تنطوي إعادة اكتشاف لوحة جدارية شمالي بيرو، تعود إلى العصر ما قبل الكولومبي، وتُظهر مشاهد أسطورية، على "قيمة استثنائية"، بسبب حالة حفظها، وفقاً لعالم الآثار الذي عثر عليها، بينما لم يكن نظراؤه يعرفون هذا الموقع سوى من صورٍ التُقِطت في أوائل القرن الـ20.

وقال سام غافامي، الذي أمضى 4 سنوات في البحث عن اللوحة الجدارية، التي يشير إلى أنّها تعود إلى 1000 سنة، في حديث إلى وكالة "فرانس برس" إنّه "من النادر العثور على لوحات جدارية من هذا النوع، ضمن الآثار التي تعود إلى العصر ما قبل الكولومبي".

عثر عالم الآثار السويسري على اللوحة الجدارية في شهر تشرين الأول/أكتوبر، بين مخلّفات معبد "هواكا بينتادا" الجنائزي القديم في "إيليمو"، وهي قرية تقع في منطقة "لامباييك".

وأضاف غافامي أنّ "ما تتشكّل منه هذه اللوحة فريد في تاريخ الفن الجداري في بيرو، الخاص بالعصر ما قبل الكولومبي".

وجرى التأكّد من تاريخ اللوحة الجدارية من خلال صور بالأبيض والأسود، التقطها الألماني هانز هاينريش برونينغ في العام 1916، وهو أحد أهم علماء الإثنولوجيا (علم الأعراق)، الذين كانوا يقيمون في البيرو خلال تلك الحقبة.

وتابع غافامي: "لا نعرف سبب عدم نشر برونينغ الصور، لذا اضطررنا للانتظار حتى 1978 حين عثر عليها باحث أميركي يدعى ريتشارد شيدل، خلال زيارة له إلى متحف هامبورغ في ألمانيا". 

وأضاف: "منذ ذلك الوقت، أدرك علماء الآثار وجود هواكا بينتادا، إلا أنّ أحداً لم يرتَد المكان للبحث في الموقع، على أساس أنّه لن يُعثر على أي شيء".

وتبرز في جزء من اللوحة الجدارية، وطولها نحو 30 متراً، ألوان الأزرق والبني والأحمر والأصفر والأسود والأبيض واللوكوما (الأصفر الخردلي). وتظهر اللوحة موكباً من المقاتلين يسيرون في اتجاه إله يشبه الطائر.

وأوضح غافامي أنّ "الرسم يبدو مستوحى من فكرة تراتبية دينية، مبنية على عبادة الأسلاف وعلاقتها الوثيقة بقوى الطبيعة"، مشيراً إلى أنّ اللوحة الجدارية تشكل "صورة تعبيرية عن النظام السياسي والديني لسكان المنطقة القدامى".

تكمن قيمة اللوحة الجدارية في الجمع بين أسلوبي ثقافتين تعودان إلى العصر ما قبل الكولومبي، هما حضارة "سيكان" التي استوطنت الساحل الشمالي للبيرو بين عامي 900 و1350، وحضارة "موتشي" التي كانت سائدة بين عامي 100 و850.