الصين وخلافات الجوار على الحدود والنفوذ
خلافات عديدة بين الصين والدول المجاورة لها كالهند وباكستان، وسط تدخلات لدول أخرى في عمق هذه الخلافات.
تاريخياً وفي منطقة TIBET ذاتية الحكم التي تقع في جنوب الصين، والتي تشارك حدودها مع ولاية سيكيم في غرب الهند ومملكة بوتان إلى الجنوب، قامت الصين والمملكة المتحدة في العام 1890 بتوقيع على اتفاقية Sikkim وTibet التي تُحدّد الحدود بين المنطقتين.
ووفقاً لهذه الاتفاقية فإن منطقة دونغ لانغ (Dong Lang) الواقعة على الجانب الصيني الآن من الحدود هي أرض صينية لا جدال فيها، وعلى أساس التقسيم الحاصل في هذه الاتفاقية يتم عبره حل النزاعات الحدودية في المنطقة، وفي 16 من حزيران/ يونيو 2017، بينما كانت الصين تبني طريقاً في منطقة دونغ لانغ، وعلى أثر ذلك وبعد يومين تحديداً في 18 من الشهر عينه عبرت أكثر من 270 قوة من قوات حرس الحدود الهندية مع أسلحتهم، مصطحبين معهم جرّافتين إلى حدود سيكيم في منطقة Doka La لوقف عملية البناء.
وتوغّلوا لأكثر من 100 متر في الأراضي الصينية لعرقلة بناء الطريق على الجانب الصيني، ما تسبّب في التوتّرات في المنطقة حسب الرواية الرسمية الصينية. وبالإضافة إلى الجرّافتين، وضعت قوات حرس الحدود الهندية خياماً لها هناك.
وفي اليوم التالي على التقدّم الهندي وتحديداً في 19حزيران/ يونيو2017، قدّم الحزب الصيني إلى الجانب الهندي عبر القنوات الدبلوماسية احتجاجاً شديداً يُدين التحرّك غير القانوني الذي يقوم به الجانب الهندي، ويطالبه بالانسحاب الفوري للقوات الهندية والعودة إلى الحدود الهندية.
وقالت الصين عبر المتحدّث الرسمي لوزارة الخارجية إنها وبلا هوادة لن تسمح أبداً لأيّ شخص أو منظمة أو حزب سياسي بتقسيم جزء حتى ولو صغير من جمهورية الصين الشعبيّة، وقد يعمل بعض الاستراتيجيين والسياسيين الهنود في ظل سوء الفهم للمسألة التي سنتطرّق لتداعياتها الخطيرة في سياق الحديث، وذلك باعتبار على أن الصين سوف تستأنف عاجلاً أم آجلاً إجراءاتها، وأن الهند يمكن أن تلعب دوراً رئيسياً في استراتيجية الاحتواء الصينية في الولايات المتحدة كما هي الأجواء
السياسية في الهند، وقد اعتمدت قوات الحدود الصينية إجراءات طارئة في المنطقة الحدودية المذكورة.
يُذكر أيضاً أن وزارة الخارجية الصينية ووزارة الدفاع الوطني والسفارة الصينية في الهند استدعت ممثّلي الهند أكثر من مرة في بكين، ونيودلهي، وحثّت الهند على احترام السيادة الاقليمية للصين والانسحاب الفوري لقواتها الحدودية.
وبحلول نهاية شهر تموز/ يوليو2017، كان هناك ما تزال تتواجد نحو 40 قوة من قوات حرس الحدود الهندية وجرّافة واحدة في الأراضي الصينية بشكل غير قانوني.
وتذكر الهند في تعليلها لما جرى، هو أن تشييد بعض الطرق يمثّل تغييراً كبيراً في الوضع القائم Status Quo مع ما يترتّب على ذلك من آثار أمنية خطيرة، ذاكرةً أنه وبتنسيق مع بوتان، حاول الجيش الهندي وقف العمل الجاري.
