الدولة الوطنية السورية والحرب على الإرهاب
أفشلت انتصارات الجيش السوري وحلفائه المشروع الأميركي - الأوروبي، في خلق «شرق أوسط كبير» يتماهى مع مصالح الحلف المعادي لشعوب المنطقة. وأثبتت سوريا دورها في التأثير على الصراعات الإقليمية والدولية بعكس ما خطّطت له الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون والعرب.
يقدّم الباحث التونسي توفيق المديني في كتابه الجديد المعنون "الدولة الوطنية السورية والحرب على الإرهاب" دراسة بحثية وتاريخية شاملة فيها مقاربة جديدة للأزمة السورية، تنطلق من قراءة الأزمة في سيرورة نشوئها وتشكّلها وتبلورها، وتشخيص نتائجها، بصورة أكثر اتساقاً مع التاريخ كسيرورة حيّة. فالأزمة التي تعيشها سوريا منذ بداية ما يسمّى «الربيع العربي» - 2011، ليست وليدة تلك اللحظة التاريخية فحسب؛ بل تعود جذورها إلى مرحلة سابقة، حين تزايدت الضغوط الأميركية على سوريا منذ الغزو الأميركي للعراق في عام 2003، بهدف إنهاء دورها الإقليمي في لبنان وفلسطين والعراق، ووضعه في خدمة السياسة الأميركية في المنطقة.
ومن الواضح، كما يقول المؤلّف، أن الرئيس السوري بشار الأسد لم يخضع لرسائل التهديد التي حملها في تلك اللحظة المفصلية في تاريخ المنطقة، وزير الخارجية الأميركي الأسبق كولن باول؛ بل هو ازداد تمسكاً بالدور الإقليمي لسوريا، وبالثوابت الوطنية والقومية للدولة السورية، والتي تقوم على اعتبار القضية الفلسطينية تمثّل جوهر الصراع العربي - الصهيوني؛ ومن ثمّ دعم المقاومتين الفلسطينية واللبنانية ضدّ الاحتلال الصهيوني، وأن السلام العادل والشامل في المنطقة لن يتحقّق إلاّ بحلّ هذه القضية، بما فيها مشكلة القدس، استناداً إلى قراري مجلس الأمن الدولي «242» و «338» ومرجعية مؤتمر مدريد، ومبدأ الأرض في مقابل السلام، والانسحاب الإسرائيلي الكامل من جميع الأراضي العربية المحتلة، وحتى خطوط الرابع من حزيران/ يونيو 1967، وعودة الفلسطينيين إلى ديارهم، وإقامة دولة فلسطينية عاصتها القدس التاريخية.
من هذه التوطئة ينطلق المؤلّف في عرضه التحليلي المنهجي للمراحل التي مرّت بها سوريا منذ نحو عقدين، حيث شكّلت الحرب أو الصراع العسكري الأخير فيها التجسيد الواقعي للاستراتيجية الأميركية العدوانية تجاه سوريا، والتي هدفت إلى تقسيمها وتفتيتها، بعد فشلها في إخضاعها، وصعوبة تحقيق هذا الهدف بالغزو المباشر، كما حصل في العراق عام 2003. وقد ركّزت الاستراتيجية الأورو-أطلسية والصهيونية والخليجية والتركية، بحسب المؤلّف، على تقسيم الدولة الوطنية السورية، وإعادة إنتاج خريطة «وستفالية» جديدة في المنطقة على أسس طائفية ومذهبية وعرقية، من خلال الدعم القوي، المالي والعسكري، للتيارات الإرهابية والتكفيرية التي لا تؤمن أصلاً بالدولة الوطنية القائمة على التنوع.
غزو العراق وبداية تفكيك الدول الوطنية العربية
في الفصل الأول (غزو العراق وبداية تفكيك الدول الوطنية العربية)، يعرض المؤلّف للسياق التاريخي الذي باتت سوريا في العام 2011 إحدى محطاته الرئيسة، ضمن استراتيجية التفكيك الأميركية، والتي سمّاها «الهندسة الإقليمية الأميركية للشرق الأوسط»، حيث تصوّرت إدارة جورج بوش الابن السابقة بأن العراق، الذي أنهكته العقوبات، قد يمثّل قصب السبق بالنسبة لطموحاتها من أجل إعادة هذه «الهندسة الإقليمية» للمنطقة، في إطار ما سمّي «الربيع العربي» الذي انطلق من تونس في أواخر العام 2010.
