معرض لــ 7 فنانين لبنانيين عن بلد متصدّع في الوقت المعلّق
معرضٌ متنوّعٌ بأبعاده، وبالأشكال التي تضمّنها، والتي يجمع بينها عمق الموضوع، لكن في غياب وحدةٍ في الشكل، لذلك جاء كتاباتٍ طلسميّةً، وأجساداً مقطّعة لكنَّها غيرُ مجرَّدةٍ من إنسانيتها، وكلاباً نابحة لكن مؤنسنة، وألعاباً متطيّرة.
افتتح غاليري "جانين ربيز" في بيروت معرضاً لسبعة فنانين، حمل عنوان "في الصدع حيث الوقت معلّق" (In the Rift, Where Time is Suspended).
اتّخذ الفنانون من الصالة مجال تعبير لهم عن الواقع الحالي، فعبّر كلٌّ منهم عما يحفّ بلبنان من تطورات، بأعمال فنيّة جمعت بين الرسم والنحت والتجهيز، فكان المعرض شبهَ توثيقٍ للواقع، خلال فتراتٍ مختلفة من السنوات الأخيرة.
الأعمال تعود للفنانين جوزيف حرب، أديلتا ستيفان، آلان فاسويان، مها يمين، كريستين كتّانة، أليسّا رعد وأحمد غدّار الملقّب بـ"رينوز".
معرضٌ متنوّعٌ بأبعاده، وبالأشكال التي تضمّنها، والتي يجمع بينها عمق الموضوع، لكن في غياب وحدةٍ في الشكل، لذلك جاء كتاباتٍ طلسميّةً، وأجساداً مقطّعة لكنَّها غيرُ مجرَّدةٍ من إنسانيتها، وكلاباً نابحة لكن مؤنسنة، وألعاباً متطيّرة.
في بقعة من بُقَعِ الصدع، الذي يقع المعرض داخله، الوقت متشوّه، وكل مظاهر الحياة أصبحت غريبةً، خارجةً عن المألوف، حيث الفوضى تصبح هي القانون السائد، والانتظام هو الشواذ.
تصف رسالةٌ صادرةٌ عن الغاليري، مرافقةٌ للمعرض، خلفيات إقامته بأنَّها تأتي: "حيث سُحِق الفن الخلّاق بسخافةِ إنتاج الفن، وحيث أصبحت الأعمال الفنيّة غيرَ متناسبةٍ مع الفوضى القاتلة".
"الوقت يبدو مُعَلَّقاً، والحياة معلَّقة، والكون معلّقاً، في سيرورة المذبحة البطيئة المذهلة"، تقول الرسالة، مضيفةً أنّ "صناعة الفن، نتيجة سنوات متراكمة من الملاحظة والترصّد، والتنبّوء بالأشياء المرئية، إضافة إلى ثغرات جديدة، تشكّل ثغراتٍ في جدران الذاكرة والزمن".
لمحة عن محتويات المعرض
يشارك جوزيف حرب بمنحوتةٍ واحدةٍ من البلاستيك، هي جزءٌ من المشهد، تحمل إسم "أَلِف"، وأَلِف هي رِجلٌ مبتورة لكنّها حيّةٌ، ترمز إلى جسمٍ كاملٍ، والوحدة التّامة اخْتُزِلت بهذا الجزء، "تماماً كما قطَع الجسد المُسْتخرجة من التربة اللبنانية"، بحسب الرسالة، إشارةً إلى الموت والانبعاث.
بدورها ساهمت كريستين كتّانة بعرض فيديوهَين رقميَّين، يعتمدان التحريك والطباعة الرقمية، وعنوان هذا العمل هو "حدود الباء"، وهو رمزٌ للبيت، بما يعنيه من حميميّة تحيط كينونة الإنسان، وفيه محاولةُ اختراقٍ لخزّان الذاكرة والأحلام.
