوق للمنتجات الغذائية  المحلية من صناعات يدوية حرفية، ذات طابع فني إلى مصنوعات أطعمة تقليدية من مربيات ومواد محفوظة.

العاصي

ويرتقب أن تعقد في جولة الهرمل، محاضرة حول تحدّيات حفظ نهر العاصي، المصدر الطبيعي والاقتصادي المهدّد بالتلوث الخطير. ويرتقب أن يقام مؤتمر مع مختلف الخبراء من الهرمل الذين سيعرضون الحلول للحفاظ على هذا المورد الحيوي، والمؤتمر من تنظيم "منتدى التراث والثقافة" في الهرمل بالتعاون مع المفكرة المحلية.