أما من جهة الدولة الوطنية السورية، فهي اعتقدت أن الدور الممانع والداعم للمقاومة يمكن أن يوفّر لها حصانة أمام عدوى فيروس الانتفاضات العربية؛ لكنه لم يفعل هذه المرّة. وهنا يتوقف المؤلّف عند «الثغرات» السياسية والاقتصادية الكبيرة التي نفذت منها المؤامرة الأميركية، مع العلم بأن الرئيس بشار الأسد كان قد بادر بإجراء إصلاحات سياسية واقتصادية مهمة قبيل اندلاع الاحتجاجات الشعبية في مدينة درعا وغيرها. ويتّهم المؤلّف الطبقة السياسية - الاقتصادية المهيمنة على السلطة في سوريا، التي أرست نظاماً اقتصادياً يمكن تسميته بـ«رأسمالية جديدة»، والذي حلّ محل رأسمالية الدولة التي أُرسيت في عهد الرئيس الراحل حافظ الأسد، بالمسؤولية عن «الانفجار» الشعبي الذي حصل، وتم استثماره من قبل الإدارة الأميركية وأعداء الدولة الوطنية السورية فيما بعد.
وكان للجماعات والحركات السلفية دور رئيس في تحويل الاحتجاجات إلى مواجهات مسلّحة وطائفية، أنهكت المجتمع السوري والدولة الوطنية؛ وهي التي تحرّكت بدعم وتوجيه إقليمي وأميركي مكشوف، تحت غطاء إقامة دولة إسلامية ومجتمع إسلامي، على غرار ما حصل في تونس ومصر وليبيا واليمن، في المراحل الأولى لثورات الشعوب في هذه البلدان ضد حكّامها. لكن سوريا، بحسب المؤلّف، التي مثّلت حالة وسطاً بين كل من مصر وتونس من ناحية، وليبيا واليمن، من ناحية أخرى، تمكّنت من الحفاظ على مؤسسات الدولة؛ كما حافظ الجيش السوري على تماسكه وانضباطه إلى حدٍ بعيد، رغم الحرب الطاحنة التي شهدتها البلاد على مدى سبع سنوات، وسقوط مئات آلاف الضحايا والمصابين، وملايين النازحين واللاجئين، وتدمير المدن والأحياء في محافظات دمشق وحلب وحمص وإدلب وغيرها.
في الفصل الثاني (الصراع الأهلي والإقليمي في سوريا وتداعياته المختلفة) يتحدّث المؤلّف عن التداعيات الاقتصادية والاجتماعية المهولة التي نتجت عن الصراع السوري المستمر، مع إيراده معطيات دقيقة حول تراجع قطاع السياحة ومعدّلات النمو الاقتصادي وقيمة الليرة السورية أمام الدولار؛ وكذلك معدّلات الاستثمارات.
كما تفاقمت ظاهرة البطالة التي أعاد المؤلّف أسبابها إلى ضعف النمو الاقتصادي في القطاعين العام والخاص، وتدمير الطبقة الوسطى، وتفشّي ظاهرة الفساد في أجهزة الدولة ومؤسساتها، وتخلّي الدولة عن دورها الاقتصادي والاجتماعي، وزيادة الهجرة من الريف إلى المدينة.
وينقل المؤلّف عن مصادر متنوّعة أن عدد قتلى الحرب السورية تجاوز الـ400 ألف شخص حسب تقرير صدر في شباط – فبراير من العام 2016؛ بل هو ربما بلغ 600 ألف شخص، ما بين مفقود وشهيد وقتيل.
ويسهب المؤلّف في الكلام عن قضية اللاجئين السوريين، التي تحوّلت إلى قضية عالمية في العام 2013، بعد دخول أعداد كبيرة من هؤلاء إلى دول أوروبية، عن طريق البحر، مع ازدياد أعدادهم في تركيا والأردن ولبنان.
ويكشف عن محاولات أوروبية لتوظيف اللاجئين السوريين في إطار دعائي واقتصادي، في مقابل تهرّب أغلب الدول العربية من تحمّل مسؤولياتها الإنسانية تجاههم، وهي التي ادّعت، منذ بداية النزاع السوري، أنها تقف إلى جانب الشعب السوري ومطالبه العادلة، مع العلم بأن تدخلات تلك الدول هي من الأسباب الرئيسة التي أدّت إلى اندلاع الحرب في سوريا.
ويورد المؤلّف موقفاً سياسياً للرئيس الأسد، يدين فيه مواقف الدول الغربية التي تتّسم بالازدواجية حيال قضية اللاجئين السوريين، والتي تُعدّ خسارة كبرى في النتيجة للدولة الوطنية السورية.
التحالف الاستراتيجي بين روسيا وسوريا
"التحالف الاستراتيجي بين روسيا وسوريا في الحرب على الإرهاب" هو عنوان الفصل الثالث من الكتاب، وفيه يعرض المؤلّف للعوامل أو الأسباب التي دفعت بروسيا - بوتين إلى التدخل العسكري في سوريا، لجهة إعادة الاعتبار للدولة الروسية، وخاصة في قضايا الشرق الأوسط.
وفضلاً عن الهدف الروسي المركزي في محاربة الإرهاب في سوريا تحديداً، ومنعه من تهديد الأمن القومي الروسي، فإن الرئيس الروسي بوتين رأى في الأزمة السورية مدخلاً لإعادة بناء نظام دولي متعدّد الأقطاب، بغضّ النظر عن مصالح واشنطن التي تسعى للحفاظ على نطام القطب الأوحد الذي يضمن مصالحها حصراً على حساب الدول والشعوب الأخرى.
