الحظر التّسليحيّ الغربيّ على أبو ظبي والرّياض.. ما الحقيقة؟
تبقى الخطوات الغربية في مجال حظر التسليح على الرياض وأبو ظبي ضعيفة لاعتبارات اقتصاديّة وبسبب خشية بعض الدول الأوروبية من فقدان السوق الخليجية.
عاد الحديث مرةً أخرى في الأوساط الأوروبية، مطلع الشهر الماضي، عن مسألة صادرات السلاح الموجّهة إلى كل من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وهو ملفّ شهد انقساماً كبيراً في كيفية التعامل معه، سواء داخل الاتحاد الأوروبي أو خارجه، واختلطت فيه الحسابات الاقتصادية والسياسية بالاعتبارات الإنسانية والأخلاقية.
بدأ هذا الملفّ بشكل فعلي بالتزامن مع بدء الحملة العسكرية لقوات التحالف السعودي على اليمن في آذار/مارس 2015، إذ اتّضح من خلال مسار سير المعارك المستمرة فعلياً حتى اليوم أن القوات السعودية والإماراتية استخدمت طائفة واسعة من الأسلحة الغربية خلال عملياتها على الأراضي اليمنية، تنوعت بين الأسلحة الأميركية والبريطانية والكندية والفرنسية والإيطالية، بشكل بدأ يشكل ضغطاً كبيراً على هذه الدول وغيرها، من أجل مراجعة علاقاتها التسليحية مع كلا الدولتين، في ظل الخسائر البشرية الهائلة الّتي نتجت من استخدام هذه الأسلحة والمنظومات، وخصوصاً ما يتعلق منها بسلاح الجو.
نتيجة تداعيات هذه الحرب، أعلنت دول أوروبيّة وغربيّة عديدة على مدار السنوات الماضية تعليق أو إيقاف صادراتها العسكرية الموجهة إلى الرياض وأبو ظبي، لكن تفاوتت درجة التزامها بهذه القرارات، نتيجة بعض العوامل الاقتصادية والسياسية، وهو ما اتّضح بشكل أكبر أوائل العام الجاري، حين أعلن عدد منها الإيقاف الكامل لهذه الصّادرات.
عملياً ظلت المنتجات العسكرية لهذه الدول تتدفق إلى منطقة الخليج، وخصوصاً المنتجات الخاصة بالدول الأوروبية الصغيرة، رغم القرارات الأوروبية السابقة خلال العامين 2015 و2016 بإيقاف أي تعاون في المجال التسليحي - والمجالات العسكرية الأخرى - مع المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة.
بلجيكا.. انقسام داخلي
ربما لا تمثل الأسلحة البلجيكية الصنع حيزاً معتبراً في الترسانة العسكرية السعودية، لكنها في الوقت نفسه كانت ضمن الأسلحة التي تم تسجيل استخدامها في الميدان اليمني. لهذا، اضطرت الحكومات الإقليمية في أقاليم بلجيكا الثلاثة، وخصوصاً حكومة إقليم "والونيا" جنوب البلاد - مدفوعة بتداعيات اغتيال الصحافي السعودي جمال خاشقجي في تشرين الأول/أكتوبر 2018 - إلى إعلان تعليقها الصادرات العسكرية إلى المملكة العربية السعودية، إلا أنَّ هذا القرار لم ينفّذ بشكل كامل، واستمرت الصادرات البلجيكية من الأسلحة بالتدفق إلى الرياض، وبشكل خاص الأسلحة الخفيفة والمتوسطة والذخائر التي تنتجها شركتا "فان هيرستال" و"سي أم إي"، اللتان تعدان من أهم شركات الأسلحة البلجيكية، وتقع مقراتهما الرئيسية في هذا الإقليم.
كانت الاعتبارات الاقتصادية أساسية في عدم التزام بلجيكا بشكل كامل بقرارات إيقاف الصادرات العسكرية للرياض، فإقليم والونيا يعتمد اقتصادياً بشكل كبير على القطاع الصناعي العسكري، إذ بلغت قيمة الأسلحة والذخائر التي قام بتصديرها إلى الرياض في العام 2018 نحو 225 مليون يورو من إجمالي مبيعات خارجية للإقليم بلغ نحو 900 مليون يورو.
