منذ فاطمة البرناوي إلى عهد التميمي... نضال المرأة الفلسطينية يؤرق الاحتلال

منذ العام 1917 والمرأة الفلسطينية المناضلة تشارك الرجل استنكاره الشديد لوعد بلفور وتساهم بفعالية في التظاهرات والاضرابات، وتأخذ دورها في الاصطدامات والثورات الشعبية المسلحة التي قامت في وجه الانتداب البريطاني. ورغم الظروف الصعبة إلا أن المرأة الفلسطينية كانت باستمرار تجد الوسائل للتحرّك ضمن التقاليد الاجتماعية التي لم تستطع قيودها أن تقعدها عن العمل النضالي، ولقد علمت أن تحرّرها الاجتماعي له غاية واحدة فقط ألا وهي مساهمتها في النضال والكفاح ضد العدو.

نضال يؤرق الاحتلال منذ "فاطمة البرناوي" إلى"عهد التميمي"

الحاخام اسحق بيرنز يضع أصبعه على علّة إسرائيل التي نقضّها في قوله "المرأة الفلسطينية هي مصنع للإرهاب... اطردوا النساء الفلسطينيات من يهودا والسامرة وذلك هو الخلاص". فحينما خرج المجتمع الفلسطيني من براثن الاحتلال العثماني كان قد حمل معه مخلّفات تلك الحقبة التاريخية ومشاكلها وتخلّفها من فقر وجهل ومرض ومشاكل الاستعمار وسياسة التتريك وضعف القدرة على إدارة البلاد (الرجل المريض).

وبما أن المجتمع الفلسطيني بطبيعته ينتمي إلى حضارة عريقة وتؤثّر فيه العهود والمراحل المختلفة. انعكست هذه الظروف على وضع المرأة ودورها في المجتمع وكفاحها ونشاطها، وكل هذه الإرهاصات شكّلت كوابح تأخّر انطلاق المرأة الفلسطينية وتجعل أيّ تحرّك لها محفوفاً بالمخاطر من قِبَل العائلة ثم المجتمع. وعبر هذا الواقع الصعب ونظرة المجتمع السلبية بدأت المرأة الفلسطينية تشقّ طريقها للتحرّر من هذا الواقع السيّىء من أجل المساهمة في درء المخاطر عن الوطن والعمل على تقدّمه.

منذ أن بدأت الهجرة اليهودية إلى فلسطين بعون بريطانيا المُنتدبة، وتأكّد الشعب الفلسطيني من هدف الهجرة بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين من خلال ماورد في وعد بلفور المشؤوم، بدأت المرأة تعي دورها وواجبها الوطني وتفتّش عن الوسائل التي تستطيع من خلالها الوقوف في وجه هذا الخطر الداهِم الذي كان بمثابة حافز قوي وملح يحتّم عليها كونها تمثل نصف المجتمع، أن تضطلع بدورها في النضال.

منذ العام 1917 والمرأة الفلسطينية المناضلة تشارك الرجل استنكاره الشديد لوعد بلفور وتساهم بفعالية في التظاهرات والاضرابات، وتأخذ دورها في الاصطدامات والثورات الشعبية المسلحة التي قامت في وجه الانتداب البريطاني. ورغم الظروف الصعبة إلا أن المرأة الفلسطينية كانت باستمرار تجد الوسائل للتحرّك ضمن التقاليد الاجتماعية التي لم تستطع قيودها أن تقعدها عن العمل النضالي، ولقد علمت أن تحرّرها الاجتماعي له غاية واحدة فقط ألا وهي مساهمتها في النضال والكفاح ضد العدو.

منذ بداية العشرينات أسّست السيّدتان المقدسيتان ميليا سكاكيني وزليخة الشهابي مع أخريات أول اتحاد نسائي فلسطيني، كما تأسّست بنفس الفترة عدّة جمعيات نسائية بهدف مناهضة الانتداب البريطاني، والوقوف في وجه الاستيطان الصهيوني وكان من واجب الاتحاد والجمعيات الإشراف على تنظيم التظاهرات والإضرابات وأشكال الرفض والاحتجاج الأخرى. وقد كان للمرأة في أحداث ذاك العام دور لا يُستهان به لمنعها الجنود البريطانيين من ملاحقة المتظاهرين في الشوارع والأزقّة، وذلك بقذفهم بما توافر من أصيص زهور ثقيلة والأدوات الحادة والزيت المغلي، ما أدى إلى إرباك العدو وإنزال الخسارة بين جنوده. لكن أهم نشاط نسائي كان تنظيم مسيرة نسائية شاركت فيها المئات توجهن إلى مقر المندوب السامي يطالبن بإلغاء وعد بلفور ووقف الهجرة اليهودية. وهنا لابد من ذكر رائدة ومناضلة من الحركة النسائية الفلسطينية ألا وهي طرب سليم عبد الهادي، من مواليد جنين 1910 وقد عقدت عديد المؤتمرات النسائية في منزلها، وقادت أول تظاهرة نسائية للدفاع عن فلسطين ضد الاحتلال.