كما رأت موسكو أيضاً أن بوّابة العبور إلى المياه الدافئة وعالم البحار المفتوحة، وصولاً إلى أوروبا وآسيا، واحتلال موقع مهم في خريطة الشرق الأوسط، تمرّ عبر سوريا وصولاً إلى المنطقة العربية والخليج وتركيا وإيران؛ ويعني ذلك أن تتحدّى روسيا النظام الدولي أحاديّ القطبية، عبر خلق موانع جيو-سياسية في مناطق جغرافية مختلفة لموازنة الضغوط الأميركية عليها في جوارها الجغرافي المباشر.
ومن شأن التحصّن والتمكّن من اللاذقية وطرطوس على الساحل السوري أن يؤمّن لروسيا إطلالة ممتازة على شرق البحر الأبيض المتوسط، وموقعاً لا يُبارى في التأثير على موازين القوى في المشرق العربي والمنطقة.
وهكذا يمكن توصيف التعاون السوري - الروسي في حملات مكافحة الجماعات الإرهابية في سوريا، بأنه تحالف استراتيجي أفاد طرفي هذا التحالف بشكل متكافئ وفعّال، على المستويين المحلي والدولي معاً.
في الفصل الرابع (معالم السياسة الخارجية الأميركية لترامب)، يعرض المؤلّف لأهم معالم السياسة الخارجية للرئيس الأميركي، دونالد ترامب، والتي أوحت بها مواقف الأخير قبل وبعد فوزه بمنصب الرئاسة، وحالة «الصدمة والرعب» التي أحدثها فوزه، داخل وخارج الولايات المتحدة.
وكان ترامب قد باشر فور تسلّمه منصبه بنقض الاتفاقيات الاقتصادية ووضع القيود على التجارة الحرّة، وتطبيق شعاره (أميركا أولاً)، والانكفاء على الذات اقتصادياً. فيما أعطى أولوية للقضاء على تنظيم «داعش» بدلاً من الإطاحة ببشار الأسد، مع تبنّيه للمطالب الصهيونية بالكامل بما يخصّ القضية الفلسطينية.
وحول العلاقة مع روسيا، فشل ترامب في ترجمة «إعجابه» بالرئيس الروسي بوتين، حيث تدهورت العلاقات بين البلدين، لاختلاف نظرة كلٍ منهما إلى قضايا دولية عديدة، ومن بينها بالطبع الأزمة السورية والملف النووي الإيراني؛ ناهيك عن استخفاف ترامب باتفاقات الأسلحة النووية والكيمائية مع روسيا.
خلفيات العدوان الصهيوني على سوريا
في الفصل الخامس (خلفيات العدوان الصهيوني على سوريا واستهدافاته)، يكشف المؤلّف عن الخلفيات الحقيقية للتدخل العسكري الإسرائيلي في الحرب السورية، منذ العام 2012، وأهمها قلق الكيان الصهيوني من تداعيات هذه الحرب عليه، وبالتحديد من خروج النظام السوري منتصراً فيها على الجماعات الإرهابية؛ وهو يُعدّ جزءاً من محور المقاومة الذي حقّق الانتصارات على المشروع الأميركي - الصهيوني خلال الأعوام الأخيرة.
من هنا بدأ الكيان بدعم هذه الجماعات في الجولان وغيرها من المناطق السورية التي تمكّنت من احتلالها، بموازاة شنّ الطيران الصهيوني لغارات متتالية على قوافل «سلاح كاسر للتوازن» ترسلها إيران إلى حزب الله اللبناني عبر الأراضي السورية.
وقدّم المؤلّف معطيات دقيقة حول هذه الاستراتيجية الإسرائيلية العدوانية تجاه سوريا، مع توقفه عند إسقاط الدفاعات الجوية السورية لطائرة (أف - 16) إسرائيلية، والذي مزّق الصورة النمطية للجيش الصهيوني الذي لا يُقهر.
كما رصد المؤلّف القلق المتزايد لدى الكيان من الوجود العسكري الإيراني (وحليفه حزب الله) بالقرب من الجولان المحتل، والذي واجهه قادة الكيان بتقديم المزيد من الدعم للجماعات التكفيرية، وبتصعيد الغارات على الأراضي السورية، مع الحذر من تدهور الأوضاع نحو حرب إسرائيلية مباشرة مع محور المقاومة، قد لا تنتهي لصالح الكيان في هذه المرحلة تحديداً.
