"البحر الأسود المتوسط": هزاع البراري يرصد انكساراتنا
ترصد الرواية من خلال شخوصها ما يجري في المكان والزمان، وأثر كل الاهتراءات التي أصابت إنسان منطقة حوض البحر الأبيض.
في روايته الجديدة "البحر الأسود المتوسط"، الصادرة حديثاً عن "المؤسسة العربية للدراسات والنشر" في بيروت، يرصد الكاتب الأردني هزاع البراري التحولات والتشوهات والانكسارات الفردية والمجتمعية.
وتنتهي أحداث الرواية مع وقوع زلزال تركيا المدمر، وتتجول الشخصيات خلال ذلك في حوض البحر الأبيض المتوسط (الشرقي منه والجنوبي بشكل أساسي)، ليمتد مسرح الرواية على رقعة واسعة من شواطئ هذا البحر.
وترصد الرواية من خلال شخوصها ما يجري في المكان والزمان، وأثر كل الاهتراءات التي أصابت إنسان منطقة حوض البحر الأبيض، وتكشف جزءاً من تراكمات الحالة العامة، وغياب البوصلة في عدد من المفاصل المؤثرة، وكأن قدراً فجائعياً يلاحق هذه الشطآن ويدفع بسكانها لمكابدة موت مستمر يأتي بأشكال وطرائق مختلفة، وكأن أمواج البحر تصيب اليابسة بعدوى الاهتزاز وعدم الاستقرار الذي تجلى بواقع الشخصيات، وحالة العطب التي أصابت أحلامها وفتّتت أماكنها وشظّت زمنها، فتُواصل المسير في حالة من اللايقين.
وتنتصر الرواية للحالة الإنسانية - المجتمعية بعيداً من السياسة وتعقيداتها ومنعطفاتها الكثيرة، فيكون الفرد/المجتمع هو البطل الحقيقي وصاحب الحضور الطاغي في الرواية. كما أن التاريخ الشخصي لعدد من هذه الشخصيات يستدعي مفاصل مهمة من تاريخ المنطقة منذ نكبة 1948 مروراً بهزيمة العام 1967، فالشخصيات والأحداث تتحرك عمودياً أو أفقياً، وتؤشر بارتجاف نحو المستقبل القريب.