"يا طالعين الجبل".. مسرحة للمجزرة الإسرائيلية المتواصلة
"يا طالعين الجبل" مسرحية تسرد معاناة الفلسطينيين المستمرة منذ مذبحة دير ياسين، وتأتي بالتزامن مع "يوم المسرح العالمي" والإبادة الجماعية المستمرة في غزة.
بأسلوب فني مؤثر، شهدت خشبة مسرح "الشمس" في العاصمة الأردنية عمّان، مساء أمس الأربعاء، عرضاً مسرحياً موسيقياً تضامنياً مع قطاع غزة بعنوان "يا طالعين الجبل"، وهي مسرحية مقتبسة من رواية الكاتبة كفى الزعبي "عد إلى البيت يا خليل"، التي تسرد فيها حالة الظلم والاضطهاد التي يعاني منها الفلسطينيون بدءاً من مذبحة دير ياسين وصولاً إلى مجزرة جنين عام 2002.
العرض الذي امتد نحو ساعتين، وجاء بالتزامن مع "يوم المسرح العالمي"، استلهم عبر الأداء التمثيلي للفنانتين حياة جابر وهيا قمحية، والعزف الإيقاعي المرافق، مجازر الاحتلال الإسرائيلي المتواصلة بحق الفلسطينيين. كما وظّفت الفنانة اللبنانية مي نصر صوتها أثناء تأدية الترويدات من الموروث الفلسطيني، لإيصال الصورة إلى الجمهور.
في حديثها مع "الميادين الثقافية"، اعتبرت الممثلة حياة جابر أن "الفن لا يقل أهمية عن المقاومة المسلحة، وهو أداة كانت على مرّ الأزمنة مساندة للعمل المقاوم، كما أنه يستنهض مشاعر الثورة والغضب في نفوس الجمهور، إضافة إلى كونه وسيلة توثيقية للحالة الفلسطينية، يمكن من خلالها سرد قصص المعاناة التي عاشها ويعيشها الفلسطينيون منذ عقود طويلة".
أما الممثلة هيا قمحية التي تخوض تجربتها المسرحية الأولى، فأكدت أن ما يعيشه قطاع غزة اليوم من قتل وتجويع وإرهاب صهيوني، هو "أنسب وقت يتم فيه توظيف الفن لمساندة الشعب الفلسطيني من جهة، ونقل رسالة بالصوت والنغم إلى المقاومين"، مضيفة أن "هذا العرض هو الحد الأدنى الذي يمكن أن نقدمه نحن كفنانين للفلسطينيين".
من جهتها، أعربت الفنانة اللبنانية مي نصر عن سعادتها بمشاركتها الأولى في مسرح "الشمس"، وتحديداً في هذا العرض المسرحي الغنائي، الذي يعد "محاولة فنية مهمة لتذكير العالم والمجتمع الدولي بأن المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي سابقاً تتكرر اليوم ضد سكان قطاع غزة".
قصة العرض المسرحي
مخرج المسرحية، عبد السلام قبيلات، لفت إلى أن هذا العرض التضامني مع غزة وسكانه ومقاومته ليس الأول من نوعه، بل شهد مسرح "الشمس" العديد من العروض المسرحية والغنائية والثقافية المماثلة منذ معركة "طوفان الأقصى"، وما تبعها من اعتداء وحشي على القطاع.
وقال قبيلات في حديث مع "الميادين الثقافية" إنه تم توظيف لغة الجسد المسرحية، والانتقال السلسل من المهارات الصوتية وطبقاتها إلى أداء النص المنطوق، لنقل صورة قصة العرض المسرحي الذي يروي قصة الفلسطينية (ثريا) التي أدت شخصيتها الممثلة حياة جابر، أثناء بحثها عن جثمان زوجها المقاوم بين جثث الشهداء، وذلك في "مونولوجات وحوارات تتخللها أغان وترويدات تراثية فلسطينية، عكست حجم المعاناة والفقد والألم، الذي تعيشه أسر الشهداء، ونحن نراهم اليوم أمام عدسات الكاميرات يبحثون ليس عن جثث كاملة بل عن أشلاء عائلاتهم التي مزقتها أسلحة الاحتلال".
وأضاف قبيلات أنه تم اختيار رواية "عد إلى البيت يا خليل" التي كتبت باللغة الروسية، لأنها من أهم الروايات التي جسدت المجازر التي تعرض لها الشعب الفلسطيني منذ مذبحة دير ياسين مروراً بصبرا وشاتيلا وجنين، كما تم اختيار حكاية ثريا من الرواية لكونها تؤكد أن "إجرام الاحتلال اليوم في غزة وفي الضفة لم يتغير، بل زاد بطشاً وحقداً".
يذكر أن مسرح "الشمس"، وهو المسرح المستقل الوحيد في الأردن، تأسس منتصف عام 2016، وهدفه "المساهمة في تطوير مسيرة الثقافة والفن في الأردن وتقديم المساعدة للفنانين والمبدعين عموماً وخاصة الشباب منهم، بتوفير مكان لتدريباتهم ولعروضهم الفنية ونشاطاتهم الثقافية، ومساعدتهم بخبرات المختصين، والأخذ بيدهم باتجاه صقل مواهبهم وتطوير انشغالاتهم الإبداعية".
وتم تأسيس المسرح بجهود فردية بحتة من قبل مجموعة من الشباب المسرحيين، ليكون أول مسرح "ريبورتوار" في الأردن "يقدّم برنامجاً دائماً من العروض المسرحية والموسيقية على خشبته، يقوم على احترام القيم الثقافية والاستناد إليها. كما يهدف إلى التأثير في جذب الجمهور إلى المسرح ودمجه في المشهد الثقافي من خلال تأهيل أجيال جديدة من العروض المسرحية الاحترافية، والتعاون مع المسارح العربية والدولية لتأسيس علاقات تبادلية لرفد الساحة الفنية بعروض متنوعة".