كيف قرأ الأسير كريم يونس واقع الصراع مع "إسرائيل"
"إن ما حدث في حرب 1948 وهزيمة 1967 وحرب أكتوبر 1973 أحدث نقطة تحول لدى العرب، وولد فكرة الهدف الأيديولوجي الإستراتيجي والهدف السياسي التكتيكي".
أبدع أقدم الأسرى في العالم، الأسير الفلسطيني كريم يونس، على غرار إخوانه الأسرى، في أن يضع كتابه "الواقع السياسي في إسرائيل" الصادر عام 1990، بين يدي شعبه الفلسطيني، الذي أولاه الكثير من العناية. وحسبما يقول ناشره عبد الرحيم عراقي مدير "جمعية أنصار السجين": نجح يونس "في أن يقدم لنا دراسة وافية عن كل المؤسسات والحركات المسلحة وغير المسلحة، التي ساهمت في إقامة "إسرائيل". ومن ثم تطرق إلى الأحزاب الإسرائيلية".
اللافت في مقدمة الأسير يونس التي كتبها في معتقل "نفحة" في النقب، والذي حكم عليه الاحتلال الإسرائيلي بالإعدام وتم تخفيف الحكم إلى المؤبد، أنه بدأها بوصف كتابه بأنه "محاولة متواضعة"، وختمها بأن موضوع الاحتلال الإسرائيلي لا يمكن بحثه بشمولية وتعمق في مثل هذه "المحاولة المتواضعة".
ويضيف: "أعتقد أن فهم السياسة الإسرائيلية يتطلب الإطلاع على مقومات وأسس وأهداف الفكر الصهيوني وتياراته، وكيف انبثقت من هذه التيارات أحزاب".
ويرى الأسير يونس أنه "يمكن لهذا الكتاب أن يكون أحد المراجع القليلة التي يمكن أن تشكل أرضية خصبة ومدخلاً لفهم الواقع السياسي في إسرائيل".
يعطي كتاب يونس جانباً مهماً من دراسته في تشريح الفكر الصهيوني وتطوره.
يعتمد كتاب الأسير يونس بالأساس – حسب قوله – على مصادر إسرائيلية أهمها الموسوعة السياسية (1970 – 1973) وسلسلة من الكتب والتقارير.
يقول يونس إن كتابه يتطرق لأول مرة لمواضيع عن الكيان الإسرائيلي الغاصب لم تكتب في اللغة العربية.
ويستطرد بقوله: "نصبو من خلال هذا الكتاب إلى إعطاء لمحة سياسية تاريخية غير مقتضبة تهم القارئ العربي للتعرّف على الواقع الإسرائيلي، حيث توجد جوانب لم يتم التطرق إليها".
ينقسم كتاب "الواقع السياسي في إسرائيل" إلى خمسة ابواب.
الباب الأول يبحث الديمغرافيا في فلسطين، ونظرة تاريخية عن الصراع، وبداية التهويد.
الباب الثاني يتناول الصهيونية، واليهودية، والدين في الصهيونية.
الباب الثالث يتحدث عن المؤسسات الصهيونية مثل الوكالة اليهودية والهاغاناه والبلماخ.
الباب الرابع يتناول إقامة الدولة الإسرائيلية ومؤسساتها.
الباب الخامس بعنوان مدخل على جذور الاحزاب الإسرائيلية.
في كتابه الثاني "الصراع الأيديولوجي والتسوية"الصادر عام 1993، وهو كتاب مشترك مع صديقه عادل عيسى، يقدم الأسير يونس رؤيته في القضية الفلسطينية والصراع مع "إسرائيل". فيعتبر كتابه إجابة صريحة على بعض التساؤلات، وقراءة سياسية متمحصة لبعض التصريحات وأبعادها قد تساهم في فهم الحقيقة كاملة.
يقول المؤلفان: "مررنا بمراحل عدة، وأصبحت فيها الحقيقة حقائق، وبات الحق حقين، وغابت عن الساحة بعض القوى والعوامل، وبرزت محلها قوى أخرى. ولا يمكن تجاهلها أو القفز عنها، لأن تجاهلها سيعيق التقدم نحو الحقيقة الكاملة بكافة جوانبها".
يتحدث يونس وعيسى في كتابهما عن معادلة صعبة بأن نتعامل مع الصراع مع "إسرائيل" بواقعية. فـ"وجود إسرائيل واقع لايمكن تجاوزه، ومصير الشعب الفلسطيني بات مرهوناً بموافقة إسرائيل ولو مكرهة".
ويؤكد المؤلفان بأن هذه هي المعادلة إذا ما لجأ الأطراف إلى الحل. ويعاود المؤلفان طرح السؤال نفسه،هو كيف يجب التعامل بواقعية وماذا تعني هذه الواقعية وكيف يمكن تحديدها ورسم خطوطها الرئيسية؟
الواقعية - كما يراها خالد الحسن أحد مؤسسي حركة فتح - هي فهم الواقع بأكبر قدر ممكن من الشمولية والعمق، فإن لم تتوفر الواقعية هذه فقد النضال بوصلة تحديد الإتجاه العملي المناسب باتجاه الهدف وبالشكل الصحيح.
يرى الكاتبان أن ما حدث في حرب 1948 وهزيمة 1967 وحرب أكتوبر 1973 أحدث نقطة تحول لدى العرب وولد فكرة الهدف الأيديولوجي الإستراتيجي والهدف السياسي التكتيكي.
هناك حلول عدة مطروحة :
الحل الأول أن يقضي طرف على الطرف الاًخر قضاءً كاملاً. وهذا حل وفقاً للظروف الحالية غير ممكن.
الحل الثاني طرد اليهود وزجهم في البحر، أي يعني القضاء على "إسرائيل" ككيان سياسي.
الثالث: إستعباد شعب لشعب اَخر، ونقصد هنا إستعباد الإسرائيليين للفلسطينيين.
الرابع: إقامة دولة ديمقراطية علمانية واحدة يعيش فيها شعبان جنب إلى جنب. إلا ان هذا الحل مثالي.
الخامس وهو الحل الذي يدعو له الكاتبان بأن يتقاسم الشعبان الأرض من خلال تسوية. ويستند الكتاب على تصريحات الرئيس عرفات وعلى رأسها: "إن شعب إسرائيل يجب أن يعرف أنه لا يمكن إزالة خمسة ملايين فلسطيني عن الوجود، كما أنه لا يمكن التخلص من إسرائيل، لذا يجب أن نكافح من أجل حل عادل ولمصلحة الشعبين".