الزلازل.. أسبابها وإمكانية توقعها
بقي أمر الضربات الاهتزازية في باطن الأرض صعب الملاحظة والتتبع وبقيت أسرار الزلازل وزمان وقوعها من الأمور غير الممكن توقعها حتى اليوم.
الكتاب: "الزلازل: حقيقتها وآثارها"
تأليف: شاهر جمال آغا
الناشر: سلسلة عالم المعرفة - الكويت |
الزلازل جزءٌ من حياة الأرض وجزءٌ مأساوي من تاريخ البشرية، هذه الظاهرة الطبيعية التي كانت ولا تزال تشارك بفعالية في تغيير معالم الأرض ورسمها.
يشرح كتاب بعنوان" الزلازل حقيقتها وآثارها" للدكتور شاهر جمال آغا هذه الظاهرة المدمرة، ويعرفنا فيها على نظريات لعلماء لامعين كرّسوا جهودهم لفهم بنية الأرض وكيف نشأت من بداية النظام الشمسي إلى نمو القارات كما هي اليوم. ويقدم لنا أمثلة من الحياة الواقعية لزلازل حدثت في جميع أنحاء العالم، ويجيب على العديد من التساؤلات حول هذه الظاهرة المعقدة ويقدم بعض الاقتراحات حول ما يجب فعله قبل الزلزال وأثناءه وبعده.
كلمة عن أصل الأرض
نتيجة التطور العلمي الكبير الذي شهدته علوم الرياضيات والفلك والفيزياء، اتضحت كثير من الجوانب الغامضة لنشوء المنظومة الشمسية، وتوصل العلماء بفرضياتهم إلى الاحتمالية الأكبر لمراحل تشكل لوحة المنظومة الشمسية، وهي أن الشمس والسحابة الكثيفة التي تدور حولها تكونت من سحابة غازية غبارية تنتشر بين النجوم واستمر تطورها. وكذلك استمر نقل كهرومغناطيسية الحركة عن طريق الحركات الزوبعية المضطربة من الشمس الى الكواكب الأخرى، ثم تكاثفت الهيولى الشمسية على شكل حلقة حول الشمس متحولة لنواة كويكبية وتكررت العمليات السابقة حول الكواكب وظهرت بطريقة متشابهة.
مسببات الزلازل وآلية حدوثها
من خلال الدراسة المتأنية والمشاهدة الدقيقة لخصائص الأرض بنية وتركيباً وحرارة، تبين أنها تمتلك طاقة حرارية هائلة تتحول باستمرار إلى قوة حركة تدفع من خلالها أجزاء الأرض الخارجية باتجاهات متباينة، وتُحرك في نفس الوقت المواد الموجودة ضمنها بأشكال متعاكسة في كثير من الأحيان، مؤدية بذلك الى تبدلات دائمة في مظهر القشرة الأرضية، فتارةً ترتفع مناطق وتارة تغوص أخرى. وهذا ما يجرنا للتعرف إلى طبقات الأرض باختصار لفهم الأسباب الطبيعية لحدوث الزلازل:
طبقات الأرض
تتكون الأرض من طبقات صخرية "الأغلفة" لها طبيعة معدنية مختلفة وتمتلك خواص فيزيائية وكيميائية متباينة بدءاً من مركز الأرض حتى سطحها الخارجي وهي:
القشرة الأرضية: وهي الطبقة الخارجية مكوّنة من الصخور التي يتراوح سمكها بضع كيلومترات تتراوح بين (2-3) كيلومتر تحت المحيطات وتصل الى (70-80) كيلومتراً تحت الجبال، وهي نوعان: القشرة القارية والقشرة المحيطية رغم أن الأخيرة أقل سماكة إلا أنها أكثر ثقل وكثافة.
الوشاح: يقع تحت القشرة الأرضية ويمتد على عمق 2900 كيلومتر داخل الأرض محيطاً بالنواة.