شاركت أيضاً شركات بلجيكية أخرى في عمليات التصدير إلى المملكة العربية السعودية خلال السنوات الأخيرة، من بينها شركة "جون كوكريل"، التي يقع مقرها الرئيسي في مقاطعة لياج في إقليم والونيا، إذ صدرت هذه الشركة إلى الرياض ما بين العامين 2014 و2019 ما قيمته 3.2 مليار يورو من المعدات، وتحديداً الأبراج القتالية الخاصَّة بالمدرعات الكندية الصنع "لاف – 700" التي شاركت في معارك اليمن.
تعدَّدت المحاولات القضائية لإيقاف هذه الصادرات، ففي حزيران/يونيو 2019 وآذار/مارس 2020، ألغى مجلس الدولة البلجيكي تراخيص بقيمة 150 مليون يورو، كانت عدة شركات بلجيكية قد حصلت عليها لتصدير منتجاتها العسكرية إلى المملكة العربية السعودية.
وفي السادس من الشهر الجاري، أعلن رئيس إقليم والونيا إيقاف إصدار تراخيص جديدة لبيع الأسلحة للمملكة العربية السعودية. ورغم ذلك، أعلن أيضاً أن الأسلحة النارية الخفيفة سيتم السماح بتصديرها، لكن لصالح قوات الحرس الملكي السعودية ووحدات الأمن الداخلي، سواء كانت عسكرية أو أمنية، وهي مواءمة تعني عملياً أن الصادرات العسكرية البلجيكية إلى الرياض ستستمرّ.
السويد وأستراليا
تعدّ السويد الدولة الأوروبية الأولى التي أعلنت تعليق صادراتها العسكرية إلى الرياض، وذلك في العام 2015، لكن فعلياً استمرت صادرتها إلى كل من أبو ظبي والرياض. وقد بلغ حجم صادراتها إلى الأخيرة خلال الفترة الممتدة بين العامين 2010 و2016 نحو 6 مليارات كرونا سويدية.
واستمرّت السويد حتى العام 2016 في توريد محركات الديزل "أم دي-5" إلى الرياض من أجل صيانة العربات المدرعة الفرنسية الصنع "باستيون"، علماً أن التعاون العسكري بين السويد والمملكة العربية السعودية أثار جدلاً كبيراً في الأوساط الحكومية السويدية في العام 2012، حين اضطرّ وزير الدفاع السويدي إلى الاستقالة، بعد الكشف عن مفاوضات بين بلاده والسلطات السعودية لإنشاء مصنع لإنتاج القذائف المضادة للدبابات.
في ما يتعلق بالإمارات العربية المتحدة، استمرت السويد بتزويدها بالمعدات الخاصة بالقطع البحرية، إذ زوّدتها حتى العام 2017 بما مجموعه 6 منظومات بحث راداري، لتثبيتها على زوارق فرنسية الصنع تمتلكها البحرية الإماراتية. يضاف إلى ذلك نحو 40 محرك ديزل من نوع "دي أي-12" تسلّمتها أبو ظبي في العام 2016، وأنظمة إنذار مبكر من نوع "إري أي" تم الاتفاق عليها في العام 2017 بقيمة 238 مليون دولار، يتوقّع أن يتمّ تسليمها خلال العام الجاري.
بالنسبة إلى العلاقات العسكرية بين أستراليا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، فإنَّ الصورة تبدو أكثر وضوحاً، إذ تفادت سيدني الإعلان بصورة واضحة عن تعليق أو إيقاف الصفقات العسكرية بينها وبين كلا الدولتين، وذلك بهدف تجنّب خسارة الأسواق الخليجية، إذ تعدّ المملكة العربية السعودية العميل الأكبر للأسلحة الأسترالية الصنع. وبلغت قيمة الصادرات الأسترالية إلى الرياض في المجال العسكري منذ العام 2015 حتى الآن أكثر من 270 مليون يورو. ويلاحظ هنا أنَّ العلاقات بين الجانبين تكثّفت منذ بدء الحرب في اليمن، وبشكل خاص منذ العام 2019، إذ وافقت أستراليا على 14 تصريحاً على الأقل لتصدير أسلحة ومنظومات عسكرية إلى السعودية والإمارات حتى الآن.
