مستقبل الاستقرار السياسي في "إسرائيل" سنة 2030
إن الاستقرار السياسي في "إسرائيل" مرتبط بنشاطات المقاومة الفلسطينية، وتوقف التنسيق الأمني للسلطة الفلسطينية مع سلطات الاحتلال.
"مستقبل الاستقرار السياسي في "إسرائيل" سنة 2030" هو بحث للكاتب د. وليد عبد الحي، وهو خبير في الدراسات المستقبلية والاستشرافية، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة اليرموك في الأردن، وتم نشره في "مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات"، وصدر البحث في أيلول/ سبتمبر 2022.
تحتوي الدراسة على مقدمة للناشر، بالإضافة إلى عنوان تفصيلي حول قياس مؤشرات عدم الاستقرار السياسي في "إسرائيل"، وإلى جانب ذلك أيضاً تحتوي الدراسة على المؤشر الكلي لعدم الاستقرار السياسي في "إسرائيل". يضاف إلى ما سبق احتواء الدراسة على تحليل لجدول الكاتب يقيس من خلاله الباحث مؤشرات عدم الاستقرار السياسي في "إسرائيل".
كما تحتوي الدراسة على مستقبل الاستقرار السياسي في "إسرائيل"، وخلاصة.
تناولت مقدمة الدراسة نموذج قياس ظاهرة الاستقرار السياسي في دول العالم كمياً، وهذا النموذج وضعه "دانيال كوفمان عام 1996، وبحسب الدراسة اتسعت دائرة البحث في هذا الجانب من عدة زوايا على صعيد المؤشرات المركزية والفرعية ووصلت حد 350 مؤشراً، وعليه ظهرت ثلاثة مناهج لقياس الظاهرة وهي:
أولاً: تكرار تغيير أشخاص النظام السياسي ككل.
ثانياً: ظواهر العنف لدوافع سياسية.
ثالثاً: التغيير المتكرر في الخطط، أو السياسات الاستراتيجية للدولة.
وبناء على هذه المؤشرات الثلاثة قام الباحث بقياس مستوى الاستقرار السياسي في "إسرائيل" خلال الفترة ما بين 2000 و2020، مع الإشارة إلى بعض المؤشرات حتى عامي 2021 و2022، بحسب المعطيات المتوفرة، ومقارنة الاتجاه الأعظم مع المعدلات العالمية للاستقرار في مختلف دول العالم، ومن ثم الرتبة التي حصلت عليها "إسرائيل" بين دول العالم.
ويقوم الباحث باستخدام نموذج سٌلم يتدرج بين2.5+ وهو أعلى درجات الاستقرار"، واستخدام 2.5- "وهو أدنى درجات الاستقرار". وعليه يقوم الباحث بتنقية السلاسل الزمنية لمستوى الاستقرار السياسي في "إسرائيل" سنة 2030.
قياس مؤشر عدم الاستقرار السياسي في "إسرائيل"
تعتمد الدراسة على نموذج "ذا غلوبال إيكونومي TheGlobalEconomy.com في قياس ظاهرة الاستقرار السياسي، والتي بلغت 12 مؤشراً مركزياً، وتتفرع منها مؤشرات فرعية، وبعد تطبيق هذه المؤشرات تبيّن ما يلي:
أولاً: التغير في أفراد الحكومة
من عام 2000 إلى عام 2020 تولى الحكم ستة رؤساء حكومات، بينهم تباين كبير في فترات الحكم، وهم على النحو التالي:
.1 إيهود باراك كانت فترة رئاسته للحكومة عاماً و245 يوماً.
.2 يائير لابيد كانت فترة حكمه شهران تقريباً، ولا يزال في الحكم كتصريف أعمال.
.3 نفتالي بينيت التي كانت عاماً و17 يوماً.
.4بنيامين نتنياهو، فترة حكمه 15 عاماً و92 يوماً، منها 12 عاماً تقريباً ضمن فترة الدراسة.
5- إيهود أولمرت فترة حكمه عامان و351 يوماً.
.6 أرييل شارون فترة حكمه 5 أعوام و39 يوماً.
وبحسب المؤشر الأول، تبيّن الدراسة أن هناك تبايناً كبيراً في مدة الاستقرار تصل حد 15 ضعفاً، وهناك أربعة حكومات لم تكمل المدة القانونية، وهي أربعة أعوام.
