تيران وصنافير .. ما بين الحقيقة والافتراء

أثار قرار مجلس الوزراء المصري بترسيم الحدود البحرية بين مصر والمملكة العربية السعودية وعرض اتفاقية الترسيم على مجلس النواب جدلاً كبيراً على المستوى الشعبي لعدة أسباب أهمها إقرار مصر بملكية المملكة السعودية لجزيرتي "تيران" و "صنافير" اللتين تقعان على مدخل خليج العقبة. وظلّت مصر مُسيطرة عليهما منذ أواخر عام 1949 وحتى اليوم. فما هو تاريخ هاتين الجزيرتين وهل تنتميان إلى السعودية أم إلى مصر؟

تكمن أهمية هذه الجزر من الناحية الاستراتيجية في تحكّمها بالمداخل الوحيدة لمضيق تيران.
تقع جزيرة تيران في مدخل مضيق تيران الذي يفصل خليج العقبة عن البحر الأحمر، وتبعد 6 كم عن ساحل سيناء الشرقى و 8كم عن السواحل الغربية السعودية، تبلغ مساحة الجزيرة 80كم². أما جزيرة صنافير فتقع شرق جزيرة تيران على بعد 3كم وتبلغ مساحتها 33كم². تكمن الأهمية الاستراتيجية لهما في الممرات الثلاثة التي تصنعهما حيث يقع أثنان منها بين جزيرة تيران وشرم الشيخ ويبلغ عمق الأول 290 متراً ويُسمّى ممر "إنتربرايز" وهو الممر الوحيد الصالح للملاحة، الممر الثاني يُسمّى ممر "جرافتون" ويبلغ عمقه 73 متراً والممر الثالث يقع بين جزيرتي تيران وصنافير ويبلغ عمقه 16 متراً فقط.

تكمن أهمية هذه الجزر من الناحية الاستراتيجية في تحكّمها بالمداخل الوحيدة لمضيق تيران الذي يبلغ عرضه 4.5كم ويُعد البوابة الوحيدة لخليج العقبة ، ما يجعلها تتحكّم في حركة الملاحة الدولية وتمكن الطرف المسيطر عليها من إغلاق الملاحة في الخليج في أي وقت في اتجاه ميناء "إيلات" في فلسطين المحتلّة وميناء العقبة الأردنى، أيضاً تتميّز هذه الجزر بأهميةٍ سياحية وطبيعية كبيرة نظراً إلى تميّزها بمستعمرات مُرجانية كبيرة وفائقة الجمال وتعتبر مستقراً لعددٍ كبيرٍ من الأحياء البحرية النادرة والطيور المُهاجرة ومكاناً مميزاً لممارسة سياحة الغوص.

الجدل حول تبعية هذه الجزر

الرأي الذي أعتبر أن هذه الجزر مصرية اعتمد على عدة تصريحات لعدد ٍمن المسؤولين السابقين.
انقسمت الآراء في الفترة الأخيرة حول حقيقة تبعية هذه الجزر للمملكة السعودية أو للجمهورية المصرية، هذا الانقسام ساهمت في زيادته حال الاستقطاب السياسي الموجودة في مصر منذ عزل الرئيس السابق محمّد مرسي ، وبسببها أجزم البعض بتبعية هذه الجزر إلى مصر أو السعودية بناء على رأيه السياسي قبل حتى مراجعة التاريخ أو المراجع الجغرافية التي توضح تاريخ وموقع هذه الجزر.

الرأي الذي أعتبر أن هذه الجزر مصرية اعتمد على عدة تصريحات لعدد ٍمن المسؤولين السابقين منهم محافظ جنوب سيناء السابق في الفترة من 1991 إلى 1993 بجانب قرار وزاري مصري صدر عام 1983 تحت رقم 1068 "صورة1" وتم تعديله عام 1996 برقم 2035 "صورة2" لاعتماد منطقة رأس محمّد والجزيرتين كمحميات طبيعية ، بجانب قرار وزاري آخر صدر عام 1983 تحت رقم 422 "صورة3" بإنشاء نقطة شرطة مصرية في جزيرة تيران. كما استعان مؤيدو هذا الرأي بعدد من الخرائط القديمة في ما قبل عام 1900 وبترسيم الحدود الذي تم عام 1906 بين الدولة العثمانية والمملكة المصرية والذي ظلّت فيه الجزيرتان ضمن حدود مصر. إلا أن هذا الرأي يقابله رأي معاكس يدفع بتبعية الجزيرتين إلى الأمبراطورية العثمانية ، وانتقالهما منها إلى المملكة السعودية حتى يناير عام  1950 حين بدأت مصر في بسط سيطرتها على هذه الجزر ، و يستند أصحاب هذا الرأي إلى عدد من الوثائق والكتب نعرض لها فى ما يلي.

