السجن كما يراه الصهاينة.. جرة غاز ومعسكر اعتقال
يجب أن يتذكّر الإسرائيليين بأن أجدادهم تحرروا من المعسكرات النازية، لكنهم يصرون على العودة إليها، عبر إدخال شعب آخر إليها وتنفيذ ما كانت النازية تفعله بهم.
مع كلّ عملية فدائية، يعود الإعلام والشعب الصهيوني إلى الأسطوانة المشروخة نفسها بأن الأسرى الفلسطينيين في السجون الصهيونية يعيشون في جنة وفندق، ويجب إنهاء هذه الحالة والمهزلة بسرعة.
وكما يبدو، فإن الصهاينة لم ينسوا حتى الآن ما جرى مع اليهود في المعسكرات النازية، وما زالوا يعتقدون أن السجن يجب أن يحتوي جرة غاز ومعسكر اعتقال فقط، وأن يتم فيه إعدام الأسرى بالغاز، ومن ثم إحراق جثثهم.
هذه هي الذاكرة الصهيونية عن شكل السجن، لكنهم ينسون أنَّ ما جرى مع اليهود كان جريمة ومحرقة ما زالت الإنسانية تحاول أن تنساها.
ما جرى كان حدثاً استثنائياً، ويجب ألا يتكرر. لذا، إن سجونهم محرقة، وهي أسوأ سجون في العالم. وبحسب المواصفات العالمية للسجون، فإنّ "دولة" الاحتلال تأتي في أدنى التصنيف، حتى إنَّ دولاً من العالم الثالث، مثل الموزمبيق وزامبيا، يعدّ تصنيفها وسجونها أفضل بكثير منها، وهذا ما اعترفت به المحكمة العليا التي طالبت بإحداث تحسين، ولو نسبي، في الوضع المأساوي القائم.
"دولة" الاحتلال هي "الدولة" الوحيدة في العالم التي يتدخّل فيها المسؤول السياسي والعامة في الشوارع في تفاصيل الأوضاع المعيشية للأسرى الفلسطينيين، حتى إنهم يتدخلون فيما يشربون ويأكلون، ومقدار كلّ وجبة، ويصدرون قوائم سوداء ملأى بالممنوعات والمحرمات عليهم، وهم أنفسهم ينسون أنّ إيجال عمير، قاتل رئيس وزرائهم، يعيش حياة الملوك في السجن، ولديه هاتف عمومي على مدار الساعة. وقد سمح له بالزواج والإنجاب وشراء ما يشاء من "الكانتينا" أو إدخالها من الخارج عبر زيارة الأهل.
وهنا، يجب أن نذكّر الإسرائيليين بأن أجدادهم تحرروا من حقبة المعسكرات النازية، لكنهم يصرون على العودة إليها عبر إدخال شعب آخر إليها وتنفيذ ما كانت النازية تفعله بهم، ولا يجوز أن تعتبر "إسرائيل" نفسها "دولة متحضرة"، فيما تطبق في الوقت نفسه القوانين الموجودة في ميانمار والفلبين ودول العالم الثالث.
لم يكتفِ الصهاينة بذلك، بل إنهم حولوا الأسرى إلى ورقة يانصيب في المعارك الانتخابية، إذ إن السياسي الذي يريد أن يحصل على أعلى الأصوات يجب أن يبدأ بالأسرى، ومن جرة الغاز، مثل إيتمار بن غفير الذي لا يشبه أحداً سوى البرابرة ومصاصي الدماء، والذي يحمل على جبينه رسم جرة غاز ومعسكر اعتقال نازي، والكلّ يهتف ويصفق له عندما يطلق تصريحاً، ما يذكّرنا بإحدى قصائد أحمد مطر، التي يقول فيها: "رأيت جرذاً يخطب اليوم عن النظافة وحوله يصفق الذباب".
هذه هي حالة بن غفير الذي يتوعد الأسرى، وخلفه الصهاينة يصفقون ويهتفون له، لكنهم جميعاً نسوا كيف يكون مصير الجرذان والذباب والأوساخ الموجودة على جلودهم.