وفي ثورة البراق 1929 م شاركت المرأة بفعالية كبيرة فيها، ففي القدس وحدها استشهدت أربع نساء هن عائشة أبوحسن وعزيّة سلامة وجميلة الأزعر وتشاويق حسن طيّب الله ثراهن. وفي شهر تشرين الثاني من نفس العام، عُقِد مؤتمر القدس حضرته 300 سيّدة أرسلن برقيات إلى ملك بريطانيا وسياسيها، وأُرسلت البرقيات إلى ممثلي المنظمات الدولية طالبت بوقف الهجرة اليهودية والظلم الذي يلحق بالمواطنين العزّل من بطش قوات الانتداب البريطاني.

وفي عام 1930 نُفذ الحكم شنقاً في عكا بأبطال ثورة 1929 محمّد جمجوم وفؤاد حجازي وعطا الزير، ولقد ضربت والدة الشهيد محمّد جمجوم أروع مثل في الصمود والنضال حيث كانت تزور ابنها ورفاقه في السجن قبل تنفيذ حُكم الإعدام وتوزّع عليهم الشراب وترفع من معنوياتهم، ويوم استشهاد ابنها قالت للمعزّيات اللواتي بكين "لماذا تبكين، أنا لا أبكي بل أفتخر إذ نال ولدي شرفاً كبيراً بأن مات شهيداً".

وقد وثّق استشهاد تسع سيّدات فلسطينيات في ثورة البراق.

وفي الإضراب الذي استمر ستة أشهر في الثورة الفلسطينية الكبرى 1936-1938، عقدت 600 طالبة اجتماعاً قررن فيه الاستمرار بالإضراب حتى تُجاب مطالب الشعب الفلسطيني، وقرّرن اتخاذ الوسائل للرد على مقاطعة البضائع العربية بمقاطعة البضائع الصهيونية والأجنبية، ودعين إلى تظاهرة كبرى. وكانت النساء في المدن والقرى الفلسطينية يشاركن في النشاط العسكري، ويقمن بنقل الأسلحة والذخائر عبر نقاط المراقبة والتفتيش البريطانية من مكان إلى آخر، كما نشطت الجمعيات النسائية وعلى رأسها الاتحاد النسائي العربي الفلسطيني في جمع التبرّعات من المواطنين وتوزيعها على عائلات الشهداء والمُعتقلين، وكانت تقوم كذلك بخياطة الملابس للثوّار وكل ذلك يتم سرّاً ويتفق عليه في اجتماعات سرّية في البيوت.

ونزلت المرأة إلى الميدان تُضمِّد الجرحى وتحمل السلاح، وعلى سبيل المثال لا الحصر الشهيدة فاطمة خليل غزال التي قضت في حزيران 1936 عندما نشبت معركة وادي عزوز بين الجنود البريطانيين والثوار الفلسطينيين، واشتركت فيها المصفحات والطائرات البريطانية وكانت فاطمة مع الثوار تنقل إليهم الماء والطعام وتُضمِّد الجراح، حتى أصابتها رصاصة بريطانية واستُشهدت، وثق عدد شهيدات الثورة بما لا يقل عن إثنتين وأربعين شهيدة منهن من حملت السلاح ومنهن من حملت الذخيرة والزاد ومن عملت بتضميد ورعاية الجرحى.

وعندما لجأ الشعب الفلسطيني إلى حمل السلاح عام 1947 مرة أخرى لإحباط مؤامرة تقسيم فلسطين، هبّت المرأة الفلسطينية لتأدية واجبها الوطني في مقاومة قرار التقسيم. ولقد اتخذت مشاركتها أشكالاً عديدة فقد قامت بالمشاركة في حفر الخنادق، وبناء الاستحكامات، كما حملت السلاح مشاركةً في صدّ الاعتداءات الصهيونية على المدن والقرى. وفي عام 1948 أنشأت المرأة الفلسطينية في يافا فرقة أسمتها (زهرة الأقحوان)، كانت عبارة عن فرقة نسائية للتمريض تجنّدت عضواتها لمرافقة الثوار المقاتلين، ثم طالبن بالاشتراك مع الثوار في القتال وعندما رفِض طلبهن طفن على الصحف وطالبن بإنصافهن، منهن: عادلة فطاير، يسرى طوقان، فاطمة أبو الهدى وظلّت هذه الفرقة تعمل بالتمريض مع الثوار حتى سقطت مدينة يافا، ولقد قامت نساؤها بأعمال بطولية مُنحت على أثرها أوسمةً من الحكومة السورية.

