درجات الحرارة في البحر المتوسط تسجل مستويات قياسية للعام الثاني
للعام الثاني على التوالي الحرارة في البحر المتوسط تسجّل مستويات قياسية في تموز/يوليو بسبب الاحترار المناخي، ما يهدّد الأسماك والنباتات البحرية، وانخفاض التنوّع الحيوي، وظهور نوع مفترس من الديدان في مياه البحر.
وصلت درجات الحرارة في البحر الأبيض المتوسط إلى مستويات قياسية للسنة الثانية على التوالي، مما يهدّد الأسماك والنباتات البحرية، ويعزّز تكاثر الأنواع الغازية، ويزيد من حدة الأمطار في منطقة تتأثر بصورة كبيرة بآثار الاحترار المناخي.
وقال جوستينو مارتينيز، الباحث في معهد علوم البحار (ICM) في برشلونة ومعهد caICATMAR، إنّ متوسط الحرارة السطحية اليومية للبحر الأبيض المتوسط وصل في 11 آب/أغسطس إلى 28,67 درجة مئوية، وهو معطى قريب من الرقم القياسي البالغ 28,71 درجة مئوية المسجّل في 24 تموز/يوليو 2023.
وتأتي هذه المعطيات الأولية من بيانات أقمار اصطناعية من "مرصد كوبرنيكوس الأوروبي" يعود تاريخها حتى العام 1982.
🌊🌡📈
— Leon Simons (is fine) (@LeonSimons8) August 12, 2024
The Mediterranean just reached a new record high average Sea Surface Temperature of 28.15ºC!
Next year the region will double down on the aerosol termination shock, when sulphur emissions from shipping reduce with another 80%, from May 1st, 2025.
Marc pays attention!👇 https://t.co/I7Wqtha35V pic.twitter.com/m2UHtPNkWv
وعلى مدى فصلي صيف متتاليين، كان البحر الأبيض المتوسط أكثر حرّاً مما كان عليه خلال موجة الحرّ غير العادية في صيف 2003، عندما وصل المتوسط اليومي لدرجة حرارة سطح الماء إلى 28,25 درجة مئوية، وهو رقم قياسي سابق دام عشرين عاماً.
وبحسب مارتينيز فإنّ الأمر اللافت اليوم "ليس الوصول إلى حد أقصى في يوم معيّن، بل مراقبة فترة طويلة تشهد درجات الحرارة المرتفعة هذه، حتى من دون تحطيم الرقم القياسي".
وأضاف: "منذ عام 2022، كانت درجات الحرارة السطحية مرتفعة بشكل غير اعتيادي لفترة طويلة، حتى عندما نأخذ في الاعتبار مسألة التغيّر المناخي".
ومع ذلك، تمّ الوصول هذه السنة إلى المستوى القياسي المُسجّل عام 2023 "متأخراً أسبوعين عن السنة الفائتة، وعادة ما تنخفض درجات حرارة سطح الماء اعتباراً من نهاية آب/أغسطس"، بحسب مارتينيز.
محلياً، تمّ تسجيل مستويات حرارة تزيد عن 30 درجة مئوية على سطح الماء منذ بداية آب/أغسطس، ولا سيما على عوّامة قبالة سواحل موناكو، وأخرى في كورسيكا، وحتى قرب فالنسيا في إسبانيا.
وعنونت صحيفة "لا ريبوبليكا" اليومية: "البحر يغلي في كامبانيا".
ومنطقة البحر الأبيض المتوسط التي تعرّضت في تموز/يوليو الماضي، كما حدث في العام 2023، لموجات حرّ وحرائق غابات واسعة في اليونان، صنّفتها الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيّر المناخي التابعة للأمم المتحدة، منذ مدة طويلة، على أنها "نقطة ساخنة" للتغيّر المناخي.
السرطان الأزرق والديدان المفترسة
قالت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيّر المناخي "منذ ثمانينيات القرن العشرين، حدث تغيير جذري في النظم البيئية البحرية في البحر الأبيض المتوسط، مع انخفاض التنوّع الحيوي وتكاثر الأنواع الغازية".
خلال موجات الحر البحرية بين عامي 2015 و2019 في البحر الأبيض المتوسط، شهد نحو خمسين نوعاً (الشعاب المرجانية، وقنافذ البحر، والرخويات، وذوات الصدفتين، ونبتة بوسيدون.. إلخ) نفوقاً هائلاً بين السطح وعلى عمق 45 متراً، بحسب دراسة نُشرت في تموز/يوليو 2022 في مجلة "غلوبال تشانج بايولودجي".
وتستفيد من ارتفاع درجات الحرارة الأنواع الاستوائية مثل السرطان الأزرق الذي يدمّر مزارع المحار في دلتا نهر البو في شمال إيطاليا.
وفي صقلية وكالابريا، يلاحظ الصيادون في شباكهم زيادة في كميات الأسماك التي يلتهم أجزاء منهم نوع مفترس من الديدان يفضّل المياه الساخنة.
وقد ارتفع متوسط حرارة البحر الأبيض المتوسط بنحو 1,2 درجة على مدى السنوات الأربعين الفائتة، بحسب الخبير في الأنواع الغازية فيدريكو بيتي.
وفي سيناريو ارتفاع حرارة الأرض بما يزيد عن 1,5 درجة مئوية منذ عصر ما قبل الصناعة، فإنّ أكثر من 20% من الأسماك واللافقاريات المستغلة في شرق البحر الأبيض المتوسط قد تنقرض محلياً بحلول عام 2060، وقد ينخفض دخل صيد الأسماك بنسبة تصل إلى 30% بحلول 2050، وفق ما تحذر الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغيّر المناخي. ففي البحر المتوسط، يُعدّ العالم أكثر حرّاً بنحو 1,2 درجة مئوية.
وفي نيس، ارتفعت حرارة المياه 3 أو 4 درجات فوق المعدل الاعتيادي منذ 15 تموز/يوليو الماضي، مما يمنع الهواء من البرودة ليلاً ويجعل السكان منهكين بين يومين حارّين في كثير من الأحيان.
وبحسب "هيئة ميتيو فرانس للأرصاد الجوية"، فإنّ درجة الحرارة المرتفعة بشكل استثنائي للبحر الأبيض المتوسط في الخريف، "قد تجعل الأمطار أكثر كثافة من خلال جعل الغلاف الجوي يخزّن المزيد من الرطوبة وهو يتّجه نحو السواحل، ولكن من دون التسبّب بتسجيل أمطار مدمّرة.