معرضان فنيان للثنائي أنطونيلو غيزي وعبدلكي
غاليري تانيت في بيروت يقدم معرضين فنيّين يعيدان للذهن إمكانية التفكير الطبيعي والتأمل بالأفضل، الأول للثنائي أنطونيلو وغيزي والثاني للسوري يوسف عبدلكي.
تجاوزاً لقساوة الظروف العامة التي تحيط بالمنطقة، وتأكيداً على غلبة الحياة على الموت، وانفجار المرفأ الذي دمّر بيروت، والحق بالغاليري الأضرار البالغة نموذجاً لذلك، يقدم غاليري تانيت في بيروت معرضين فنيّين، يعيدان للذهن إمكانية التفكير الطبيعي، والتأمل بالأفضل، والمعرضان للثنائي (ناديا) أنطونيلو و(باولو) غيزي "Antonello Ghezzi" بعنوان: "ما ليس الجحيم" (cosa non è inferno)، والثاني للسوري يوسف عبدلكي من دون عنوان.
"ما ليس الجحيم"
لمناسبة الذكرى السنوية لميلاد الأديب إيتالو كالفينو، وفيه رحلة في الاتجاهات الغامضة "لرواية "المدن غير المرئية" للكاتب الراحل، يعرض الفنانان اللذان يعملان تحت اسم أنطونيلو غيزي مجموعة أعمال كدافع فني يتجذر في أعماق قلب بيروت، المدينة التي تجسد بالنسبة لهما "السماوي مع الدنيوي".
وينقسم المشروع في جزءين متباينين حيث يندمج النسيج المديني لمدينة بيروت، مع البعد التأملي للفضاء المحيط بالغاليري حيث تصبح بيروت، في هذا الجو الحيوي، لوحة بذاتها، مزدانة بالأبنية الشاهقة، وناطحات السحاب، وتطرح بنظر الفنانَين تساؤلاً عميقاً: ما هو اللاجحيم"، ومن هنا، يستمد التساؤل جذوره من تحفة كالفينو "المدن غير المرئية"، يتردد صداها في تجليات لازمنية، غير مرتبطة بتاريخ، ولا موعد.
وكما يتحاور بطل الرواية ماركو بولو وهو مهاجر من فينيسيا، مع الامبراطور المغولي قبلاي خان، تتماهى الخيوط بين الجهنمي واليومي، وفي هذا الجحيم، يجد الانسان أنه يصوغ حقيقته عبر الوجود المشترك.
يكتب الفنانان إنه بــ "هذه المباني الشاهقة، أو ناطحات السحاب، الواقفة وسط بيروت، تمنحنا أصواتاً كورالية، تلقى صداها في مشكال موسيقي (Kaleidoscope) متغيّر الأنواع من أصوات السيارات، وأعمال البناء، والمؤذنين، والأجراس، والتعابير الانسانية المختلفة"، ويصفان بيروت بــ "مدينة التنوع والازدواجية، تجسد كلّاً من السماء، وجهنم تماماً، كما تتقاطع مدن كالفينو غير المرئية على الحدود والأبعاد".
ناديا أنطونيلو وباولو غيزي درسا في أكاديمية الفنون الجميلة في مدينة بولونيا الإيطالية، وفي سنة 2009 أسّسا ثنائية أنطونيلو غيزي.
يركز سعيهما على الإشراق والسحر، ومشاريعهما المعروضة في مختلف متاحف إيطاليا، إضافة إلى معاهد عالمية، تسعى لأن تجعل من روايات الجان حقيقة واقعة، كمثال باب يفتح لمجرد أن تبتسم عنده، أو فقاعة صابون تكسر الجدران، أو معدات تصنع رغبات بنجوم مُقْتَنَصة، أو تماثيل صغيرة بين العشاق، أو سموات مُشِّعة للمستقبل.
أعمالهما عرضت في "بيت بيروت"، وفي مختلف معارض ومتاحف العالم في إيطاليا وبلجيكا، وبولندا، والبحرين، ونيويورك، واليابان، واليونان، والارجنتين، وروسيا، وبوسنيا، وهولندا، والدانمارك وسواها.
لوحتان من المعرض بوسائط متعددة على ورق، وبألوان زاهية تعكسان صورة نمطية لبيروت لكن دون تحديد موقع أو شارع معيّن. إنهما إيحاء للأجواء البيروتية بحيويتها وصخبها.
ثمة لوحة فوتوغرافية عن إشارة المرور الزرقاء، وأخرى لسلم يشير إلى الصعود، ولوحة مرسومة كالاسفنجة على قطعة رخام بيضاء، بتنويعات فنية مختلفة ومعانٍ متعددة.
عبدلكي بلا عنوان
مجموعة لوحات بالأسود والأبيض، كتب عنه الناقد الفني آلان جوفروا واصفاً إياه بأنه "مراقب كبير للظواهر الحية، حفّارٌ دقيق، صارٌم ومنهجي ولكنه أيضاً شاعرٌ بالصور".
ويضيف: "سمكة عبدلكي ليسـت سمكة: إنها سهم، شعاع، تـنفس، دعـوة مهموسة للحياة، ولكنها أيضاً سمكة تطير كما لو أن صورة الموت بالنسبة لعبدلكي أ كثر حياة من صورة الحياة نفسها".
يوسف عبدلكي، مواليد القامشلي في سوريا 1951. في الخامسة عشرة من عمره، انتقل مع عائلته إلى العاصمة السورية دمشق، حيث درس في كلية الفنون الجميلة وتخرج سنة 1976، وبعد التخرج سافر إلى باريس مأخوذاً بأي ظاهرة يمكن أن ترضي أفكاره المتّقدة في الرسم.
في باريس، تخرج من المدرسة الوطنية العليا للفنون الجميلة سنة 1986، ولاحقاً من باريس x111، بدرجة دكتوراه سنة 1989.
أعمال يوسف عبدلكي معروضة في عدد كبير من متاحف العالم، ومؤسساته، ومعاهده، بما فيها المتحف البريطاني في لندن، ومعهد العالم العربي في باريس، والمتحف الوطني في الكويت، وفي متحف عمان للفنون الحديثة في الأردن.