ولم يتخل أيّ من الجمعيات النسائية عن دوره في هذه الحرب إذ تحوّلت مراكزها الاجتماعية إلى مشافٍ عسكرية وطوارئ وتحوّلت العضوات إلى ممرضات فيها، ومثال على ذلك الشهيدة جولييت نايف زكا وعمرها 19 عاماً في حيفا والتي استشهدت وهي تحاول مساعدة الجرحى نتيجة هجوم صهيوني على المدينة. وعندما حدثت مجزرة دير ياسين كانت الفتاة حياة بلبيسي معلمة من نابلس في العشرين من عمرها تدرّس في القرية وتقضي عطلتها في نابلس ولكن عندما سمعت أحداث قرية ديرياسين أسرعت عائدةً إليها، وراحت تضمّد جراح الثوار كيفما استطاعت، وكان بين يديها رجلٌ مصاب، فلم تجد ما تضمّده به فما كان منها إلا أن نزعت غطاء رأسها وبينما كانت تلفّه حول جرح الرجل سقطت شهيدة. وكان هناك أيضاً جميلة أحمد صلاح وذيبة عطية اللتان اشتركتا في المعركة، وكانتا توزّعان الذخيرة على المجاهدين، وأصيبتا لتسقطا شهيدتين مع الأم البطلة حلوة زيدان، فقد قُتِل أمامها ابنها الشاب فلم تبكِ أو تصرخ وزغردت وزغردت بعد استشهاد زوجها في ما بعد، ثم تناولت بندقية ابنها ومضت إلى الميدان حيث أصيبت واستشهدت كأروع مثال على بطولة المرأة الفلسطينية وصمودها.

بعدما اقتلعت نكسة عام 1948 الشعب الفلسطيني من أرضه وألقت به في مخيمات انتشرت فوق أراضي الدول العربية المجاورة، برز دور المرأة في مواجهة قسوة حياة المخيم وفي الصمود في وجه الفقر والجهل والمرض، وفي محاربة النتائج النفسية الوخيمة التي تركتها هذه الظروف القاسية في نفسية الجيل الناشئ، كاليأس والقنوط والروح الانهزامية ونسيان الأرض والوطن، وهنا ظهرت الأمّ المعلمة، الأمّ اللاجئة التي نذرت نفسها لتربية أبنائها على حب الوطن والنضال والشهادة والتعلق بالأرض والتصميم على العودة. هذه الأمّ المكافحة كانت تروي ولاتزال لأبنائها كل ليلة قصة من قصص البطولة، وملحمة من ملاحم الشهادة فوق ثرى الوطن العزيز، وتصف لهم شيئاً من مدن وقرى بلادهم وطبيعتها الخلاّبة وينابيعها النمير، وتحثّهم على النضال في سبيل الخلاص من حياة الذلّ والهوان وشظف العيش في المخيمات، والعودة إلى بلادهم مرفوعي الرأس أو شهداء مرفوعين على الأكتاف.