النواة: تتألف من جزئين، خارجي أكثر ليونة وأقل صلابة يمتد حتى عمق 4980 كيلومتراً، يفصله عن الجزء الداخلي شريط انتقالي على عمق (4980-5120) كيلومتراً، فيمتد الجزء الداخلي من تحت عمق كيلومتراً، وحتى مركز الأرض إلى عمق 6370 كيلومتراً.
والمهم أن فروقات الكثافة النوعية للصخور المكوّنة للقشرة الأرضية وارتفاع درجة حرارة الأرض كلما ابتعدنا عن سطحها، وضغط الطبقات الصخرية فوق طبقة الوشاح شبه المنصهرة، تنعكس بقوة على سطح الأرض وتجعل القشرة الأرضية غير ثابتة.
وبالتأكيد هناك أسباب غير طبيعية تعود للنشاط الاقتصادي الإنساني على المدى الطويل مثل التفجيرات النووية وبناء السدود الضخمة وتشييد المدن العملاقة والاستخراج العنيف للنفط.
لكن أقدم هذه الأنشطة لا يتجاوز مدته قرناً، أي أنها لا تفسّر سبب وقوع الزلازل القديمة في عمق تاريخ الأرض والإنسانية، فلا بد من تفسير آخر ينظم أسباب وقوعها ويحدد ماهيتها في آن واحد.
علماء الجيولوجيا كان لديهم التفسير من خلال ما يُعرف بنظرية الصفائح التي أعطت تفسيراً لكثير من الأنشطة الأرضية ومنها الزلازل.
الصفائح المتجاورة
تقول النظرية إن القشرة الأرضية ليست متصلة بل مقسّمة الى عدد كبير من المسطحات "الصفائح" المتجاورة، وتنشأ الزلازل عموماً نتيجة حركة وانزلاق الصفائح التي يرافقها شقوق وصدوع على طول المكان الذي حصل فيه الانزلاق بين صفيحتين من الصفائح المكوّنة للقشرة الأرضية. فالحركة النسبية لأي صفيحة ستضغط على الصفائح المجاورة وتتراكم هذه الإجهادات على طبقات الصخور وتتكسر، عندما تفوق قوى الضغط والتوتر التماسك الصخري، مُسببةً تحركات فجائية وانطلاق كمية من الطاقة المتراكمة على شكل موجات زلزالية على طول الحدود الفاصلة بين الصفائح التي تعكس مناطق الضعف في القشرة الأرضية.
وعدد المسطحات كبير يزيد على مئة قطعة إلا أن الرئيسية منها هي: الأميركية الشمالية والأميركية الجنوبية والأفريقية والأوروبية الآسيوية والهندية والأسترالية والقطبية الجنوبية ومسطح المحيط الهادي.
ومن الصفائح الثانوية: العربية والهندية والصينية والأناضولية والإيجية...الخ.
وكل صفيحة تتحرك حركة متكاملة باتجاه معين ميّز العلماء ثلاث حالات تبعاً لحركة كل منها نسبة الى الأخرى:
إما تباعدية: تتباعد المسطحات "الصفائح" عن بعضها البعض وتزداد المسافة بينهما بعداً ومثل هذه الظاهرة نجدها في غور البحر الأحمر وخليج عدن وشرق إفريقيا وبحيرة بايكال.
أو تقاربية: تتقارب الصفائح من بعضها البعض كما في حواف المحيط الهادي.
التماسية: تنزلق المسطحات بمحاذاة بعضها البعض عبر الصدوع والفوالق كما في صدوع أزور -جبل طارق في المحيط الأطلسي، وكل الأقاليم الفاصلة بين الصفائح أو المسطحات تمتاز بنشاطها الزلزالي.
وهناك أشكال للتلامس بين المسطحات: أن تصطدم وتلتقي جبهة مسطح مع جبهة مسطح آخر وينتج عن ذلك نهوض جبال عملاقة مثل هيمالايا حيث التحم المسطح الآسيوي والمسطح الهندي.
