قصف استثنائي على لبنان: هل استخدم الاحتلال اليورانيوم؟
الفيديوهات التي عرضت الانفجار، أظهرت الغيمة الفطرية التي حامت فوق المرفأ وفوق الضاحية، إضافة إلى حجم الدمار غير المعهود الذي أحدثه القصف، وطال أماكن بعيدة من العاصمة، ومحيطها الجغرافي، مما لا يحدثه انفجار أو سلاح تقليدي.
من معركة مطار بغداد نيسان/أبريل 2004، حتى القصف التدميري للضاحية الجنوبية لبيروت، ومروراً بعملية اغتيال رئيس الحكومة اللبنانية الشهيد رفيق الحريري شباط/فبراير 2005، ثم بانفجار مرفأ بيروت الرابع من آب/أغسطس 2020، سرت أخبار عن استخدام اليورانيوم المنضّب الممنوع دولياً.
استندت الأخبار على وقائع لم تثبت صحتها بالدليل العلمي، لكنّ مستخدميها استندوا في آرائهم على مشاهدات عينيّة مثل لون الانفجار، وشكل الغيمة الناجمة عنه، والتي تشبه الفطر كما في قصف هيروشيما وناغازاكي، إلى حجم الدمار الواسع الذي تسبّبت الانفجارات به.
مطار بغداد
في مطار بغداد، كمنت القوات المتصدّية للقوات الأميركية، وألحقت بها أضرارأ فادحة، وبشكلٍ مفاجئ، بحسب ما نقلته وسائل الإعلام، انقلب السحر على الساحر، واستطاعت الأخيرة السيطرة على المطار من دون معركة تُذكر.
وجرى في حينه تداول معلومات، منها الشخصي، ومنها الإعلامي، عن التشوّهات الخلقية الغريبة لجثامين القتلى من الجيش العراقي، وصولاً إلى الظنّ باستخدام اليورانيوم، لكن منذ ذلك الحين، لم يزل العراق تحت السيطرة الأميركية، ومن غير الممكن الوصول إلى نتيجة حاسمة في الملف.
مرفأ بيروت.. والضاحية
أما بخصوص مرفأ بيروت، فإنّ اعترافات العديد من الشهود عبر وسائل التواصل الاجتماعي، أو بأحاديث خاصة، فإنهم شاهدوا طائرة تقصف من الجو، وتلتفّ بسرعة خارقة جدار الصوت، لحظة وقوع الانفجار.
وعلاوة على ذلك، فإنّ الفيديوهات التي عرضت الانفجار، أظهرت الغيمة الفطرية التي حامت فوق المرفأ لحظة الانفجار، إضافة إلى حجم الدمار غير المعهود الذي أحدثه القصف، وطال أماكن بعيدة من العاصمة، ومحيطها الجغرافي، مما لا يحدثه انفجار أو سلاح تقليدي.
في الآونة الأخيرة، وعند اشتداد القصف على الضاحية الجنوبية لبيروت، خصوصاً منها استهداف بعض قادة المقاومة، تعالت أصوات تتهم العدو باستخدام اليورانيوم، الطاقة التي تسهّل تدمير الأرض، والسقوف، واختراق الأرض إلى مسافات عميقة قد تزيد عن الـ 30 متراً.
تحذير من استخدام اليورانيوم
وأصدرت "نقابة الكيميائيين اللبنانيين" بياناً حول آثار استنشاق غبار القصف الذي تتعرّض له الضاحية الجنوبية وباقي المناطق اللبنانية، وحذّرت في بيانها من استخدام اليورانيوم المُنضّب، لأنّ "حجم الدمار واختراق المباني والأرض لعشرات الأمتار دليل على استخدام القنابل التي تحتوي على اليورانيوم المنضب (Depleted Uranium)، الذي يتمتع بقوة اختراق هائلة"، بحسب البيان.
استنكرت نقابة الكيميائيين اللبنانيين استخدام الجيش الإسرائيلي لليورانيوم المنضب في قصفه للأحياء المدنية في جنوب لبنان.