وفي السنوات اللاحقة من عُمر الصراع العربي الإسرائيلي، لم تتوان المرأة الفلسطينية البتّة عن الالتحاق بالثورة المسلحة منذ البداية، فقد استشهدت المناضلة الباسلة رجاء أبوعماشة وهي تمزّق علم بريطانيا في عمّان سنة 1955، وجرى اعتقال فاطمة برناوي بعد تفجيرها قنبلة في سينما صهيون في القدس وهي تعتبر أول أسيرة فلسطينية، وفي تشرين الثاني من العام 1967 اعتقلت المناضلة عبلة طه (شقيقة الشهيد علي طه) وهي تنقل كمية من المتفجرات، واستشهدت شادية أبوغزالة بينما كانت تعدّ متفجّرة في تل أبيب في شهر تشرين الثاني من العام 1968. ثم كرّت سبحة الشهيدات من منتهى حوراني التي ارتقت في 15/11/1974، إلى الأسطورة دلال المغربي (1958-1978) من مواليد مخيم اللاجئين صبرا القريب من بيروت من أم لبنانية وأب فلسطيني لجأ إلى لبنان في أعقاب النكبة عام 1948. تلقت دراستها الابتدائية في مدرسة يعبد ودرست الإعدادية في مدرسة حيفا وكل من المدرستين تابعة لـوكالة غوث اللاجئين الفلسطينيين في بيروت.
شاركت في عملية عسكرية في إسرائيل في 14 آذار 1978 مع مجموعة دير ياسين وقامت باختطاف حافلة كانت متوجّهة من حيفا إلى تل أبيب وقُتلت في تلك العملية، والجدير بالذكر أنها كانت المفوض السياسي للمجموعة.
كانت على قائمة الجثامين التي طالب بها حزب الله اللبناني في إطار صفقة لتبادل الأسرى أُبرمت مع إسرائيل في 17 تموز 2008 ولكن فحوص الحمض النووي (DNA) أظهرت عدم إعادة الجثمان، وأن الجثث المعادة هي لأربعة شهداء مجهولي الهوية، ولا يزال جثمانها غير معروف المكان. تركت دلال المغربي التي بدت في الصورة الشهيرة وباراك يشدّها من شعرها وهي أمام المصوّرين وصية تطلب فيها من رفاقها "المقاومة حتى تحرير كامل التراب الفلسطيني". كتب الشاعرّ والأديب العربي نزار قباني مقالاَ بعد العملية قال فيه "إن دلال أقامت الجمهورية الفلسطينية ورفعت العلم الفلسطيني، ليس المهم كم عُمر هذه الجمهورية، المهم أن العلم الفلسطيني ارتفع في عمق الأرض المحتلة، على طريق طوله (95) كم في الخط الرئيسي في فلسطين".

ولا ننسى في هذا المقام المناضلة تغريد البطمة التي استشهدت في 23/6/1980، وعبر هذه المسيرة الطويلة لمعت في مجال العمليات الخاصة (خطف الطائرات) بعض الفدائيات أمثال ليلى خالد وأمينة دحبور وسهيلة أندوراس وتيريز هلسة وريما عيسى، وكما برزت بعض الأسماء النسوية مثل انتصار الوزير ومي صايغ وجيهان الحلو وخديجة أبوعلي وعائشة عودة ورسمية عودة وريما الشخشير وريما طنوس... والقائمة تطول وتطول.

وفي انتفاضة الحجارة 1987 لعبت نساء فلسطين دوراً أساسياً لايمكن التغاضي عنه، إذ لم يكنّ يخشين مواجهة الجيش الإسرئيلي، وكان هذا ملموساً على أرض الواقع (ثلث ضحايا الانتفاضة الأولى من النساء)، ومع تدهور الأوضاع المعيشية وارتفاع وتيرة الانتهاكات الإسرائيلية زادت مشاركة المرأة إما عن طريق تنظيم التظاهرات أو رمي الحجارة، ومع تزايد العقوبات الإسرائيلية لعبت النساء دوراً مهماً لبلوغ الاكتفاء الذاتي، إذ قمن بإنشاء تعاونيات من أجل توفير كل المواد التي شحّ وجودها بسبب العقوبات، والملفت في الانتفاضة هو أن الدور الملموس والفاعِل والمتكامل والمتماذج، أسقط الحساسية التقليدية لدور المرأة وضوابطه، وأعطاها دوراً هاماً وفاعلاً لايستطيع الرجل القيام به، مثلاً اعتقال الأطفال والشباب في القرى والمخيمات والمدن وقيام النساء بتخليصهم من أيدي جنود الاحتلال وهذا شاهدناه ومانزال نشاهده على التلفاز ليل نهار.

وفي الانتفاضة المسلحة انتفاضة الأقصى، برزت ظاهرة الاستشهاديات الفلسطينيات، وشهدت القدس أول عملية استشهادية قامت بها وفاء إدريس من مخيم الأمعري في رام الله، في 28/1/2000، وأسفرت عن مقتل صهيوني وجرح 140 آخرين، ما أضاف تعقيدات جديدة إلى قلب الحسابات الأمنية الصهيونية التي كانت تركّز على مراقبة الرجال فقط، وأثارت تلك العملية والعمليات التي تبعتها حالة من الذعر والقلق في صفوف الجيش والاستخبارات الصهيونية، اضطرتهم إلى فرض إجراءات أمنية جديدة، وأخذ هذا العامل الجديد بعين الاعتبار. وكانت ثاني استشهادية هي دارين أبو عيشة، ففي 27/2/2002 قامت هذه الطالبة الجامعية وهي تدرس الأدب الانكليزي، بتفجير نفسها على حاجز صهيوني في الضفة الغربية ما أسفر عن جرح ثلاثة رجال شرطة صهاينة.

