"بلا هوية".. عن إسقاط جنسيات 410 بحرينيين
410 بحرينيين تم إسقاط جنسيتهم لأسباب سياسية منذ العام 2012 وحتى الآن لم نسمع صوت أحد منهم.
-
الكاتب: ياسمين علي
- 29 اب 2017 19:51
كتاب "بلا هوية" للباحث البحريني علي أحمد الديري
410 عائلة انقلب كيانها بسبب إسقاط جنسية عائلها
أو أحد أفرادها لم نعرف عن معاناتهم شيئاً يذكر. لم يروِ لنا أحد منهم كيف
تلقّى خبر إسقاط جنسيته وكيف تلقّته عائلته وكيف تبدّلت أولوياتها بناء على هذا
القرار. وفيما عدا شذر بسيط هنا وهناك، لم نسمع من أي من المسقطة جنسياتهم من
الذين هم خارج البحرين، أو الذين تم ترحيلهم من البلاد بعد هذا القرار، شيئاً من
تفاصيل هذه التجربة وما انعكاساتها المباشرة على حياتهم وعوائلهم. هذا الكتاب يفعل
بقوّة.
إنه يرينا للمرة الأولى شيئاً من داخل بيت هذه
التجربة، ومن داخل تساؤلات طفلة وجدت والدها (الكاتب المثقّف المعروف) فجأة (لا
أحد)، أي بلا هويّة وبلا أرض وبلا وطن وبلا حقوق وبلا مواطنة.
في هذا الكتاب ندخل لأول مرة داخل بيت غادره صاحبه
بعد عامين من بنائه، ولم يعد ممكناً أن يعود إليه ثانية، ندخل غرفة نوم أماسيل
التي لم تتمكّن من تأثيثها كما كانت تحلم، ندخل على الآلية التي أدارت بها العائلة
أملاكها كي لا يتم الاستيلاء عليها ومصادرتها، ندخل على التفاصيل العميقة المغيّبة
التي لم نكن لنلتفت إليها لولا أن استحضرها لنا الباحث البحريني علي الديري في حواره مع ابنته أماسيل. إنه
استحضار يجعلنا نلمس عمق إسقاط المعنى، بعد أن كنّا نعتقد أنه مجرد حرمان من جواز
لونه أحمر.
إنها ليست تجربة شخص واحد، بل 410 بحرينيين،
يعيشون هاجس العودة، وهاجس الموت في برد الغربة، وهاجس أن لا يكون لهم قبر يدفنون
معه سرّهم الأخير المأخوذ بالأرض.
لقد تم تقديم الكتاب بطريقة إبداعية وغير تقليدية
وجعل الحوار مفتاحاً للانتقال السلس من التجربة الشخصية إلى تجارب الآخرين الذين
يشاطرونه المعاناة ذاتها ويمرون بتفاصيل أكثر تعقيداً.
ويذهب الكتاب إلى أكثر من هذا كي يحيله وثيقة
تاريخية تكشف جانباً من الدور الذي لعبه كل من الإعلام، ومجلس النواب في البحرين
في التحريض على معاقبة المعارضين بإسقاط جنسياتهم. كما يأخذنا الكتاب في تسلسل
يعرض أهم إجراءات حكومة البحرين المتعلّقة بإسقاط الجنسية، ويرفقها بوثائق متعلّقة
بهذا الشأن، كما يأخذنا في محطّات مهمّة في تاريخ البحرين السياسي، والتي ربما من
أهمّها إسقاط جنسية المناضل البحريني عبد الرحمن الباكر في خمسينيات القرن الماضي
لذات الأسباب، وهي المطالبة بالإصلاح السياسي.
الكتاب برغم صغر حجمه، إلا أنه يعد وثيقة تاريخية،
لقضية لم يسبق لأحد طرقها وتناولها إنسانياً وسياسياً ومعرفياً كما يفعل هذا
الكتاب.