وكما أن الهند حاولت تبرير إجراءاتها باسم الدفاع عن بوتان، بحجّة أن (دوكلام Doklam هو إقليم تابع لمملكة بوتان، والحجّة الأخرى هي، أن الطريق التي تدخّلت من شأن وقفه، سيؤدّي إلى تمكين الصين من الوصول بسهولة إلى مُرتفع استراتيجي ونقطة حدودية حساسة اقتصادياً على الأقل.
وعلى الرغم من أن الهند وبوتان ترتبطان تقليدياً بعلاقات وثيقة، فإن الهند تعترف ببوتان كدولة مستقلّة ذات سيادة. وحتى الآن، لا يوجد دليل على أن هذه الدعوة وجّهتها فعلاً Thimphu، وهي التي تمثّل سلطة بوتان، لدعوة الهند لحماية مصالحها.
دوكلام ذات أهمية استراتيجية هائلة للهند والصين معاً، لقربها من ممر سيليغوري Siliguri، الذي يربط سبع دول شمال شرق البلاد إلى بقية البلاد.
خط الحدود هو خط السيادة
ووفقاً للوثيقة المقدّمة من وزارة الخارجية الصينية في 02/08/2017 بشأن الحقائق وموقف الصين من المستجدات التي سوف نستعرض أبرز ما جاء فيها، وهو إن عملية بناء الطرق على الأراضي الصينية كانت تهدف إلى تحسين النقل المحلي وهو مشروع قانوني تماماً وعلى أن الصين لم تعبر.
الحدود في عملية البناء، وقد أبلغت الهند مُسبقاً بالمشروع لإبداء حُسن نواياها. واستشهدت الهند بـ "تداعيات أمنية خطيرة" على بناء الطُرق الصينية كمبرّر لعبورها غير الشرعي للحدود.
ولكن وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 3314 الصادر في 14 أيلول/ ديسمبر عام 1974، أي اعتبار مهما كانت طبيعته السياسية والاقتصادية والعسكرية أو غير ذلك لا يمكنه أن يكون بمثابة مبرّر لغزو أو هجوم من قِبَل القوّات المسلّحة لدولة لأراضي دولة أخرى.
ومنذ الثمانينات، شاركت الصين وبوتان، بصفتهما سيادتين مستقلتين، في مفاوضات ومشاورات لحل مسألة الحدود بينهما.
وقد أجرى الجانبان حتى الآن 24 جولة من المحادثات وتوصلا إلى توافق واسع في الرأي. وعلى الرغم من أنه لم يتم بعد تحديد الحدود رسمياً، فقد أجرى الجانبان تحقيقات مشتركة في منطقتهما الحدودية، وحظيا بالموافقة الأساسية على الوضع الفعلي للمنطقة الحدودية ومواءمة حدودهما.
الهند وإسرائيل والصديق الحقيقي
يأتي ذلك بعد زيارة رئيس الوزراء الهندي مودي إلى الولايات المتحدة للقاء ترامب، تزامناً مع دخول قوات الحرس الحدود الهندية إلى الأراضي الصينية، قام بعدها الرئيس مودي بزيارة إلى إسرائيل في 04 من تموز/ يوليو2017، والتي لم أكن أعتزم إحضارها في خضمّ الحديث، أي إسرائيل، ولكن الأمور حدثت كما هي الحال دائماً في كل مناسبة تعمّ فيها الانقسامات والصراعات والتفرقة بين الفرق والدول والجماعات، كدور إبليس الدائم تماماً، وبالرغم من احتدام الوضع على الحدود بين الهند والصين، قام الطرفان بتوقيع اتفاقية دفاعية مشتركة، وزيارة مودي التي وصّفها موقع صحيفة"يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية بالزيارة "التاريخية" تأتي أيضاً احتفالاً بمرور ذكرى ال 25 سنة على إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
باكستان تُطلق صفير الإنذارات على خطورة الوضع الراهن
كما ذكرت صحيفة "نيوز 24" الإسرائيلية إن مسؤولاً كبيراً بوزارة الخارجية الباكستانية ذكر أن زيارة رئيس الوزراء الهندي مودي إلى "إسرائيل والتوقيع على اتفاقيات الدفاع شيء يجب ان نقلق من شأنه".
