الذئاب تغني وترقص... فهل تعوي حقاًَ لضوء القمر؟
يلقّب الذئب بـ "الابن البار" لأنه الحيوان الوحيد الذي يبر بوالديه ويرعاهما بعد أن يصلا إلى مرحلة الشيخوخة، ويصبحان غير قادران على الصيد، فيصطاد لهما الطعام، ويحضره لهما في الوكر الذي يعيشان فيه.
على مر السنين أُسيء فهم حياة الذئاب على نطاق واسع، فاتُّهمت بأنها حيوانات قاتلة للبشر ولا وظيفة لها سوى الانقضاض على المواشي والتهامها، لكن الحقيقة غير ذلك تماماً، كما أنها حيوانات عالية الذكاء، وفية، عاطفية، ودائماً ما تنشأ روابط اجتماعيّة وثيقة فيما بينها.
وأظهرت دراسة جديدة أنّ الكلاب السيبيرية تطورت منذ 7400 عام، ليصبح حجمها أصغر بكثير من حجم الذئاب، وهو أمر جعلها أكثر اعتماداً على البشر في غذائها الذي يشمل ثدييات بحرية وأسماكاً عالقة تحت الجليد.
وقال روبرت لوسيه من جامعة "ألبرتا"، والذي قاد البحث المنشور في مجلة "ساينس أدفانسز"، إنّ "النتائج ساعدت في تفسير النمو في أعداد هذه الكلاب التي استخدمها البشر في الصيد والرعي والتزلج".
"الميادين نت" سبر أغوار حياة هذه الحيوانات المثيرة للجدل، و وفق الباحثة غالية داغستاني فإن الأسطورة تقول: "إن الذئاب تعوي قُبالة ضوء القمر" غير أن علماء الحياة البرية دحضوا تلك الأسطورة بقولهم: "ترفع الذئاب رؤوسها وهي تعوي لتتمكن من إيصال صوتها إلى أبعد مسافة ممكنة لتجمع أفراد القطيع، ولتلفت إنتباه الشريك إلى شريكته، ولتحدد المنطقة التي تقع تحت سيطرة القطيع، ولتخيف أعداء القطيع وتحذرهم من الإقتراب.
لا تعيش الذئاب ضمن قطعان فحسب بل تتشارك بعملية الصيد وتعمل كفريق واحد منظم ومُنَسَق، غير أنه لو استطاع ذئب بعينه اصطياد غزال صغير أو أي حيوان صغيرآخر فسيفترسه بمفرده، أما إذا تشارك أفراد القطيع كلّهم بصيد أحد الحيوانات الكبيرة الحجم مثل الأيل، عندئذٍ بإمكان جميع أفراد القطيع المشاركة بافتراس الضحية.
150 إلى 300 كم²
تقول داغستاني إن "الذئاب حيوانات تحب الترحال والتنقل من منطقة لأخرى ويُمكن أن تقطع مسافة تتراوح بين 30 إلى 50 كم يومياً، كما يُمكن أن تزيد تلك المسافة في حالة عدم عثورها على الغذاء".
تتناسب المنطقة التي تُسيطر عليها الذئاب مع حجم وعدد أفراد القطيع ومع كثافة الحيوانات التي يُمكن إفتراسها، ويُمكن أن تتراوح مساحة هذه المنطقة بين 150 إلى 300 كم².
تضع أنثى الذئب بين 6 إلى 8 جروا وتمتد فترة الحمل حتى 63 يوماً وتحتضن أنثى الذئب جرائها بعد ولادتهم داخل وكر يتم إختياره من قبل أنثى الذئب المُسيطرة، تُفْطَم الجراء بعد ثمانية أسابيع من ولادتها ومن ثم تعتمد على الطعام الصلب القوام الذي تقوم الأم بمضغه وتقديمه لجرائها.
تضحية و وفاء!
بالإضافة إلى الزواج الواحد الذي تتمتع به، تطوِّر الذئاب فيما بينها روابط اجتماعية قوية بين أفراد عائلتها أو أحبائها الآخرين من نفس القطيع.
ومن المعروف أيضاً أن جميع الذئاب على استعداد للتضحية بأنفسها من أجل بقاء أحد أفراد القطيع على قيد الحياة.
A reminder from wolves:
— Wolf Conservation Center (@nywolforg) January 10, 2023
Show compassion and empathy for others 🐺 pic.twitter.com/AzQ70eGTeJ
واللافت أنه عندما تكبر الجراء بما يكفي لتغادر عرين والديها، يصبح لها الحرية في اختيار القطيع الذي ترغب بالانضمام إليه.
كما أن رعاية هذه الجراء تصبح مسؤولية بقية أفراد القطيع الذين يظهرون العاطفة لهم ويقومون بتدريبهم والاعتناء بهم وفقاً لما ذكره موقع Wild World of Wolves.