تم الكشف عن أحد جوانب هذه العلاقات التسليحية في تموز/يوليو 2019، حين تمَّ تسريب وثائق تتعلّق بإحدى الصفقات التي عقدتها سيدني مع الرياض، وتحديداً صفقة توريد الشحنة السادسة من الأبراج القتالية المتحكّم بها عن بعد "أر-400"، التي تنتجها شركة "إي أو أس" الأسترالية، علماً أن هذه الصفقة كانت بين شركة التوريد البريطانية "أوربيتال" ووزارة الداخلية السعودية، بهدف إخفاء الوجهة النهائية لهذه الأبراج التي تم تثبيتها على طائفة واسعة من العربات المدرعة الأميركية الصنع التي استخدمها الجيش السعودي والقوات الموالية له في اليمن.
والجدير بالذكر أنّ الإمارات العربية المتحدة تعاقدت على هذه الأبراج أيضاً في العام 2019، ضمن صفقة وصلت قيمتها إلى 315 مليون دولار، وذلك لتثبيتها على عرباتها المدرعة المحلية الصنع "نمر" بنسخها المختلفة.
هذا النهج التي اتبعته الحكومة الأسترالية، دفع منظمات المجتمع المدني، وخصوصاً التحالف الأسترالي للحد من التسلح "إيه إيه سي سي"، إلى مطالبتها بإيقاف صادراتها إلى كل من الرياض وأبو ظبي بشكل تام، رغم أن سيدني كانت دوماً تؤكد أنّ كل الصفقات العسكرية التي تتم مع دول خارجية، تكون محل مراجعة وافية، إلا أنّ الواقع يشير إلى أن الرقابة الأسترالية على هذه الصادرات تنتهي بمجرد وصولها إلى وجهتها النهائية، وذلك بخلاف نهج بعض الدول، مثل جنوب أفريقيا والولايات المتحدة الأميركية، التي تراقب ماهية استخدام أسلحتها والوجهة النهائية التي ستصل إليها تلك الأسلحة.
الأسلحة السويسرية والإسبانية في الرياض
تراجعت الصادرات العسكرية السويسرية بشكل مستمر خلال العقد الماضي، بعد أن حقَّقت مبيعات قياسية خلال العقد الأول من الألفية الجديدة، وصلت إلى نحو 874 مليون فرنك في العام 2011. هذا التراجع عزته الأوساط الحكومية السويسرية إلى فرض قواعد تصديرية مشددة على شركات تصنيع السلاح المحلية، ما أدى إلى تضرر الفرص التنافسية لهذه الشركات في الأسواق العالمية. لمعالجة هذا الوضع، قررت الحكومة السويسرية في العام 2014 تخفيف القيود الحكومية المفروضة على صادرات الأسلحة، وخصوصاً تلك الموجهة إلى الدول التي تخوض حروباً أو صراعات خارجية.
هذا الواقع انعكس بشكل واضح على استجابة برن للدعوات الأوروبية لوقف تصدير الأسلحة إلى الرياض، فقد أعلنت في العام 2015 عن تجاوبها مع هذه الدعوات، ثم عادت في العام التالي ورفعت حظر توريد الأسلحة إلى المملكة - رغم أنَّ الحرب في اليمن ما تزال تدور رحاها - ثم عادت لتطبيق هذا الحظر مرة أخرى نهاية العام 2018، عقب اغتيال الصحافي السعودي خاشقجي، لكن تم في النهاية رفع هذا الحظر في تموز/يوليو 2019.
من جانبها، برَّرت الحكومة السويسرية هذه التصرفات بأن الأسلحة السويسرية في الترسانة السعودية تتألف بشكل أساسي من المدافع المضادة للطائرات "أورليكون" من عيار 35 ملم، وبالتالي تعد قطع الغيار والذخائر التي تصدّرها برن للرياض من أجل دعم هذه المدافع مساهمة في دعم المنظومة الدفاعية للجيش السعودي، لا القدرات الهجومية المستخدمة في اليمن، لكن وقائع الحرب في اليمن أثبتت أن الجيش السعودي أدخل هذا النوع من المدافع إلى الأراضي اليمنية، واستخدمه في عمليات الدفاع الجوي وفي الضرب المباشر على المواقع المعادية.