صورة2

صورة رقم 3

تاريخ الجزيرتين القديم والمعاصر

صورة رقم 7
تاريخياً لابد من الإشارة إلى نقطة هامّة جداً تتعلّق بعدم إجراء أي ترسيم للحدود "البحرية" بين المملكة المصرية والأمبراطورية العثمانية ، وأن كل ما تم من ترسيمات كان للحدود البريّة فقط. النزاع بين الجانبين كان متبادلاً على مناطق في سيناء والحجاز منذ عام 1840 وهو العام الذي نصت فيه معاهدة لندن الموقّعة بين الخديوي محمّد على باشا والدولة العثمانية على شمول الحدود الشرقية للدولة المصرية أجزاء من جنوب سوريا وشمال غرب الحجاز، من دون أي ترسيم للحدود البحرية". وحسب ما ورد في دراسة بعنوان "الصراعات القبلية وتخطيط حدود مصر الشرقية والغربية في بداية القرن العشرين" للدكتور سليمان محيي الدين فتوح أستاذ التاريخ الحديث في جامعة قناة السويس ، فإن الحدود بين الجانبين ظلت على هذا الوضع حتى عام 1892حين أصدرت الدولة العثمانية فرماناً بتولّي الخديوي عباس حلمي الثاني عرش مصر، وقد جاء هذا الفرمان مخالفاً لِما سبقه ولأحكام معاهدة لندن وهدفت الدولة العثمانية منه إلى إدخال تعديلات على الحدود الشرقية لمصر بحيث إذا لم تعترض المملكة المصرية على هذه التعديلات تصبح إقراراً بصحة هذه الحدود مستقبلاً، تكثّفت الاتصالات بين القاهرة والآستانة التي اعتبرت الفرمان تحديداً لحدود مصر الشرقية بخط يمتد من السويس إلى العريش، ولكن رفضت القاهرة هذا التحديد ونشبت أزمة سياسية استمرت على مدار ثلاثة أشهر إلى أن تمت تسوية الملف على أساس جلاء مصر عن العقبة والمراكز الواقعة شرقها "ضبا – المويلح – الوجه"، وفي 14 أبريل/نيسان 1892 صدرت وثيقة تسوية الأزمة وكانت على شكل برقية موجّهة من جواد باشا الصدر الأعظم للحكومة العثمانية تعطي مصر الحق في إدارة شبه جزيرة سيناء ، واعتُبرت البرقية مكملة للفرمان العثماني السابق ومثلت اعترافاً صريحاً بأن شبه جزيرة سيناء جزء من الخديوية المصرية لا يجوز إجراء أي تعديل فيه من دون موافقة الدول الموقّعة على معاهدة لندن 1840 الضامنة لبقاء الأوضاع التي تقررت بالنسبة إلى الحدود بين مصر وتركيا، (وهنا لابدّ من الإشارة إلى أنه حتى هذه المرحلة لم يتم أي ترسيم للحدود البحرية).

ظل الوضع على ما هو عليه حتى يناير/كانون الثاني 1906 حين توغّلت القوات التركية في سيناء انطلاقاً من العقبة ودخلت مدينة طابا ومناطق أخرى وأزالت العلامات الحدودية التي كانت موجودة في مدينة رفح، و هنا أصرّت الحكومة المصرية على أن يتم ترسيم الحدود بشكل رسمي ، وألا يتم الاكتفاء بمجرد "تعيين" هذه الحدود منعاً لأي انتهاكات مستقبلية، بعد الانسحاب التركي من المناطق التي سيطر عليها في سيناء اتفقت الحكومتان المصرية والعثمانية على إرسال مندوبين لتعيين الحدود ، فقام الخديوي عباس حلمي الثاني بتشكيل لجنة مصرية لتعليم الحدود تتكوّن من خمسة أفراد، وبعد خمسة أشهر من المفاوضات التي رفض فيها الوفد المصرى ثلاثة اقتراحات من قِبَل الوفد العثمانى تم الاتفاق على تحديد خط حدود مصر الشرقية في أكتوبر/تشرين الأول 1906 بخط يصل ما بين أم الرشراش ورفح وهي الخريطة التي يعتمد عليها المؤيدون للرأي القائل أن الجزر مصرية.

