"مئوية معركة ميسلون في ذكرى الشهيد البطل يوسف العظمة"
كان الرئيس الراحل حافظ الأسد شديد الحرص على الاحتفال بالذكرى السنوية لمعركة ميسلون، في الرابع والعشرين من شهر تموز / يوليو.
صدر أخيراً كتاب "مئوية معركة ميسلون في ذكرى الشهيد البطل يوسف العظمة" عن مؤسسة "وثيقة وطن" بالتعاون مع "دار دلمون الجديدة" في سوريا، وذلك بمناسبة مرور قرن على وقوع هذه المعركة التاريخية المجيدة.
الكتاب الذي كتبت مقدمته الدكتورة بثينة شعبان، رئيسة مجلس أمناء مؤسسة "وثيقة وطن"، يتضمن معلومات ووثائق وشهادات حول الفترة الممتدة من قبل معركة ميسلون وخلالها مع شهادات عن الشهيد العظمة من قبل معاصريه من ضباط ووزراء ومنها شهادة وزير الزراعة والتجارة في حكومة الملك فيصل، يوسف الحكيم، المأخوذة من مذكراته الصادرة في بيروت عام 1966 والتي جاءت تحت عنوان "سورية والعهد الفيصلي".
وتضمن الكتاب مقدمة شعبان بعنوان "الشرف الرفيع"، و"كلمة مؤسسة وثيقة وطن"، بالإضافة إلى الفصول التالية: "الأحداث التي سبقت معركة ميسلون"، و"سورية والعهد الفيصلي: مذكرات يوسف الحكيم"، و"الانتداب الفرنسي الغاشم على سورية: مذكرات حسن تحسين باشا الفقري"، و"ميسلون: نهاية عهد: مذكرات صبحي العمري"، "معركة ميسلون للمؤرخ إحسان هندي"، و"يوم ميسلون: مذكرات ساطع الحصري"، و"ميسلون في الأرشيف الوطني الفرنسي"، و"وثائق ميسلون: مقدمة تاريخية"، و"المراسلات".
وجاء في كلمة لمؤسسة "وثيقة وطن" بأنها أعدت هذا الكتاب لتضعه بين أيدي جيل الشباب "ممن عاشوا الحرب على سوريا خلال السنوات الأخيرة وكانوا قلعة متينة في وجه المستعمر الجديد كما كان الشهيد العظمة من قبلهم وهو يحارب المستعمر القديم".
في مقدمتها قالت الدكتورة شعبان إنه خلال "عملية السلام" في العقد الأخير من القرن المنصرم، كان الرئيس الراحل حافظ الأسد يستشهد دوماً بالشهيد يوسف العظمة بطل ميسلون، فقد كان العظمة أحد القادة التاريخيين الملهمين للرئيس الأسد إذ تجمعهم نقاط تلاقي عديدة أبرزها حب الوطن والتفاني في خدمته. كلاهما تولى حقيبة الدفاع (التي كان اسمها وزارة الحربية في زمن ميسلون) بفارق 46 سنة. وكلاهما كان في السادسة والثلاثين من عمره يوم وقعت النكسة في ميسلون أولاً سنة 1920 ومن ثمّ في الجولان عام 1967. وكلاهما رفض أن يُسجّل التاريخ أن العدوّ دخل بلاده من دون معركة مُشرّفة، تكون نبراساً للأجيال المقبلة.
وتابعت شعبان: "أحببت يوسف العظمة عندما سمعت باسمه لأول مرة وأنا طفلة صغيرة على مقاعد الدراسة فوجدت فيه مثالاً للتضحية والبسالة والرجولة. وكبرت وكبر إعجابي بهذا البطل المقدام، وعندما عدت إلى منزلنا الصغير في قرية المسعودية بريف حمص الشرقي وسألت أبي عنه، فقال لي: "اجلسي يا بثينة أكلمك عن زينة الرجال وسيّد الأبطال". دارت الأيام، وأطلقت اسمه على أحد أحفادي كما أسميت ابنتي على اسم رفيقة درب يوسف العظمة في ميسلون، الرائدة السورية نازك العابد، التي حاولت تضميد جراح الشهيد في معركة ميسلون، بصفتها رئيسة جمعية النجمة الحمراء المعنية بجرحى الحرب والمرتبطة بمنظمة الصليب الأحمر الدولي".
وكشفت شعبان أنه كلما نطق الأميركيون بكلمة واحدة عن البطولة والشجاعة، كان الرئيس حافظ الأسد يرد بمعلومات مسهبة عن يوسف العظمة، أمام جيمس بيكر أولاً، وكريستوفر وارن ثانياً، وأخيراً بحضور الرئيس بيل كلينتون عند زيارته دمشق عام 1994 .
كان الرئيس حافظ الأسد حريصاً على تقدير البطولات وهذا يفسر تقديره الكبير لسلطان باشا الأطرش وابراهيم هنانو والشيخ صالح العلي. وفي عهده، تم تحويل منزل يوسف العظمة في حيّ المهاجرين الدمشقي إلى متحف، وكان الرئيس الأسد شديد الحرص على الاحتفال بالذكرى السنوية لمعركة ميسلون، في الرابع والعشرين من شهر تموز/يوليو، حيث يتحوّل ضريح البطل في ميسلون إلى محجّ لطالب المدارس والجامعات، يأتونه أفواجاً مع ممثلين عن النقابات والجمعيات الأهلية والقوات المسلحة.
وكان الرئيس الراحل دائم القول لضباطه: "تعلموا الشجاعة والرجولة من يوسف العظمة". وأهم هؤلاء الضباط كان سيادة الرئيس الدكتور بشار الأسد، الذي أثبت للتاريخ أنه خير خلف لخير سلف، عندما سار على خطى يوسف العظمة في مواجهة المستعمر الحديث، قائداً وجندياً ومواطناً، محارباً في الصفوف الأمامية في وجه فرنسا والولايات المتحدة وإسرائيل وتركيا".
وخصلت شعبان إلى "أن المستعمر الحديث لا يختلف كثيراً عن المستعمر الذي أطلق النار على يوسف العظمة، فكلاهمها أراد النيل من عزيمة الشعب السوري وحاول تمزيق هذا البلد الطيّب وتفتيته على أسس طائفية وعرقية".
أما شهادة قائد معركة ميسلون تحسين باشا الفقير فحملت عنوان "الانتداب الفرنسي الغاشم على سورية" وأخذت من مذكراته الصادرة في دمشق عام 2004 وهي من الكتب القيمة والنادرة. بالإضافة إلى شهادة صبحي العمري تحت عنوان "ميسلون نهاية عهد" والتي اقتطفت من مذكراته الصادرة عام 1991.
أما شهادة المؤرخ إحسان هندي فأخذت من كتابه بعنوان "معركة ميسلون" الصادر في دمشق عام 1967 لتتقاطع مع ما جاء في مذكرات المفكر ساطع الحصري تحت عنوان "يوم ميسلون" الصادرة في دمشق عام 1948.
ويحتوي الجزء الأخير من الكتاب على عدة وثائق حول ميسلون من الأرشيف الوطني الفرنسي بوصفها معركة تاريخية مع مجموعة من المراسلات في تلك الفترة.