يُضاف إلى ذلك أنَّ الصادرات العسكرية السويسرية للرياض شملت أيضاً أنواعاً أخرى من الأسلحة، مثل طائرات التدريب المتقدم "بي سي-21" التي استلم منها سلاح الجو السعودي 55 طائرة في الفترة الممتدة بين العامين 2014 و2016، بقيمة 2.5 مليار دولار، إلى جانب صفقة أخرى تم توقيعها في العام 2018، تسلّمت بموجبها الرياض 5 أبراج للدفاع البحري من نوع "جي دي إم-8"، من أجل تثبيتها على متن فرقاطات البحرية السعودية الإسبانية الصنع من فئة "أفانتي-2200".
الأبواب الخلفية لتسرّب الأسلحة السويسرية إلى المملكة العربية السعودية، والتي تمثّلت في مساهمة بعض الشركات السويسرية في مكونات خاصة بأسلحة ذات منشأ أوروبي أو توسط شركات بريطانية أو أميركية في عقد الصفقات بين الشركات السويسرية ووزارة الدفاع السعودية (كما حدث في صفقة طائرات التدريب)، دفعت منظمات المجتمع المدني في سويسرا إلى أن تنشط بقوة في دعوتها لمراجعة القوانين السويسرية المنظمة لصادرات الأسلحة، إذ تنصّ هذه القوانين على ضرورة حصول الشركات المصدرة للسلاح على ترخيص للتصدير من أمانة الدولة للشؤون الاقتصادية، على أن تتم مراجعة هذه التراخيص من جانب وزارات أخرى، مثل وزارة الخارجية، لكن تبقى هذه الإجراءات دوماً بمعزل عن أي رقابة برلمانية. لهذا، يتوقع أن يتم الاقتراع في البرلمان السويسري قريباً على تعديلات تشريعية تسمح بإجازة هذه التراخيص من جانب البرلمان قبل تنفيذها.
في ما يتعلّق بإسبانيا، فقد لوّحت في مناسبات عدة بأنَّها قد تقوم بتعليق تصدير أسلحتها إلى الرياض، لكن الأرقام المتوفرة تشير إلى أنَّ الصادرات الإسبانية من الأسلحة والذخائر إلى الرياض في ارتفاع مستمر منذ بدء الحرب في اليمن، إذ بلغت 50 مليون يورو في العام 2016، وارتفعت إلى أكثر من 90 مليون يورو في العام 2017. وشملت الصفقات التي عُقدت بين العامين 2015 و2017 بين الطرفين 7 طائرات للنقل من نوع "سي-295" لصالح وزارة الداخلية السعودية، إلى جانب 100 مدفع هاون ذاتي الحركة من نوع "ألا-كران" عيار 120 ملم، تسلّمها سلاح الحدود السعودي في العامين 2016 و2017.
في نيسان/أبريل 2018، زار ولي العهد السعودي العاصمة الإسبانية، وعقد سلسلة من الاتفاقيات الخاصة بالتسليح العسكري، من ضمنها صفقة بقيمة 1.8 مليار يورو، وقعها مع ترسانة "نافانتيا" الحكومية الإسبانية لشراء 5 فرقاطات من فئة "أفانتي-2200".
في آب/أغسطس من العام نفسه، علّقت وزارة الدفاع الإسبانية تنفيذ عقد وقعته في العام 2015 مع وزارة الدفاع السعودية، لتوريد 400 قنبلة جوية عالية الدقة بقيمة وصلت إلى 9.2 مليون يورو، لكنها تراجعت عن هذا التعليق بعد شهر واحد فقط، بعد أن لوّحت الرياض بإلغاء العقد الخاص بشراء الفرقاطات الخمس.
والجدير بالذكر أنّ مدريد كثّفت بشكل واضح علاقاتها التسليحية مع أبو ظبي، إذ وقعت معها منذ العام 2017 حتى الآن على صفقة كبيرة لتوريد 5 طائرات نقل من نوع "سي-295"، وهي تتفاوض معها منذ العام 2019 لتوريد 3 طائرات تزويد بالوقود من نوع "إيه-330".