وقد أثارت الزيارة قلق باكستان من قِبَل العديد من المسؤولين الحكوميين من ناحية، ومن جانب المُحلّلين العسكريين والسياسيين من جهة أخرى، لأن إسلام أباد تعتقد أن كلاً من مودي وبيبي نتنياهو يتآمران عليها كما يُشاع في أروقة السلطة في إسلام أباد التي امتلأت بالمضاربات بشأن العلاقة بين الهند وإسرائيل على أنها ستُشكّل تهديداً خطيراً لوجود باكستان.
وذكر السيّد أصف كرماني المُستشار الخاص لرئيس الوزراء الباكستاني "نوّاز شريف" أنهما (الهند وإسرائيل) يتآمران ضدّ باكستان".
ولهم كامل الحق في الشعور بالقلق في اعتقادي بعد أن قامت الإدارة الأميركية بعد تلك المناوشات، بالبحث في قطع المساعدات لباكستان ولجيشها، والتي تُقدّر ب 400 مليون دولار سنوياً، عوضاً عن إجراءات تُعدّ تأديبية اتبعتاها باتجاه باكستان.
وقد وقّع مودي، الذي وصل إلى إسرائيل في 4 من يوليو / تموز، سلسلة من العروض الأخرى في مجالات الزراعة وتكنولوجيا الفضاء، الأمر الذي أثار المخاوف في باكستان أيضاً، كما وصف رئيس الوزراء الهندي "إسرائيل" بأنها "الصديق الحقيقي للهند".
وقد كانت إسرائيل منذ فترة طويلة مورداً هاماً للأسلحة في الهند، لكن "هذه العمليات ظلّت سرّية". وتُعدّ أول زيارة يقوم بها رئيس وزراء هندي إلى الدولة اليهودية، يوقِّع الطرفان فيها اتفاقيات ضخمة بقيمة 1.6 مليار دولار، وهذا الذي أثار قلق ليس فقط باكستان.
الجواب أتى واضحاً من الصين ومن الطِراز الصاروخي أيضاً
احتفل جيش التحرير الشعبي الصيني بعيد ميلاده التسعين للمرة الأولى بعرض عسكري كبير يوم30يوليو 2017.
وخلال العرض الذي تضمّن أكثر من 12 ألف جندي و129 طائرة عسكرية و571 مركبة عسكرية، أظهر الجيش الصيني أحدث أسلحة امتلكها، ومعدّاته بما في ذلك مُقاتلات من الجيل الخامس وصواريخ بالستية عابِرة للقارات يصل مداها إلى أكثر من 10 آلاف كيلومتر قادرةً على حمل أسلحة نووية.
وقد استفادت الصين من الطائرات المُقاتِلة الروسية أيضاً، لصناعة بعض من طائراتها، وأبرزت كمية ونوعية جديدة ومُتطوّرة من العتاد المعلوماتي الحديث والاستخباراتي في العرض كأساليب التشويش والحرب الإلكترونية.
بحر الصين الجنوبي وخفْض توتّر الحِصار البحري
هدف ذلك هو إخماد الأسباب التي يمكنها أن تستخدم لحصار الصين بحرياً، نجحت بكين في إقناع دول جنوب شرق آسيا بالإدلاء ببيان نيابةً عن مجموعة (اسيان (ASEANالتي تضمّ دول منطقة جنوب شرق آسيا، وإعلان قبول شروط الصين لإجراء مُحادثات في نهاية آب/ أغسطس2017 لاستيعاب الاحتجاجات الإقليمية.
