جنوب غرب أوروبا تحت وطأة موجة حر شديد
تواجه دول أوروبا الجنوبية موجات حرٍّ تعتبر تارخية، إذ بلغت درجات الحرارة أرقاماً لم تشهدها دول جنوب أوروبا منذ عام 1947، متسببة بحرائق كبيرة في هذه الدول ضربت الأراضي الزراعيّة في كتالونيا وإيطاليا.
تتواصل موجة الحر الجمعة في جنوب أوروبا خصوصاً في الثلث الجنوبي الغربي من فرنسا حيث ينتظر وصول الحرارة إلى درجات قياسية في العديد من المناطق وكذلك في اسبانيا التي لا تزال تشهد عدة حرائق.
ويتأثر حوالى 18 مليون شخص بالحر في فرنسا. وسمح للطلاب بالبقاء في منازلهم في بعض الدوائر.
وقال ماتيس غارسيا (30 عاماً) الذي يقيم في شقة صغيرة في قلب تولوز (جنوب غرب)، لوكالة فرانس برس: "هذه الليلة بلغت الحرارة 30 درجة. انه اختناق، واجهت صعوبة في النوم".
وإذا كانت درجات الحرارة بلغت 40 درجة في جنوب غرب البلاد الخميس، فإن العديد من الأرقام القياسية سجلت الجمعة في المنطقة نفسها بحسب مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية.
"موجة حر هي الأبكر"
تم تفعيل مستوى "التيقظ الأحمر" وهو يشير الى ظواهر طقس خطيرة ذات شدة استثنائية. ويدعو السكان الى البقاء "على اطلاع دائم بتطور الوضع" والالتزام الحتمي بتعليمات السلامة الصادرة عن السلطات العامة.
وقالت جوزيان موبومي (79 عاماً): "هذه السنة، فوجئت بموجة الحر. عادة تصل في منتصف الصيف" مشيرة إلى أنها تستيقظ عند الساعة الرابعة فجراً "لتنشق الهواء".
وقال ماتيو سوريل خبير المناخ في مصلحة الأرصاد الجوية الفرنسية: "إنها موجة الحر الأبكر موسمياً التي يتم تسجيلها في فرنسا" منذ 1947 معتبراً انها مؤشر على "التغير المناخي".
وهي المرة الرابعة التي يتم فيها استخدام مستوى التيقظ الأحمر، بعد العبر التي استخلصت من موجة الحر التاريخية في 2003 التي أودت بأكثر من 15 ألف شخص في فرنسا خصوصاً بين كبار السن.
ومن الآثار الجانبية الكلاسيكية لموجات الحر، يزيد تركز الأوزون في الهواء بشكل كبير فوق قسم كبير من فرنسا بحسب النشرة الرسمية لـ Prev'Air التي نشرت الجمعة.
وقالت منصة Prev'Air الرسمية: "تحت تأثير موجة الحر التي تمر بها المدينة، كانت تركز الأوزون يتزايد بشكل كبير منذ يومين. هذا التركز يرتقب أن يبقى مرتفعاً في الأيام المقبلة".
نداء الأمم المتحدة
في إسبانيا، يواصل رجال الإطفاء الجمعة مكافحة العديد من الحرائق في مختلف أنحاء البلاد التي ضربتها موجة حر استثنائية منذ حوالى أسبوع، مع حرارة تجاوزت أحياناً 40 درجة.
وبحسب وكالة الأرصاد الجوية الاسبانية فإن الحرارة قاربت، اليوم الجمعة، ال35 درجة في جميع أنحاء البلاد تقريباً، وتجاوزت مرة جديدة ال40 درجة في بعض مناطق وسط وشمال شرق وجنوب البلاد.
واندلع الحريق الأكبر في سييرا دي لا كوليبرا في شمال غرب البلاد حيث احترق ما بين خمسة آلاف وسبعة آلاف هكتار من الغابات صباح الجمعة، حسبما أعلنت منطقة قشتالة-ليون.
وفي شمال شرق البلاد، تواجه منطقة كاتالونيا أيضاً عدة حرائق. والأخطر اندلع قرب بالدومار في مقاطعة ليريدا، إذ احترق أكثر من 940 هكتاراً من الغابات بحسب الحكومة الإقليمية الكاتالونية.
وفي شمال إيطاليا، تستعد لومبارديا لإعلان حالة الطوارئ في مواجهة الجفاف القياسي الذي يهدد المحاصيل، ويتم أساساً تقنين المياه في عدة مدن في سهل بو الذي يجتاز شمال البلاد. هذه المنطقة التي تضم محاصيل زراعية مهمة تواجه أسوأ جفاف منذ 70 عاماً.
ودعت الأمم المتحدة الجمعة إلى "التحرك الآن" لمواجهة الجفاف والتصحر من أجل تجنب وقوع "كوارث بشرية".
وقال الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر إبراهيم ثياو خلال مؤتمر في مدريد بمناسبة اليوم العالمي للجفاف، "حان وقت العمل: كل إجراء مهم".
بالنسبة للعلماء فإن تكاثر وتكثف وطول أمد موجات الحرارة التي تتفاقم بسبب انبعاثات غازات الدفيئة تشكل إشارة لا لُبسَ فيها على ظاهرة الاحتباس الحراري.
وأشاروا إلى أن عواقب هذه التقلبات واضحة: حرائق وصولاً إلى سيبيريا وذوبان الجليد البحري في القطب الشمالي، والجفاف ودرجات حرارة قياسية في جميع القارات وأعاصير وظواهر مناخية أخرى شديدة.
ورغم أنها تقع في منطقة مناخية "معتدلة"، إلا أن فرنسا ومنذ موجة الحر الصعبة في 1976، تشهد تكراراً لمثل هذا النوع من الموجات.