لكن إذا دقّقنا في تفاصيل اتفاق عام 1906 حسب التفاصيل التي وردت في كتاب "تاريخ سيناء القديم والحديث وجغرافيتها" الذي قام بتأليفه ونشره عام 1916 نعوم بك شقير أحد أعضاء الوفد المصري الذي شارك في ترسيم الحدود، نجد أنه لم يتم أي ترسيم للحدود البحرية سواء كانت " مياه داخلية / مياه اقليمية / جرف قاري / بحر عالٍ"، كما أن جزر خليج العقبة "تيران و صنافير وفرعون" ذُكرت في الكتاب بصورة منفصلة حيث تم وصف جزيرة "فرعون" بأنها تتبع "حد سيناء"، في حين أنه تم وصف جزيرتي تيران وصنافير بأنهما أرض لا يوجد فيها أحد من دون أي تحديد لتبعيتهما "صورة7". ظلّت هذه الجزر ضمن الحوزة العثمانية ومن بعدها مملكة الحجاز حسب معاهدة سيفر عام 1920 ثم المملكة العربية السعودية عام 1932. و هذا يؤكده عدد من الخرائط الموجودة في مكتبة الكونغرس الأمريكي للمنطقة في أعوام 1900 و 1922 و 1947 و 1955

ظل هذا هو الوضع القائم حتى قامت إسرائيل باحتلال مدينة أم الرشراش "إيلات" في مارس/آذار 1949 وباتت الجزر تحت التهديد الإسرائيلي المباشر ما جعل المملكة السعودية في يناير/كانون الثاني 1950 تبادر بمنح  السيطرة على الجزيرتين إلى مصر ضمن اتفاق اقتضته ضرورات حمايتهما وضرورات الصراع مع إسرائيل ، خصوصا وأن مصر وبريطانيا استخدمتا هذه الجزر للمجهود الحربي خلال الحرب العالمية الثانية. تم تبيلغ كل من بريطانيا والولايات المتحدة في أواخر يناير/كانون الثاني ومطلع فبراير/شباط  من نفس العام بهذا الاتفاق ، وقام الملك عبد العزيز آل سعود بإرسال برقية إلى الوزير المفوّض السعودى في القاهرة في فبراير/شباط 1950 جاء في جزء منها "إن نزول القوّة المصرية في جزيرتي تيران وصنافير لأن أمن هاتين الجزيرتين كان مقلقاً لنا كما هو مقلق لمصر، وجود القوة المصرية فيها قد أزال القلق. وعلى الرغم من ادعاء المندوب المصرى في مجلس الأمن في 15 فبراير/شباط     1954ملكية الجزيرتين أمام المجلس إلا أنه لم يعترض على إعلان المندوب السعودي تمسّك المملكة السعودية بملكية هاتين الجزيرتين ، وقد تم ذلك في مذكرتين أرسلتا إلى المجلس في أبريل/نيسان 1957 ، وهذا قد يُشير إلى الاتفاق بين البلدين حول استخدام مصر للجزيرتين مع احتفاظ السعودية بحقها في استرجاعهما في أي وقت ، وهنا أستشهد بما ورد في الجزء الثاني من كتاب حرب الثلاثين سنة "سنوات الغليان" للكاتب الراحل محمّد حسنين هيكل حول هذه الفترة ،  حيث ذكر بوضوح إن الجزيرتين هما سعوديتان في الأصل بسطت مصر السيطرة عليهما بترتيب بين البلدين بغرض التعرّض للملاحة الإسرائيلية في خليج العقبة، كما يذكر أيضاً أن الملك فيصل كان على وشك إرسال سَرِية مشاة إلى الجزيرتين في 4 يونيو/حزيران 1967 إلا أنه تراجع مؤقتاً إلى أن "تنجلي الأحوال" حسب تعبير البرقيات السعودية التي اعترضتها مصر. هذا الوضع أكدته خريطة رسمية سوفياتية تم نشرها عام 1967 وكتب فيها بوضوح كلمة "العربية السعودية" أسفل اسميّ الجزيرتين، كما أكدته برقيات دبلوماسية عديدة منها برقية تم إرسالها من السفارة الأمريكية في القاهرة إلى وزارة الخارجية في واشنطن أواخر يناير/كانون الثاني 1950 وبرقية ثانية أُرسلت من وزارة الخارجية الأمريكية في فبراير/شباط 1957 وبرقية أخرى تم إرسالها في أكتوبر/تشرين الأول 1968 من وزارة الخارجية الأمريكية إلى السفارة في المملكة السعودية، كما قدّم كتاب "مضيق تيران في ضوء أحكام القانون الدولي ومبادئ معاهدة السلام" للمؤرّخ المصري الدكتور عمرو عبد الفتاح خليل شرحاً وافياً لهذه المرحلة.