وفي 29/3/2002، عقب انتهاء القمة العربية في بيروت وبدء الاحتلال الصهيوني عمليته البربرية في الضفة الغربية، قامت الطالبة آيات الأخرس 18 ربيعاً من مخيم الدهيشة قرب بيت لحم بتفجير نفسها في سوق في القدس الغربية ما أسفر عن مقتل شخصين. وفي أوج الحملة العسكرية المعروفة بالسور الواقي في نيسان 2002 فجّرت عندليب طقاطقة من بيت لحم، جسدها الطاهر في القدس الغربية موقعةً ستة قتلى أثناء زيارة وزير الخارجية الأميركي كولن باول. ولم تمض فترة قصيرة حتى استشهدت نورا شلهوب من مخيم طولكرم وهي تحاول القيام بعملية استشهادية. وفي 19/5/2003 فجّرت هبة الدراغمة وهي طالبة جامعية من طوباس، جسدها الشريف أمام أحد الملاهي حين طلب حارس الملهى تفتيش حقيبتها، فقتلت ثلاثة من الصهاينة وجرحت العشرات. وفي أيلول من نفس العام ثأرت هنادي الجرادات وهي من مدينة جنين، لشقيقها وابن عمها بعدما قتلا بدم بارد أمام ناظريها، فقد قتلت اثنين وعشرين صهيونياً، في مطعم مكسيم في حيفا بعملية استشهادية باسلة. ولم يكن الفاتح من العام 2004 بأقل من سابقه حين دكت الاستشهادية ريم رياشي من قطاع غزّة حصون معبر يرز، فقتلت أربعة منهم وجرحت العشرات، وكانت هذه أول عملية استشهادية نسائية في موقع عسكري صهيوني.

ولابد من الإشارة إلى أنه 450 شهيدة فلسطينية سقطت خلال انتفاضة الأقصى.

وفي الهبّة الجماهيرية  2015، أثبتت المرأة الفلسطينية حضورها المؤثّر والفاعل في الميدان بجانب الرجل ما بين محاولات طعن الجنود والمستوطنين، وحتى محاولات دهس جنود الاحتلال إلى تجهيز الزجاجات الحارقة (المولوتوف)، وجمع الحجارة للشباب، ورشقها، وكشف الطرق الأمنية لهم للتحرّك، حتى المشاركة في تشييع الشهداء.

وثق ارتقاء ما يزيد عن 20 شهيدة في الهبّة الجماهيرية.

وبلغ عدد النساء اللواتي تعرضن للاعتقال خلال العام 2015 نحو 106 معتقلات بين فتاة وامرأة، مقابل 164 معتقلة منهن 79 أسيرة مقدسية خلال العام 2016.

وفي نهايته بلغ عدد المعتقلات 53 معتقلة، بينهن 11 معتقلة قاصر، وثلاث معتقلات إدارياً، ما دفع مصلحة سجون الاحتلال إلى افتتاح سجن الدامون خلال العام 2015، لاستيعاب المعتقلات، إلى جانب سجن الشارون، بسبب الارتفاع المستمر في نسب المعتقلات في سجون الاحتلال. ومن منا لايعرف الأسيرة البطلة عهد التميمي ذات الـ 16سنة، فهناك حديث يدورعن توجّه من الحكومة المتطرّفة للحكم عليها بـ 10 سنوات، فقد أصبحت عهد أسطورة في النضال والشجاعة وانتشرت صورَها على الحافلات في أوروبا، وأطلقت منظمة العفو الدولية نداءً عاجلاً يطالب الكيان الصهيوني بالإفراج الفوري عنها، وقالت المنظمة في ندائها "لم تفعل عهد شيئاً يمكن أن يبرّر استمرار احتجاز طفلة في الـ 16 من عمرها، وهي من بين حوالي 350 طفلاً فلسطينياً محتجزين في السجون ومراكز الاحتجاز الإسرائيلية".

وختاماً لابد من التعريج على الأسيرة البطلة إسراء الجعابيص التي تناقلت صورتها وكلماتها جميع وكالات الأنباء، حين ردّدت عبارتها الشهيرة التي أطلقتها الميادين كوسم على تويتر "في أكثر من هيك وجع". تحيّة للأسيرة البطلة ولكافة المعتقلات الفلسطينيات، فالمرأة الفلسطينية هي نصف الوطن ونصف الثورة وغمد السيف المناضل، واللبؤة التي تنجب أشبال النضال على مر العهود.