في الفصل السادس (استراتيجية العدوان الأميركية المستمرّة على سوريا)، يوجز المؤلّف أهم المحطّات التاريخية للعلاقات الأميركية - السورية التي يتحكّم فيها إرث من النفور وعدم الثقة، وتحديداً منذ الغزو الأميركي للعراق عام 2003، وفي عهد الرئيس جورج بوش الإبن، وصولاً إلى احتجاجات «الربيع العربي» عام 2011، وتدخل حلف «الناتو» عسكرياً في ليبيا، وولوج هذا الحلف إلى المنطقة العربية؛ وهو ما عدّ تطوراً مهماً له على مستوى حفظ مصالحه الأمنية القومية بالقوة العسكرية المباشرة، في الشرق الأوسط على وجه الخصوص.
ومن ثم يحلّل المؤلّف أبعاد الغارات الأميركية على سوريا، والتي بدأت في عهد بوش الإبن، على منطقة البوكمال، في تشرين الأول - أكتوبر 2008، واستمرت في عهد الرئيسين باراك أوباما ودونالد ترامب، في إطار الاستراتيجية الأميركية العدوانية، ولدعم التنظيمات الإرهابية التي كانت تتلقّى ضربات قوية من الجيش السوري وحلفائه.
لقد هدفت الإدارات الأميركية المتعاقبة إلى إطالة أمد الحرب في سوريا، من خلال الأساليب العسكرية والدعائية المتنوّعة، مثل اتهام الجيش السوري باستخدام السلاح الكيمائي، وتجاهل استخدام الجماعات المدعومة من «التحالف الدولي ضد الإرهاب» لهذا السلاح مرّات عدة، وفي مناطق مختلفة من سوريا؛ والهدف الأميركي واضح: تقوية التنظيمات الإرهابية ودعم المشروع الصهيوني لإسقاط سوريا وإقامة «إسرائيل الكبرى»، حسب موقع «غلوبال ريسيرش» الكندي، والتي ستشمل أجزاء من لبنان والأردن وسوريا وسيناء، فضلاً عن أجزاء من العراق وإحدى دول الخليج.
(الحلف الأميركي - الصهيوني - السعودي واستراتيجية التطويق لسوريا وإيران)، هو عنوان الفصل السابع من الكتاب، وفيه يتحدث المؤلّف عن ولادة حلف جديد، على خلفية الحرب السورية، بين الإمبريالية الأميركية والكيان الصهيوني والدول الخليجية (السعودية وقطر والإمارات)، تمّ تحدّيد مهمته بتفجير حروب مذهبية في العالمين العربي والإسلامي، تكون إيران (ومحور المقاومة) وقودها من جهة، ودول المؤتمر الإسلامي من جهة أخرى.
وقد دشّنت زيارة الرئيس الأميركي الحالي دونالد ترامب إلى السعودية والكيان الصهيوني، في أيار - مايو 2017، مرحلة جديدة من الصراع العربي - الصهيوني، من خلال تأدية بعض دول الخليج لدور رئيس في دعم وتسليح الحركات الإرهابية التكفيرية، والتي أسهمت وتسهم في تنفيذ مشاريع الحلف الجديد المذكور آنفاً.
كما حلّل المؤلّف البعد الاقتصادي في زيارة ترامب للسعودية، من خلال الصفقات الضخمة التي أبرمها مع المسؤولين السعوديين، في قطاعات السلاح والنفط وغيرها، والتي ضخّت مئات مليارات الدولارات في الاقتصاد الأميركي.
ويؤكّد المؤلّف أن الرابح الأول والأخير من تشكيل الحلف الأميركي - الصهيوني - العربي هو العدو الصهيوني، على قاعدة أن ليس لأميركا صديق في العالم سوى مصالحها وأمن الكيان الصهيوني.
الأزمة الخليجية وتداعياتها
في الفصل الثامن (الأزمة الخليجية وتداعياتها)، يتحدّث المؤلّف عن الأزمة السياسية الخطيرة التي تفجّرت بين السعودية وقطر، بعد انتهاء قمّة الرئيس الأميركي ترامب مع قادة دول مجلس التعاون الخليجي، في 21 مايو/ أيار 2017، والتي بدت وكأنها «معركة» حول مسؤولية الدولة التي ترعى الإرهاب؛ مع العلم بأن السعودية وقطر قد أسهمتا، وبقوّة وسخاء، في دعم الجماعات الإرهابية في سوريا، انطلاقاً من حسابات النفوذ الإقليمي والدولي لكلٍ منهما.
كما أن قطر والمملكة السعودية ومعظم دول الخليج تعتمد سياسات مرتبطة بالسياسات الإمبريالية الأميركية، وتحرص على ضمان المصالح الأميركية، برغم انحياز الإدارة الأميركية «التقليدي» للكيان الصهيوني.
وبعد تحليله للبعد «الإخواني» (نسبة لجماعة الإخوان المسلمين) في سياق العلاقة الصدامية بين السعودية والإمارات وقطر، يلفت المؤلّف إلى أن ارتفاع مستوى التعارض بين المحور التركي - القطري وبين المحور السعودي - الإماراتي معزّزاً بمصر، يعود سببه إلى التقارب بين المحور التركي - القطري مع إيران المتحالفة مع سوريا؛ وهو ما يعكس أيضاً حالة الاصطفاف داخل المؤسسة الحاكمة في الولايات المتحدة إزاء التعامل مع روسيا وإيران، اللتين يتعزّز نفوذهما في الشرق الأوسط باستمرار.