قامت مصر عام 1967 بإغلاق مضيق تيران مستخدمة قواتها الموجودة على الجزيرتين أمام الملاحة الإسرائيلية ومن ثم وقعت الجزيرتان تحت الاحتلال الإسرائيلى حتى عام 1978 حين دخلتا ضمن الإجراءات العسكرية الخاصة معاهدة "كامب ديفيد"، وأصبحتا ضمن المنطقة "ج" التي لا يحقّ لمصر أي وجود عسكري فيها ، ونصت المعاهدة في هذا الصدد على ضمان حرية مرور السفن الإسرائيلية في قناة السويس واعتبار مضيق تيران وخليج العقبة ممرين دوليين بجانب تتمركز قوات الأمم المتحدة بشكل دائم في شرم الشيخ لضمان حرية المرور في المضيق ، (وهنا لابد من الإشارة إلى أنه على الرغم من ظهور الجزيرتين في خرائط المعاهدة من ضمن مناطق أخرى إلا أنه لم يرد ذكرهما صراحة ضمن بنود معاهدة السلام بين مصر وإسرائيل) وقد دخلا ضمنياً ضمن المعاهدة نظراً لسابق وجود القوات المصرية فيهما ، وهو التواجد الذي اقتصر منذ ذلك الحين على نقطة شرطة مدنية وحيدة ونقطة ملاحظة لقوات حفظ السلام، كما أن دراسات جغرافيّة صدرت خلال فترة السبعينات تشدّد على أن الجزيرتين تتبعان للمملكة السعودية منها دراسة صدرت منتصف عام 1970 أصدرتها وحدة بحثية تابعة لوزارة الخارجية الأمريكية حول الحدود البحرية للمملكة السعودية.

خلال فترة الثمانينات صدرت عدة دراسات ومقالات تؤكد على ملكية السعودية للجزيرتين منها دراسة لجامعة كامبريدج نُشرت عام 1985 ومقال للدكتور محمّد البرادعى نشره عام 1982 إبّان فترة عمله كأستاذ زائر للقانون الدولي في مدرسة القانون في جامعة نيويورك.

ظل الوضع القائم كما هو إلى أن أرسلت السعودية خطابين رسميين إلى الخارجية المصرية الأول في أغسطس/آب 1988، والثاني في فبراير/شباط 1989، تطلب فيه من مصر مراجعة وضع الجزيرتين وتجديد التعهّد بالاعتراف بسيادة المملكة على الجزيرتين، وأشار أحد هذه الخطابات إلى تلقي الملك خالد بن عبد العزيز رسالة من الرئيس السوداني الأسبق جعفر النميري تضمّنت طلباً من الرئيس الأسبق حسني مبارك بعدم إثارة موضوع الجزيرتين إلى أن يتم الانسحاب الإسرائيلي الكامل من الأراضى المصرية، مضمون الخطابات السعودية أكده خطاب أرسلته الخارجية المصرية إلى رئيس الوزراء المصري آنذاك عاطف صدقي عام 1990، حيث ذكر في الخطاب حرفياً "إن مصر قامت في فبراير/شباط 1950 باحتلال جزيرتي صنافير وتيران وأبلغت الحكومتين الأمريكية والبريطانية بهذا الموقف، وإنها لجأت إليه في ضوء المحاولات التي تكرّرت من جانب السلطات الإسرائيلية تجاه الجزيرتين، وإن هذه الخطوة تمت بالاتفاق مع حكومة المملكة السعودية"  كان نتيجة هذه المطالبة إصدار الرئيس المصري السابق حسني مبارك للقرار رقم 27 لعام 1990 بما يخص نقاط التحديد لقياس البحر الإقليمي والمنطقة الإقتصادية المصرية ، والذي سواء في متنه أو فى الإخطار الذي أرسلته مصر إلى الأمم المتّحدة بشأنه في نفس العام كان خالياً من أية أشارة للجزيرتين أو لملكية مصر لهما ، وهذا ما أكدته دراسة أعدّها مكتب المحيطات والشؤون البيئية والعلمية الدولية في وزارة الخارجية الأمريكية عام 94 حول الحدود البحرية لمصر وألبانيا، وأظهرت الخرائط المُرفقة بالدراسة 52 نقطة ساحلية حدّدتها الحكومة المصرية عام 1990 كمقياس لبحرها الاقليمي ويظهر في إحدى هذه الخرائط بوضوح أن جزيرتي تيران  وصنافر كانتا خارج هذه النقاط وليس داخلها.

