معرض فني يجسّد الهجرة والنزوح في "نابو"
متحف "نابو" شمالي لبنان يعرض أعمال فنانين وفنانات شاركوا في مسابقة تجسّد الهجرة والنزوح ومخاطرها ومآسيها.
مع نهاية العام 2022، شهد العالم هجرة 108.4 مليون شخص، وتتصدّر قائمة الهجرة 3 دول هي سوريا (6.8 مليون)، وأوكرانيا (5.7 مليون)، وأفغانستان (5.7 مليون).
في ضوء هذه الظاهرة الخطيرة المتنامية، والتي تؤشر إلى المدى الذي بلغته الحروب على شعوب العالم، والتلاعب بمصائرهم، بادر متحف "نابو" شمالي لبنان، إلى إقامة معرض ومسابقة تجسّد الهجرة، والنزوح، ومخاطرها، ومآسيها.
المبادرة أطلقها المتحف في تشرين الاول/أكتوبر 2022، فدعا إلى مسابقة دولية جائزتها 3 آلاف دولار للفائز بتصميم منحوتة معبّرة عن عنوان المسابقة "ضحايا زوارق الموت"، وبعدها أضيف إلى المسابقة "ضحايا مباني الموت"، عقب الزلزال الذي ضرب سوريا وتركيا.
شارك في المسابقة 53 فناناً وفنّانة من لبنان وسوريا والعراق والأردن ومصر وتركيا وبلجيكا وصربيا، وطالعت أعمالهم لجنة تحكيمية مؤلّفة من 4 فنانين وفنانات، وسيصار إلى الإعلان عن الفائز بعد عرض كل التصاميم التي وصلت إلى متحف "نابو" بصيغة صور المشاريع.
وتعود قضايا الهجرة إلى مراحل ما قبل التاريخ على ما يوثّق المعرض في جانب منه، وفي الذاكرة المحليّة، اتخذت الهجرة أبعاد المتاجرة بالبشر الهاربين من بلادهم لأسباب عديدة منها، على سبيل المثال، الفقر، والحروب، والقمع السياسي.
وتشكّلت، مع تطور حالات الهجرة، شبكات غير شرعية تقوم بتهريب المهاجرين، وتأمين خطوط نقل لهم مقابل مبالغ مالية محدّدة، ونظراً لتفاقم عوامل الهجرات العالمية، تركيزاً في الدول النامية أو ما تحت النمو، والتي تعرّضت إلى العدوان، اتّخذت الهجرات أشكالاً متنوّعة.
ومع تكاثر العمليات، تكاثرت حوادث غرق المهاجرين الذين رُسِمت لهم الطرق البحرية مخرجاً لأزماتهم المفترضة، وبدلاً من النجاة من مهاربهم، وقعوا فرائس البحر ومخاطره، وقضى مئات الآلاف منهم.
لا يمكن فصل الهجرات عن عمليات استغلالها من قبل الدول المختلفة باختلاف حاجاتها إليهم. في لبنان، احتاجت الحرب الأهلية 1975-1976 إلى عناصر مقاتلة في الجبهات المتقابلة من دون استثناء، فانتعشت تجارة "رقّ" المهاجرين الذين عبّأوا نقص المتقاتلين المحليين في المتاريس والجبهات.
وفي الدول الأوروبية، الوجهة الأساسية للمهاجرين، فُتِحت لهم حدود التهريب غير الشرعية، وتسربوا منها، فتلقفتهم السلطات، ووظفت منهم ما تحتاجه في مشاريعها، إن في سدّ عجز اليد العاملة، أم في توسيع البنية الاجتماعية حيث تراجعت الولادات بشكل دراماتيكي، أم في مشاريع الحروب بالوكالة التي روّجها الغرب في العديد من دول العالم، خصوصاً في دول الشرق كسوريا، والعراق، وأفغانستان، وحيث احتاج الغرب لهم.
كثيرون من المهاجرين اللبنانيين وقعوا فرائس هذه المخططات، منهم من قبع في السجون، ومنهم من خسر أمواله وعاد خالي الوفاض، ومنهم من تعرض لــ"سرقة" أطفاله بمبررات قانونية، ومن نجا منهم، شكر ربّه أن عاد سالماً إلى حياته الطبيعية مؤثراً بلاد الحروب على بلاد السلام الزائف.