ثانياً: الظروف الاقتصادية/ الاجتماعية
ضمن الدراسة تم التوقف عند مؤشر غيني Gini index، وتبين أن عدالة توزيع الدخل تغيرت نحو الأفضل بنسبة لا تتجاوز %1، وذلك خلال 22 عاماً تقريباً.
ثالثاً: الاستثمارات
تشير التقارير المالية إلى أن حجم الاستثمارات الخارجية في "إسرائيل" تزداد منذ عام 2008، وهو ما ساعد في امتصاص بعض الاحتقانات الاجتماعية.
رابعاً: النزاعات السياسية الداخلية
تؤكد الدراسة أن ما بين عامي 2019 و2022 تم إجراء خمسة انتخابات برلمانية بسبب التشقق المستمر في بنية الحكومات، وهو ما يكشف هشاشة الائتلافات الحكومية، ويدلل على عدم انتظام التداول السياسي. وتعزز هذه الظاهرة عدم وصول أي حزب في تاريخ "إسرائيل" إلى الأغلبية في الكنسيت، وبحسب الدراسة أن معدل عدد الأحزاب التي تشارك في الانتخابات يصل خلال الفترة 1977 - 2022 نحو 27 حزباً.
بالإضافة إلى ذلك أن العديد من الأحزاب تختفي في خلال فترات قصيرة، فمثلاً %40 من الأحزاب التي فازت في انتخابات عام 2015، لم تكن موجودة في انتخابات 2005، وتتحدث الدراسة أن الخلافات الجوهرية بين الأحزاب تقوم على مسألتين استراتيجيتين، وهم:
.1سبل تسوية الصراع العربي الصهيوني.
.2 هوية الدولة "علمانية أو دينية.
يضاف بحسب الدراسة إلى هاتين المسألتين، التزايد المتواصل في نسبة العتبة الانتخابية، وهذا ما يعمل على تبدل في الأحزاب المشاركة وخصوصاً الصغيرة. يقول الكاتب: لقد تم إجراء الانتخابات في "إسرائيل" 24 مرة، ولو قسمنا هذه المرات إلى ثلاث مراحل فرعية سنجد أن كل مرحلة أدنى من المرحلة السابقة لها، من حيث نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات البرلمانية، وهو أمر يعد مؤشراً سلبياً.
خامساً: الصراعات الداخلية
تقول الدراسة إن "إسرائيل" هي صاحبة أعلى إدانات من قبل الأمم المتحدة بسبب الحروب التي تخوضها، ولعب هذا الأمر دوراً على البنية الداخلية، وعلى صورة "إسرائيل" لدى الرأي العام الدولي.
سادساً: الفساد
تشير الدراسة إلى أن نسبة الفساد ما بين عامي 2000-2021 ثابتة، مع ميل طفيف نحو التزايد في الفساد، وأن الفساد ازداد في الفترة ما بين 2016 - 2021، والازدياد كان بنسبة خمس نقاط، حيث كانت الشفافية 64 نقطة في عام 2016، وتراجعت إلى 59 نقطة في عام 2021.
سابعاً: تدخل المؤسسة العسكرية في القرار السياسي
تتناول الدراسة تدخل الكابينت (الحكومة المصغرة) Cabinet، ومجلس الأمن القومي (NSC) في القرارات السياسية داخل "إسرائيل"، وهو ما سبب خلافات مع الحكومات المتعاقبة في "إسرائيل"، وعزز عدم الاستقرار الحكومي في "إسرائيل".
ثامناً: التوترات الدينية
تلعب التوترات بين التيارات الدينية، والتيارات العلمانية، بالإضافة إلى التوترات بين العرب "المسلمين، والمسيحين"، دوراً كبيراً في عدم الاستقرار السياسي داخل "إسرائيل".
تاسعاً: درجة احترام القانون
توضح الدراسة أن الفترة ما بين عامي 2000 و2009، تراجع هذا المؤشر بشكل واضح، ولكنه عاد وتحسن في الفترة ما بين 2010 - 2015، وعاد للتراجع ما بين 2015 - 2022 "حتى الآن"، وهذا المؤشر يتكئ على أربعة ركائز وهي: المحاسبة، والمسؤولية المجتمعية، والعدالة، والشفافية.
عاشراً: التوترات الاثنية
تقول الدراسة إن هناك صراعات بين أربع اثنيات أساسية وهي: الأشيكنازيم، والسيفارديم، والروس، والإثيوبيون (الأفارقة)، وهذا الصراع يؤدي إلى مظاهر عنف داخل "إسرائيل".
