ابتكارات بيئية فلسطينية: رغم الحصار والعدوان
مهندسات ومهندسون فلسطينيون في مجال البيئة يبرعون في تنفيذ مشاريع بيئية وتنموية نموذجية رغم الحصار والاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.... نعرض لبعضها وهي غيضٌ من فيض الابتكارات المتتالية.
الإبداع الفلسطيني لم يقتصر على مفاجأة قوات الاحتلال عسكرياً وتقنياً، وفي مجال التصنيع الحربي وامتلاك القدرات العسكرية، بل من المؤكد أنه ينسحب على مناحي الحياة الأخرى، فلا سدّ يقف في وجه الإرادة الفلسطينية العارمة.
فقد ابتكر الفلسطيني محمود لولو (43 عاماً) محطة تحلية لمياه الشرب موفّرة للطاقة وصديقة للبيئة. وذلك بعد عمله في مجال تحلية مياه الشرب لأكثر من 15 عاماً.
وجاء السبب الأساسي وراء ابتكار وحدة التحلية، كثرة مشاكل مياه الشرب في قطاع غزة، وأهمها التلوّث وحاجة المحطات لطاقة كهربائية كبيرة.
وقال لولو إن محطة التحلية الموفّرة للطاقة تنتج في اليوم من 5 آلاف ليتر إلى 10 آلاف، مشيراً إلى توفّر 3 نماذج من المحطة المذكورة تتراوح سعتها ما بين 5 إلى 10 آلاف ليتر في اليوم.
تتمتع هذه المحطة بمميزات، أهمها أنها تعمل على أي مصدر مياه، سواء من البلدية أو الآبار، على عكس المحطات التقليدية التي لا تعمل إلا بتوفّر بئر المياه".
فيما تحتاج المحطة الموفّرة للطاقة من الكهرباء 350 واط في الساعة الواحدة، موضحاً أن حاجتها للكهرباء ضرورية.
اقرأ أيضاً: أبناء غزة يقهرون حصارهم بالابتكارات
وجاءت فكرة التطوير بعد سنوات من العمل في مجال التحلية وفلاتر المياه، والاستماع لمشاكل المواطنين، وأهمها عدم توفّر الكهرباء بشكل مستمر، وارتباط وجود المياه بالطاقة الكهربائية، بالتزامن مع ارتفاع تكلفة البدائل مثل الطاقة الشمسية.
كما عرضت المهندسات الفلسطينيات من قطاع غزة رنا الغصين وفداء الشنطي وهيا الغلاييني جهازاً من ابتكارهنّ يعمل على تكثيف الرطوبة من الهواء لإنتاج مياه مقطّرة، تخلط بعد ذلك بالمياه العاديّة إذ إن المياه المقطّرة تكون خالية من المكوّنات الطبيعية للماء والمفيدة للجسم، لذا عندما تخلط بالمياه العادية تصبح جاهزة للشرب، وينتج الجهاز ليتراً من المياه الصالحة للشرب في ساعة واحدة.
وفي سياق معرض لخرّيجي الهندسة والبيئة وبعض الشركات المهتمّة بتمويل مشاريع بيئيّة تقوم على فكرة إعادة التدوير منذ سنوات، قالت رنا الغصين (23 عاماً) لـموقع"المونيتور": إنّ 70% من هواء قطاع غزّة رطب بسبب مجاورة القطاع للبحر الأبيض المتوسّط، وتقوم فكرة الجهاز على تكثيف الرطوبة وتحويلها إلى ماء. ونجحنا بتحويل 90% من العيّنة إلى ماء في التجربة الأولى، إذ تمكّنا من إنتاج 4 ليترات من المياه الصالحة للشرب خلال 4 ساعات باستخدام الجهاز، الذي يعتمد على مبرّد وفلاتر لتنقية المياه المكثّفة.
أضافت المهندسات ألواحاً شمسيّة لجهاز التكثيف لضمان عمله بشكل مستمرّ من دون الحاجة إلى الكهرباء، وقالت الغصين: "إنّ الهدف الأوّل من مشروعنا هو إيجاد بدائل لإنتاج المياه الصالحة للشرب في غزّة، إذ يعاني القطاع من فقر عام في المياه الجوفيّة، والتي باتت 98% منها غير صالحة للشرب بسبب التلوّث، وكان من الطبيعيّ البحث عن بدائل للكهرباء التي لا تتوافر بشكل مستمرّ على مدار اليوم بسبب أزمة الكهرباء المستمرّة منذ 11 عاماً، وكانت الخلايا الشمسيّة الحلّ الأمثل للحصول على طاقة مستمرّة لإنتاج الماء عن طريق الجهاز".
من جهته، ابتكر المهندس إسلام العامودي (21 عاماً) جهازاً يعتمد على الرمل فقط في فلترة المياه العادمة وإعادة إنتاجها بحيث تصبح صالحة لريّ المزروعات، وقال لـ"المونيتور": إنّ انقطاع الكهرباء عن قطاع غزّة بشكل مستمرّ أدّى إلى توقّف محطّات معالجة المياه العادمة، وهذا ما كان يدفع بالبلديّات إلى ضخّ المياه العادمة غير المعالجة إلى شواطئ البحر المتوسّط، الأمر الذي تسبّب بتلوّث بيئيّ كبير. أمّا الجهاز فلا يحتاج إلى طاقة كهربائيّة إذ يعمل على نقل المياه العادمة إلى مربّعات الرمل المعدّة مسبقاً عن طريق ضغط الهواء، حيث تنتقل المياه من الضغط المرتفع إلى الضغط المنخفض، ويمكن للجهاز معالجة المياه باستخدام الرمل فقط، مستغلّاً خاصيّة الترشيح التي تمتلكها حبيبات الرمل.
وفي السياق، قالت أميرة عيسى (25 عاماً) : تقوم فكرتنا على إعادة تدوير الإطارات الفارغة واستخدامها كأحد مكوّنات رصف الطرق، بحيث تضاف إلى الزفتة والحصمة لتشكّل خليطاً أكثر تماسكاً، وتزيد من عمر الطريق وتقلّل من صيانتها. كما توفّر ما نسبته 80% من تكلفة رصف الطرق".
وتابعت: "جرّبنا الفكرة على نموذج صغير، فتبيّن لنا أنّه زاد صلابة، وبات غير ملس، وهذا يعني أنّ الطرق لو أضيفت إليها الحبيبات المبشورة من إطارات السيّارات ستكون أكثر قوّة وستمنع انزلاق السيّارات في أوقات الأمطار الشديدة، وستطيل عمر الطريق إلى 10 أضعاف عمرها الأصليّ".
من جهتها، لفتت وزيرة سلطة جودة البيئة في غزّة عدالة الأتيرة في حديث لـ"المونيتور" إلى أنّ سلطتها ستعمل على التشبيك بين المؤسّسات الدوليّة الداعمة لمشاريع البيئة والقطاع الخاص في فلسطين، وبين أصحاب المشاريع المشاركين في المعرض لإيجاد دعم ماليّ يمكّنهم من تطبيق مشاريعهم، الأمر الذي يترتّب على نجاحه دعم كلّ المشاريع التي تقوم على مبدأ إعادة التدوير والطاقة البديلة.
وقالت: "كلّ الأفكار التي طبّقها المهندسون والمبتكرون الموجودون في المعرض حاكت مشكلات قطاع غزّة وحاولت إيجاد حلول لها، كإيجاد بدائل طبيعيّة للكهرباء، ومحاولة توفير المياه الصالحة للشرب، ومعالجة المياه العادمة، وصناعة السماد العضويّ لزيادة الإنتاج الغذائيّ".