معرض القاهرة الدولي للكتاب: حركة بلا بركة
برغم الحضور الهائل وتوافد الكثيرين إلى معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الـ48، لكن الحضور يعد قليلاً مقارنة بعدد السكان وأعداد الطلبة، فيما سجل تراجع في حركة الشراء نتيجة هبوط سعر الجنيه.
تعويم الجنيه وأسعار الكتب لعب انخفاض سعر الجنيه المصري أمام الدولار الأميركي دوراً كبيراً في تراجع حركة البيع داخل المعرض، فقد أثّر ارتفاع سعر الدولار على حركة الطلب على الشراء. ولم يختلف المعرض كثيراً من حيث التنظيم عن العام الماضي، واتفق الكثيرون على أن سعر الكتاب قد ارتفع ما يقارب الأربعة أضعاف عن العام الماضي، فضلاً عن غلاء إيجار مكان عرض الكتب عن العام الماضي، ما أسفر عن ضعف حركة البيع. الكاتب الصحافي مصطفي عبد الرازق قال للميادين نت "إن أسعار دور النشر الحكومية مثل الهيئة العامة لقصور الثقافة حيث مجموعة تولستوي موت إيفان إيليتش بأربعة جنيهات قبل الحسم، في حين أنها في دار الجمل بـ180 جنيه بعد الحسم، وفي الهيئة العامة للكتاب يوجد كتاب تاريخ وقواعد الحضارات لفرناند برودويل ب17 جنيهاً قبل الحسم في حين أنه في جناح مركز دراسات الوحدة العربية بأكثر من 400 جنيه أي 22 دولاراً بعد الحسم ضمن إصدارات المنظمة العربية للترجمة، وفي المركز القومي للترجمة يوجد كتاب "هكذا تكلم زرادشت" لنيتشه بـ12 جنيه قبل الحسم ولكنه ضمن إصدارات دار الجمل بلغ 270 جنيه بعد الحسم". وقد لاحظت الهيئة العامة للكتاب البطء الشديد والإقبال الضعيف على حركة الشراء فلجأت مع هيئة قصور الثقافة والمركز القومي للترجمة إلى تخصيص نسبة حسم تصل إلى 90% للطلاب و50% للصحافيين وأعضاء اتحاد الكتاب حتى أصبحت هي الأكثر إقبالاً بين دور النشر الأخرى. وقد صرح د. هيثم الحاج، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، في مؤتمر صحافي قائلاً "إن مبيعات الهيئة في معرض القاهرة الدولي للكتاب قد تجاوزت مبيعات العام الماضي بنسبة 47.5% بعد خمسة أيام من افتتاح المعرض، فعلى إحدى مداخل الجناح الخاص بالهيئة وضعت لافتة كُتب عليها "أي كتاب بجنيه" وهو ما جعل زوار المعرض يتهافتون عليها لشراء هذه الكتب التي غلبت عليها روايات للأطفال والقصص الشعرية، بالإضافة إلى عدد من الكتب المسرحية والمترجمة للأطفال. الأمر نفسه قامت به بعض دور النشر الخاصة بسور الأزبكية وشملت كتيبات قصص وتلوين للأطفال، وبعض الروايات إضافة إلى بعض الكتب القديمة للتشجيع على الشراء". وفي مكتبة الأسرة التابعة للهيئة العامة للكتاب، فإن أسعار الكتب رخيصة تبدأ من ثلاثة جنيهات، وأن الكتب التي تترواح عدد صفحتها ما بين 500 إلى 600 صفحة، سعرها ما بين 7 و10 جنيهات، أما الأغلى فيبلغ سعره 20 جنيهاً. أما دور النشر الأخرى، وخاصة دور النشر اللبنانية والسورية، والناشرون العرب، فشهدت أسعار الكتب ارتفاعات جنونية حيث وصلت قيمة بعض الكتب إلى 9 آلاف جنيه بعد الحسم فجاء كتاب "بحار الأنوار" للمجلسي في طبعة جديدة ضمت 110 مجلدات، فى المرتبة الأولى من حيث الأغلى سعراً فى المعرض، حيث تم بيعه مقابل 9 آلاف جنيه. وأرجع الكثيرون هذا الارتفاع إلى تحرير سعر الصرف وارتفاع سعر الدولار لنحو 20 جنيهاً، وهو ما أثّر بالسلب على حركة البيع، وجاء كتاب «مسند