بعد نزاعِ دام لسنوات بين دول جنوب شرق آسيا والصين لرفض طلب بكين على 80٪ من السيادة البحرية في بحر الصين الجنوبي.
والأمر المخفي اقتصادياً في بحر الصين الجنوبي تحديداً لعلّه أن الاكاديمية الصينية للعلوم التي قدّرت قبل عامين أن هناك حوالى 220 مليار برميل من النفط و 16تريليون متر مكعب من الغاز في بحر الصين الجنوبي التي تتقاسمها مع فيتنام، الفيليبين، تايوان، بروناي وماليزيا والجدير بالذكر هنا، نمو خلايا إرهابية وآلات داعش ليس من وقت طويل في البلدان المذكورة، و من هذا البحر يخرج 1,6 مليون طن من الأسماك سنوياً وقيمة البضائع التي تمر عبر البحر الصيني الجنوبي، من تايوان إلى سنغافورة بطول 3,5 كيلومتر مربع، تصل إلى 5 تريليون دولار سنوياً إلى حد أن الصين تسميه "خط الحرير البحري".
وهو ممر إلزامي لأكثر من 80٪ من النفط المنقول من الشرق الأوسط إلى دول شرق آسيا. وقد سبق وحذّرت بكين من أنها أول ضحية للعقوبات الأميركية ضد كوريا الشمالية والتي تضر في مصالحها البحرية أولاً.
وكان السيّد ترامب واضحاً في حملته الانتخابية بعيداً عن واقعه الحالي. قائلاً إن الخطر الحقيقي في آسيا هو الصين وليس روسيا لأنها تنمو بسرعة كبيرة وهي المُنافِس الأول للولايات المتحدة. لذلك، يجري جذْب روسيا لإنشاء التقارُب الشكلي أحيانا والوهمي وهي التي لا تشكّل خطراً اقتصادياً آنياً للولايات المتحدة الأميركية وهو الذي يمتهنه ترامب تحديداً بل هو خطر فكري، والتهديد الفكري يتم حلّه أيضاً بوسائل اقتصادية في كثير من الأحيان لإغراء الشعوب وتقييد الدولة بديون
ومصادر محدّدة، وطبعاً بالعقوبات المُتعسّفة، وذلك بغرض عزْل الصين ومحاصرتها اقتصادياً وعسكرياً بسبب كوريا الشمالية من جهة البحر وكي لا ننسى التواجد الأميركي وتحديداً حلف الناتو في أفغانستان والقرار في زيادة عديده الأميركي منه براً، والآن الهند بدورها تساهم على أقل تقدير من البر والوجود الأميركي في البحر كان دائماً ومتزايداً مع وتيرة كوريا الشمالية، وهكذا تكون قد حصرت الصين براً وبحراً، هذا التفكير يمكن تسميته (ترامب ستايل)، وعلى كل حال لقد ارتفعت التجارة بين روسيا والصين بنسبة 19.4في المائة في يوليو 2017 في ظلّ هذه التداعيات برمّتها.
ما رأيناه من الإرهاب المُدمّر في الشرق الأوسط، على الأرجح يمكنه توجيهه، وإيجاده حيث تطلب الضرورة، وذلك بأرخص الأثمان، كتسجيل صوتي لجماعة مُسلّحة في مكان ما في العالم، تلبّي الطلب.
التوقّعات المُستقبلية ترجّح آسيا الوسطة والبلدان الكثيفة سكانياً والفقيرة سيادياً هناك، سوف تكون على الأرجح عُرضة لتفعيل الإرهاب فيها وهنا مع كلمة إرهاب لا أحصره بالجماعات التكفيرية فحسب ولكن أيضاً إرهاب دول عبر خلْق خطر وهمي وعلى إثرها تتحرّك مشاعر الشعوب.