أو يلتقي مسطح محيطي رقيق نسبياً مع مسطح قاري سميك، فيندس المسطح المحيطي الأعلى كثافة تحت المسطح القاري الأقل كثافة، ويؤدي ذلك الى ظهور بؤر زلزالية لا يقل عمقها عن (200-600) كيلومتر وهذه الظاهرة تعرف بالاندساس sub dictional.
ولأن شدة الزلازل هنا مردها إلى عمليات الصدم والغوص نحو الأسفل والى التحولات التي تعتري الصخور الغائصة في أعماق الأرض، تعد منطقة الاندساس الأنشط زلزالياً في العالم، كما في منطقة جزر كوريل الروسية الواقعة شمال اليابان.
ونرى مما سبق أن مناطق الاحتكاك والتلامس بين الصفائح تمثل المناطق الرئيسية لانتشار الزلازل، لكن هذا الأمر لا يمنع ظهور مناطق زلزالية عنيفة داخل المسطحات، كما في منطقة إيجه في البحر الأبيض المتوسط. فالتأثيرات الحركية الباطنية والجانبية كثيراً ما تُحدث توتراً واضطراباً كبيراً في بنية المسطح الداخلية، مما يؤدي الى تكسرها وظهور وحدات أصغر منها. وهنا تكثر الزلازل في أماكن التكسير استجابة لعمليات التشقق والتمزق في القشرة الصخرية.
وكل الشقوق أو الصدوع المنبعثة في أعماق الأرض تُسمّى بؤراً زلزالية وتحدث كرد فعل لقوة التوتر والضغط الذي تتعرض له الأرض، ويظهر العديد منها على الحدود بين الصفائح المحيطية والقارية المتلامسة. وتختلف أشكلها تبعاً لاتجاه قوى الضغط وقوى التمدد الجانبي، وهذه الشقوق تستمر في إطلاق الأمواج الاهتزازية ما دامت عملية التشقق والتصدع مستمرة.
البؤر الزلزالية
من المعروف أن علم الزلازل يدرس الآن البؤر الزلزالية نفسها مستفيداً من الأمواج الاهتزازية الصادرة عنها، لذا فإن بؤرة الزلزال hypocenter ليست سوى منطقة هدم وتكسير وتشقق في أعماق الأرض إلى المركز السطحي Epicenter الذي تبلغ فيه قوة الزلزال أشد ما يمكن.
وبحث العلماء عن وسائل ناجحة لإعطاء صورة واضحة عن تشكّل البؤر الزلزالية وكيف يتم تحديد موقعها وعمقها.
في بادئ الأمر نرى أن طرفي الشق أو الصدع يتحركان بعنف، وخلال ثوانٍ معدودة تُشق أو تُصدع الصخور بضع عشرات الكيلومترات، ومع انتهاء عملية الانشطار يتوقف طرفا الصدع عن الحركة. ونتيجة لذلك تنطلق طاقة حركية على شكل أمواج اهتزازية زلزالية منطلقة من بؤرة الزلزال تقاس هذه الأمواج بجهاز السيموغراف الذي مكّن العلماء من الحصول على تسجيل تخطيطي seismogram للهزات الأرضية يعطي تصوراً حقيقياً عن طول فترة الزلزال وشدته وسعته الاهتزازية.
لتحديد موقع البؤر الباطنية لا بدّ من الاستعانة بمعطيات العديد من المحطات التي رصدت الهزة الأرضية ومن ثم تجميعها وتحليلها في مراكز الرصد الأقرب لموقع الزلزال، فكل محطة ترسم قوساً يمتد بين المحطة ومركز الزلزال ونقطة تقاطع الأقواس تُعيّن بدقة مكان البؤرة ويجب أن لا يقل عدد المحطات عن ثلاث.