The Wild World of Wolves Kids can curl up in their own dens and learn all about wolves in the wild ... https://t.co/XgYvDAcyga pic.twitter.com/uuuEiCGuqo
— Marion Dane Bauer (@mariondanebauer) December 9, 2022
استخدام العيون
إحدى الميزات المثيرة الموجودة في الذئاب أنها قادرة على التواصل فيما بينها باستخدام العيون!
عموماً تستخدم الذئاب العواء للتواصل وهي السمة الأبرز للتواصل سواء بين الذئاب المنفردة أو بين ذئاب القطيع، وغالباً ما تستخدم للعديد من الأمور مثل الدفاع عن الأرض، أو لمعرفة مدى قوة القطيع المقابل أو لمجرد الغناء فيما بينها.
When seeking to play, wolves will dance and bow playfully. Playtime can also include a game of chase, jaw sparring, and varied vocalizations.
— Wolf Conservation Center (@nywolforg) January 8, 2023
For wolves, playtime isn’t only fun, it strengthens family bonds. So remember to be playful!
Be like a wolf 🐺 pic.twitter.com/ol7z3hMYeH
لكنها أيضاً تستخدم طرقاً أخرى مثل التواصل بالعيون وعلامات الوجه عندما يكونون قرب بعضهم البعض، ووضعيات الجسم، وعلامات الرائحة وحتى إصدار أصوات مثل الأنين والنباح والهدر والنشيب، وفقاً لما ذكره موقع Wolfpark.
قوانين الاتحاد الأوروبي
تتمتع الكثير من الحيوانات البرية، ومنها الذئاب، بحماية كبيرة في ظل قوانين الاتحاد الأوروبي. ولكن مع زيادة أعدادها بشكلٍ كبير وتشكيلها خطراً على المواشي والدواجن، يحتج كثير من الفلاحين على هذه الحماية، مطالبين بتخليصهم من خطر الذئاب.
In Sept 2021, @USFWS acknowledged that wolves in the N. Rockies face grave threats + initiated a 12-month status review of wolves in the region, stating that “a listing action may be warranted."
— Wolf Conservation Center (@nywolforg) January 9, 2023
It's 2023, and USFWS has maintained radio silence.
Act now →https://t.co/ioDuOW8Nqs
ويضغط حالياً العديد من السياسيين والبرلمانيين في الاتحاد الأوروبي باتجاه تخفيف هذه القوانين، والسماح بملاحقة الذئاب.
ولعل أبرز هذه التحركات كانت الخطاب الذي وجهه أعضاء أكبر كتلة في البرلمان الأوروبي (حزب الشعب) إلى رئيسة المفوضية الأوروبية أورزولا فون دير لاين، مطالبين إياها بضرورة التحرك، وعبّروا عن "أسفهم لتجاهل صوت البرلمان".
أكبر عملية صيد للذئاب
يشار إلى أن فون دير لاين نفسها عاشت الموقف. فقط تعرّض مهر ثمين تملكه لهجوم من ذئاب. وعاد مؤخراً النقاش حول هذه الحادثة التي وقعت في بداية أيلول/ سبتمبر 2022، في منزل فون دير لاين الواقع في منطقة ريفية في ولاية سكسونيا السفلى الألمانية. وقالت فون دير لاين عن ذلك إن عائلتها كانت "حزينة جداً".
في غضون ذلك انطلقت في السويد أكبر عملية صيد للذئاب منذ إعادة الصيد المرخص في عام 2010. ووفقاً لمحطة التلفزيون السويدية (إس في تي)، فإن الحملة قد تسفر هذا العام عن قتل 75 حيواناً.
وقال غونار غلورسن، من الجمعية السويدية للصيد للمحطة التلفزيونية: إن "الصيد ضروري للغاية لإبطاء الزيادة المطردة في أعداد الذئاب". وأضاف غلورسن: "إن عدد الذئاب هو الأكبر لدينا في العصر الحديث".
وتشير أرقام (إس في تي) إلى أنه تم قتل ما مجموعه 203 ذئاب في عمليات صيد رسمية منذ عام 2010. وحاول نشطاء حقوق الحيوان تعطيل عملية الصيد أمس الاثنين، حسبما أفادت المحطة التلفزيونية. ويشار إلى أن هناك ما يقدر بنحو 460 ذئبا تعيش في البرية في السويد.
وأمام هذه التحركات لتخفيف الأنظمة القانونية التي تحمي الذئاب، تخشى جمعيات حماية البيئة وحقوق الحيوان من أن يؤدي فتح النقاش حول الذئاب إلى امتداد ذلك إلى أنواع أخرى من الحيوانات، كما تقول كريستينه بندر، مسؤولة حماية الأنواع في الاتحاد الألماني لحماية البيئة والطبيعة، وفق صحيفة "راينيشه بوست".
وتضيف بندر بالقول إنها لذلك لا تتوقع أن المفوضية الأوروبية تريد فتح هذا الباب.