وفي توضيح الرسالة لهذا العمل، نقرأ: "هكذا نسرّع بيتنا إلى الأمام والخلف، فاتحين ومغلقين أبواباً ونوافذ؛ والانطلاق من حرف الـ’ب‘، يعني أننا نتململ، ونرتعش، فقط لندرك أن الرّحيل لن يكون ممكناً إلا إذا نسينا".
كما تشارك أليسّا رعد بثلاث لوحاتٍ زيتيةٍ، و 12 صورة فوتوغرافيةً. عنوان عملها هو "الأزمنة الرماديّة". وفي رسمٍ ذاتيّ (self-portrait) لها، يمكن سبر أغوار سلسلة من الأفكار والخطط المتناوبة بانسجام، في لعبة الألوان والأشكال والضوء والظلال.
تقود رعد الناظر للمرآة في خلفياتِها، حيث يواجه رعب تجلي الغياب، وبحسب الرسالة هو "غيابٌ يتخطّى الموت الذي يحدث في الوجود (existence)".
من جهته، يقدّم رينوز (أحمد غدار) أعمالاً مختارةً، تتضمَّن سلسلةَ قطعِ أوراقٍ وأعمال تخديش (etching)، عنوانها "تضخّم"، وهي تشكّل جوهر عنوان السلسلة المسمّاة "رهائن دولة ساقطة"، التي أنجزها بالتزامن مع الأزمة المعيشية اللبنانية المتفاقمة. يعكس غدّار في أعماله المعروضة واقعَ أمَّةٍ وشعبٍ، في الازدحام و"سيترن" المياه وأكداس العملة.
بينما تعرض أديلتا ستيفان مجموعة من عملها السابق "كان يعلم"، وهو سلسلة تجهيزات مرسومة على ورق مقوّى.
"كان يعلم" يتكوّن من تجهيز رسومات منمنمة تتمدّد 5 أمتار عرضاً، و 3 أمتار ارتفاعاً وأحياناً أكثر، وتتضمَّن ترديدات لكلمات مثبَّتة ومتكرّرة، تؤلِّف المشهد البصري للعمل.
أما مختارات آلان فاسويان فتتضمن منحوتاتٍ متحرّكةً وتجهيزاً تفاعليّاً، من بينها "محادثة كلب"، التي تتناول الاعتداء بالقتل على الكلاب الضالّة، والتي أصبحت ظاهرةً متكررةً في لبنان منذ مدة.
يتساءل المعرض في رسالته: "هل كانت (الكلاب) ضحيّةَ مجتمعٍ ساقطٍ؟ أو هل عمليّات القتل هذه تذكيرٌ بأجواءٍ دمويةٍ طغت على البلاد؟"، قبل أن يشير إلى أنَّ "كلاب فاسويان المتأرجحة تحكي عن ذلك".
كذلك فإنَّ المعرض يقدّم فيديو واحداً من تأملّات مها يمّين، وقصصاً متجمِّعةً ومستعادةً، بالإضافة إلى مفكّرتها الخاصة.
إسم عمل يمّين "14"، إشارةً إلى لعبة الورق، وقد أحضرت 5 أوراقِ لعبٍ لِلَعِب الُّلعبة ذاتها، التي كان الناس يلعبونها يوميّاً لسنين، لكن هذه المرة اللعبة تتمُّ بواسطة بطاقاتٍ بيضاءَ فارغةٍ.
رغم حيرة البطاقات وتردُّدِها، ومن دون أيِّ توجيهٍ من طرفها، تقول الرسالة: "يبدأ اللاعبون الانخراطَ في حوارٍ، وسرعان ما يتمُّ العثور على الموقف بعد أن تستمر اللعبة ساعةً كاملةً".
وتختم الرسالة بالتوضيح إنَّ "لعبة الورق اليومية هي طريقةُ هؤلاء الأشخاص في الهروب من الواقع".
تجدر الإشارة إلى أنَّ معرض "في الصدع حيث الوقت معلّق" مستمرٌ حتى الأول من تموز/يوليو المقبل.