— د. جمال الملا (@DrJamal11) October 11, 2024
وحذرت النقابة المواطنين من الاقتراب من مواقع الانفجارات بسبب التعرض لليورانيوم.
لا توجد قواعد أو حدود للإبادة الجماعية الصهيونية.#Milton #PakistanCricket… pic.twitter.com/fM0xsfpFlW
أضاف البيان: "إن استخدام هذه الأنواع من الأسلحة المحرّمة دولياً، وخصوصاً في العاصمة بيروت، المكتظة بالسكان، يؤدي إلى دمار هائل، كما أن غبارها يتسبّب بالعديد من الأمراض، خاصة عند استنشاقه”.
وحذّر البيان المواطنين من "عدم الاقتراب من المناطق التي تتعرض لهذا العدوان بقطر يتجاوز الكيلومترين، أما بالنسبة للمرغمين على الاقتراب، الالتزام بوضع كمامات مختصة للمواد الكيميائية”.
وطالب مجلس النقابة في بيانه المجتمع الدولي وقف العدوان على لبنان، ووقف استخدام القنابل المحرّمة دولياً، وطالب الحكومة اللبنانية برفع دعوى لدى مجلس الأمن الدولي "ضد الانتهاكات التي تمارس على أرضنا وعمليات القتل الجماعي للمدنيين الأبرياء في لبنان".
خبير للميادين نت: نطالب بأخذ عيّنات من أماكن القصف
وفي سؤال للخبير البيئي الدكتور جلال حلواني- وهو مدير مختبر علوم البيئة والمياه في الجامعة اللبنانية، عن استهداف لبنان باليورانيوم، قال حلواني لـ "الميادين نت" إن "موضوع استخدام اليورانيوم المنضب هو موضوع شديد الحساسية، ولا نستطيع إطلاق التهم به من دون اللجوء إلى فحوصات عينيّة تؤكد وجود المادة"، مضيفاً أن "الهيئة الوطنية للطاقة الذرية في لبنان لديها المعدّات الكافية المنقولة التي يمكن بواسطتها التثبّت من ذلك".
من جهة أخرى، أكد الأمين العام للرابطة الطبية الأوروبية الشرق أوسطية الدولية البروفسور رائف رضا أن "إسرائيل" قصفت الضاحية الجنوبية لبيروت بالقنابل المُحرّمة دولياً برؤوس اليورانيوم الخارقة للخرسانة، والتحصينات العميقة، ولونها مميّز أثناء الاختراق، لافتاً إلى أن اليورانيوم له قوة تدمير عالية تسوّي البنايات الشاهقة بالأرض بالإضافة إلى الغازات السامة التي تسبّب الاختناق بعد خرقها العمق الخرساني".
وطالب رضا بأخذ عيّنات من أماكن القصف في الضاحية، ومن التربة لتثبيت صحة هذه المعلومات، لافتًا إلى التأثير المستقبلي على البيئة والصحة وإرسال هذه التقارير إلى "الأمم المتحدة" ليرى العالم التاريخ الإجرامي والدموي للعدو الذي يقتل البشر، ويدمّر الحجر ويلوّث البيئة، ويجلب الشرّ أينما حلّ وقصف، متسائلاً عمّن يلجمه ويعاقبه دولياً لإيقافه عن غيّه وشره، وخاصة من الدول التي تزوّده بالسلاح والتكنولوجيا والخبرات.
وختم رضا مؤكداً أن "ما نشاهده في هذه الحرب يختلف كثيراً عمّا سبقها"، معرباً عن أسفه لأنّ الدول التي تدعم العدو تتباكى وتتأسّف كاذبة ومتناسية أنها وراء "إسـرائيل" ودفعها للمزيد من المجازر والدمار.
ويبقى سؤال مشروع في ظلّ التهاون أو القصور الذي تبديه السلطات الرسمية في كل ما من شأنه إثارة حفيظة بعض الدول العالمية، عن قدرة هذه السلطات الوصول بهكذا ملف حتى نهايته، وليس أدلّ على ذلك من ملف المرفأ.