في الفصل التاسع (هزيمة المخطط الأميركي - الصهيوني - الخليجي - التركي في سوريا)، يعرض المؤلّف لأبرز محطات الانتصار التي حقّقها الجيش السوري وحلفاؤه، بدءاً من الانتصار الاستراتيجي في مدينة حلب نهاية عام 2016، بموازاة تطهير حزب الله اللبناني لعرسال وجرودها من الإرهاب التكفيري.
كما استعاد الجيش السوري وحلفاؤه مدينة السخنة الاستراتيجية في 24 آب/ أغسطس 2017، وأتمّ إحكام الطوق على تنظيم «داعش» في البادية السورية، تمهيداً لمعركة طرده نهائياً منها لاحقاً.
كذلك، حرّر الجيش السوري وحلفاؤه مدينة دير الزور، التي عُدّت نقطة مفصلية في تحديد مسار الحرب، من خلال تحرير مدينة تدمر أولاً، في ربيع 2017. وقد عُدّ عبور القوات السورية والحليفة لنهر الفرات خلطاً كبيراً لأوراق «اللعبة» في دير الزور، بتحطيم الجيش السوري وحلفائه لأحلام التحالف الأميركي ووقف توسعه عبر أداته على الأرض «قوات سوريا الديمقراطية» الكردية، والتي كانت هدّدت بأنها لن تسمح للقوات الحكومية بالعبور إلى الضفة الشرقية للفرات. ومعروف أن مدينة دير الزور تُعدّ صنبوراً للنفط؛ وهذا ما يفسّر الرغبة الأميركية بالسيطرة عليها.
ويضيف المؤلّف: لقد حقّق الجيش العربي السوري وحلفاؤه، في الأسبوع الأخير من شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2017، نصراً استراتيجياً باستعادة السيطرة على كامل مدينة البو كمال؛ وبالتالي القضاء على آخر بؤر إرهابيي «داعش» في المدينة.
وكان الانتصار في البوكمال هو انتصار حقيقي لمحور المقاومة، وهزيمة لاستراتيجية الولايات المتحدة الأميركية، الداعمة الحقيقية لتنظيم «داعش» الإرهابي، وذلك بالنظر إلى الأبعاد السياسية والاقتصادية لهذه المدينة، التي تشكّل أهم معبر برّي حيوي يربط بين سوريا والعراق.
ويتوقف المؤلّف عند تحوّل جنوب سوريا إلى ساحة مواجهة، مع الكيان الصهيوني، مع اقتراب القوات السورية وحلفائها، بدءاً من محيط الجولان المحتل، ومحافظة درعا، وطرد الجيش السوري وحلفائه للفصائل الإرهابية المدعومة من التحالف الأميركي - الإسرائيلي - الخليجي. ولم تنفع العمليات العدوانية الإسرائيلية والضغوط السياسية التي مورست في تغيير إرادة الدولة الوطنية السورية بتحرير كلّ الأراضي السورية المحتلة من قِبل الإرهابيين وداعميهم.
وعلى المستوى الاستراتيجي، فقد أفشلت انتصارات الجيش السوري وحلفائه المشروع الأميركي - الأوروبي، في خلق «شرق أوسط كبير» يتماهى مع مصالح الحلف المعادي لشعوب المنطقة. وأثبتت سوريا دورها في التأثير على الصراعات الإقليمية والدولية بعكس ما خطّطت له الولايات المتحدة وحلفاؤها الغربيون والعرب.
دور التنظيمات العابرة للحدود في خدمة المخطط الأميركي - الصهيوني
في الفصل العاشر (دور التنظيمات العابرة للحدود في خدمة المخطط الأميركي - الصهيوني)، يحلّل المؤلّف دور «داعش» وجبهة النصرة (القاعدة) كنموذجين للتنظيمات الإرهابية العابرة للحدود، والتي تلقّت احتضاناً ودعماً شاملاً من قِبل قطر والسعودية وتركيا، بهدف إسقاط الدولة الوطنية السورية، وتفتيت المجتمع السوري، وإقامة نظام يتواءم مع مصالح تلك الدول، قبل أن تنقلب هذه التنظيمات على مشغّليها وتتجاوز الحدود المرسومة لها.
في الفصل الحادي عشر (القوى الإرهابية وخوض حرب الإنابة عن أميركا في ريف دمشق)، يتوقف المؤلّف عند أهمية معركة تحرير الغوطة الشرقية بالنسبة للدولة السورية، كونها ملاصقة للعاصمة دمشق؛ وقد استعاد الجيش السوري وحلفاؤه هذه المنطقة برغم المعركة الإعلامية والدعائية الهائلة التي أطلقتها الدول الغربية والعربية المساندة للجماعات التكفيرية، بذريعة الحفاظ على المدنيين في المدينة.
