ما تأثير تغيّر المناخ على أدمغة الأطفال؟
تؤكد الدراسات أن تغيّر المناخ له تأثيرات سلبية للغاية على الصحة العامة، لكن وفق أحدث الأبحاث فإن الأطفال قد بدأ يظهر عليهم دلائل تشير إلى تأثرهم بشكل أكبر من غيرهم بعواقب التغيّر المناخي.
رصد العلماء حالات تتعلّق بتعرّض الأطفال بشكلٍ غير عادي لعواقب التغيّر المناخ وتلوث الهواء، وكلاهما يرجع إلى حد كبير إلى حرق الوقود الأحفوري.
ومن خلال دراسة النساء الحوامل وأطفالهن، أظهرت النتائج أن تغير المناخ وتلوث الهواء يتسببان في أضرار جسيمة لصحة الأطفال وتنمية العقول، حتى أثناء وجودهم في الرحم، ما جعل بعض البحثين يطالبون بتصنيف الأمر تحت بند "حالة طوارئ صحية عامة"، وخاصة بالنسبة للأطفال الذين هم، بسبب لون بشرتهم أو دخل الأسرة، الأكثر تضرراً.
وقالت فريدريكا فريرا، أستاذة الصحة العامة والباحثة بمركز كولومبيا للصحة البيئية للأطفال بالولايات المتحدة، إن تغيّر المناخ وتلوث الهواء يؤثران على نمو الدماغ بشكلٍ كبير في السنوات العشرين الماضية، بحسب مقال نشرته في موقع صحيفة التايمز.
وأفادت أن "الأبحاث ربطت الآن بين التعرّض لتلوث الهواء قبل الولادة وبعدها وبين انخفاض معدل الذكاء وغيره من المشكلات الإدراكية، واضطرابات النمو مثل اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والتوحد، والاكتئاب والقلق، وحتى التغيرات الهيكلية في أدمغة الأطفال".
وأظهرت الأبحاث أيضاً كيف يؤدي نزوح العائلات المرتبط بالمناخ إلى تعطيل تعليم الأطفال، إضافة إلى مشاكل الصحة العقلية مثل اضطراب ما بعد الصدمة والقلق والاكتئاب لدى الأطفال.
وتقول فريرا إنه غالباً ما تستمر هذه الحالات، ما يؤثر على الصحة ووظائف المخ في مرحلة البلوغ، كما أنها تضيف إلى قائمة الأضرار التي تم الاعتراف على نطاق واسع بأنها مرتبطة بتغير المناخ وتلوث الهواء مثل الأمراض المرتبطة بالحرارة والغرق والصدمات الجسدية من العواصف والفيضانات الشديدة، والولادة المبكرة وانخفاض الوزن عند الولادة والربو وغيرها من أمراض الجهاز التنفسي، مشيرة إلى أن المواد الكيميائية السامة والضغوط التي تتعرض لها الأم الحامل يمكن أن تنتقل إلى الجنين ودماغه.
وتضيف الباحثة أن ما يزيد المشكلة تعقيداً أن الأطفال يفتقرون أيضاً إلى آليات الدفاع البيولوجي التي تعمل بكامل طاقتها والتي تعمل لدى البالغين، مثل أنظمة الإنزيمات المعقدة التي تزيل السموم من الملوثات الضارة وتصلح تلف الحمض النووي.
ودعت فريرا إلى أن تتحمّل الحكومة المسؤولية الأساسية حيال الأمر، وأن تحمي النمو الفكري لجميع الأطفال وصحتهم العقلية والبدنية، ما يسمح لهم بالازدهار وتحقيق أقصى إمكاناتهم.
كما دعت المواطنين إلى انتخاب القادة الذين سيعملون من أجل وضع الحلول التشريعية والسياسية التي تفيد الأطفال لتعود بالفائدة على الجميع، إلى جانب اتخاذ قرارات ذكية بشأن الطاقة والحرارة في المنازل، والاهتمام بتناول المزيد من الأطعمة النباتية وتقليل اللحوم ومنتجات الألبان.