هنا تونس: نحبّ الكتاب كما لا يحبّ الكتاب أحد
مسابقة "البطولة الوطنية للمطالعة" في تونس تختتم دورتها الأولى، ومن أهدافها تمتين العلاقة بين القارئ والكتاب والعمل على انخراط العائلة في الفعل الثقافي.
في زمن عصفت فيه العولمة بعقول الكبار قبل الصغار، وألغت مواقع التواصل الاجتماعي وعوالم الهوامات الضوئية مساحة التفكير والهدوء من عقول مجتمعات عدة ... فصار الكتاب غريباً بارداً بين الرفوف، واللغة جامدة جمود الألباب والهِمم، وأُشيعت في المُقابل ثقافة التمويه والتسطيح وطمس الهوية.
وأمام هذا الجدب الفكري والحرب الضروس ضد ثقافة المطالعة، أُعلنَ التّحدي في تونس وتحديداً في رحاب "الإدارة العامة للمطالعة" وتحت إشراف وزارة الثقافة التونسية.
هكذا انطلقت منذ بداية العام 2020 وحتى 30 أيار/مايو الماضي، مسابقة "البطولة الوطنية للمطالعة" في دورتها الأولى، فكانت حلماً وُلدَ كبيراً شعاره "معاً لنعيد ألق الكتاب في زمن الرقميات والتّلقي".
أما أهدافه المباشرة فتمثلت في تمتين العلاقة بين القارئ والكتاب والعمل على انخراط العائلة في الفعل الثقافي باعتبارها النسيج الأسري الأول الذي يشكّل شخصية الطفل، إلى جانب إدماج كل الفئات الممنوعة من التواصل الثقافي لدواع شتى. وتسليط الضوء على الدور الاساسي للمرفق الثقافي العمومي كمحرك ومحفز للفعل الثقافي الجهوي والوطني.
وانطلقت التصفيات على المستوى المحلّي ثم الجهوي في كامل مقرات المكتبات الجهوية بالبلاد، حيث ارتأت لجان التحكيم - المتُألفة من خبرات تربوية وثقافية - اختبار المشاركين في هذه التظاهرة وذلك من خلال قراءاتهم ومطالعاتهم التي تخضع لتقييم دوري حسب جواز كل مشارك يتنمي إلى فئة عمرية معينة. والجدير بالذكر أن عدد المشاركين في بداية التصفيات بلغ حوالي 130 ألف، كما تم رصد 834 ألف كتاب تمت مطالعته على مستوى كل الفئات العمرية.
وهو رقم قياسي لم تشهده الساحة الثقافية التونسية من قبل، وهذه المرحلة تحديداً تُعدّ انتصاراً فارقاً في درب الفكرة ومسار الهدف المنشود.
وأفرزت التصفيات النهائية التي تأخر موعد إعلانها بسبب جائحة "كورونا"، عن ترشح 1440 مشاركاً من مختلف الأعمار والفئات دون سقف محدد لسن المتباري، بمعدّل 60 مشاركاً عن كلّ ولاية (محافظة).
وما هو مميز في هذه التصفيات أنّ القارئ والمقروء تغلغل في كل الأفضية والمقرات الأسريّة والتعليمية وكذلك ما وراء القضبان، ونقصد بذلك مقرات السجون، حيث انخرط في هذه المسابقة 28 مؤسسة سجنية وترشح للنهائي 42 سجيناً.
وكان تاريخ 4 تشرين الثاني/نوفمبر الجاري موعد اختتام هذه البطولة بفضاء قبة رادس بتونس العاصمة، حيث اجتمعت العائلات التونسية من مختلف الجهات لمرافقة أبنائها وتشجيعهم. وتجاوز عدد الحضور 3 آلاف إلى جانب المترشحين والطاقم المنظم المرافق.
وأشرف على الفعاليات لجنة علمية مختارة ولجان تحكيم جهوية قام أعضاؤها بإصلاح الاختبارات ومراقبة سير العملية.
ومثلت هذه التظاهرة مناسبة هامة لتعاضد جهود العديد من الوزارات المهتمة بالشأن الثقافي والتربوي والاصلاحي في البلاد، على غرار وزارات التربية والتعليم العالي والعدل.
واختتمت البطولة بالإعلان عن أسماء الفائزين بالمراتب الأولى والثانية والثالثة من مختلف الفئات العمرية المشاركة، وعلى مستوى كامل جهات المكتبات الجهوية.
وحضر الحفل عدد من ممثلي الوزارات تحت إشراف وزيرة الثقافة ومدير المطالعة العمومية، الذي يعود له الفضل في إطلاق هذه التظاهرة.