"ايرث كير" لدراسة السحب وفهم ظاهرة احترار الأرض
يمكن للقمر الاصطناعي "إيرث كير" أن ينقذ الأرواح إذا أمكنه التنبؤ بالظواهر الجوية المتطرفة بشكل أكثر دقة من ذي قبل. وسيوفّر القمر التابع لوكالة الفضاء الأوروبية - بيانات جديدة حول ظاهرة تغيّر المناخ واحترار كوكب الأرض.
في مركز التحكّم في "دارمشتات" بوسط ألمانيا، جلس موظفو وكالة الفضاء الأوروبية (ESA) أمام شاشاتهم وهم في حالة تركيز شديد. فعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، كانوا يتدرّبون على إطلاق مهمة "إيرث كير" (EarthCARE) ويستعرضون جميع الأعطال الممكنة التي قد تحدث بعد إطلاق القمر الاصطناعي الذي يبلغ طوله نحو 17 متراً وعرضه 2.5 متر وارتفاعه 3.5 أمتار.
ينبغي ألا يحدث أيّ خطأ، لأن الأمر يتعلق بمستقبل أبحاث الطقس والمناخ: "البيانات التي سنجمعها يمكن استخدامها لتحسين توقّعات الأحوال الجوية"، كما يقول نيكولاوس هانوفسكي من إدارة مراقبة الأرض والبيئة التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية. لأنه لا يزال هناك الكثير من الألغاز، على سبيل المثال التأثير الدقيق للسحب على تغيّر المناخ.
أهمية دراسة السحب
وكان دومينيك جيّيرون، رئيس قسم مشاريع مراقبة الأرض في وكالة الفضاء الأوروبية، قد قال لوكالة فرانس برس "تُعدّ (السحب) من العناصر الرئيسية المساهِمة في طريقة تغيّر المناخ، ومن أقلّها فهماً".
والسحب هي ظاهرة متنوّعة ومعقّدة، ويعتمد تركيبها على مكان وجودها في طبقة التروبوسفير، وهي الطبقة الأدنى من الغلاف الجوي للأرض، وفق جيّيرون.
انطلاق القمر الاصطناعي "إيرث كير" في مهمة استكشاف تأثير السحب على المناخ
— AlKhabar (@AlKhabarME) May 29, 2024
أُطلق القمر الاصطناعي "إيرث كير" EarthCARE التابع لوكالة الفضاء الأوروبية من كاليفورنيا، لاستكشاف تأثير السحب على المناخ، وهي مسألة لا تزال غير مفهومة بشكل كبير على الرغم من أهميتها. pic.twitter.com/ABlWllzq5l
تبدأ طبقة التروبوسفير على ارتفاع نحو ثمانية كيلومترات فوق المناطق القطبية، لكن قرب خط الاستواء، تبدأ على ارتفاع نحو 18 كيلومتراً. وهذا يعني أن السحب تؤثر على المناخ بشكل مختلف بحسب ارتفاعها وموقعها على خطوط العرض.
على سبيل المثال، تكون السحب الركامية البيضاء الفاتحة والتي تتكوّن من قطرات ماء، منخفضة جداً وتعمل مثل مظلة، ما يعيد عكس إشعاع الشمس إلى الفضاء ويبرد الغلاف الجوي.
أما السحب الرقيقة المكوّنة من بلورات جليد فتسمح للإشعاع الشمسي بالمرور عبرها ما يسبّب رفع درجة حرارة الكوكب.
السحب الرقيقة تحبس الحرارة
وقال جيّيرون إن السحب الرقيقة تحبس الحرارة مثل "البطانية". وبالتالي، أصبح فهم طبيعة السحب أمراً مهماً للغاية، وفق سيمونيتا تشيلي، رئيسة برامج مراقبة الأرض التابعة لوكالة الفضاء الأوروبية.
وسيصبح "إيرث كير" أوّل قمر اصطناعي لقياس التوزيع الرأسي والأفقي للسحب، كما أوضحت في مؤتمر صحافي.
وستركزّ أداتان من أدوات القمر الاصطناعي على السحب لاستكشاف أعماقها.
اقرأ أيضاً: كيف تُلقّح السحب؟
ستستخدم أداة "ليدار" ليزراً نبضيّاً لقياس السحب والهباء الجوي، وهي جزيئات صغيرة في الغلاف الجوي مثل الغبار وحبوب اللقاح أو الملوّثات المنبعثة من البشر مثل الدخان أو الرماد.
ولفت جيّيرون إلى أن الهباء الجوي هو "بوادر" للسحب.
وسيخترق رادار القمر الاصطناعي السحب لقياس كمية المياه التي تحتويها، كما سيتتبّع سرعة تحرّك السحب عبر الغلاف الجوي، على غرار الطريقة التي تساعد بها الرادارات الشرطة في رصد السيارات المسرعة. وستقيس الأجهزة الأخرى للقمر الاصطناعي شكل السحب ودرجة حرارتها.
وستساهم كلّ هذه البيانات في إنشاء أول صورة كاملة عن السحب من منظور قمر اصطناعي.