أوروبا تكتوي بموجات حر قياسية جديدة
خبراء يحذرون من موجات حر "أكثر تكراراً وقوة" وظواهر جوية حادة منها الفيضانات في ايطاليا مثلاً، وانهيارات أرضية في قارة أوروبا، ما يمثل خطورة على السكان في أنحاء القارة و خسائر تقدر بملايين اليورو.
أظهرت بيانات "خدمة كوبرنيكوس للتغير المناخي (سي ثري إس)، التابعة للاتحاد الأوروبي، أنّ يوم 22 تموز/يوليو الماضي، كان الأكثر سخونة الذي تمّ تسجيله على وجه الأرض على الإطلاق حتى الآن.
وأوضح كارلو بونتيمبو، مدير "كوبرنيكوس" أنّ أوروبا شهدت ارتفاعاً في درجات الحرارة على مدار العقود القليلة الماضية، بواقع مرتين مقارنةً بالمعدل العالمي، مرجعاً ذلك إلى عوامل مختلفة، أحدها القطب الشمالي - تمّ تضمين جزء منه في تعريف المعهد لقارة أوروبا - والذي ربما يمثّل إحدى أسرع مناطق العالم التي ترتفع فيها درجات الحرارة.
بلدان تكتوي من الحر وأخرى تغرق بالسيول
ووفق البيانات، هناك سبب آخر يتمثل في ذوبان الجليد والثلوج في الجبال، وفي سهل وسط أوروبا.
وقال بونتيمبو إنّ موجات الحر في أوروبا صارت أكثر تكراراً وقوة، وأنّ ذلك سوف يستمر لفترة أطول من ذي قبل، مضيفاً: "هذا أمر يجب أن نعتاد عليه".
وتمثل زيادة معدل الظواهر الجوية الحادة في أوروبا، موجات حارة مرتفعة تؤدي إلى اشتعال الحرائق والتي تشكل خطورة على السكان في أنحاء القارة، وعلى سبل معيشتهم، وعلى الحيوانات والمحاصيل الزراعية، مما يخلّف خسائر تقدر بملايين اليورو.
وفي نهاية تموز/يوليو الماضي، كانت جميع مناطق إسبانيا، عدا جزر الكناري، في "حالة تأهب باللون البرتقالي"، مع تحذيرات من أنّ درجات الحرارة القصوى سوف تصل إلى 40-39 درجة مئوية، بحسب ما ذكرته وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية "ايميت".
وفي نفس الوقت، فقد أدّت موجة الحر إلى ارتفاع معدلات الحرارة في جنوب فرنسا التي تستضيف عاصمتها حالياً دورة الألعاب الأولمبية.
وقالت خدمة الأرصاد الجوية الفرنسية إنّ "من المنتظر أن تشتد الحرارة بشكل كبير"، في أجزاء واسعة من جنوبي البلاد، وقد تتجاوز أربعين درجة في بعض المناطق.
وفي منطقة البلقان واليونان وفي بلغاريا، أدّى ارتفاع درجات الحرارة إلى اندلاع حرائق.
وفي الوقت الذي تعرضت فيه مناطق شمال إيطاليا لعواصف وأمطار غزيرة، نجم عنها فيضانات وانهيارات أرضية، خلال الأسابيع الأخيرة، حيث يواجه الجزء الجنوبي من البلاد موجة جفاف واسعة.
وحذّرت الرابطة الوطنية لمجلس مياه الزراعة في إيطاليا، الأسبوع الماضي، أنه في غضون ثلاثة أسابيع "لن تكون هناك مياه للزراعة" في وسط وجنوب البلاد. فيما ضربت فيضانات واسعة سلوفينيا العام الماضي، وخلّفت خسائر تقدر بمليارات اليورو، ولا تزال عملية إعادة الإعمار جارية. ورغم ذلك، فقد أدّى عدم سقوط أمطار إلى حرائق غابات في منطقة كراس الجنوبية الغربية، منتصف تموز/يوليو الماضي، وهي المنطقة نفسها التي ضربتها أكثر الحرائق تدميراً في تاريخ سلوفينيا عام 2022.
تحذيرات من حدوث حالات وفاة مبكرة
وتشير تقديرات منظمة الصحة العالمية للفترة بين عامي 2030 و2050، إلى أنه إذا لم يتم اتخاذ تدابير ضد التغير المناخي، "من المحتمل حدوث 250 ألف حالة وفاة مبكرة إضافية سنوياً بسبب الظواهر الجوية القاسية، وسوء جودة الهواء، وانعدام الأمن الغذائي، والأمراض المعدية".
وموجات الحر هي أكثر الظواهر الجوية المرتبطة بالتغير المناخي فتكاً، حيث تسبب نحو 489 وفاة سنوياً، بحسب تقديرات المنظمة العالمية للأرصاد الجوية. وتخشى المنظمة أن يكون معدل الوفيات الفعلي المرتبط بالظواهر الجوية الحادة أعلى بواقع 30 مرة، حيث لا توجد بيانات يوثق بها في العديد من البلاد.
وحذّرت منظمة العمل الدولية من أنّ التغير المناخي يجعل العمل أمراً أكثر صعوبة وخطورة لمليارات الأشخاص.
وقالت المنظمة إنه في حين أنّ نسبة الأشخاص المعرضين للحرارة المفرطة أثناء العمل في أوروبا وآسيا الوسطى منخفضة، بحسب المعايير العالمية، فإنها شهدت زيادة أكبر من منطقة أخرى على مدى العقدين الماضيين.