وفي تطوّر مفاجئ، وبعد تحرير الغوطة، سرّب الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمر تجميد أكثر من 200 مليون دولار كانت مخصّصة لإعادة إعمار سوريا، بموازاة إعلانه المفاجئ أيضاً بأنه «بصدد القضاء نهائياً على «داعش» والخروج من سوريا قريباً جداً؛ وقد حصل هذان التطوّران المتزامنان في أواخر شهر آذار/ مارس 2018.
ويقدّر المؤلّف أن أسباب الإعلان الأميركي عن الانسحاب من سوريا عديدة، وأوّلها هزيمة «داعش» في دير الزور على يد الجيش السوري والقوات الروسية، وانطلاق عملية «غصن الزيتون» في عفرين (الكردية) وهزيمة الإرهابيين في الغوطة الشرقية؛ إضافة إلى قلق إدارة ترامب من استهداف القوات الأميركية في الشمال السوري، من قِبل المقاومة السورية وفصائل شيعية كانت قد توعدت بضرب الوجود الأميركي في العراق وسوريا.
في هذا السياق، يقول المؤلّف إن ترامب حاول ابتزاز حكّام الخليج لتشكيل قوّة عربية في سوريا، تحلّ محلّ القوات الأميركية، لكن من دون أن يتمكن من تطبيق فكرته هذه، لأسباب وظروف عديدة، وأولها الخوف الخليجي من الكلفة الباهظة لأيّ صدام مع الجيش السوري وحلفائه.
ويؤكد المؤلّف فشل العدوان الثلاثي (الأميركي - البريطاني - الفرنسي) الذي حصل على سوريا، في الرابع عشر من نيسان/ إبريل 2018، بذريعة استخدام الجيش السوري للسلاح الكيمائي ضدّ المدنيين في الغوطة الشرقية.
في تلك المرحلة، كان الجيش السوري وحلفاؤه يحرّرون كامل الغوطتين الشرقية والغربية ومخيّم اليرموك، في تأكيد جديد للحلف الأميركي - الدولي المعادي أن الدولة الوطنية السورية مصرّة على استعادة كامل أراضيها المحتلة مهما قدّمت من تضحيات.
العراق وسوريا بعد «داعش»: أي مصير لهذا التنظيم الإرهابي
(العراق وسوريا بعد «داعش»: أي مصير لهذا التنظيم الإرهابي؟)، هو عنوان الفصل الثاني عشر من الكتاب، وفيه يحاول المؤلّف الإجابة عن سؤال كبير حول مصير «داعش» بعد دحره في العراق وسوريا، معدّداً سيناريوهات عدّة، مثل اتباع «داعش» سيناريو «الذئاب المنفردة»، أو تأسيس تنظيم جديد، أو انضمام مسلّحيه إلى تنظيمات إرهابية أخرى، أو نقل «داعش» إلى الفضاء الإلكتروني.
وينقل الباحث عن خبراء في مقاومة الإرهاب الدولي أن التركيز على المواجهة الأمنية والعسكرية للقضاء على «داعش» لا يكفي، وإنما يجب أن تمتد المواجهة على كل الأصعدة، وأن تشمل أولاً الجانب الثقافي والديني، من خلال العمل على مقاومة الفكر «الجهادي» بالفكر المعتدل الوسطي، وإجراء تحليل ثقافي معمّق لظاهرة الإرهاب.
في الفصل الثالث عشر (تحالف الأكراد مع أميركا: تكرار للأخطاء التاريخية)، يتعرّض المؤلّف للطموح الكردي «التاريخي» في الانفصال عن الدول التي تضمّ أقليات كردية، في سوريا والعراق وتركيا، لأسباب وعوامل موضوعية عدة يتجاهل القادة الأكراد تأثيرها دائماً.
ويفنّد المؤلّف هذه العوامل، مع تظهيره للمواقف السورية والإيرانية والتركية الرسمية، الرافضة بشكل قاطع للطموحات الكردية الانفصالية، وللتحالفات التي أقامها أكراد سوريا والعراق تحديداً مع الولايات المتحدة، والتي دفع ثمنها الأكراد قبل غيرهم، خاصة إبان الصراع السوري، وذلك على خلفية التدخل العسكري التركي ضدّهم.
كما أدان المؤلّف الدور الإسرائيلي المتنامي في المناطق الكردية، سياسياً وأمنياً بالخصوص، وبما يشجّع الأكراد على الانفصال عن المحيط العربي التاريخي، الذي احتضن الأكراد طيلة عقود مضت.
في الفصل الرابع عشر (الأكراد في سوريا)، يتابع المؤلّف السياق المذكور، من خلال بحثه في الجذور التاريخية لأكراد سوريا، الذين سعوا لإنشاء كيان مستقل لهم عن الدولة السورية، في محاكاة منهم للنموذج الكردي الفدرالي القائم في شمال العراق.