الحظر.. مرة أخرى
هذه الازدواجية في التعامل مع ملف الصادرات التسليحية الغربية الموجّهة إلى الرياض وأبو ظبي تمثلت بشكل واضح في الموجة الثانية من حظر التّسليح التي افتتحتها الولايات المتحدة الشهر الماضي، بإعلانها تجميد بيع دفعتين من الذخائر الجوية العالية الدقة للمملكة العربية السعودية، تبلغ قيمتهما الإجمالية 760 مليون دولار، بواقع دفعة مكونة من 3 آلاف قنبلة جوية من نوع "جي بي يو-39" تبلغ قيمتها 290 مليون دولار، ودفعة مكونة من 7 آلاف قنبلة من نوع "بافواي-4"، تبلغ قيمتها 478 مليون دولار، إلى جانب مراجعة إضافية لصفقة تزويد أبو ظبي بالمقاتلات الأميركية الأحدث "أف-35".
هذا القرار، وعلى الرغم من أنه يأتي عملياً ضمن إجراءات روتينية لمراجعة الصفقات التسليحية التي أجرتها الإدارة الأميركية السابقة، وكوسيلة للضغط السياسي على الرياض لإنهاء الأعمال القتالية في اليمن، فإنه دفع دولاً أخرى إلى اتخاذ خطوات جادة في هذا الصدد، رغم أن الحرب في اليمن مندلعة منذ العام 2015.
حذت إيطاليا حذو الولايات المتحدة، لكن بصورة أكثر حدة، إذ أعلنت عن إلغاء 6 صفقات تسليحية أجرتها مع المملكة العربية السعودية، علماً أنَّ روما كانت قد أعلنت في تموز/يوليو 2019 عن إيقاف التعاون العسكري مع الرياض، إلا أنَّ القرار الجديد لروما أثبت أنَّ الإعلان السابق كان بغرض دعائي موجّه إلى الداخل.
الصفقات التي أُلغيت تم توقيعها في العام 2016، وتتعلّق بنحو 13 ألف قنبلة جوية من نوع "أم كي"، هي جزء من نحو 20 ألف قنبلة من هذا النوع تم التعاقد عليها بين الجانبين في العام 2016، بقيمة إجمالية تقترب من نصف مليار يورو، علماً أن هذا النوع من القنابل الجوية تم استخدامه بكثافة في الغارات الجوية على اليمن. والجدير بالذكر أنّ الصادرات العسكرية الإيطالية إلى الرياض بلغت في العام 2019 نحو 128 مليون دولار، و109 مليون دولار إلى أبو ظبي، وتمحور أغلبها حول التسليح البحري.
كانت لندن أكثر وضوحاً في تصريحاتها حول هذا الملف، إذ رفضت بشكل قاطع اتخاذ خطوات مماثلة تجاه الرياض وأبو ظبي. هذا الموقف قد يكون مفهوماً إذا ما وضعنا في الاعتبار أن الصادرات العسكرية إلى الرياض شكّلت بين العامين 2010 و2019 نحو 40% من الصادرات العسكرية البريطانية.
ربما يكون ذلك السبب الأساسي في تراجع لندن في تموز/يوليو الماضي عن قرار سابق اتخذته بتعليق الصادرات العسكرية إلى الرياض، وهو ما يجعلنا نصل إلى خلاصة مفادها أن الخطوات الغربية في مجال تطبيق حظر التسليح على الرياض وأبو ظبي، تبقى خطوات ضعيفة المضمون لا ترقى إلى مستوى الحظر التام والجدي، وذلك يعود بشكل أساسي إلى الاعتبارات الاقتصاديّة، وإلى خشية بعض الدول الأوروبية، وتحديداً دول مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا، من فقدان السوق الخليجية، وخصوصاً في ظل التنامي البطيء للعلاقات العسكرية بين معظم الدول الخليجية من جهة، ودول مثل الصين وروسيا وجنوب أفريقيا وأوكرانيا من جهة أخرى، وهو ما يجعل العوامل السّياسية والجيوسياسيّة لاعباً أساسياً في تحديد التوجهات النهائية للدول الغربية تجاه منطقة الخليج في ما يتعلّق بتجارة السّلاح.