أما فيما يتعلق بالعمق البؤري، فيتم تحديده بتحليل الأشكال البيانية السيموغرافية ودراسة انتشار خطوط الاهتزاز التي تصل النقاط والمراكز ذات الشدة الزلزالية الواحدة. ويجب أن نشير إلى أن البؤر العميقة تزيد عن 100 كيلومتر، ويتناقص عدد الهزات الأرضية مع تزايد العمق.
زلازل كبيرة وأخرى صغيرة
تعتمد شدة الزلزال على كمية الطاقة المتحررة من البؤرة الزلزالية الباطنية والتي تتسم بأنها ذات أبعاد متباينة.
وإن كل زيادة قيمتها نصف درجة حسب مقياس ريختر تؤدي الى زيادة في الطاقة المنطلقة بمقدار عشرة أضعاف. وعليه فإن الطاقة المحررة في أكثر الزلازل عنفاً أي (M=8.5) تكبر بحوالي 10 مرات عن أكثرها ضعفاً أي (M=1). كما أن عدد الزلازل يتضاعف عشر مرات كلما نقصت قوة الزلزال درجة واحدة. ويعتقد أن كل من زلزال آسام في الهند عام 1950 وزلزال لشبونة عام 1755 بلغا 9 درجات بمقياس ريختر.
هل يمكن التنبؤ بوقوع الزلازل؟
نظر علماء الزلازل الى كثير من الدراسات وجمعوا البيانات حول ما يجري في باطن الأرض واستعانوا بعلوم وخبرات أخرى سواء كيميائية وجيوفيزيائية وهيدرولوجية. وصنعوا النماذج ووضعوا الاحتمالات حتى كثرت المعطيات عن الأرض. ومع ذلك كلّه بقي أمر الضربات الاهتزازية في باطن الأرض صعب الملاحظة والتتبع وبقيت ظلال الأسرار تحيط بواقع الاهتمامات والحركات المرافقة لها.
وكان لخبراء الزلازل الصينيين تجارب مريرة في هذا المجال، وبدؤوا فعلاً بالتنبؤ بالعديد من الزلازل قبل وقوعها منها زلزال عام 1974 حين حددوا المناطق المرشحة للهزات الأرضية بعد أن لاحظوا تبدل مستوى المياه الباطنية في الآبار في جزر لياودون، وظهرت ذبذبات واضحة على الساحة المغناطيسية. كانت تجربة ناجحة لعلماء الصين وللعالم بالتعرف على الموعد التقريبي لوقوع الزلزال وتفادي الخسائر، وكانوا قد أفاضوا بالحديث عن تجربتهم في المؤتمر العالمي للزلازل في أيار / مايو 1975. لكن لم يمضِ زمن طويل حتى خابت آمالهم من جديد بعدم إمكانية توقع زلزال عام 1976.
ولا يزال العلماء حتى الآن يحاولون من دون توقف الوصول إلى أفضل السُبل لتوقع الزلازل باستخدام أحدث الوسائل من أجهزة رصد ومراقبة التبدلات الكهرومغناطيسية على آمل بتقدم جديد في هذا المجال.
ما هي الدلائل لتخمين قرب وقوع الزلازل المستقبلية
إن أهم ما يقوم به العلماء هو دراسة الترددات والاهتزازات المسجلة سابقاً لزلازل كبيرة، وملاحظة بعض المعطيات للتعرف على طبيعة تشكل البؤر الزلزالية. فالزلازل الضخمة التي تحتاج لفترة تحضيرية طويلة جداً تمتد لعشرات ومئات السنين وتتطلب مراقبة تبدل توتر الصخور باطنياً ومناطق الخمود الاهتزازي وحركة الكتل الصخرية التي تتحول الى حركة واحدة. أما الزلازل التي تتراوح مدة تكوينها بضعة أسابيع أو أشهر، يتم ملاحظة آبار النفط والغاز، وتبدل وتطور الإشعاعات الاهتزازية المنطلقة من مناطق البؤر الزلزالية، ومراقبة مصادر المياه الباطنية والسطحية. وعندما لا تزيد المدة على بضعة أيام، يتم الاهتمام بكل المعطيات السابقة وخاصة الهيدوكيميائية منها. أما ما قبل الساعات والدقائق لوقوع الزلزال، فإن الاهتمام ينصب على الأعمال الوقائية ومراقبة الهزات الطلائعية والمعطيات الكهرومغناطيسية والسلوك المتوتر لبعض الحيوانات.