ويلفت المؤلّف إلى أن الحكومة السورية، ومع بداية الأزمة السورية في عام 2011، قد عملت على تلبية بعض مطالب الأكراد السوريين، لتحييدهم عن الحركة الاحتجاجية، من خلال إصدارها بعض المراسيم لتسهيل حصول الأكراد على الجنسية السورية، في محافظة الحسكة وغيرها.
وبعد عرضه لأبعاد التحالف الأميركي - الكردي الذي ظهر عام 2014، بعد هجوم «داعش» على منطقة عين العرب (التي غيّر الأكراد والإعلام الغربي اسمها إلى كوباني)، وأهمها تمكن القوات الكردية، بدعم عسكري أميركي، من التمدّد والسيطرة على أجزاء من الشريط الحدودي مع تركيا، توقف المؤلّف عند دور «قوات سوريا الديمقراطية» - قسد، والتي أدّت ما هو مطلوب منها أميركياً وصهيونياً، حيث سعى الرئيس الأميركي ترامب لإقامة منطقة نفوذ أميركية في شرق الفرات السوري، حيث النفط والغاز والقمح والقطن ومياه الفرات وسدّ الفرات.
ومن ثمّ يحلّل المؤلّف الإجراءات أو السياسات التي طبّقها قادة الأكراد في سوريا (مجالس سياسية وبلدية وتربوية)، ليؤكد أن مشروع حزب الاتحاد الديمقراطي في الإدارة الذاتية للمناطق التي سيطر عليها كان مطبوعاً بطابع القومية، ولم يكن مشروعاً سورياً وطنياً بأيّ حال. ويخلص في هذا الإطار إلى أن النهج الكردي الانفصالي وحّد تركيا وإيران وسوريا ضدّه، بحيث أصبح حزب الاتحاد الديمقراطي مكروهاً حتى من بقية القوى الكردية، وقسم من الشعب الكردي، ومن العرب وبقية القوميات.
سياسة ترامب المتخبطة وإيران أمام المواجهات الإقليمية
في الفصل الخامس عشر (سياسة ترامب المتخبطة وإيران أمام المواجهات الإقليمية)، يتطرق المؤلّف لتداعيات سياسة الرئيس الأميركي ترامب اتجاه إيران، والتي لم تدفع الأخيرة للتراجع عن تحالفها مع الدولة السورية في مكافحة الجماعات الإرهابية المدعومة من الولايات المتحدة والدول الدائرة في فلكها.
لكن المؤلّف يقدّر أن المواجهة بين إيران وأميركا لن تصل إلى حدود المواجهة العسكرية الشاملة، لاعتبارات عدة تخص الدولتين، مع إشارته إلى تبادل مواقف تصعيدية بينهما، كان للكيان الإسرائيلي دور رئيس في تأجيجها، لحسابات تتعلق بقلق قادة الكيان من القدرات الصاروخية والنووية لإيران.
ومن ثمّ يتطرق الباحث لمحطات مهمة مرّت بها العلاقات الأميركية - الإيرانية على خلفية الصراع السوري، والموقف الإيراني الثابت تجاه الكيان الصهيوني، ودعم الجمهورية الإسلامية في إيران لحركات المقاومة في المنطقة.
وبعد إشارته إلى قوة الاقتصاد الإيراني وإمكانيات صمود إيران أمام سياسة تشديد الحصار «الترامبي» عليها، بعد إلغاء الاتفاق النووي معها، يؤكد المؤلّف أن السعودية هي الدولة الإرهابية الأولى في العالم، وليست إيران؛ وأنها الدولة التي يجب أن تُعزل وتحاصر بسبب دعمها «الفكري» والمالي والتسليحي لأغلب الحركات السلفية التكفيرية والإرهابية في المنطقة وخارجها، طيلة العقود الماضية، وذلك برضا أو بتغاضٍ أميركي مشبوه ومدان، دفعت ثمنه شعوب هذه المنطقة، والتي لا تشكل بالنسبة للأميركي، ولترامب تحديداً، سوى «بقرة حلوب» يجب الاستفادة من خيراتها بأقصى حد ممكن، لانتشال الاقتصاد الأميركي من مستنقع الديون الهائلة الذي غرق فيه، خاصة بسبب حربي أفغانستان والعراق الخاسرتين.
وفي السياق يقرأ المؤلّف في سياسات ولي العهد السعودي محمد بن سلمان، وخاصة تجاه سوريا ولبنان والكيان الصهيوني، والتي تمادت إلى درجة أنها باتت تعدّ التطبيع مع هذا الكيان مسألة وقت، وأن إيران هي العدو «الحقيقي» للأمة العربية.
ويخلص الكاتب في هذا الفصل إلى أن القضية الفلسطينية كانت الضحية الأولى لسياسة بن سلمان المتطرّفة، والتي دفعت بالكيان الصهيوني لتفعيل اعتداءاته على سوريا، خاصة بعد قرار الانسحاب الأميركي من هذا البلد، على قاعدة أن «إسرائيل» تدافع عن نفسها ضد الخطر الإيراني المتنامي في سوريا؛ وهو الخطر نفسه الذي يهدّد أيضاً السعودية وممالك الخليج الأخرى.