قدّم كتاب "سيناء فى الاستراتيجية و السياسة و الجغرافيا" للمؤرّخ المصري جمال حمدان والمنشور عام 1993 شرحاً وافياً للعلاقة المصرية السعودية حول هذه الجزر منذ عام 1950، كما أنه أورد وثائق مُهمّة منها نص برقية مرسلة من سفير الولايات المتحدة الأمريكية في مصر إلى وزير الخارجية الأمريكي "دين اتشيسون" في 30 يناير/كانون الثاني 1950 حول وصول "مذكرة تفصيلية" من وزارة الخارجية المصرية تؤكّد أن القوات المصرية قامت باحتلال جزيرتي "تيران" و"صنافير"، بالتنسيق مع المملكة السعودية تحسباً لأي تهديدات مُحتملة من الجانب الإسرائيلي تجاه الجزيرتين. أحدث دراسة تم إصدراها بخصوص هذه الجزر صدرت عام 2001 من قِبَل الوحدة الدولية لأبحاث الحدود والتي ذكرت نصاً إن الجزر مُحتلة من قِبَل مصر.

الاتفاق المصري - السعودي لترسيم الحدود

التفاصيل التي أعلنها مجلس الوزراء المصري حول الاتفاق السعودي المصري نصت على اعتراف مصر رسمياً بأحقّية المملكة العربية السعودية في جزيرتي صنافير وتيران بعد 11 جولة من المباحثات استمرت على مدار 6 سنوات ضمن مجهود يشمل ترسيم كامل الحدود البحرية المصرية ، وهو ما تم اتخاذ خطوات كبيرة فيه خصوصاً مع اليونان وقبرص ، وعلى ما يبدو فإن الهدف الأساس من هذه الخطوة هو محاولة الاستفادة القصوى من إمكانيات الجزيرتين الاستراتيجية والتي تقلّصت إمكانية الأستفادة منها بسبب قيود معاهدة السلام مع إسرائيل، و بغضّ النظر عن التزام المملكة السعودية من عدمه بعد تسلّمها الجزيرتين رسمياً بهذه القيود التي فرضتها معاهدة السلام "وهو التزام ضمني كما سبق وأشرت" فأن إحياء فكرة مشروع الجسر بين البلدين والذي سيبلغ طوله 50كم يجعل السيطرة على الجزيرتين مشتركة بين البلدين نظراً لمروره بهما، وبالإضافة إلى المكاسب الاقتصادية والتنموية التي سيحققها الجسر سيسمح لكلا البلدين بتواجد بري دائم بشكل موسّع على الجزيرتين ، وهو ما قد يساعد في تحقيق استراتيجية عسكرية مهمّة للسيطرة على أي مضيق أومُسطّح مائي و هو استراتيجية "رأس الجسر" ، وهذا قد يفسّر الاعتراض الإسرائيلي السريع والقوي تجاه هذا المشروع الذي رفضه سابقاً الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك تحت ضغط أمريكي وإسرائيلي.

وفي أنتظار التوضيح الرئاسي المصري المُرتقب لكامل هذا الملف، ورد فعل البرلمان المصري تجاهه، كان من أبرز ما ظهر من إرهاصات بوادر محاولات من جانب أطراف "ربما تكون سعودية" في تصوير إرجاع الجزيرتين إلى المملكة ومجهود 6 سنوات من البحث والتحقيق إلى مجرد "نجاح موجّه إلى الداخل السعودي" و "صفقة مدفوعة الثمن" مواكبة لزيارة الملك السعودي إلى القاهرة، و هذا الوضع وجد من يتلقّفه من المصريين في وسائط التواصل الاجتماعي، حمل هذا الملف في طياته كثيراً من النقاط المُثيرة للجدل ربما يكون قد زاد منها مسؤولية الحكومة المصرية في عدم الوضوح و الشفافية في عرض حقائق هذا الملف على الأوساط الشعبية المصرية ، وهو ما فتح الباب واسعاً لاجتهادات وأقاويل مشكوك في صحتها ، و فتح الباب أيضاً لممارسات صحفية أختلط فيها الهوى السياسي بالعمل الصحفي ، ولعل من أمثلة هذا الخلط ما قامت به جريدة النيويورك تايمز الأمريكية التي نشرت هذا الشهر مقالاً يتحدّث عن "مَنح مصر جزرها للسعودية" في حين أن نفس الصحيفة نشرت مقالاً عام 1982 يتحدّث عن مَنح السعودية الجزيرتين لمصر خوفاً من سيطرة إسرائيل عليهما!