رضوان مرتضى يكشف كيف "أرخت الثورة السورية لحيتها"
"هكذا أرخت الثورة السورية لحيتها"، كتاب مليء بما لم نكن نعرفه عن تفاصيل الحرب السورية. كتاب أراد مرتضى منه أن نكتشف تناقضات النفس البشرية، آملاً أن "أنجح في تقديم الحقيقة بوجوهها الأربعة".
كثيرة هي الكتب والمقالات التي تحدثت عن الحرب السورية. لكن القليل من أصحابها كانوا ممن عاينوا مسار هذه الحرب وما أفضت إليه. الصحافي الإستقصائي والاعلامي اللبناني رضوان مرتضى من القلة الذين واكبوا الأزمة السورية منذ الرصاصة الاولى. وعلى الرغم مما ينطوي عليه العمل الصحفي خلال الحروب من مخاطر، فإن مرتضى في هذا الشأن كان أقرب إلى "انتحاري" منه إلى مجرد صحفي يسعى إلى نقل الصورة. فلا جهة سياسية أو حزبية كانت تضمن له سلامته الشخصية، لكنه خاطر بحياته منذ البداية لأنه كان مدفوعاً بالبحث عن الحقيقة، كما يقول في مقدمة كتابه الأول "هكذا أرخت الثورة السورية لحيتها" الذي صدر منذ أيام عن "دار الفارابي" في بيروت.
الكتاب الذي يقع في حوالى 350 صفحة من القطع الوسط، تكمن قوته في تأريخه بالمشاهد والحوارات والسرد المتمهل لكل التفاصيل التي تكشف للقارىء مسارات الأزمة في سوريا وتحول مدنها وقراها إلى ساحة احتراب طويل.
"ثوار" ومسلحون وانتحاريون فجروا أنفسهم في الضاحية الجنوبية لبيروت وضد السفارة الإيرانية والمستشارية الثقافية في العاصمة اللبنانية، ثم أمراء تنظيمات "جهادية" بين مخيمات لبنان وبلدات في سوريا وعلى الحدود بين البلدين، سنرى صورهم مع مرتضى تتخلل فصول الكتاب مما يضفي الكثير من المصداقية على المضمون ويلعب تأثيراً مهماً في منح التفاصيل قيمتها.
جولات مكوكية قام بها مرتضى على مدى ست سنوات قبل أن يفكر في أن يحتويها كتاب. بدأ الأمر من مخيم عين الحلوة في جنوب لبنان، ثم سجن رومية شرق بيروت وطرابلس شمال البلاد حيث قرر الانغماس في عالم الجماعات المتشددة، ومتابعته لتطورات المشهد الأمني السوري واللبناني وتداخلهما السياسي والطائفي وآخرها دحر النصرة وداعش من الحدود اللبنانية السورية.
لقد استطاع الصحافي الاستقصائي تقديم صورة واضحة عن اختلاط الديني بالايديولوجي بالمصلحي الذي يحكم تحركات وطموحات عناصر وزعماء في الجماعات المسلحة السورية، وارتباطاتها بسياسيين لبنانيين ودول خليجية. لن يكون القارىء أمام نموذج الابيض والاسود الذي يسبغ غالباً أي كلام عن الحرب السورية وتشعباتها الإقليمية والدولية، بل أمام كل حالة بمفردها حيث سيكتشف المطلع على الكتاب مصالحها وصراعاتها المعلنة والمضمرة.
مرتضى الذي ولد في ليبيا ثم عاد إلى لبنان يقول إنه تشرب الفقهين السني والشيعي، استطاع أن يميط اللثام عن الكثير من وجوه حياتنا الإنسانية. من ضابط سوري منشق يشرب الخمر، إلى "تائب" وأمير لداعش في منطقته، ثم الظلم والفقر والتهميش الذين يولدون عاشقين للموت أملاً بحياة أفضل، فضلاً عن الجهل والأمية التي تربي جيلاً من الطائفيين الذين تسهل إدارتهم وتوجيههم.
يمكن القول إن الكتاب هو عمل مرجعي يمكن لكل من يريد التعرف إلى الصورة القريبة جداً للحرب السورية، من الركون إليه. إذ سنرى قصص كل ما سمعنا بأسمائهم من معدي انتحاريين ووسطاء بين داعش والنصرة والحكومة اللبنانية في أكثر من ملف ومنهم ملف شهداء الجيش اللبناني، وكذلك الصراعات بين الجماعات المسلحة، وقطّاع طرق وسماسرة أرخوا لحاهم تحت مسمى "الجهاد" لكنهم ظلوا على ما هم عليه. إضافة إلى "رموز" للحالة "الجهادية" يقومون بالتعبئة والتحريض وهم لا يصلّون ولا يعرفون الكتابة.
"هكذا أرخت الثورة السورية لحيتها"، كتاب مليء بما لم نكن نعرفه عن تفاصيل الحرب السورية. كتاب أراد مرتضى منه أن نكتشف تناقضات النفس البشرية، آملاً أن "أنجح في تقديم الحقيقة بوجوهها الأربعة".
* يوقّع رضوان مرتضى كتابه الثلاثاء في 12 كانون الأول/ ديسمبر الجاري من الساعة 4 حتى الساعة 7:30 مساءً، في جناح دار الفارابي ضمن فعاليات معرض بيروت الدولي للكتاب - مركز بيال للمعارض.