بعض الأعمال المشاركة
- جوني وجايسون قربان من لبنان، تمثّلا بمشهد نحتي من الفولاذ لأقواس القارب، ومن النحاس لليدين البشريتين، ومرساة القارب.
- ماهر مشهور من سوريا، عمله "مجرد أرقام" عنوان التصميم لقارب ورقي بالبرونز الأسود يرمز لهشاشة قوارب المهاجرين، وطوافات بالبرونز الذهبي تمثّل تخصّصات المهاجرين.
- أبّي حاطوم من سوريا، تصميم لمنحوتة يمكن تنفيذها بالبرونز أو بالرخام الأسود أو الغرانيت الأسود، تمثّل شاهد قبر خطت عليه أرقام وتواريخ عن ضحايا قوارب الموت، وعلى رأسه حقيبة السفر التي كانت الحلم، وتمثّل البحر الذي غرق فيه القارب في قمة المنحوتة.
- سامي عبيد من لبنان، منحوتة من مخلّفات الحديد بين الرمزية والمباشرة، تمثّل ضحايا قوارب باتت تسمى بــ "قوارب الموت".
- هشام المر من لبنان، رسم لمنحوتة تمثل الموت على شكل قارب يضمّ الضحايا بحملهم الثقيل المتمثل بالمربع -الجلمود المعبّر عن أعباء الحياة، مع 7 مجسّمات في قسمها السفلي لأشكال بشرية.
- علي معلّا من سوريا، تصميم أول ليد مستغيثة فوق سطح المياه، ويمكن تنفيذها في مياه البحر قريباً من الشاطىء، والمواد المستعملة الأسمنت والفايبر.
- فارس طوقاني من سوريا، رسم لمنحوتة بالخشب لزورق "الفينيق" والأمواج العالية والناس بين الغرق وبين صعود الروح وتحوّل الأطفال إلى ملائكة، والأمهات إلى قديسين، ورمز الحياة يتحوّل إلى زورق الموت.
- وسام قطرميز من سوريا، منحوتة يمكن تنفيذها إمّا بالحجر، أو البولييستر، تمثل أسرة صغيرة اختارت الهجرة في أحد القوارب الرديئة يتملكها الضياع بين الوطن وحلم الغد.
- فاتن خليل من لبنان، منحوتة من الحديد والخشب والأسمنت والقماش وقماش الخيش لسرير يختصر مقولة "من المهد إلى اللحد"، وما السرير إلّا هيكل يقفز بالعالم إلى الموت.
- علي أبو حيدر من إيطاليا، مجسم منحوتة بالحجر أو الرخام، تمثل الأمواج والرياح العاتية.
- شادي نصّار من لبنان، مجسّم لمنحوتة من الخشب ويمكن تنفيذها بالطين وصبّه بالبرونز أو مادة أخرى، تمثّل في قاعدتها القارب المتآكل مع البحر ما أحاله شبيهاً بالموج، وأيادٍ تطلب الغوث أو المغفرة يسود بينها الفراغ.
- عبد الرحمن محمد من لبنان، برونز، 3 جماجم فوق بعضها البعض تمثّل من فقدوا أرواحهم جرّاء الزلازل، وفي هذه الجماجم أشخاص تتسلقها من داخلها وخارجها تمثل الجشع الذي يقود إلى الفساد في بناء منازل غير آمنة.
- محمد أبو النجا من مصر، منحوتة مؤلفة من 3 صيغ، الأولى لقارب ملوّن ممتلىء بالأدوات الحديدية المستخدمة قديماً لنقل "العبيد"، والثانية لمركب مقدمته متحطمة، والثالثة، لمركب فرغ من الناس.
- أرليت سوفور من بلجيكا- لبنان، نحت على الورق يرمز إلى المهاجرين المتشبثين بقطعة من الخشب العائم حيث لا مهرب لهم سوى البحر وأفقه.
- ابراهيم خزاقة من لبنان، نحت قائم على الفصل بين المواد لخلق عالم متحرّك بوسعه أن يكون مستقلاً، وهنا السيراميك والبرونز أو الخشب في تعبير عن حركة الانتقال من مكان إلى آخر.