الالتزامات المالية للغرب تفرض تمديد المفاوضات في "كوب29"

الدول الأفريقية اعتبرت أن المبلغ المقدّم من الدول الغربية "غير مقبول" نظراً إلى الكوارث التي تشهدها وحاجاتها الاستثمارية الهائلة في الطاقة المنخفضة الكربون، في حين ندّدت الدول الجزرية الصغيرة بـ"ازدراء تجاه شعوبها الضعيفة".

  • الالتزامات المالية للغرب تفرض تمديد المفاوضات في
    الصورة التذكاري لقمة "كوب29"

مدّد المجتمعون في مؤتمر "الأمم المتحدة لتغير المناخ" (كوب29) اجتماعاتهم في باكو اليوم السبت، بسبب رفض الدول الفقيرة عرضاً أوّلاً لالتزام مالي من الدول الغنية.

وجهد الأذربيجانيون الذين يستضيفون "كوب29" مشاورات مضنية في  "الملعب الأولمبي" في باكو حيث يعقد المؤتمر، ليل الجمعة - السبت لمحاولة تقدير المبلغ الذي سيكون مقبولاً بالنسبة إلى وفود الدول الفقيرة خصوصاً من أفريقيا والمحيط الهادئ وأميركا الجنوبية.

وكانت الدول الغنية، ومن بينها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، اقترحت زيادة التزاماتها المالية المخصصة للعمل المناخي والتي ستقدّمها للدول الفقيرة، بمقدار 100 مليار دولار سنوياً لتصل إلى 250 ملياراً بحلول العام 2035.

اقرأ أيضاً:  "كوب 29"يصادق على معايير أممية جديدة بشأن أسواق الكربون

ولدى انطلاقة المؤتمر  في 11 تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي صادقت الدول المشاركة  في مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ "كوب29"  المنعقد في العاصمة الأذرية باكو على معايير أممية جديدة بشأن أسواق الكربون، في خطوة مهمة تتيح لها تداول تصاريح إصدار الانبعاثات للإيفاء بالتزاماتها المناخية.

ومنذ اتفاقية باريس للمناخ  العام 2015، تصوغ الأمم المتحدة قواعد للسماح للدول والأعمال التجارية بتداول التصاريح ضمن سوق شفافة وموثوقة.

دول أفريقيا: المبلغ "غير مقبول"

لكن الدول الأفريقية اعتبرت ذلك المبلغ "غير مقبول" نظراً إلى الكوارث التي تشهدها وحاجاتها الاستثمارية الهائلة في الطاقة المنخفضة الكربون، في حين ندّدت الدول الجزرية الصغيرة بـ"ازدراء تجاه شعوبها الضعيفة".

وبرّرت موقفها بأنه مع التضخّم، فإن الجهد المالي الحقيقي الذي تبذله البلدان المعنية (أوروبا والولايات المتحدة وكندا واليابان وأستراليا ونيوزيلندا) سيكون أقل بكثير، خصوصا في ظل الجهود المخطط لها من قبل بنوك التنمية المتعددة الأطراف.

وتقدّر الدول الفقيرة حاجاتها بما يتراوح بين 500 و1,3 تريليون دولار سنوياً لتتمكن من التخلص من الوقود الأحفوري والتكيّف مع ظاهرة احترار المناخ.

رقم جديد للالتزامات المالية

ما هو الرقم الجديد الذي ستقترحه الرئاسة الأذربيجانية؟

من المتوقع أن يرتفع المبلغ إلى 300 مليار في غضون 5 سنوات، وفق ما أفاد الاقتصاديون المكلّفون من الأمم المتحدة عمار بهاتاشاريا وفيرا سونغوي ونيكولاس ستيرن.

وهو رقم تحدّثت عنه البرازيل ووزيرة البيئة البرازيلية مساء الجمعة بعد عودتها من قمة مجموعة العشرين في ريو دي جانيرو.

وقالت مارينا سيلفا "في السابق، لم يكن لدينا أي أساس للمناقشة والتفاوض، لكن اليوم أصبح لدينا أساس" مؤكدة أن المفاوضات الحقيقية بدأت الآن.

هل يوافق الغرب؟

وتبقى معرفة ما إذا كان الغربيون سيوافقون على رفع عرضهم. ومن المفترض اعتماد أي قرار في "كوب29" بموافقة كل البلدان. لكن الوقت ينفد وتخطط العديد من الوفود لمغادرة أذربيجان بحلول الأحد.

وتحدد مسودة الاتفاق التي قدمت الجمعة هدفاً طموحاً يتمثل في جمع ما مجموعه 1,3 تريليون دولار سنويا بحلول عام 2035 تُخصص للدول النامية، على أن يشمل هذا المجموع حصة البلدان المتقدمة ومصادر التمويل الأخرى مثل الصناديق الخاصة أو الضرائب الجديدة.

لكنّ الأوروبيين يرزحون تحت ضغوط مالية وسياسية.

وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك التي كانت موجودة في باكو، إن أوروبا تريد "تحمّل مسؤولياتها، لكن عليها أن تقدم الوعود التي يمكنها الوفاء بها".

وقال أحد المفاوضين الأوروبيين "كان هناك جهد استثنائي من السعوديين حتى لا نحصل على شيء".

وكان الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ سيمون ستيل قال في كلمته الافتتاحية لمؤتمر "كوب29" في باكو الاثنين إن تمويل الدول الغنية للعمل المناخي ليست "عملاً خيرياً" وهو "في مصلحة الجميع".

وتتفاوض الدول المتقدمة في الواقع في موازاة ذلك على أهداف أكثر طموحاً للحد من انبعاثات غازات الدفيئة، لكنها تواجه معارضة من الدول المنتجة للنفط مثل المملكة العربية السعودية. وحذرت المجموعة العربية صراحة من أنها لن تقبل أي نص يستهدف "الوقود الأحفوري".

هذا علماً أن مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ "كوب28" الذي عقد في 2023 في دبي دعا إلى البدء في مسيرة التحول بعيدا عن الوقود الأحفوري.

وفي العلن، تتمسك الدول بمواقفها. لكن في الكواليس، يواصل الصينيون والغربيون والدول الجزرية الصغيرة التفاوض.

الصين: توازن بين الغرب ودول الجنوب

تدافع الصين التي تؤدي دوراً رئيسياً في إيجاد التوازن بين الغرب ودول الجنوب، عن اتفاقية باريس للمناخ المبرمة عام 2015.

لكن بكين وضعت خطاً أحمر بقولها إنها لا تريد تقديم أي التزامات مالية. وهي ترفض إعادة التفاوض على قاعدة الأمم المتحدة لعام 1992 التي تنص على أن المسؤولية عن تمويل المناخ تقع على البلدان المتقدمة.

ويدعو مشروع الاتفاق المقدم الجمعة الدول النامية ومنها الصين رسمياً، إلى "تقديم مساهمات إضافية" من أجل المناخ.

وفي هذا السياق، دعت أكثر من 300 منظمة غير حكومية الدول النامية والصين ليل الجمعة السبت إلى مغادرة المؤتمر إذا لم تزد الدول الغنية التزاماتها المالية.

وقالت في رسالة مشتركة إن "عدم التوصل إلى اتفاق في باكو أفضل من التوصل إلى اتفاق سيّئ".