هل يسهم التنبؤ بتحاشي الآثار المدمرة؟
عندما تقع الكارثة لا يستطيع أحد أن يفعل شيئاً غير حصر الأضرار. وفيما يخص استباق الكارثة، يمكن إعطاء التحذيرات الضرورية والقيام بالاستعدادات اللازمة لتخفيف الخسائر في الأرواح والممتلكات، وتختلف معدلات الاستجابة باختلاف مستويات تطور البلدان والإمكانات المتاحة.
مظاهر مرتبطة بالزلازل
في كل الظروف الزلزالية تقريباً، تلي الهزة الأولى القوية، سلسلة من الهزات اللاحقة أو الارتدادية "After-stock" والتي كثيراً ما تُكمل المهمة التخريبية التي قامت بها الهزة الأولى وغالباً ما تكون ضعيفة ومتكررة كثيراً، وليس من النادر أن تكون بعض هذه الهزات الرديفة أكثر شدة من الأولى. فهي تختزن الطاقة التي تتحرر بعد الهزة الأولى وتحررها فجأة معطية قوة تدميرية مرعبة، كما حدث في زلزال نيو مدريد في أميركا.
وأبرز ما ينتج عن هذه الهزات تغيّرات في المجال الكهرومغناطيسي نتيجة الضغط المطبق على الصخور الباطنية، ترافقها مظاهر ضوئية، ضوء أخضر يميل إلى الصفرة، فوق المرتفعات من قمم عالية ومآذن والأبنية البرجية، وأيضاً مظاهر صوتية ناتجة عن تذبذبات كبيرة وسريعة داخل الصخور عندما تصل إلى سطح الأرض تعطي صوتاً أو دوياً كما في باطن الأرض.
كما قد تنتج عن الزلازل أمواج مدمرة "تسونامي" تكسح الشواطئ ناتجة عن التبدلات والتشوهات البنائية في قاع المحيطات أو البحار، إضافة إلى التبدلات المهمة في المظهر الخارجي لسطح الأرض التي تتجلى في تشكل الشقوق والصدوع، وهي أكثر الأشكال المرافقة للهزات الأرضية. فيؤدي تقاطع المنظومات الشقية مع بعضها البعض بزوايا معينة الى الارتفاع في بعض الأماكن، مشكلة التلال أو الجزر، والهبوط والانهدام في أماكن أخرى، مشكلة الأغوار مثال لذلك انهدام غور الأردن.
وغالباً ما تُسبّب الزلازل العنيفة انهيارات صخرية في المناطق الجبلية. فكلما كانت الجبال أكثر ارتفاعاً وتعقيداً كان حجم الانزلاقات أكبر، محدثة أصواتاً مرعبة ومدمرة لكل ما يقع تحتها.
قصص من الزلازل
زلازل كبرى هزّت العالم، حملت الدمار إلى مدن بأكملها دفنت كل ما أبدعته يد الانسان وتوارت الأسقف والجدران، فجعلت سكانها ينامون إلى الأبد. تركت ذكريات تاريخية مخيفة في تاريخ البشرية، وصفها الكاتب بدقة موجهاً رسالة الى المختصين وخاصة في البلدان العربية للاستفادة من تاريخ هذه الزلازل واتخاذ الإجراءات الاحتياطية حتى لو بحدودها الدنيا. فكل مدينة معرّضة للزلازل يجب أن تكون معدة للتغلب على الحرائق، لأنها جزء تخريبي متمم للهزات الأرضية وذلك من خلال إقامة مراكز إطفاء ومستلزماتها وخزانات ماء احتياطية، وعبر تطوير هندسة البناء وبناء المدن بعد الزلازل بشوارع عريضة ومقاومة للهزات، وإقامة مراكز معالجة واسعاف فوق قواعد صخرية صلبة واتخاذ الحيطة عند مد الأقنية الصحية وأنابيب الوقود.