أحمد بن حنبل»، 52 مجلداً، بتحقيق شعيب الأرنؤوط، فى المرتبة الثانية من حيث الأعلى سعراً، حيث سجل 7 آلاف جنيه قبل الحسم، و6300 جنيه بعد الحسم، فى إحدى المكتبات السلفية. وفي المرتبة الثالثة جاء كتاب تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والإعلام لابن كثير الدمشقي والمسمى بجامع المسانيد والسنن، والذي بدأ سعره من 4 ألف جنيه في بعض دور النشر، فيما جاء كتاب مجمع الزوائد ونبع الفوائد لإبن حجر الهيثمي في المرتبة الرابعة بـ3700 جنيه. ومن الملاحظ أن ارتفاع الأسعار قد تسبب في ركود بيع الكتب خاصة المجموعات الكبيرة. وكان توافد المواطنين على دور النشر والمكتبات الإسلامية قد اقتصر على شراء الكتب الدينية بأسعار تترواح بين 100 و250 جنيه. وكان التوافد كبيراً من المتخصصين والباحثين في الشأن الإسلامي، وخاصة الطلاب الآسيويون الذين يدرسون في جامعة الأزهر الشريف، على شراء الكتب الإسلامية. وقد أشار محمد زكي، من دار مجموعة النيل العربية للنشر في حديث للميادين نت إلى أن حركة البيع والشراء متراجعة جداً عن العام السابق، وذلك بسبب ارتفاع الأسعار، على الرغم من تقديم بعض الحسومات، وكانت إيجارات المكان داخل المعرض مرتفعة جداً بحيث وصلت تكلفة المساحة المتوسطة إلى 20 ألف جنيه طوال فترة المعرض. وذكر أحمد سليم، من مكتبة الوفاء القانونية ومقرها مدينة الاسكندرية للميادين نت أن إعلانات ودعايات المعرض اقتصرت على القاهرة فقط وأهملت باقي المحافظات، وأكد على أن حركة البيع متوسطة حيث أن العام الماضي كان أفضل بكثير من هذا العام. وقال أحمد من مكتبة الأنجلوالمصرية للميادين نت إن تراجع الإقبال على المعرض يرجع إلى الظروف الاقتصادية التي تمر بها البلاد، وإن أسعار الكتب الجديدة وخاصة تلك التي صدرت في آخر ثلاثة شهور حيث انخفاض القيمة الفعلية للجنيه المصري وارتفاع سعر الدولار، لأن كل الطباعة الورقية تعتمد على ورق مستورد بالأساس بالعملة الصعبة هو ما تسبب في ارتفاع أسعار الإصدارات الجديدة من الكتب، لكن باقي الإصدارت من الأعوام السابقة بقيت أسعارها كما هي. واجتمعت آراء بعض الزوار على ذلك، فقالت نهى وهي طالبة في جامعة الأزهر للميادين نت "إن أكثر ما حصلت عليه كات من الروايات حيث أن أسعارها مناسبة إلى حد ما، وأن الطلب أصبح كبيراً فى تلك الفترة على قراءة الروايات، وهناك كثير من الأعمال المترجمة وعليها إقبال كبير بين أوساط الشباب". أما ندى، وهي طالبة فقالت للميادين نت إن حسومات الهيئة العامة للكتاب هي الأفضل والأنسب على عكس دور النشر الأخرى وخصوصاً الإصدارات الحديثة. وقالت نورهان، وهي طالبة كررت زياراتها للمعرض للميادين نت إن الإقبال على المعرض ليس كبيراً، وجذبتها أسعار سور الأزبكية والمجموعات القصصية فيها أرخص من دور النشر الأخرى، فضلاً عما تقدمه الهيئة من تخفيضات لتشجيع الشراء، وأضافت أن هناك العديد من الأماكن تقدم الكتب الجامعية وهو ما يفيد الطلبة بشكل كبير. فعلى الرغم من تصوير العديد من وسائل الإعلام للحضور الهائل وتوافد الكثيرين إلى معرض الكتاب، لكن يبدو الحضور قليلاً مقارنة بعدد السكان وأعداد الطلبة في المراحل الدراسية المختلفة، وخاصة أن المعرض يتزامن مع فترة إجازة منتصف العام الدراسي. راندا موسى كاتبة مصرية.