الحادي عشر: مستوى المساءلة الديمقراطية
تؤكد الدراسة تراجع هذا المؤشر نحو 13 نقطة خلال الفترة 2016 - 2020، وأن هذا المؤشر عرف تحسناً في الفترة 2010- 2016 بلغ 21 نقطة.
الثاني عشر: الفعالية الحكومية
يعتمد هذا المؤشر بحسب الدراسة على ستة أبعاد وهي: مستوى الخدمات العامة، ومستوى الخدمة المدنية، ودرجة استقلاليتها عن الضغوط السياسية، وصياغة السياسات، ومستوى تنفيذ السياسات، وأخيراً مصداقية التزام الحكومة بهذه السياسات.
المؤشر الكلي لعدم الاستقرار السياسي في "إسرائيل"
يتناول الباحث في هذا العنوان بشكل تفصيلي أرقام ضمن جدول الاستقرار السياسي منذ سنة 2000 حتى سنة 2022، ويعتمد الجدول على أن 2.5- هي أدنى درجات الاستقرار السياسي، و+2.5 أعلى درجات الاستقرار السياسي، وقام البحث بتقسيم الجدول إلى السنة، ومعدل الاستقرار السياسي، والترتيب الدولي، وعدد الدول التي تم قياس استقرارها، والمعدل العالمي لعدم الاستقرار السياسي.
تحليل نتائج الجدول
أولاً: يتراوح معدل عدم الاستقرار السياسي في "إسرائيل" بين 65.2% سنة 2009 وهي الأعلى خلال الفترة ما بين 2000 و2009، و41.6% في سنتي 2000 و2014، وهو المعدل الأدنى بحسب الباحث.
ثانياً: تبيّن نتائج الدراسة أيضاً أن "إسرائيل" دائماً الأعلى في عدم الاستقرار السياسي، ويعود هذا إلى البيئة الداخلية، وليس للبيئة الدولية.
ثالثاً: يؤكد الباحث أن مستوى الاستقرار السياسي في "إسرائيل" وصل 179 من أصل 194 سنة 2009، وهي الأسوأ، والمرتبة 146 من أصل 179 وهي الأسوأ خلال الفترة ما بين 2000-2022.
رابعاً: تشير النتائج بحسب الباحث إلى أن نسبة الاستقرار في "إسرائيل" خلال الفترة ما بين 2000 و2022، تقع في الجانب السلبي دائماً.
خامساً: يثبت الباحث بحسب الدراسة أن نسبة الاستقرار بدأت في التحسن على الرغم من بقائها في المستوى السلبي.
سادساً: يثبت الباحث أن الاستقرار السياسي في "إسرائيل" سنة 2030 سيبقى في منطقة السالب، ولكنه سيكون أفضل من الفترة ما بين 2000 و2022.
مستقبل الاستقرار السياسي في "إسرائيل"
بحسب الباحث، ستبقى "إسرائيل" حتى سنة 2030 دولة غير مستقرة نظراً لواقعها المحلي أولاً، والإقليمي ثانياً، والدولي أخيراً، وهذا ما سيجعلها في النطاق السلبي حتى هذا العام، بناء على نموذج قياس الاستقرار السياسي، والذي يعتمد على المؤشرات الكمية والفرعية.
ويؤكد الباحث أيضاً أن معدل الاستقرار السياسي سيبقى في الكيان الإسرائيلي في المرتبة ما بين 071 -111 على أساس قياس 192 دولة.
الخلاصة
اللافت في الدراسة هو أن الاستقرار السياسي في "إسرائيل" مرتبط بنشاطات المقاومة، وتوقف التنسيق الأمني للسلطة الفلسطينية مع سلطات الاحتلال، حيث يؤكد الباحث أن ازدياد الاستقرار السياسي يزداد في الفترة التي تنشط فيها المقاومة. ويؤكد الباحث على ضرورة تعميق الخلافات بين الثقافات المختلفة داخل "إسرائيل" وما بين هذه الثقافات والعلمانيين، والاستفادة من بعض الثقافات إلى جانب ذلك مثل: حركة ناطوري كارتا Neturei Karta المعارضة للصهيونية.
يؤكد الباحث أن التطبيع العربي الرسمي مع "إسرائيل" يقود إلى جانب إيجابي في الاستقرار السياسي، ويجب العمل على نقل الاستقرار السياسي إلى الجانب السلبي عبر العوامل التي تم ذكرها سابقاً.