الزلازل في خارطة العالم
تحدث الزلازل في أي مكان في العالم وفي أي وقت، لكن بعض أجزاء الأرض أكثر عرضة للنشاط الزلزالي من غيرها. وإذا راقبنا مواقع الزلازل على خريطة الأرض، فسنجد أنها لا تنتشر بصورة عشوائية وإنما تتمركز معظمها في أحزمة رئيسية تمتد مسافات طويلة عبر القارات والبحار.
أكبر هذه الأحزمة هي نطاق المحيط الهادئ وهو يحيط بكل السواحل الشرقية والغربية للمحيط الهادئ متماشياً مع الحدود الفاصلة بين القارات والمحيط، وهو مؤلف من سلاسل جبلية غرب القارة الأميركية وفي شرق القارة الآسيوية وخاصة في أقاليم جزر الأليوشي وجزر كوربل واليابان والفلبين وإندونسيا. ولوحظ أن حوالى 75% من الفعالية الزلزالية خلال القرن العشرين تتمركز فيه لذا يطلق عليه اسم "حزام النار".
أما النطاق الزلزالي الآخر فهو نطاق البحر الأبيض المتوسط الآسيوي وهو يبدأ من جزر الأزور في المحيط الأطلسي ثم يعبر البحر الأبيض المتوسط ويمر بتركيا وإيران والقفقاس وهيمالايا وبورما وإندونسيا وغينيا الجديدة. وهنا يلتقي مع حزام المحيط الهادئ ويتفرع منه نطاق البحر الأحمر ممتداً شرق إفريقيا وجنوب شبه الجزيرة العربية، ويتفرع منه فرع آخر آسيوي يشمل آسيا الوسطى وجبال التاي وبايكال وما وراء البايكال وآسام.
من الملاحظ أن الحزام المتوسطي الآسيوي يمر بمحاذاة القارات. لذا فإن القشرة القارية السميكة لا تتكسر بسهولة كالقشرة المحيطية الأقل سماكة نسبياً. لكن ظاهرة التكسّر أكثر سعة من المحيطية وهذا ما يفسّر سعة المناطق الزلزالية، مقارنةً مع حزام المحيط الهادئ.
وتم تسليط الضوء على العالم العربي الواقع ضمن الأقاليم الزلزالية النشطة، فحوض البحر الأبيض المتوسط كاملاً مشهور بتاريخه الزلزالي وكذلك حوض البحر الأحمر وشمال العراق وأطراف شبه الجزيرة العربية. فلا يمر عام إلا وتشهد مناطق معينة من وطننا العربي هزات أرضية ضعيفة غالباً ومن المحتمل ظهور زلازل مدمرة في أية لحظة.
ماذا علينا أن نفعل عند حدوث الزلزال؟
ببساطة لم تصل الإنسانية بعد الى ما يجب فعله في حالة وقوع الهزات الأرضية وبخاصة العنيفة منها، لأن مثل هذه الزلازل تجعل الناس مشوشين ولا يفكر الإنسان حينها إلا بالنجاة والهرب.
قدم الكاتب بعض الإرشادات المعروفة في حالات الزلازل، منها أنه يجب على كل فرد أن يعرف ما يترتب عليه من مهام وتصرفات وأفعال من إجراءات وقائية لحماية نفسه والحفاظ على هدوئه قدر الإمكان حتى لو في حدوده الدنيا.
الكتاب دليل علمي يهدف الى التحفيز على المزيد من البحث حول هذه الظاهرة المعقدة التي غيّرت كوكبنا، وفيها العديد من المسائل التي لم يتم حلّها بعد.