في الفصل السادس عشر (هزيمة التنظيمات الإرهابية وعودة المقاتلين التونسيين من سوريا)، والفصل السابع عشر (رؤيتان متناقضتان حيال عودة العلاقات الدبلوماسية بين تونس وسوريا)، يعرض المؤلّف لدور «المقاتلين» التونسيين في الحرب السورية، ومصيرهم بعد هزيمة الأطر التي كانوا يقاتلون تحت لوائها (داعش، النصرة،...) مع اختلاف الآراء داخل النظام التونسي وخارجه، بين داعٍ لاستيعاب هؤلاء الإرهابيين وداعٍ لسجنهم واتقاء شرورهم.
وهنا يلفت المؤلّف إلى صعوبة تأهيل الفكر التكفيري وكذلك الإرهابيين، عارضاً لأبرز سمات هذا الفكر التكفيري، ومنها التحجر الفكري، والتقيّة العقائدية، واعتقاد التكفيريين بحتمية المواجهة مع الآخر الكافر (سواء الأنظمة الحاكمة في المنطقة أو العالم الغربي)، وغاية القتل التي لم تعد وسيلة لدى هؤلاء، و"استحلال دم الكافر وماله وعرضه".
وفي السياق، يدعو المؤلّف تونس لإعادة علاقاتها مع الدولة السورية، والتخلّي عن نهج العداء أو المواقف الغامضة تجاه الوضع السوري، خاصة بعد هزيمة التنظيمات التكفيرية، وبدء فرار أو مغادرة الإرهابيين الأجانب، ومنهم التونسيون، لسوريا.
وبعد عرضه لمحطات أساسية مرّت بها العلاقة بين تونس وسوريا، إبان الصراع السوري تحديداً، يدين المؤلّف مواقف زعيم حركة النهضة، راشد الغنوشي، التي تتسم بالازدواجية دائماً، حيال القضايا المحلية أو العربية والإسلامية، ومنها القضية السورية، والتي شهدت تغيّراً لافتاً في مواقف الغنوشي حيال النظام السوري، فرضته معطيات سورية وإقليمية عديدة، ولم يكن نتيجة مراجعة معمّقة من قِبل حركة النهضة لسياستها العدائية تجاه سوريا، وذلك منذ تسلّمها السلطة وبعد تركها لها.
وفي هذا المجال يؤكد المؤلّف ثقته بقدرة قوى المجتمع المدني في تونس، ومنها الاتحاد العام التونسي للشغل، على فرض قرار استعادة العلاقات الطبيعية مع الدولة السورية، برغم الممانعة المستمرة من قبل هيئات ومؤسسات النظام التونسي لذلك.
التسوية في سوريا وإعادة بناء الدولة الوطنية
أخيراً، وفي الفصل الثامن عشر (التسوية في سوريا وإعادة بناء الدولة الوطنية)، يقدّم المؤلّف ما سمّاه أطروحة «العروبة الجديدة»، لبلورة حلول ناجعة ودائمة للأزمات والقضايا والصراعات التي تشهدها المنطقة، بعد فشل أطروحات الإسلام السياسي «المتأمرك» أو المتطرّف؛ وهذه الأطروحة تصلح – في رأيه - لإعادة توحيد سوريا وبناء الدولة الوطنية فيها؛ كما تصلح لإعادة توحيد الدول والشعوب العربية ضمن أطر سياسية واجتماعية واقتصادية حديثة، تحمي حرّيات هذه الشعوب وتحقّق لها مطالبها العادلة، وتوحّدها في مواجهة الدول والقوى الغربية الرأسمالية، والتي لم تتخلَّ حتى الآن عن مطامعها في ثروات المنطقة، برغم الفشل الذريع الذي واجه الحلقة الأخيرة من المشروع الأميركي - الصهيوني بتقسيم وتفتيت دول المنطقة، مع سقوط أداته التكفيرية بشكل مدوٍ، في سوريا والعراق على وجه الخصوص.
ويعرض الباحث الأفكار والمقترحات التي قدِّمت من قبل المؤتمرات أو المؤسسات الدولية، ومن بعض القوى السورية (الموالية أو المعارضة)، بهدف إنجاز تسوية سياسية نهائية للأزمة السورية، بعدما شارفت الدولة الوطنية السورية على إنجاز تحرير أراضيها من الجماعات الإرهابية، وظهرت دلائل ومؤشرات على قرب انسحاب الدول الأجنبية والإقليمية من الساحة السورية، والتي شكّلت النموذج العربي الأفضل في لفظ نهج الطائفية المدمّر، كما كشفت فعاليات التصدّي السوري الوطني (الرسمي والشعبي) خلال سنوات الصراع الأخير.