ديدييه في المغرب: وثيقة استعمارية

صدرت حديثاً عن منشورات "أفريقيا الشرق" ترجمة جديدة للباحث والمترجم بوشعيب الساوري لكتاب "نُزهة في المغرب... طنجة وتطوان وسبتة 1835م" للشاعر والرحالة الفرنسي شارل ديدييه.

وجاء في تقديم الساوري للكتاب: "تندرج رحلة ديدييه في أدب الاستكشاف والاجتياح؛ وهو ما يفسّر انطلاق الكاتب من أطروحة استعمارية صريحة لم يخجل من الدفاع عنها على طول صفحات رحلته؛ إذ سعى جاهداً إلى تقديم تقارير شاملة عن المغرب، وعن سُكانه واقتصاده وجيشه وتاريخه وتضاريسه، معبّراً في ذلك عن تحامل صريح على المغرب، عبر تسويد صورته على جميع الصعد، أملاً في الدفاع عن أطروحته، مؤكداً أن لا جدوى من الطرق الدبلوماسية مع المغرب".

وأضاف المترجم أن ديدييه أبرز مكامن ضعف المغرب (على مستوى البنية التحتية، وغياب النظام، وضعف الجيش أداءً وتنظيماً وأسلحة، وضعف الاقتصاد)"، ويتحسّر على تأخير احتلاله، وحاول تعزيز دعواه بمجموعة من الوقائع والأحداث التاريخية، ليبرر التدخل العسكري، بل دعا صراحة إلى ضرورته، مؤكداً أن الوسيلة الوحيدة التي ينبغي اتباعها مع المغاربة هي القوة، ويقول "المغرب مِلْك للحضارة الغربية، التي كان لا بد أن تحتلّه، منذ زمن طويل».

ويرى ديدييه أيضاً أنه: "ينبغي في البداية أن نضرب بقوة، (...) ونقبض على رهائن. وحين نمسك بهم (...) نبدأ المفاوضات، أو بالأحرى ننتظرها"، و"كان ينبغي، بالنسبة لي (...) الاستيلاء فوراً على موقع بحري في المغرب".

وعبّر ديدييه عن خيبة أمله عند الوصول إلى المغرب بأن ما كان يتوقعه لم يجده. أو تعمّد ذلك بنقل صورة قاتمة عن المغرب كانت بعيدة جداً من الموضوعية وهي تبرر نواياه الاستعمارية.

ويرى المترجم أن أحكام ديدييه على المغاربة "كانت تستند إلى رؤية خارجية لأنها لم تكن مبنية على معاينة واحتكاك وإنما على معارف مسبقة راكمها الرحالة قبل فِعل الرحلة تجلت في استطراداته الطويلة التي تنسينا أحياناً أننا أمام محكي سفر، مع أنه لم يتخلّ كلياً عن رؤية الأشياء، كملاحظ وسائح أدبي، وكشاعر أيضاً؛ مما يؤكد هيمنة المقروء على المرئي؛ وذلك انسجاماً مع الرؤية التوثيقية والتقريرية الموجّهة للكاتب والرغبة الاستعمارية في التملك المعرفي للمغرب قبل إخضاعه عسكرياً".