مبادرة صديقة للبيئة.. السجاد من الملابس المعاد تدويرها في تونس

تونسيون يتوجهون نحو مشاريع لإعادة تدوير الملابس، ما يساهم في تشغيل الحرفيات ويؤمن مدخولاً لهنّ.

  • صنع السجاد من الملابس المعاد تدويرها... حرفة صديقة للبيئة في تونس
    صنع السجاد من الملابس المعاد تدويرها في تونس

تمزّق نجاة سروال جينز إلى قطع صغيرة قبل أن تحوّله إلى سجاد، شأنها في ذلك شأن عشرات الأمهات التونسيات اللاتي يشاركن في مشروع اجتماعي تعاضدي لإعادة تدوير الملابس حقق انتشاراً في مختلف أنحاء البلاد.

انطلقت مبادرة "المنسج" مع الفرنسي التونسي مهدي البكوش سنة 2014، عندما طلب من عمّته نجاة في منطقة نفطة بالجنوب التونسي أن تنسج له سجاداً لمجموعة من أصدقائه.

وشرع إثر ذلك في بيع المنسوجات في المرحلة الأولى عبر شبكة "فيسبوك" عن طريق نشر صور للمنتوجات، وسرعان ما تطوّر المشروع إلى أن رأت جمعية "الشانطي" النور في العام 2016، وهي باتت تشغّل 12 حرفية في المنطقة وتضمن عائدات مالية شهرية لهنّ.

وتقول نجاة لوكالة "فرانس برس" وهي أولى المبادرات في هذا المشروع: "تعلمتُ النسج منذ الصغر مع أمّي، وكنت أنسج معها الأغطية والقشابية (لباس صوفي للرجال خلال الشتاء)".

تمرّر نجاة أناملها بين خيوط المنسج وتستذكر إبداعاتها وتصاميمها قائلة: "كلّها ابتكاراتي ومن صنع مخيلتي، رتبتُ موضع الخيوط بكل الألوان وقبلوها مني (جمعية الشانطي)".

وهي تجمع من أسواق الملابس المستعملة القريبة الطرابيش القديمة والقمصان والجوارب الصوفية، التي تستعمل كمواد أولوية لتصميم زرابي وسجاد على الطراز العصري.

ولا خشية في الجمعية من نقص في المواد الاولية، فتونس بلد تستوطنه الكثير من شركات النسيج المحلية والأجنبية. ويُعتبر قطاع النسيج مهماً في اقتصاد البلاد إذ تنشط فيه 1600 شركة لصالح علامات تجارية عالمية وتوظف 160 ألفاً من التونسيين.

نظرة مختلفة

وتقول الناشطة في جمعية "الشانطي" فاطمة الهامل إنّ مشغل الخياطة الذي أنشأته الجمعية "يصنع فرقاً كبيراً في وضع الحرفيات اللاتي كان عليهن التنقل وشراء المواد الأولية لتحقيق ربح مالي بأربعين أو خمسين ديناراً".

وبفضل جمعية "الشانطي"، التي تشتري المواد الأولية ثم تتكفل بعملية بيع المنسوج، أصبحت السجادة بالمقاسات المعيارية تؤمّن مدخولاً بـ120 ديناراً.

وعملت الجمعية على تحسين ظروف ومكان عمل الحرفيات، مع تجهيز الموقع على سبيل المثال بمكيفات لمواجهة حرّ الصيف.

وتغيّرت نظرة النساء لأنفسهن بفضل عملهنّ، وأصبح الرجال "ينظرون إلينا بنظرة جد مختلفة"، وفق فاطمة التي تشير إلى أنّ التدريبات مع المصممين توفّر لهؤلاء النسوة انفتاحاً على الخارج.

وشاركت نحو 10 نساء مؤخراً في ورشة "لمزاوجة الألوان" مع طلبة يدرسون الموضة ومصمّمين من الدنمارك، في خطوة لتحصيل خبرات وتحسين المهارات في التصميم.

"100 % تونسي" 

تباع منسوجات العاملات في محلّ عرض يطلق عليه "لارتيزانري" في العاصمة تونس، وهو مكان يجتمع فيه 7 مصمّمين ويواكبون النساء من مختلف المناطق في البلاد، خصوصاً الناشطات في مجال الخزف وتصميم خشب القصب في منطقتي عين دراهم وطبرقة، وفي تقنيات فنّ الحياكة في محافظة المهدية.

وعرضت أكثر من مئتي حرفية أعمالهن في هذا المكان الذي يعج بالألوان والديكورات خلال السنوات الأربع الفائتة.

وتباع المنتوجات المصمّمة من قبل "الشانطي" إلى "التونسيات الشغوفات بالتصميم"، أو تُصدّر إلى الخارج.

وتشتري الشركات الخاصة بعض السجادات، وقد اقتنت إحداها في العام الفائت 164 سجادة مصنوعة من بقايا سراويل الجينز وبأيادي نساء نفطة.

لكنّ أرقام المبيعات وما يُجمع من أموال لا تغطي النفقات، لذلك تلجأ جمعية "شانطي" لإقامة شراكات وتبحث عن دعم من مؤسسات ودول أجنبية على غرار "أوكسفام".